أسر جوستكين وفتح بلاده
كان نور الدين قد جمع عساكره في سنة ست وأربعين وخمسماية وسار إلى بلاد جوستكين الفرنجي وهي شمالي حلب، وعزم على محاصرتها.وكان جوستكين فارس الفرنج وطاغيتهم، صاحب رأي وشجاعة، فجمع وأكثر، وسار نحو نور الدين والتقوا واقتتلوا، فكانت الهزيمة على المسلمين، وقتل كثير منهم.واسر سلحدار نور الدين فيمن أسر، فأخذ جوستكين سلاحه، وأرسله إلى الملك مسعود قلج صاحب الروم، وقال: هذا سلاح زوج ابنتك وسآتيك بعده بما هو أعظم منه فأهم نور الدين ذلك وعظم عليه، وعلم أنه لا يتمكن من جوستكين في حرب، لأنه إما أن يحارب أو يحتمي بحصونه.فجعل عليه العيون من التركمان، ووعدهم إن أسروه وأتوا به أو برأسه بمواعيد كثيرة.فرصدوه إلى أن خرج إلى الصيد، وأسروه فصالحهم على مال يؤديه إليهم، فسير في إحضار المال إليهم فجاء بعضهم إلى أبي بكر بن الداية، نائب نور الدين بحلب، وأخبره بالقضية.فسير عسكراً مع من حصر إليه بالخبر، وكيس التركمان وأخذوا جوستكين أسيراً.وكان من أعظم الفتوحات، وأصيبت النصرانية كافة بأسرهاولما أسر سار نور الدين إلى قلاعه فملكها، وهي تل باشر وعين تاب وإعزاز وتل خالد وقورس والراوندان وبرج الرصاص وحصن البادة وكفر سو، وكفر لاثا، ودلوك، ومرعش ونهر الجوز، وغير ذلك من أعماله في مدة يسيرة.واجتمع الفرنج في سنة سبع وأربعين، وحشدت الفارس والراجل وساروا نحو نور الدين وهو بدلوك، فلما قربوا منه رجع إليهم واقتتلوا قتالاً شديداً كان الظفر له وقتل وأسر منهم.وعاد إلى دلوك فملكها.وكان نورا لدين إذا فتح حصناً من هذه الحصون شحنه بما يحتاج إليه من الرجال والسلاح الذخائر وغيرها.