أخبار سعيد بن زيد
هو أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي ابن غالب القرشي العدوي.وأمه فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية. وهو ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصهره، كانت تحته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر، وكانت أخته عاتكة بنت يزيد تحت عمر. وكان سعيد رضي الله عنه من المهاجرين الأولين، قديم الإسلام لم يشهد بدراً، وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، وقد قدمنا ذكر ذلك في غزوة بدر، وشهد ما بعد بدر من المشاهد، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة. وكان أبوه زيد بن عمرو يطلب دين الحنيفية - دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام - قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لا يذبح للأنصاب، ولا يأكل مما ذبح لها، ولا يأكل الميتة ولا الدم، وخرج في الجاهلية يطلب الدين هو وورقة بن نوفل، فعرضت عليهم اليهود دينهم فتهود ورقة، ثم لقيا النصارى فترك ورقة اليهودية وتنصر، وأبى زيد أن يأتي شيئاً من ذلك، وقال: ما هذا إلا كدين قومنا تشركون ويشركون، ولكنكم عندكم من الله ذكر ولا ذكر عندهم.فقال له راهب: إنك تطلب ديناً ما هو على الأرض اليوم.قال: وما هو ؟ قال: دين إبراهيم عليه السلام. قال: وما كان عليه إبراهيم ؟ قال: كان يعبد الله لا يشرك به شيئاً، ويصلي إلى الكعبة. فكان زيد على ذلك حتى مات. ومن رواية أخرى قال: خرج ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو يطلبان الدين حتى مرا بالشام، فأما ورقة فتنصر، وأما زيد فقيل له: إن الذي تطلب أمامك، فانطلق حتى أتى الموصل فإذا هو براهب فقال: من أين أقبل صاحب الراحلة ؟ قال من بيت إبراهيم.قال: ما تطلب ؟ قال: الدين.قال: فعرض عليه النصرانية، فقال: لا حاجة لي فيها، وأبى أن يقبل، فقال: إن الذي تطلب سيظهر بأرضك.فأقبل وهو يقول:لبيك حقاً حقاً.تعبد ورقا. وقال: مهما تجشمني فإني جاشم.عذت بما عاذ به إبراهيم. قال: وأتى سعيد بن زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن زيداً كان كما قد رأيت وبلغك فاستغفر له.قال عليه الصلاة والسلام: 'نعم، فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده' فاستغفر له. قال أبو عمر: وكان عثمان ابن عفان رضي الله عنه قد أقطع سعيد بن زيد أرضاً بالكوفة فنزلها وسكنها إلى أن مات، وسكنها من بعده من بنيه الأسود بن سعيد. وكانت وفاة سعيد في سنة خمسين أو سنة إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة رضي الله عنه وأرضاه. ^
الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الخامس