نهاية الأرب في فنون الأدب/مقتل أبي سعيد الجنابي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

مقتل أبي سعيد الجنابي

كان مقتله في سنة إحدى وثلاثمائة بعد أن استولى على سائر بلاد البحرين، وكان سبب مقتله أنه لما هزم جيش العباس بن عمرو كما تقدم واستولى على عسكره، أخذ من عسكره خادماً له صقلبيا، فاستخدمه وجعله على طعامه وشرابه، فمكث كذلك مدة طويلة لا يرى أبا سعيد فيها مصلياً لله عز وجل صلاة واحدة، ولا يصوم في شهر رمضان ولا في غيره يوماً واحداً، فأضمر الخادم لذلك قتله، فدخل معه الحمام يوماً - وكان الحمام في داره، فأخذ الخادم معه خنجراً ماضياً - ولم يكن معه في الحمام غيره، فلما تمكن منه أضجعه فذبحه، ثم خرج فقال: السيد يستدعي فلاناً لبعض بني سنبر فأحضر فقال: ادخل فدخل، فبادره فقبض عليه وذبحه، ولم يزل يستدعي من رؤساء القرامطة واحدأ واحداً حتى قتل جماعة من رؤساء الوجوه، إلى أن استدعى بعضهم فنظر عند دخوله إلى باب البيت الأول دماً جارياً، فاستراب بذلك وخرج مبادراً فلم يدركه الخادم وأعلم الناس، وعدم الخادم إلى الباب فأغلقه وكان وثيقاً، فاجتمع الناس ونقبوا نقوباً إلى أن وصلوا إليه، فأخذه ابنه سعيد فأمر بشده بالحبال، ثم قرض لحمه بالمقاريض حتى مات رحمه الله تعالى. وخلف أبو سعيد من الأولاد: أبا القاسم سعيداً، وأبا طاهر سليمان، وأبا منصور أحمد، وأبا العباس إبراهيم، والعباس محمد، وأبا يعقوب يوسف، وكان أبو سعيد قد جمع رؤساء دولته وبني زرقان، وكان أحدهم زوج ابنته، وبني سنبر، وكان متزوجاً إليهم، وهم أخوال أولاده وبهم قامت دولته وقوى أمره، فأوصى إليهم إن حدث به موت أن يكون بأمرهم ابنه سعيداً إلى أن يكبر أبو طاهر، وكان سعيد أكبر من أبي طاهر سناً، فإذا كبر أبو طاهر كان المدبر لهم، فلما قتل جرى الأمر على ما وصاهم به، وكان قد أخبرهم أن الفتوح يكون لأبي طاهر، فجلس سعيد يدبر الأمر بعد مقتل أبيه إلى سنة خمس وثلاثمائة، ثم سلم الأمر لأخيه أبي طاهر، فدبره وعمل أشياء موه بها على عقول أصحابه فقبلوها وعظموا أمره، وكان من أخباره ما نذكره إن شاء الله تعالى، وكانت مدة تغلب أبي سعيد على البحرين وما والاها نحوا من ستة عشر سنة.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي