نهاية الأرب في فنون الأدب/أخد بلاطنس وخبرها

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أخد بلاطنس وخبرها

كانت بلاطنس جارية في مملكة الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب الشام، فلما دخل التتار البلاد استولى عليها الأمير مظفر الدين عثمان صاحب صهيون، فطلب السلطان منه رد هذا الحصن، فصار يدافع ويقول: 'أنا من جملة النواب'.فلما توجه السلطان إلى أنطاكية أرسل إليه هدية ردها السلطان عليه، وسير جماعة من عسكر حلب أغاروا عليها.فتوالت رسله بالإذعان بالتسليم ويطلب قرية توقف عليها، فعين السلطان له قرية الحلمة من بلد شيزر، ووقفها عليه وعلى أولاده، وقرر أن يعطي صاحب بلاطنس شيئا من بلد صهيون فقرر له السلطان منها بلادا تغل ثلاثين ألف درهم، وتسلمت بلاطنس منه في سادس عشر شهر رمضان سنة سبع وستين وستمائة. وهذا الحصن من جملة معاقل الإسلام الحصينة لأنه بري بحري سهلي، ما أخذ بالسيف قط، بناه رجال يعرفون ببني الأحمر من أهل الجبال وحصنوه، فلما سمع بهم قطبان أنطاكية المسمى ببقيطا عاجلهم قبل إتمامه فملكه بالأمان، وأخذ في تحصينه وإتمام بنائه، وذلك في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.فلما كان في سنة إحدى عشر وخمسمائة، خرج روجار صاحب أنطاكية فدوخ بلاد الإسلام، وقصد حصن بلاطنس وفيه بنو ضليعة أولاد أخي القاضي شرف الدين، فنزل على بلاطنس في يوم الثلاثاء ثامن عشرين ذي الحجة من السنة، وأجلب عليه فتسلمه في يوم السبت ثاني عشر المحرم سنة اثنتي عشرة، وعوضهم عنه بأنطاكية ثلاث قرى.فلما كان في يوم السبت سابع وعشرين شعبان سنة ثلاثين وخمسمائة وثب أهل بلاطنس على ما فيه من الفرنج فقتلوهم، فاحتمت عليهم القلة.فأرسل أهل الجبال إلى منكجك التركماني صاحب بكسرائيل يستنجدونه فأتاهم وأقام يحاصرها مدة.فعمل الفرنج الذين بها حيلة عليه، وراسلوه وبذلوا له تسليمها على شرط أن يخفر نساءهم وأولادهم حتى يصلوا إلى جبلة أو إلى صهيون.فإذا جاءت لهم العلامة بوصولهم سالمين سلموها له، فلما وصلهم امتنعوا من التسليم.وكان ذلك حيلة منهم، فإن الأقوات ضاقت عندهم وضاقت الغلة عليهم، فاستراحوا بخروجهم عنهم وقويت نفوسهم.واتصل الخبر بأنطاكية فسيروا إليها عسكرا دفعه عنها.واستقرت بأيديهم إلى أن ملكها السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب على ما قدمناه.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي