نهاية الأرب في فنون الأدب/أخبار عماد الدولة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أخبار عماد الدولة

أبي الحسن علي بن بويه وابتداء الدولة البويهيةكان عماد الدولة قد خرج مع أبيه في جيش الناصر للحق، ثم تنقلت به أمور في خدمة الملوك، ودخل إلى خراسان كرَّتين، صار من أصحاب ما كان، ثم فارقه إلى مرداويج بن زيار، ومعه أخواه، فولاه مرداويج الكرج، وقلد جماعة القواد المستأمنة الأعمال، وكتب لهم العهود، وساروا إلى الري، وبها وشمكير بن زيار أخو المرداويج، ومعه الحسين بن محمد الملقب بالعميد، وهو والد أبي الفضل الذي وزر لركن الدولة بن بويه، فلما وصل عماد الدولة إلى الرىّ عرض بغلة للبيع، فبلغت ألفي وثمانمائة درهم فعرضت على العميد، فاستجادها، وقصد أن يبتاعها، فخلف عماد الدولة أنه لا يأخذ لها مناً، وتابع بعد ذلك مواصلة العميد وبره، فبلغ عنده مبلغاً عظيماً، وتمكن منه. قال: وكان مرداويج قد تعقب رأيه في تولية عماد الدولة الكرج، وفي تولية القواد المستأمنة إليه لقرب عهدهم بصحبة ما كان، فكتب إلى أخيه، وإلى العميد: بأن يمنعا عماد الدولة من النفوذ إلى الكرج إلا أن يكون قد فات، وكان الرسم جارياً أن يقرأ العميد الكتب، ثم يوقف وشمكير عليها بعد ذلك، فلما قرأها بعث إلى عماد الدولة يأمره أن يبادر بالخروج إلى عمله، فسارع إلى ذلك، ثم رض العميد الكتب على وشمكير، فعول من الولاة من لم يمض إلى عمله، وأبقى عماد الدولة.قال: وتسلم عماد لدولة الكرج، وأخذ في الإفضال على الرجال، وعلى عمل البلد، فكانت كتب العامل تمضي إلى الرىّ يشكره، ثم فتح قلاعاً كانت باقية في أيدي الخرّمية، وأخذ منها أموالاً جمة، وغنائم كثيرة، وصرف أكثرها في جمع الرجال عليه واستجلابهم.

خروج عماد الدولة بن بويه عن طاعة مرداويج، ومخالفته له، وملكه أصفهان

كان سبب ذلك أن عماد الدولة لما تحقق قدم مرداويج على ولايته احتاط لنفسه، وأخذ في جمع الرجال، والإنعام عليهم، وهو في ذلك يظهر طاعة مرداويج، واتفق أن مرداويج سبب لبعض قواده على الكرج بمال، فأنعم عماد الدولة على أولئك القواد، واستمالهم، فمالوا إليه، وباطنوه، فلما وثق منهم أعلن بخلع مرداويج، وبايعه الواد، فخرج بهم عماد الدولة من الكرج عد أن استفى أمواله، وقصد أصفهان، وعرض أصحابه، فكانوا ثلاثمائة رجل، لكنهم منتجبون مسنظهرون في العدة، وسار إليها، وبها أبو الفتح المظفر بن ياقوت والياً للحرب، وأبو علي رستم والياً للخراج، وهما من قبل الخليفة، وكاتبهما عماد الدولة أن يدخل معهما في خدمة لسلطان، فامتنعا من ذلك، اتفق فيغضون ذلك، وفاة رستم، فنزل عماد الدولة بجوزنجان، وهي قرية على ثلاث فراسخ من أصفهان، وبرز إليه أبو لفتح بن ياقوت في ألوف من الرجال من جملتهم ستمائة ديلمى، فاستأمن إلى عماد الدولة منهم أربعمائة رجل، وانفصل المائتان الأخر لاحقين بما كان، وهو يومئذ بكرمان، وانهزم ابن ياقوت بعد حرب شديدة، ودخل عماد الدولة أصفهان في يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وكانت أصفهان أول شيء استولى عليه عماد الدولة بن بويه.والله أعلم.

استيلائه على أرجان وغيرها، وملك مرداويج أصفهان

قال: ولما بلغ مرداويج خبر الوقعة خاف جانب عماد الدولة، وأهمّه أمره، فشرع في إعمال الحيلة، فراسله يعاتبه، ويستميله ويطلب منه أن يظهر طاعته ليمده بالعساكر الكثيرة، لفتح بها البلاد، ولا يكلفه سوى الخطبة له في البلاد التي يستولي عليها، ولما سير الرسل جهز أخاه وشمكير في عسكر ضخم ليكبسس عماد الدولة، وهو مطمئن، فنمى الخبر إلى عماد الدولة، فارتحل عن أصبهان بعد أم أقام بها نحواً من شهر، وتوجه إلى أرَّجان وبها أبو بكر محمد بن ياقوت، فانهزم أبو بكر عنها إلى رامهرمز من غير حرب، ودخلها عماد الدولة، واستخرج منها أموالاً وانفقها في جيشه، ثم وردت على بن بويه كتب من أبي طالب زيد بن علي النوبندجاني يستدعيه إلى شيزار مدينة بلاد فارس، ويهون عليه أمر أميرها ياقوت، وكان ياقوت في جيش كثير العدد من قبل الخليفة، فسار عماد الدولة إلى قرية تعرف بالخوان دان، فسار إليه ياقوت، ووردت مقدمته في ألفي رجل، فوافاهم عماد الدولة بالنوبند جان.وذلك في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، فلم يثبتوا له، وانهزموا إلى مكان يقال له: الكركان، ووافاهم ياقوت بهذا الموضع، وأقام عماد الدولة أربعين يوماً في ضيافة زيد بن علي النوبند جاني.وكان مبلغ ما خسر عليه في هذه المدة مائتي ألف دينار، ثم سار بعد ذلك إلى اصطخر، وسار ياقوت وراءه يتبعه، حتى انتهى إلى قنطرة على طريق كرمان، فسبقه ياقوت إليها، ومنعه عن عبورها واضطره إلى الحرب.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي