أسد
قال محمد بن سعد: قدم عشرة رهط من بني بن خزيمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أوّل سنة تسع من الهجرة، فيهم حضرميّ بن عامر، وضرار ابن الأزور، فقال حضرميّ: يا رسول الله ! أتيناك نتدرّع الليل البهيم، في سنة شهباء، ولم تبعث إلينا بعثا، فنزل فيهم قوله عز وجل: ' يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين '. قال: وكان معهم قوم من بني الزّنية وهم بنو مالك بن مالك بن ثعلبة بن دودان ابن ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' أنتم بنو الرّشدة '. وقال أبو إسحق أحمد بن محمد الثّعلبيّ رحمه الله: إنّ نفرا من بني ، ثم من بني الحلاف بن الحارث بن سعيد، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في سنة جدبة، فأظهروا شهادة أن لا إله إلا الله، ولم يكونوا مؤمنين في السّر، وأفسدوا طرق المدينة بالعذرات، وأغلوا أسعارها، وكانوا يغدون ويروحون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولون: أتتك العرب بأنفسها، على ظهور رواحلها، وجئناك بالأثقال والعيال والذّراريّ - يمنّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان.ويريدون الصّدقة، ويقولون: أعطنا.فأنزل الله عز وجل فيهم: ' قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ' الآيات.وقيل: نزلت في الأعراب: مزينة، وجهينة، وأسلم، وأشجع، وغفار.وكانوا يقولون: آمنّا بالله ؛ ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم، فلما استنفروا إلى الحديبية تخلّفوا، فأنزل الله فيهم: ' قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ' أي انقدنا واستسلمنا مخافة القتل والسّبي ' ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم ' فأخبر تعالى أن حقيقة الأيمان التصديق بالقلب، وأن الإقرار باللسان، وإظهار شرائعه بالأبدان، لا يكون إيمانا دون الإخلاص الذي محلّه القلب.