نهاية الأرب في فنون الأدب/أخبار ابن هبيرة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أخبار ابن هبيرة

وما كان من أمرهقد ذكرنا أنه كان قد تحصن بواسط، وأرسل أبو سلمة الحسن بن قحطبة لحصاره فحصره بواسط، وكانت بينهم وقعات أكثرها على ابن هبيرة، فلما ظهر السفاح بعث أخاه أبا جعفر، لقتال ابن هبيرة بعد رجوعه من خراسان، وكتب إلى الحسن: إن العسكر عسكرك، والقواد قوادك، ولكن أحببت أن يكون أخي حاضراً فاسمع له وأطع، وأحسن مؤازرته، وكتب إلى مالك بن الهيثم بمثل ذلك، فلما قدم تحول الحسن عن خيمته وأنزله فيها، ودام حصاره لابن هبيرة بواسط أحد عشر شهراً، اقتتلوا فيها عدة وقعات، فلما بلغهم مقتل مروان طلبوا الصلح، وكان ابن هبيرة أراد أن يدعو إلى محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، فكتب إليه فأبطأ جوابه، وكاتب السفاح اليمانية من أصحاب ابن هبيرة وأطمعهم، فخرج إليه زياد بن صالح وزياد بن عبيد الله الحارثيان، ووعدا ابن هبيرة أن يصلحا له ناحية السفاح فلم يفعلا، وخرجت السفراء بين أبي جعفر وابن هبيرة، حتى جعل له أماناً وكتب له كتاباً، مكث ابن هبيرة يشاور العلماء فيه أربعين يوماً حتى رضيه، وأمر السفاح بإمضائه، وكان رأي أبي جعفر الوفاء له بما أعطاه، وكان السفاح لا يقطع أمراً دون أبي مسلم، فكتب السفاح إليه بخبر ابن هبيرة، فكتب أبو مسلم إليه: إن الطريق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد، لا والله لا يصلح طريق فيه ابن هبيرة. قال: ولما تم الكتاب خرج ابن هبيرة إلى أبي جعفر في ألف وثلاثمائة، وأراد أن يدخل على دابته، فقام إليه الحاجب سلام بن سليم فقال: مرحباً يا أبا خالد، انزل راشداً فنزل، وقد أطاف بحجرة المنصور عشرة آلاف من أهل خراسان، فأدخل ابن هبيرة وحده فحادثه ساعة، ثم مكث يأتيه يوماً ويتركه يوماً، وكان يأتيه في خمسمائة فارس وثلاثمائة، فقيل لأبي جعفر: إن ابن هبيرة ليأتي فيتضعضع له العسكر، فأنقص من سلطانه شيئاً، فأمره أبو جعفر ألا يأتي إلا في حاشيته، فكان يأتي في ثلاثين ثم صار يأتي ثلاثة أو أربعة، وألح السفاح على أبي جعفر بقتل ابن هبيرة وهو يراجعه، حتى كتب له: والله لتقتلنه أو لأرسلن إليه من يخرجه من حجرتك ويتولى قتله، فبعث أبو جعفر من ختم بيوت الأموال، ثم بعث إلى وجوه من مع ابن هبيرة فأحضرهم، فأقبل محمد بن نباتة، وحوثرة بن سهيل في اثنين وعشرين رجلاً، فأدخل الحاجب حوثرة وابن نباتة فنزعت سيوفهما وكتفا، واستدعى أبو جعفر رجلين رجلين ففعل بهما كذلك، فقال بعضهم: أعطيتمونا عهد الله وغدرتم، إنا لنرجو أن يدرككم الله، وبعث خازم بن خزيمة والهيثم بن شعبة في مائة إلى ابن هبيرة، فقالوا: نريد حمل المال، فقال لحاجبه دلهم على الخزائن ففعل، فأقاموا عند كل بيت نفراً، وأقبلوا نحوه وعنده ابنه داود وعدة من مواليه وبني له صغير في حجره، فقام حاجبه في وجوههم فضربه الهيثم على حبل عاتقه فصرعه، وقاتل ابنه داود فقتل، وقتل مواليه، ونحى ابنه من حجره وقال: دونكم وهذا الصبي وخر ساجداً فقتل، وحملت رءوسهم إلى أبي جعفر، فأمر فنودي بالأمان للناس إلا الحكم بن عبد الملك وخالد بن سلمة المخزومي، فهرب الحكم وأمن أبو جعفر خالداً فقتله السفاح، ولم يجز أمان أبي جعفر.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي