أخبار المستعين
بعد خلعه وما كان من أمره إلى أن قتل وذكر أولاده وعماله ومدة عمره وخلافتهقال: ولما أشهد المستعين على نفسه بالخلع نقل من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل، ومعه عياله وجميع أهله، وأخذ منه البردة والقضيب والخاتم وسيروا إلى المعتز مع عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، ومنع من الخروج إلى مكة فاختار المقام بالبصرة، فقيل له إن البصرة وبية، فقال: أهي أوبأ أو ترك الخلافة ؟ !وقال بعض الشعراء في خلع المستعين:
خلع الخليفة أحمد بن محمد
وسيقتل التالي له أو يخلع
ويزول ملك بني أبيه ولا يرى
أحد بملك منهم يستمتع
إيهاً بني العباس إن سبيلكم
في قتل أعبدكم سبيل مهيع
رقعتم دنياكم فتمزقت
بكم الحياة تمزقاً لا يرقع
قال: وسير المستعين إلى واسط، ثم كتب المعتز إلى محمد بن عبد الله بن طاهر يأمره بتسليمه إلى سيما الخادم، فكتب محمد إلى الموكلين به بذلك، ثم أرسل أحمد بن طولون في تسليمه فأخذه أحمد، وسار به إلى القاطول فسلمه إلى سعيد بن صالح، فأدخله سعيد منزله وضربه حتى مات.وقيل بل جعل في رجله حجراً وألقاه في دجلة، وقيل كان قد حمل معه داية له، فلما أخذه سعيد وضربه صاح وصاحت دايته، فقتل وقتلت معه وحمل رأسه إلى المعتز وهو يلعب الشطرنج، فقيل له: هذا رأس المخلوع، فقال: ضعوه حتى أفرغ من الدست، فلما فرغ نظر إليه وأمر به فدفن، وأمر لسعيد بخمسين ألف درهم وولاه معونة البصرة. قال: وكان مقتل المستعين في آخر شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وعمره إحدى وثلاثون سنة وثلاثة أشهر إلا أياماً وقيل أكثر، ومدة خلافته إلى أن خلع نفسه ثلاث سنين وسبعة أشهر.ونقش خاتمه: في الاعتبار غنى عن الاختبار.وكان سميناً صغير العينين كبير اللحية أسودها بوجنته خال أسود، وكان فيه لين وانقياد لأتباعه، قال: وسبب تلقيبه بالمستعين أنه لما بويع له بالخلافة قال: أستعين بالله وأفعل.قال: ولم يل الخلافة من لدن المنصور إلى هذا الوقت من لم يكن أبوه خليفة غيره.وذكر ابن مسكويه في كتاب تجارب الأمم: أن المستعين أخو المتوكل لأبيه، والصحيح أنه ولد أخيه محمد بن المعتصم، وكان له من الأولاد الذكور ستة.وقد ذكرنا وزراءه أثناء دولته.حجابه: أوتامش ثم وصيف ثم بغا.قاضيه: الحسن بن أبي الشوارب الأموي وقيل جعفر بن محمد بن عمار البرجمي.الأمراء بمصر: يزيد بن عبد الله.قاضيها بكار بن قتيبة. نعود إلى الحديث في أيام المعتز بالله في بقية شهور سنة اثنتين وخمسين.