نهاية الأرب في فنون الأدب/ولاية محمد بن الأشعث الخزاعي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

ولاية محمد بن الأشعث الخزاعي

قال: لما غلبت الصّفرية على إفريقية بعد أن قتلت ورفجومة من قتلت من عربها، خرج جماعة إلى أبي جعفر المنصور، منهم عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم، ونافع بن عبد الرحمن السّلمي، وأبو البهلول بن عبيدة، وأبو العرباض.فأتوا المنصور يستنصرون به على البربر، ووصفوا عظيم ما لقوه منهم.فولى المنصور أبو جعفر محمد بن الأشعث مصر.فوجه أبا الأحوص عمرو بن الأحوص العجلي إلى إفريقية.فهزمه أبو الخطاب في سنة اثنتين وأربعين. فكتب أبو جعفر المنصور إلى محمد بن الأشعث يأمره بالمسير بنفسه، ووجه إليه الجيوش.فخرج في أربعين ألفاً: ثلاثين ألف فارس من أهل خراسان، وعشرة آلاف من أهل الشام.ووجه معه الأغلب بن سالم التّميمي والمحارب بن هلال الفارسي، والمخارق بن غفار الطائي، وأمرهم بالسمع والطاعة له.فإن حدث به حدث كان أميرهم الأغلب، فإن حدث به حدث فالمخارق، فإن حدث به حدث فالمحارب بن هلال.فمات المحارب قبل وصلوهم إلى إفريقية.وبلغ أبا الخطاب خروج محمد بن الأشعث إليه، فجمع أصحابه من كل ناحية.ومضى في عدد عظيم فوصل إلى سرت.واستقدم عبد الرحمن بن رستم من القيروان، فقدم بمن معه. فضاق ابن الأشعث ذرعاً بلقاء أبي الخطاب لما بلغه من كثرة جموعه.فاتفق تنازع زناته وهوارة فيما بينهم.فقتلت هوارة رجلاً من زناته.فاتهمت زناتة أبا الخطاب في ميله مع هوارة، ففارقه جماعة منهم.فبلغ ذلك ابن الأشعث فسر به.وضبط أفواه السكك حتى انقطع خبره عن أبي الخطاب.فرجع إلى طرابلس. ووصل ابن الأشعث إلى سرت.فخرج إليه أبو الخطاب حتى صار بورداسة.فلما قرب منه ذكر ابن الأشعث لأصحابه أن خبراً أتاه من المنصور بالرجوع إلى المشرق.وأظهر لهم المسرة بالرجوع.فشاع ذلك في الناس.وسار منصرفاً ميلاً من نزل.فانتهى ذلك إلى أبي الخطاب وسمع به من معه، فتفرق كثير منهم.ثم أصبح ابن الأشعث فسار أميالاً متثاقلاً في سيره.وفعل ذلك في اليوم الثالث.ثم اختار أهل الجلد والقوة من جيشه، وسار بهم ليله كله.فصبح أبا الخطاب وقد اختل عسكره.فلما التقوا ترجّل جماعة من أصحاب ابن الأشعث وقاتلوا.فانهزم البربر وقتل أبو الخطاب وعامة من معه، وذلك في شهر ربيع الأول من سنة أربع وأربعين ومائة.فكانت عدة من قتل من البربر أربعين ألفاً. ولما انتهى الخبر إلى عبد الرحمن بن رستم هرب إلى تيهرت واختطها وبلغ أهل القيروان خبر أبي الخطاب، فأوثقوا عامل ابن رستم وولوا عليهم عمرو بن عثمان القرشي إلى أن قدم محمد بن الأشعث. ووصل ابن الأشعث إلى طرابلس فاستعمل عليها المخارق بن غفار الطائي. ووجه إسماعيل بن عكرمة الخزاعي إلى زويلة وما والاها، ففتح تلك النواحي وقتل من بها من الخوارج. وتوجه محمد إلى القيروان، وأمر ببناء سورها، وذلك في يوم السبت غرة جمادى الأولى.فبنى في ذي القعدة، وكان تمامه في شهر رجب سنة ست وأربعين.وضبط إفريقية وأعمالها.وأمعن في قتل كل من خالفه من البربر فخافوه خوفاً شديداً وأذعنوا له بالطاعة. ثم فسد عليه جنده بعد ذلك، وتحدثوا أن المنصور كتب إليه يأمره أن يقدم عليه وأنه أبى ذلك.فاجتمع رأيهم إلى إخراجه وتولية عيسى بن موسى الخراساني.فلما رأى ذلك علم أنه لا طاقة له بهم.فخرج في شهر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائة.وقام بأمر الناس عيسى بن موسى من غير أمر أبي جعفر ولا رضا العامة إلا أن قواد المضرية تراضوا به.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي