عضد الدولة
هو أبو شجاع فناخسرو تاج الملة شاهنشاه بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه. اجتمع له من الممالك ما تفرق لأبيه وعميه، وقد قدمنا أن عمه عماد الدولة بن بويه جعله ولي عهده، وذلك لأربع عشرة بقيت من جماد الأولى سنة تسع وثلاثين وثلثمائة، فأول ما ظهر من أفعاله بعد وفاة عمه ببلاد فارس أنه استولى على حصن ابن عمارة المتوسط لمدينة هرو، وهي مدينة على ساحل البحر الهندي من أعمال فارس قد بنيت على مصّب الماء تجمع المراكب المنكسرة، والبضائع الغارقة، فيستعين أهلها بذلك، وأهل هذا الحصن ينسبون إلى معدي يكرب، ثم إلى الجلندي بن كركر يتوارثونه لم ينتزع منهم، ولم تفتح عنوة، ولا صلحا قبلها.ذكر بن جوقل في كتابه: أن صاحب هذا الحصن هو الملك المذكو وفي القرآن في قوله تعالى: وكان وراءهم مَّلك يأخذ كلَّ سفينةٍ غصباً.ولم يباشر الحصار بنفسه، وإنما بعث علياً بن الحسين السيفي في جيش إلى الحصن، فحاصره برهة من الدهر حتى استعزل صاحبه، وهو أبو طالب بن رضوان بن جعفر بالأمان، وتسلم الحصن بما فيه، وفي سنة ست وخمسين وثلثمائة بعث إلى عمان عسكرا مع عسكر لعمه معز الدولة، ففتحها، ثم بعد ذلك كرمان في شهر رمضان سنة سبع وخمسين وأقطعها ولده أبا الفوارس، وأطاعه صاحب سجستان، ونقش السكة باسمه، وأقام له الخطبة.ثم ملك قلعة بردسير وهي مثوى آل اليسع، ولما عاد من كرمان فتح جبال القفص، وهذه البلاد لها جبل وسهل.فأهل السهل يعرفون: بالمنوجان وهو اسم البلاد، وأهل الجبل يعرفون: بالقفص، والبلوص، وهم قبائل وشعوب، وبلادهم هذه في طرف كرمان مما يلي فارس، ثم جرت لجيشه معهم بعد ذلك وقائع كان الظفر فيها لأصحاب ، وفي أثناء حرول جيشه لهم حصل استيلاء على هرموز، وبلاد التيز، ومكران في سنة ستين وثلثمائة، ثم سألوا الأمان على إقامة الصلوات، وإيتاء الزكاة، والإجتهاد في الطاعة، واجتناب إخافة السبيل فأمنهم.قال المؤرخ: ثم سار عسكره، ومقدمة كوركير إلى أمة من ورائهم يقال لهم الخرَّميَّة، والحاسكية فهزمهم، وقتل منهم خلقاً، وأسر مقدميهم، وجماعة من رؤسائهم، وأنفذهم إلى شيراز، وتوطأت هذه البلاد مدة، ثم كان بينهم، وبين العسكر العضدى وقعة لإحدى عشرة ليلة يقيت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين وثلثمائة، ودامت إلى غروب الشمس، فانجلى ذلك اليوم عن قتل أكثر مقاتليهم، والإحاطة بحريمهم، وذراريهم، ولم يبق منهم إلا اليسير، ثم كان بين ، وبين عز الدولة بختيار ابن معز الدولة ما قدمناه في أحبار بختيار في سنة أربع وستين وثلثمائة، فلا فائدة في إعادته، فلما مات والده ركن الدولة في سنة ست وستين وثلاثمائة قصد العراق في تلك السنة، فخرج عز الدولة لقتاله، والتقوا، واقتتلوا في ذي القعدة من السنة، فالتحق بعض أصحاب بختيار ب، فانهزم بختيار، واحتوى على ماله، ومال وزيره ابن بقية، وسير جيشاً إلى البصرة، فملكها.