نهاية الأرب في فنون الأدب/أخبار ذات الخال

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أخبار ذات الخال

قال أبو الفرج الأصفهاني: واسم ذات الخال خشف، وكانت لأبي الخطاب النحاس المعروف بقرين مولى العباسة بنت المهدي.وكانت ذات الخال من أجمل النساء وأكملهن، وكان لها خالٌ فوق شفتها العليا، وقيل على خدها.وكان إبراهيم الموصلي يتعشقها، وله فيها أشعارٌ كثيرةٌ كان يقولها ويغني فيها حتى شهرها بشعره وغنائه.واتصل خبرها بالرشيد، فاشتراها بسبعين ألف درهم.فقال لها ذات يومٍ: أسألك عن شيءٍ، فإن صدقتني وإلا صدقني غيرك وكذبتك.قالت: أصدقك.قال: هل كان بينك وبين إبراهيم الموصلي شيءٌ قط ؟ وأنا أحلفه أن يصدقني.قال: فسكتت ساعةً ثم قالت: نعم ! مرةً واحدةً، فأبغضها.وقال يوماً في مجلسه: أيكم لا يبالي أن يكون كشخاناً حتى أهبه ذات الخال ؟ فبدر حمويه الوصيف فقال: أنا، فوهبها له.ثم اشتاقها الرشيد يوماً فقال: ويلك يا حمويه ! وهبنا لك الجارية على أن تسمع غناءها وحدك ! فقال:يا أمير المؤمنين، مر فيها بأمرك.قال: نحن عندك غداً.فمضى فاستعد لذلك واستعار لها من بعض الجوهريين بدنةً وعقوداً ثمنها اثنا عشر ألف دينار، فأخرجها إلى الرشيد وهي عليها.فلما رآه أنكره وقال: ويلك يا حمويه ! من أين لك هذا ؟ ! ما وليتك عملاً تكسب فيه مثله ولا وصل إليك مني هذا القدر ! فصدقه عن أمره، فبعث الرشيد إلى أصحاب الجوهر، فأحضرهم واشترى الجوهر منهم ووهبه لها، وحلف ألا تسأله في يومه ذلك حاجةً إلا قضاها، فسألته أن يولي حمويه الحرب والخراج بفارس سبع سنين، ففعل ذلك وكتب له عهده بذلك، وشرط على ولي العهد أن يتممها له إن لم تتم في حياته. قال الأصفهاني: ولإبراهيم الموصلي في ذات الخال شعرٌ كثيرٌ غنى فيه. فمنه قوله:

أذات الخال قد طال

بمن أسقمته الوجع

وليس إلى سواكم في ال

ذي يلقى له فزع

أما يمنعك الإسلا

م من قتلي ولا الورع

وما ينفك لي فيك

هوًى تغتره خدع

ومنها:

جزى الله خيراً من كفلت بحبه

وليس به إلا التموه من حبي

وقالوا قلوب الغانيات رقيقةٌ

فما بال ذات الخال قاسية القلب

وقالوا لها هذا حبيبك معرضاً

فقالت لهم إعراضه أيسر الخطب

فما هي إلا نظرةٌ بتبسمٍ

فتنشب رجلاه ويسقط للجنب

وله فيها أشعارٌ كثيرةٌ غير ما أوردناه.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي