نهاية الأرب في فنون الأدب/أخبار الصناديقي ببلاد اليمن

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أخبار الصناديقي ببلاد اليمن

وفي سنة ست وثمانين ومائتين استولى أبو القاسم النجار المعروف بالصناديقي على اليمن، وكان ابن أبي الفوارس داعي عبدان قد أنفذه داعياً إلى اليمن، وكان هذا الصناديقي من موضع يعرف بالنرس، وكان يعمل فيه الثياب النرسية، وقيل إنه كان يعمل في الكتان، فلما صار إلى اليمن أجابه رجل من الجند يعرف بابن الفضل، فقوى أمره على إقامة الدعوة الخبيثة، فدخل فيها خلق كثير، فجعلهم من الإسلام، وأظهر العظائم، وقتل الأطفال وسبى النساء، وتسمى برب العزة وكان يكاتب بذلك، وأظهر شتم النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء، واتخذ داراً سماها دار الصفوة، وكان يأمر الناس بجمع نسائهم من أزواجهم وبناتهم وأخوانهم، ويأمرهم بالاختلاط بهن ليلاً ووطئهن، ويحتفظ بمن تحبل منهن في تلك الليلة وبمن تلد من بعد ذلك، ويتخذهم لنفسه خولا ويسميهم أولاد الصفوة، وعظمت فتنته باليمن، وأجلى أكثر أهله عنه وأجلى السلطان، وقاتل القاسم بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الحسنى الهادي وقلعه عن عمله بصعدة، وألجأه إلى أن هرب عياله إلى الرس حذراً منه لقوته عليه، ثم إن الله عز وجل رزقه الظفر فهزمه، وكان ذلك بلطف من ألطاف الله تبارك وتعالى، وهو أن ألقى على عسكره وقد بايته برداً وثلجاً، وقتل أكثر أصحابه في ليلة واحدة، وقل ما يعرف مثل هذا من البرد والثلج في ذلك البلد، ولما طغى قتله الله بالأكلة وأنزل بالبلدان التي غلب عليها بثرا قاتلاً، كان يخرج على كتف الرجل منهم بثرة فيموت في سرعة، فسمى ذلك البثر حبة القرمطي، وأخرب الله تعالى أكثر تلك البلاد التي ملكها، وأفنى أهلها بموت ذريع، واعتصم ابنه بعده بالجبال والقلاع، ولم يزل بها مقيماً يكاتب أهل ملته، ويعنون كتبه، من ابن رب العزة، ثم أهلكه الله عز وجل وبقيت منهم بقية، فاستأمنوا إلى القاسم بن أحمد الهادي، ولم يبق للنجار بقية ولا لمن كان على مذهبه. ولنرجع إلى أخبار زكرويه بن مهرويه وخبر من أرسله إلى الشام.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي