نهاية الأرب في فنون الأدب/ولاية محمد بن أبي الحواري
ولاية محمد بن أبي الحواري
قال: ولما توفي القاضي أسد بن الفرات، ولي المسلمون على أنفسهم محمد بن أبي الحواري، فضيق على أهل سرقوسة.فوصل من القسطنطينية أسطول كبير وعساكر في البر.فعزم المسلمون على العود إلى إفريقية، فرحلوا عن سرقوسة وأصلحوا مراكبهم وركبوها.فوقفت مراكب الروم على المرسى الكبير ومنعوهم من الخروج. فأحرق المسلمون مراكب نفوسهم.ورحلوا إلى حصن مناو ومعهم فيمي.فملكوا الحصن وسكنوه. وملكوا حصن جرجنت وسكنه طائفة من المسلمين. ثم خرج فيمي إلى قصريانة، فخرج إليه أهلها وبذلوا له الطاعة وخدعوه.وقالوا له: نكون نحن وأنت والمسلمون على كلمة واحدة ونخلع طاعة الملك.وسألوه أن يرجع عنهم ذلك اليوم لينظروا فيما يصالحون عليه.فرجع عنهم يومه ذلك.ثم جاءهم في الغد في نفر يسير.فخرجوا يقبلون الأرض بين يديه، وكانوا قد دفنوا سلاحاً في تلك البقعة.فلما قرب منهم، أخرجوا السلاح وثاروا به فقتلوه. ثم وصل تودط البطرك من القسطنطينية في عساكر عظيمة من الأرمن وغيرهم، وتوجه إلى قصريانة.وخرج بمجموعة للقاء المسلمين.فالتقوا فانهزم تودط.وقتل من عسكره خلق كثير، وأسر من بطارقته تسعون بطريقاً.ثم توفي محمد بن أبي الحواري في أول سنة أربع عشرة ومائتين. فولي المسلمون عليهم زهير بن برغوث.وكان بينه وبين تودط حروب كثيرة.وحاصر المسلمين في حصنهم وضاقت عليهم الميرة وقلّت الأقوات حتى أكلوا دوابهم.ولم يزالوا كذلك حتى قدم أصبغ بن وكيل الهواري في مراكب كثيرة من الأندلس قد خرجوا غزاة، وقدم سليمان بن عافية الطرطوشي بمراكب.فأرسل المسلمون إليهم وسألوهم النصرة، وأرسلوا إليهم دواب.فخرجوا وقصدوا تودط، وهو مقيم على مناو فانصرف إلى قصريانة وارتفع الحصار عن المسلمين، وذلك في جمادى الآخرة سنة خمس عشرة ومائتين.