نهاية الأرب في فنون الأدب/أخبار الملثمين

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أخبار الملثمين

وما ملكوه من إفريقية واستعادة ذلك منهمقال: ولما بلغ علي بن إسحاق بن محمد بن علي بن غانية اللمتوني صاحب جزيرة ميورقة، وكان من أعيان الملثمين، وفاة أبي يعقوب، سار إلى بجاية في عشرين شينياً، وملكها في شعبان سنة ثمانين وخمسمائة، وأخرج من كان بها من الموحدين.وكان الأمير بها سليمان بن عبد الله بن عبد المؤمن.وخطب اللموتوني بها للخليفة الناصر لدين الله العباسي. فاتصل الخبر بأبي يوسف فجهز العساكر واستعادها في صفر سنة إحدى وثمانين.وكان بها يحيى وعبد الله أخوا علي بن إسحاق قد تركهما بها وتوجه لحصار القسنطينة، فخرجا منها هاربين والتحقا بأخيهما.فأقلع إلى جهة إفريقية واجتمع بمن بها من العرب وانضاف إليه الترك الذين كانوا قد دخولها من مصر.ودخل من مصر مملوك آخر اسمه بوزابه، فانضم إليه، وكثر جمعه، وقويت شوكته.واتبعوه جميعاً لأنه من بيت الملك ولقبوه بأمير المسلمين.فقصد بلاد إفريقية فملكها شرقاً وغرباً إلا مدينتي تونس والمهدية، فإن الموحدين حفظوهما على خوف وضيق وشدة.وانضاف إلى الملثم كل مفسد يريد الفتنة والفساد والنهب. فأرسل الوالي على تونس وهو عبد الواحد بن عبد الله الهنتاني إلى أبي يوسف يعلمه بالحال.فلما ورد عليه الخبر اختار من عساكره عشرين ألف فارس من الموحدين.وقصد لقلة العساكر لقة القوت في البلاد.وسار في صفر سنة ثلاث وثمانين، فوصل إلى مدينة تونس.وأرسل ستة آلاف مع ابن أخيه أبي حفص، فساروا إلى علي بن إسحاق الملثم وهو بقصفة فوافوه.وكان مع الموحدين جماعة من الترك الذين كانوا مع قراقوش، فلما التقوا خامر الترك عليهم، وانضموا إلى أصحابهم الذين مع الملثم.فانهزم الموحدون وقتل جماعة من مقدميهم.وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين. قال: فأقام أبو يوسف بمدينة تونس إلى نصف شهر رجب منها.ثم خرج في خمسة عشر ألف فارس من الموحدين وسار يريد حرب الملثم.فالتقوا بالقرب من مدينة قابس واقتتلوا.فانهزم الملثم ومن معه.وأكثر الموحدون القتل فيهم حتى كادوا يفنونهم. ورجع من يومه إلى قابس ففتحها.وأخذ منها أهل قراقوش وأولاده وأمواله فحملهم إلى مراكش. وتوجه إلى مدينة قفصة فحصرها ثلاثة أشهر، وقطع أشجارها، وخرب ما حولها.فأرسل إليه الترك الذين كانوا بها في السر يسألونه الأمان لأنفسهم ولأهل قفصة.فأجابهم إلى ذلك.وخرج الأتراك منها سالمين فسيرهم إلى الثغور لما رآه من شجاعتهم ونكايتهم.وتسلم يعقوب البلد وقتل من فيه من الملثمين.وهدم أسواره، وترك المدينة مثل قرية.وظهر ما قاله المهدي. ولما فرغ من أمر قفصة واستقامت له إفريقية، عاد إلى مراكش.فكان وصوله إليها في سنة أربع وثمانين. وأما ابن عانية اللمتوني فإنه ثبت بعد انكشاف أصحابه وقاتل قتالاً شديداً فأصابته جراحات كثيرة.ومر على وجهه فمات في خيمة لعجوز أعرابية.وكان معه إخوته عبد الله ويحيى وأبو بكر وسير.فقدموا عليهم يحيى لشجاعته وشهامته ولحقوا بالمغرب.ولم يزل بإفريقية يثور تارة ويسكن أخرى.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي