نهاية الأرب في فنون الأدب/أسفار بن شيرويه

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أسفار بن شيرويه

الديلميونحن نذكر حاله من ابتداء أمره، وما آل إليه، ومن ملك بعده من الديلم والجيل إلى حين انقراض دولتهم إن شاء الله تعالى، فتقول:كان أسفار هذا من أصحاب ما كان بن كالى الديلمي، وكان سيئ الخلق والعشرة، فكرهه ما كان، وأخرجه من عسكره، فالتحق ببكر بن محمد بن اليسع بنيسابور، وأقام في خدمته إلى أن قتل ابن الأطرش الحسن بن كالى أخا ما كان بجرجان، واستقل ابن الأطرش بالأمر، وجعل مقدم جيشه علي بن خرشيد، فكتب إلى أسفار يستقدمه، فاستأذن بكراً بن محمد، وسار إلى جرجان، واتفق مع علي بن خرشيد، وضبطا تلك الأعمال لا بن الأطرش، فسار إليهم ما كان بن كالى، وقاتلهم، فهزموه، وأخرجوه عن طبرستان، وملوكها، وأقاموا بها، ثم اتفقت وفاة ابن الأطرش، وعلي بن خرشيد، فاستقل أسفار بالأمر، وانفرد به، فجاءه ما كان ابن كالى، وهزمه، وأخرجه عن البلاد، فرجع إلى بكر بن محمد ابن اليسع بجرجان، فأقام بها إلى أن توفي بكر، فتولاها أسفار من قبل السعيد نصر بن أحمد الساماني في سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وأرسل أسفار إلى مرداويج بن زياد الجيلي يستدعيه إليه، فجاءه وجعله أسفار أمير جيشه، وأحسن إليه، وقصدا طبرستانواستولوا عليها.وكان ما كان بن كالى مع الحسن بن القاسم الداعي العلوي بالريّ، وقد استولى عليها، وأخرج عنها نواب السعيد، واستولى على قزوين، وزنجان، وأبهر، وقم، فسار نحو طبرستان، والتقى هو وأسفار عند سارية، واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم معظم أصحاب الحسن ؛ قصدا للهزيمة لكراهيتهم له، فإنه كان يمنعهم من المظالم، وشرب الخمر، وارتكاب المحارم، فكرهوه، وكان أيضاً قد قتل جماعة منهم، فخذلوه في هذه الحادئه، فقتل الداعي، واستولى أسفار على البلاد على بلاد طبرستان، والري، وجرجان، وقزوين، وزنجان، وأبهر، وقم، والكرج، ودعا بها لصاحب خراسان نصر بن أحمد، واستعمل هارون سندان، وهو أحد رؤساء الجيل وخال مرداويج على آمل، وكان هارون يحتاج أن يخطب فيها لأبي جعفر العلوي، وخاف أسفار ناحية أبى جعفر أن يجدد له فتنة وحربا، فاستدعى هارون غليه، وأمره أن يتزوج من أعيان آمل، ويحضر عرسه أبو جعفر، وغيره من رؤساء العلويين، وأن بفعل ذلك في يوم ذكره له، ففعل، ثم سار أسفار من سارية مجدّاً لموافاة العرس، فوصل آمل في يوم الموعد، وقد اجتمع العلويون عند هارون فهجم على الدار على حين غفلة، وقبض على أبى جعفر، وغيره من أعيان العلويين، وحملها إلى بخارى، فاعتقلوا بها.ولما فرغ أسفار من ذلك سار إلى الري وبها ما كان بن كالى، فأخذها منه، وسار ما كان إلى طبرستان، فأقام هناك.وأحب أسفار أن يستولي على قلعة ألموت، وهي قلعة على جبل عال شاهق في حدود الديلم، وكانت لسياه جشم، ومعناه: الأسود العين لأنه كان على إحدى عينيه نقطة سوداء، فراسله أسفار، ومنٌاه فقدم عليه، فسأله أن يجعل عيال في قلعة ألموت، وولاه قزوين، فأجابه إلى ذلك، ونقلهم إليها، ثم كان آيهم من يثق به من أصحابه، فلما حصل له بها مائة رجل استدعاه من قزوين، وقبض عبيه وقتله، وعظمت جيوش أسفار، وطار اسمه، فتجبر وعصى على الأمير السعيد نصر بن احمد صاحب خراسان وما وراء النهر، فسير الخليفة المقتدر هارون بن غريب إلى أسفار في عسكر، فالتقوا، واقتتلوا نحو قزوين، فانهزم هارون، وقتل من أصحابه خلق كثير بباب قزوين، وكان أهل قزوين قد ساعدوا هارون، فحقد عليهم أسفار، ثم سار الأمير نصر بن أحمد من بخاري، وقصد حرب أسفار لخروجه عن طاعته وبلغ نيسابور، فجمع أسفار عسكره، فأشار عليه وزيره مطرف ابن محمد بمراسلته، والدخول في طاعته، وبذل المال له، إن أجاب، وإلا فالحرب بعد ذلك، وكان في عسكره جماعة من الأتراك أصحاب صاحب خراسان، فخوفه الوزير منهم، فرجع إلى رأيه، وراسله، فقبل صاحب خراسان ذلك منه، وشرط عليه شروطا منها: حمل الأموال، والطاعة، وغير ذلك، فشرع أسفار بعد تمام الصلح في بسط الأموال على الريَّ وأعمالها، وجعل على كل رجل ديناراً إلا أهل البلد، والمحاربين، فحصّل من ذلك مالا عظيما أرضى منه صاحب خراسان بالبعض ورجع عنه، وعظم أمر أسفار، وزاد تجبره، وقصد قزوين بما في من أهلها، فأوقع بهم، وأخذ أوالهم، وقتل كثيرا منهم، وسلط الديلم عليهم، وسمع المؤذن يؤذن، فأمر بإلقائه من المنارة إلى الأرض، فاستغاث الناس من شره وظلمه.وخرج أهل قزوين إلى الصحراء: والرجال، والنساء، والولدان يتضرعون إلى الله تعالى، ويدعون عليه، ويسألون الله تعاى كشف ما بهم، فبلغه ذلك، فضحك وسبهم استهزاء بهم، فقابله الله تعالى في الغد من نهار الدعاء عليه بما سنذكره.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي