أخبار الباطنية
وابتداء أمرهم وما استولوا عليه من القلاع وسبب قتلهم. والباطنية هم الإسماعيلية، وهم طائفة من القرامطة الذين قدمنا ذكرهم.قال ابن الأثير الجزري في تاريخه الكامل: أول ما عرف من أحوال هؤلاء في هذه الدعوة الأخيرة التي اشتهرت بالباطنية والإسماعيلية أنه اجتمع منهم في أيام السلطان ملكشاه ثمانية عشر رجلاً، وصلوا صلاة العيد في ساوة، فظفر بهم الشحنة، فسجنهم، ثم سئل فيهم، فأطلقهم، فهذا أول اجتماعهم، ثم دعوا مؤذنا من أهل ساوة كان مقيماً بأصفهان، فلم يجب دعوتهم، فخافوه أن ينّم عليهم، فقتلوه، وهو أول قتيل لهم، وأول دم أراقوه، فاتصل خبر مقتله بالوزير نظام الملك، فأمر من يتّهم بقتله، فوقعت التهمة على نجار اسمه طاهر، فقتل، ومثِّل به، وجرّوا برجله في الأسواق، وهو أول قتيل منهم، ثم إن الباطنية قتلوا الوزير نظام الملك، وهي أول قتلة مشهورة كانت لهم، وناهيك بها قتلة، وقالوا: قتل منا نجاراً، فقتلناه به، وأول موضع غلبوا عليه وتحصنوا به عند قاين كان قائده على مذهبهم، فاجتمعوا عنده، وقووا به، فاجتازت لهم قافلة عظيمة من كرمان بقصد قاين، فخرجوا عليها هم، وقائد البلد وأصحابه، فقتل أهل القفل عن آخرهم لم ينج منهم غير رجل تركماني، فوصل إلى قاين، وأخبره بالقصة، فسار أهلها مع القاضي الكرماني إلى جهادهم، فلم يقدروا عليهم، ثم مات السلطان ملكشاه، فعظم أمرهم، واشتدت شوكتهم، واشتغل السلطان بركياروق بحرب إخوته وأهله، فاجتمعوا، وصاروا يسرقون من قدروا عليه من مخالفيهم، ويقتلونه، ففعلوا ذلك بخلق كثير، وزاد الأمر حتى إن الإنسان كان إذا تأخر عن بيته عن الوقت المعتاد تيقنوا قتله، وقعدوا للعزاء به، فحذر الناس، وصار لا ينفرد أحد، وأخذوا في بعض الأيام مؤذناً أخذه جار له باطني، فقام أهله للنياحة، فأصعده الباطنية إلى سطح داره، وأروه أهله كيف يلطمون عليه، ويبكون، وهو لا يقدر يتكلم خوفاً منهم، وذلك بأصفهان.