نهاية الأرب في فنون الأدب/وفاة تميم بن المعز

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

وفاة تميم بن المعز

كانت وفاته في شهر رجب سنة إحدى وخمسمائة، وله من العمر تسع وسبعون سنة، ومدة ولايته سبع وأربعون سنة وعشرة أشهر وعشرون يوماً. وكان شهماً شجاعاً كريماً حليماً كثير العفو عن الجرائم العظيمة ذكياً حسن الشعر.فمن شعره ما قاله وقد وقع حرب بين طائفتين من العرب، وهما عدي ورياح فقتل رجل من رياح ثم اصطلحوا وأهدروا دمه، وكان صلحهم مما يضر بتميم وبلاده، فقال أبياتاً يحرض فيها على الطلب بدم المقتول، وهي:

متى كانت دماؤكم تطل

أما فيكم بثأر مستقل

أغانم ثم سالم إن فشلتم

فما كانت أوائلكم تذل

ونمتم عن طلاب الثأر حتى

كأن العز فيكم مضمحل

وما كسرتم فيه العوالي

ولا بيض تفلّ ولا تسل

فعمد إخوة المقتول فقتلوا أميراً من بني عدي.فقامت الحرب بينهم واشتد القتال، وكثرت القتلى بينهم حتى أخرجوا بني عدي من إفريقية، وبلغ تميم فيهم ما يريد.وكان يوقع بالشعر الحروب بين العرب فبلغ بلسانه ما لم يبلغه بسنانه. ومن أخباره في رعيته وشفقته عليهم ما حكى أنه اشترى جارية بثمن كثير.فبلغه أن مولاها الذي باعها ذهب عقله وأسف على فراقها.فأحضره تميم إلى بين يديه وأرسل الجارية إلى داره ومعها من الكسوة والأواني والفضة والطيب شيئاً كثيراً.ثم أمر مولاها بالانصراف وهو لا يعلم بذلك.فلما وصل إلى داره ورآها بمنزلة سقط إلى الأرض وغشى عليه لكثرة ما ناله من السرور.ثم أفاق وأصبح من الغد فحمل الثمن وجميع ما كان معها إلى دار تميم.فغضب وانتهره وأمره بإعادة ذلك إلى داره.وهذه نهاية في الجود، وغاية في الكرم والشفقة والإحسان. وكان له في البلاد أصحاب أخبار يطالعونه بأخبار الناس لئلا يظلموا. قال: وخلّف من النبين مائة، ومن البنات ستين. ولما مات رحمه الله ولي بعده ابنه يحيى.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي