أخبار الأبجر
هو عبيد الله بن القاسم بن منبه، ويكنى أبا طالب.وقيل: أسمه محمد بن القاسم، والأبجر لقب غلب عليه.وهو مولى لكنانة ثم لبني ليث بن بكر.وكان يلقب بالحسحاس.وكان مدنياً منشؤه مكة أو مكياً منشؤه المدينة.قال عورك اللهبي:لم يكن بمكة أحدٌ أظرف ولا أسرى ولا أحسن هيئة من الأبجر ؛ كانت حلته بمائة دينار وفرسه بمائة دينار ومركبه بمائة دينار ؛ وكان يقف بين المأزمين ويرفع عقيرته، فيقف الناس له فيركب بعضهم بعضاً.وروى الأصفهاني بسنده إلى اسحاق ابن إبراهيم الموصلي قال:جلس الأبجر في ليلة اليوم السابع من أيام الحج على قريب من التنعيم فإذا عسكر جرار قد أقبل في آخر الليل وفيه دواب تجنب ومنها فرس أدهم عليه سرجٌ حليته ذهب، فأندفع يغني:
عرفت ديار الحيّ خاليةً قفرا
كأن بها لمّا توهّمتها سطرا
فلما سمعه من في القباب والمحامل أمسكوا وصاح صائحٌ: ويحك أعد الصوت ! فقال: لا والله إلا بالفرس الأدهم بسرجه ولجامه وأربعمائة دينار ؛ وإذا الوليد بن يزيد صاحب العسكر.فنودي: أين منزلك ؟ ومن أنت ؟ فقال: أنا الأبجر، ومنزلي على زقاق باب الخرازين.فغدا عليه رسول الوليد بذلك الفرس وأربعمائة دينار وتخت ثياب وشيٍ وغير ذلك، ثم أتى به الوليد، فأقام وراح مع أصحابه عشية التروية وهو أحسنهم هيئة، وخرج معه أو بعده إلى الشام. وحكى عن عمرو بن حفص بن أم كلابٍ، قال:كان الأبجر مولانا وكان مكياً، وكان إذا قدم من مكة نزل علينا.فقال لنا يوما: أسمعونا غناء أبن عائشتكم هذا ؛ فأرسلنا إليه فجمعنا بينهما في بيت أبن هبار.فغنى أبن عائشة ؛ فقال الأبجر: كل مملوكٍ له حر إن غنيت معك إلا بنصف صوتي، ثم أدخل إصبعه في شدقه وغنى فسمع صوته من في السوق، فحشر الناس علينا، فلم يفترقا حتى تشاتما.