أخبار ساجي
جارية عبيد الله بن عبد الله بن طاهر
قال أبو الفرج: كانت ساجي إحدى المحسنات المقدمات المبرزات المتقدمات، وهي تخريج مولاها عبيد الله، وكان مهما صنع من الغناء نسبه إليها، وكان قد بلغ من ذلك الغاية، ولكنه كان يترفع عن ذكره ويكره أن ينسب إليه. حكى أبو الفرج عن أحمد بن جعفر جحظة قال: كتب المعتضد إلى عبيد اله ابن عبد الله بقم أن يأمر جاريته ساجي بزيارته ففعل.قال جحظة: فحدثني من حضر ذلك المجلس من المغنيات قالت: دخلت علينا وما فينا إلا من ترفل في الحلي والحلل وهي في أثوابٍ ليست كأثوابنا فاحتقرناها، فلما غنت احتقرنا أنفسنا، ولم تزل تلك حالنا حتى صارت في أعيننا كالجبل وصرنا كلا شيء.ولما انصرفت أمر لها المعتضد بمالٍ وكسوةٍ.ودخلت إلى مولاها فجعل يسألها عن خبرها وما رأت مما استظرفت وسمعت واستغربت، فقالت: ما استحسنت هناك شيئاً ولا استغربته من غناءٍ ولا غيره إلا عوداً من عود محفوراً فإني استظرفته.قال جحظة: فما قولك فيمن تدخل إلى دار الخليفة ولا تمد عينها إلى شيءٍ تستظرفه وتستحسنه إلا عوداً !قالوا: وكان المعتضد إذا استحسن شيئاً بعث به إلى ساجي فتغني فيه.وكانت صنعتها في عصره تسمى غناء الدار.وماتت ساجي في حياة مولاها وكان عليلاً، فرثاها ببيتين فقال:
يميناً يقيناً لو بليت بفقدها
وبي نبض عرقٍ للحياة وللكنس
لأوشكت قتل النفس قبل فراقها
ولكنها ماتت وقد ذهبت نفسي