نهج البلاغة/باب المختار من حكم أمير المؤمنين

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

باب المختار من حِكَم أمير المؤمنين

باب المختار من حِكَم أمير المؤمنين - نهج البلاغة

باب المختار من حِكَم أمير المؤمنين

عليه السلام ومواعظه ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله والكلام القصير الخارج في سائر أغراضه

قال عليه السلام: كن في الفتنة كابن اللبون: لا ظهرٌ فيُركَب، ولا ضرعٌ فيُحلَب. وقال عليه السلام: أزرى بنفسه من استشعر الطمع، ورضِيَ بالذُلِّ من كَشَفَ عن ضرِّهِ، وهانت عليه نفسه من أمَّرَ عليها لسانَهُ. وقال عليه السلام: البُخلُ عارٌ، والجُبنٌ منقصة، والفقر يُخرسُ الفَطِنَ عن حُجَّتِهِ، والمُقِلُّ غريبٌ في بلدته، والعجزُ آفةٌ، والصبر شجاعة، والزهد ثروة، والورع جُنَّةٌ. وقال عليه السلام: نِعمَ القرين الرضى، والعلم وارثةٌ كريمةٌ، والآداب حُللٌ مجدَّدةٌ، والفكر مرآةٌ صافية. وقال عليه السلام: صدرُ العاقل صندوق سره، والبشاشة حُبالةُ المودة، والاحتمالُ قبرُ العيوب أو والمسالمة خِباء العيوب، ومن رَضِيَ عن نفسه كَثُرَ الساخط عليه. وقال عليه السلام: الصدقة دواء مُنجِحٌ، وأعمال العباد في عاجِلهم نُصب أعينهم في آجلهم. وقال عليه السلام: اعجبوا لهذا الإنسان ينظر بِحمٍ، ويتكلم بلحمٍ، ويسمع بعظمٍ، ويتنفس من خَرمٍ. وقال عليه السلام: إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه. وقال عليه السلام: خالطوا الناس مخالطة إن مُتم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا إليكم. وقال عليه السلام: إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شُكراً للقدرة عليه. وقال عليه السلام: أعجزُ الناس من عَجَزَ عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم. وقال عليه السلام: إذا وَصَلت إليكم أطراف النعم فلا تُنفروا أقصاها بقلة الشكر. وقال عليه السلام: من ضيعه الأقربُ أتيح له الأبعد. وقال عليه السلام: ما كل مفتون يُعاتَب. وقال عليه السلام: تَذِلُّ الأمور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير.

وسُئِل عليه السلام عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم ' غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود ' فقال عليه السلام: إنما قال صلى الله عليه وآله ذلك والدين قُلٌ، فأما الآن وقد اتسع نطاقه وضَرب بجرائه فامرؤٌ وما اختار.

وقال عليه السلام: في الذين اعتزلوا القتال معه: خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل.

وقال عليه السلام: من جرى في عنان أمَلِهِ عَثَرَ بأجله. وقال عليه السلام: أقيلوا المروءات عثراتهم فما يعثُرُ منهم عاثر إلا ويد الله بيده يرفعه. وقال عليه السلام: قُرِنَتِ الهيبة بالخيبة، والحياء بالحرمان، والفرصة تمر مرَّ السحاب فانتهزوا فرص الخير. وقال عليه السلام: لنا حقٌّ فإن أعطيناه وإلا ركبنا أعجاز الإبل، وإن طال السرى وهذا من لطيف الكلام وفصيحه، ومعناه أنَّا إن لم نعط حقَّنا كُنَّا أذلاء وذلك أن الرديف يركب عجز البعير كالعبد والأسير ومن يجري مجراهما. وقال عليه السلام: من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه. وقال عليه السلام: من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب. وقال عليه السلام: يا ابن آدم إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره. وقال عليه السلام: ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه. وقال عليه السلام: إمش بدائك ما مشى بك. وقال عليه السلام: أفضل الزهد إخفاء الزهد. وقال عليه السلام: إذا كُنت فيإدبارٍ والموت في إقبالٍ فما أسرع الملتقى. وقال عليه السلام: الحذر الحذر، فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر. وسُئِلَ عن الإيمان فقال: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد، والصبر منها على أربع شُعبٍ: على الشوق والشفق والزهد والترقُّب. فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار اجتنب المحرَّمات، ومن زَهِدَ في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين منها على أربع شُعبٍ: على تبصرة الفطنة، وتأوُّلِ الحكمة، وموعظة العبرة، وسُنَّةِ الأولين. فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة، ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان من الأولين. والعدل منها على أربع شُعبٍ: على غائصِ الفَهمِ، وغور العِلمِ، وزهرة الحُكمِ، ورساخة الحِلمِ. فمن فَهِمَ عَلِمَ غورَ العِلمِ، ومن علم غورَ العِلمِ صَدَرَ عن شرائع الحُكمِ، ومن حَلُمَ لم يُفَرِّط في أمره وعاش في الناس حميداً. والجهاد منها على أربع شُعَبٍ: على الأمر بالمعروف، والنهي على المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شدَّ ظهور المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف المنافقين، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شَنِئَ الفاسقين وغَضِبَ لله غَضِبَ الله له وأرضاه يوم القيامة. وقال عليه السلام: الكفر على أربع دعائم: على التعمُّق والتنازُع والزَيغِ والشقاق، فمن تعمَّقَ لم ينب إلى الحق ومن كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق، ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحَسُنَت عنده السيئة وسَكِرَ سُكرَ الضلالة، ومن شاقَّ وَعُرَت عليه طرقه وأعضل عليه أمره، وضاق عليه مخرجه. والشكُّ على أربع شُعبٍ: على التماري والهول والتردد والاستسلام، فمن جعل المراء ديدناً لم يصبح ليله. ومن هابه ما بين يديه نكص على عقبيه، ومن تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين، ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هَلَكَ فيهما وبعد هذا كلامٌ تركنا ذكره خوف الإطالة والخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب. وقال عليه السلام: فاعل الخير خيرٌ منه، وفاعل الشرِّ شرٌّ منه. وقال عليه السلام: كن سمحاً ولا تكن مُبِّراً. وكن مُقَدِّراً ولا تكن مُقَتِّراً. وقال عليه السلام: أشرف الغنى ترك المُنى. وقال عليه السلام: من أسرع إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه بما لا يعلمون. وقال عليه السلام: من أطال الأمل أساء العمل. وقال عليه السلام: وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الأنبار فترجَّلو له واشتدوا بين يديه: ما هذا الذي صنعتموه ؟ فقالوا: خُلُقٌ منَّا نُعظِّمُ به أمراءنا. فقال: والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم. وإنكم لتشقُّون به على أنفسكم في دنياكم وتشقون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، واربح الدعة معها الأمان من النار. وقال عليه السلام لابنه الحسن: يا بني احفظ عني أربعاً وأربعاً لا يضرك ما عملت معهنَّ: أغنى الغنى العقل. وأكبر الفقر الحُمقُ. وأوحش الوحشة العُجبُ. وأكرم الحَسَبِ حُسنُ الخُلُقِ. يا بني إياك ومصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك. وإياك ومصادقة البخيل فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه. وإياك ومصادقة الكذَّاب فإنه كالسراب يُقرِّبُ عليك البعيد ويبعد عليك القريب. وقال عليه السلام: لا قُربة بالنوافل إذا أضرَّت بالفرائض. وقال عليه السلام: لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه وهذا من المعاني العجيبة الشريفة. والمراد به أن العاقل لا يطلق لسانه إلا بعد مشاورة الرويَّة ومؤامرة الفكرة، والأحمق تَسبِقُ حَذَفاتُ لسانه وفلتات كلامه مراجعة فكره ومماخضة رأيه. فكأن لسان العاقل تابع لقلبه، وكأن قلب الأحمق تابعٌ للسانه. وقد روى عنه عليه السلام هذا المعنى بلفظٍ آخر وهو قوله: قلب الأحمق في فِيهِ، ولسان العاقل في قلبه، ومعناهما واحد وقال لبعض أصحابه في علةٍ اعتلها: جعل الله ما كان من شكواك حظاً لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه ولكنه يحط السيئات، ويحُتُّها حتَّ الأوراق. وإنما الأجر في القول باللسان والعمل بالأيدي والأقدام. وإن الله سبحانه يُدخِلُ بصدق النية والسريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنة. وأقول: صدق عليه السلام إن المرض لا أجر فيه، لأنه من قبيل ما يستحق عليه العوض، لأن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد من الآلام والأمراض وما يجري مجرى ذلك، والأجر والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد، فبينهما فرقٌ قد بينه عليه السلام كما يقتضيه علمه الثاقب ورأيه الصائب. وقال عليه السلام في ذكر خَبَّابٍيرحم الله خبَّابَ بن الأرت فلقد اسلم راغباً، وهاجر طائعاً، وقَنِعَ بالكفاف، ورضِيَ عن الله وعاش مجاهداً. وقال عليه السلام: طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب، وقَنِعَ بالكفاف، ورَضِيَ عن الله. وقال عليه السلام: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني. ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني. وذلك أنه قُضِيَ فانقضى على لسان النبيِّ الأميِّ صلى الله عليه وآله أنه قال: ' يا عليُّ لا يبغضُك مؤمن ولا يحبك منافقٌ '. وقال عليه السلام: سيئةٌ تسوءك خيرٌ عند الله من حسنة تعجبك. وقال عليه السلام: قدرُ الرجل على قدر همته. وصدقه على قدر مروءته وشجاعته على قدر أنفته. وعفته على قدر غيرته. وقال عليه السلام: الظفر بالحزم. والحزم بإجالة الرأي. والرأيُ بتحصين الأسرار. وقال عليه السلام: احذروا صولة الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع. وقال عليه السلام: قلوب الرجال وحشية فمن تألفها أقبلت عليه. وقال عليه السلام: عيبُكَ مستورٌ ما أسعدك جَدُّكَ. وقال عليه السلام: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة. وقال عليه السلام: السخاء ما كان ابتداءً، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتذمُّمٌ. وقال عليه السلام: لا غنى كالعقل. ولا فقر كالجهل. ولا ميراث كالأدب ولا ظهير كالمشاورة. وقال عليه السلام: الصبر صبران: صبرٌ على ما تكره، وصبرٌ عما تحب. وقال عليه السلام: الغنى في الغربة وَطنٌ. والفقر في الوطن غُربةٌ. وقال عليه السلام: القناعة مالٌ لا ينفد. وقال عليه السلام: إذا حُيِّيتَ بتحية فحيِّ بأحسن منها، وإذا أُسديَت إليك يدٌ فكافئها بما يُربى عليها، والفضل مع ذلك للبادئ. وقال عليه السلام: المال مادةُ الشهوات. وقال عليه السلام: من حذَّرك كمن بشَّرك. وقال عليه السلام: اللسان سبُعٌ إن خُلِّيَ عنه عقر. وقال عليه السلام: المرأة عقربٌ حلوة اللبسة. وقال عليه السلام: الشفيع جناح الطالب. وقال عليه السلام: أهل الدنيا كركبٍ يسار بهم وهم نيام. وقال عليه السلام: فَقدُ الأحبَّةِ غربة. وقال عليه السلام: فوتُ الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها. وقال عليه السلام: لا تستحِ من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه. وقال عليه السلام: العفاف زينة الفقر. وقال عليه السلام: إذا لم يكن ما تريد فلا تُبَل ما كنت. وقال عليه السلام: لا ترى الجاهل إلا مفرِطاً أو مُفرِّطاً. وقال عليه السلام: إذا تمَّ العقلُ نَقصَ الكلام. وقال عليه السلام: الدهر يُخلِقُ الأبدان، ويُحدِّدُ الآمال، ويُقرِّبُ المنيَّة، ويباعد الأُمنيَّة، من ظفر به نصب، ومن فاته تعب. وقال عليه السلام: من نَصَبَ نفسه للناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره. وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه. ومعلم نفسه ومؤدِّبها أحقُّ بالإجلال من معلم الناس ومؤدِّبهم. وقال عليه السلام: نَفَسُ المرء خطاه إلى أجله. وقال عليه السلام: كلُّ معدودٍ منقضٍ وكل متوقِّعٍ آتٍ. وقال عليه السلام: إن الأمور إذا اشتبهت اعتبر آخرها بأوَّلها. ومن خبر ضرار بن ضمرة الضبابي عند دخوله على معاوية ومسألته له عن أمير المؤمنين، قال: فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وهو قائمٌ في محرابه قابضٌ على لحيته، يتمامل تمامل السليم، ويبكي بكاء الحزين ويقول: يا دنيا يا دنيا إليك عنِّي، أَبِيَ تعرَّضت، أم إليَّ تشوَّقتِ. لا حان حينك. هيهات غرِّي غيري. لا حاجة لي فيك. قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيها. فعيشُك قصيرٌ، وخطركِ يسيرٌ، وأملك حقيرٌ. آه من قلة الزاد، وطول الطرق، وبعد السفر، وعظيم المورد. ومن كلامٍ له عليه السلام للسائل لما سأله أكان مسيرنا إلى الشام بقضاءٍ من الله وقدرٍ بعد كلامٍ طويلٍ مختاره:ويحك لعلك ظننت قضاءً لازماً وقدراً حاتماً. ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد. إن الله سبحانه أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلف يسيراً ولم يكلف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعص مغلوباً، ولم يُطع مُكرهاً، ولم يُرسل الأنبياء لعباً، ولم ينزل الكتب للعباد عبثاً، ولا خلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً ' ذلك ظنُّ الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار '. وقال عليه السلام: خُذ الحكمة أنَّى كانت، فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج في صدره حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن. وقال عليه السلام: الحكمة ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق. وقال عليه السلام: قيمة كلِّ امرئِ ما يحنه وهذه الكلمة التي لا تصاب لها قيمة، ولا توزن بها حكمة، ولا تقرن إليها كلمة. وقال عليه السلام: أوصيكم بخمسٍ لو ضربتم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلاً. لا يرجون أحدٌ منكم إلا ربَّهُ، ولا يخافنَّ إلا ذنبه ولا يستحين أحدٌ إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم. ولا يستحين أحدٌ إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه. وعليكم بالصبر فإن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه. وقال عليه السلام: لرجلٍ أفرط في الثناء عليه وكان له مُتَّهِماً: أنا دون ما تقول وفوق ما في نفسك. وقال عليه السلام: بقيَّة السيف أبقى عدداً وأكثر ولداً. وقال عليه السلام: من ترك قول لا أدري أُصيبت مقاتله. وقال عليه السلام: رأيُ الشيخ أحبُّ إليَّ من جلدِ الغلام وروى من مشهد الغلام. وقال عليه السلام: عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار. وحكى عنه أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام أنه قال: كان في الأرض أمانان من عذاب الله وقد رفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به. أما الأمان الذي رفع فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما الأمان الباقي فالاستغفار قال تعالى: ' وما كان الله ليعذِّبهم وأنت فيهم وما كان معذِّبهم وهم يستغفرون '. وهذا من محاسن الاستخراج ولطائف الاستنباط. وقال عليه السلام: من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس ومن أصلح أمر آخرته اصلح الله له أمر دنياه. ومن كان له من نفسه واعظٌ كان عليه من الله حافظٌ. وقال عليه السلام: الفقيه كلُّ الفقيه من لم يُقنِّط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله. وقال عليه السلام: إن هذه القلوب تملُّ كما تملُّ الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكم. وقال عليه السلام: أوضع العلم ما وقف على اللسان، وارفعه ما ظهر في الجوارح والأركان. وقال عليه السلام: لا يقولنَّ أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لأنه ليس أحدٌ إلا وهو مشتملٌ على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن، فإن الله سبحانه يقول: ' واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة '. ومعنى ذلك أنه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب، لأن بعضهم يحبُّ الذكور ويكره الإناث، وبعضهم يحبُّ تثمير المال ويكره انثلام الحال وهذا من غريب ما سمع منه في التفسير. وسئل عن الخير ما هو ؟ فقال: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت اله، وإن أسأت استغفرت الله، ولا خير في الدنيا إلا لرجلين: رجل أذنب ذنوباً فهو يتداركها بالتوبة، ورجل يسارع إلى الخيرات. وقال عليه السلام: لا يقل عملٌ مع التقوى. وكيف يقلُّ ما يُتقبَّلُ. وقال عليه السلام: إنَّ أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به. ثم تلا ' إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا '. ثم قال: إن وَليَّ محمدٍ من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإنَّ عدوَّ محمدٍ من عصى الله وإن قربت قرابته. وقد سمع رجلاً من الحرورية يتهجد ويقرأ فقال: نومٌ على يقين خيرٌ من صلاةٍ في شكٍّ. وقال عليه السلام: إعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعايةٍ لا عقل روايةٍ فإن رواة العلم كثيرٌ ورعاته قليلٌ. وسمع رجلاً يقول: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، فقال عليه السلام:إن قولنا: إنَّا لله إقرارٌ على أنفسنا بالملك. وقولنا: وإنَّا إليه راجعوه إقرارٌ على أنفسنا بالهلك. ومدحه قومٌ في وجهه فقال: اللهم إنَّك أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلنا خيراً مما يظنون، واغفر لنا ما لا يعلمون. وقال عليه السلام: لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث: باستصغارها لتعظم، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنؤ. وقال عليه السلام يأتي على الناس زمان لا يقرَّبُ فيه إلا الماحل، ولا يُظرَّفُ فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف. يعدُّن الصدقة فيه غُرماً. وصله الرحم منَّاً. والعبادة استطالة على الناس. فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان. ورؤِيَ عليه إزار خَلَقٌ مرفوع فقيل في ذلك فقال: يخشع له القلب، وتذل به النفس، ويقتدي به المؤمنون. وقال عليه السلام: إن الدنيا والآخرة عدوَّان متفاوتان وسبيلان مختلفان فمن أحبَّ الدنيا وتولاها ابغض الآخرة وعاداها. وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماشٍ بينهما، كلما قرب من واحد بعد من الآخر، وهما بعد ضرَّتان.

وعن نوفٍ البكالي قال رأيت أمر المؤمنين عليه السلام ذات ليلة وقد خرج من فراشه فنظر في النجوم، فقال لي يا نوف: أراقد أنت أم رامق فقلت بل رامق يا أمير المؤمنين، قال يا نوف: طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة. أولئك قومٌ اتخذوا الأرض بساطاً، وترابها فراشاً، وماءها طيباً، والقرآن شعاراً، والدعاء دثاراً. ثم قرضوا الدنيا قرضاً على منهاج المسيح. يا نوف إن داود عليه السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبدٌ إلا استجيب له إلا أن يكون عشَّاراً أو عريفاً أو شرطياً أو صاحب عرطبةٍ - وهي الطنبور - أو صاحب كوبةٍ - وهي الطبل - وقد قيل أيضاً: إن العرطبة الطبل، والكوبة الطنبور.

وقال عليه السلام: إن الله افترض عليكم الفرائض فلا تضيعوها، وحد لكم حدوداً فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسياناً فلا تتكلفوها. وقال عليه السلام: لا يترك الناس شيئاً من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أضرُّ منه. وقال عليه السلام: رُبَّ عالمٍ قد قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه. وقال عليه السلام: لقد عُلِّقَ بنياط هذا الإنسان بضعةٌ هي اعجب ما فيه وذلك القلب. وله مواد من الحكمة وأضدادٌ من خلافها. فإن سنح له الرجاء أذلَّه الطمع. وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص. وإن ملكه اليأس قتله السف. وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ وإن أسعده الرضى نَسيَ التحفُّظ. وإن ناله الخوف شغله الحذر. وإن اتَّسع له الأمن استلبته الغِرَّة. وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى. وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع. وإن عضته الفاقة شغله البلاء. وإن جهده الجوع قعد به الضعف. وإن أفرط به الشبع كظَّته البطنة فكلُّ تقصيرٍ به مضرٌّ وكلُّ إفراطٍ له مفسدٌ. وقال عليه السلام: نحن النمرقة الوسطى بها يلحق التالي، وإليها يرجع الغالي. وقال عليه السلام: لا يقيم أمر الله سبحانه إلا من لا يصانع ولا يضارع ولا يتَّبِع المطامع. وقال عليه السلام: وقد توفيَّ سهل بن حنيف الأنصاريُّ بالكوفة بعد مرجعه معه من صفين وكان من أحب الناس إليه لو أحبني جبلٌ لتهافت معنى ذلك أن المحنة تغلظ عليه فتُسرع المصائب إليه، ولا يفعل ذلك إلا بالأتقياء الأبرار والمصطفين الأخيار، وهذا مِثل قوله عليه السلام: من أحبَّنا أهل البيت فليستعدَّ للفقر جلباباً وقد يؤوَّل ذلك على معنى آخر ليس هذا موضع ذكره. وقال عليه السلام: لا مال أعوَدُ من العقل. ولا وحدة أوحش من العجب. ولا عقل كالتدبير. ولا كرم كالتقوى. ولا قرين كحسن الخُلُق. ولا ميراث كالأدب. ولا قائد كالتوفيق. ولا تجارة كالعمل الصالح. ولا ربح كالثواب. ولا ورع كالوقوف عند الشبهة. ولا زهد كالزهد في الحرام. ولا علم كالتفكر. ولا عبادة كأداء الفرائض. ولا إيمان كالحياء والصبر. ولا حَسَبَ كالتواضع. ولا شرف كالعلم ولا مُظاهرة أوثق من المشاورة. وقال عليه السلام: إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجلٌ الظنَّ برجلٍ لم تظهر منه خزيةٌ فقد ظلم. وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله فأحسن رجلٌ الظنَّ برجلٍ فقد غرَّرَ. وقيل له عليه السلام: كيف نجدك يا أمير المؤمنين، فقال عليه السلام: كيف يكون من يفنى ببقائه، ويسقم بصحته، ويؤتى من مأمنه. وقال عليه السلام: كم من مستدرجٍ بالإحسان إليه، ومغرور بالستر عليه. ومفتونٍ بحسن القول فيه. وما ابتلى الله أحداً بمثل الإملاء له. وقال عليه السلام: هلك فيَّ رجلان مُحِبٌّ غالٍ ومبغضٌ قالٍ. وقال عليه السلام: إذاعة الفرصة غُصَّةٌ. وقال عليه السلام: مثل الدنيا كمثل الحية ليِّنٌ مسُّها والسمُّ الناقع في جوفها. يهوي إليها الغرُّ الجاهل ويحذرها ذو اللبِّ العاقل. وسئل عليه السلام: عن قريش فقال: أما بنو مخزومٍ فريحانة قريشٍ نُحِبُّ حديث رجالهم والنكاح في نسائهم. وأما بنو عبد شمسٍ فأبعدهم رأياً وأمنعها لما وراء ظهورهم. وأما نحن فأبذل لما في أيدينا، وأسمح عند الموت بنفوسنا، وهم أكثر وأمكر وأنكر. ونحن أفصح وأنصح وأصبح. وقال عليه السلام: شتَّان ما بين عملين: عملٍ تذهب لذَّتُهُ وتبقى تبعته، وعمل تذهب مؤونته ويبقى أجره. وتبع جنازةً فسمع رجلاً يضحك فقال عليه السلام كأنَّ الموت فيها على غيرنا كُتِبَ. وكأنَّ الحقَّ فيها على غيرنا وجب. وكأنَّ الذي نرى من الأموات سَفرٌ عمَّا قليلٍ إلينا راجعون، نُبَوِّئُهُم أجداثهم ونأكل تراثهم ثمَّ قد نسينا كلَّ واعظٍ وواعظةٍ ورُمينا بكلِّ جائحةٍ. وقال عليه السلام: طوبى لمن ذلَّ في نفسه وطاب كسبه وصلحت سريرته وحسنت خليقته وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من لسانه، وعزل عن الناس شرَّهُ، ووسعته السنَّةُ، ولم ينسب إلى البدعة، ' أقول ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وكذلك الذي قبله '. وقال عليه السلام: غيرةُ المرأة كُفرٌ وغيرةُ الرجلِ إيمانٌ. وقال عليه السلام: لأنسبنَّ الإسلام نسبةً لم ينسبها أحدٌ قبلي. الإسلام هو التسليم. والتسليم هو اليقين. واليقين هو التصديق. والتصديق هو الإقرار. والإقرار هو الأداء. والأداء هو العمل الصالح. وقال عليه السلام: عجبتُ للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغنى الذي إياه طلب. فيعيش في الدنيا عيش الفقراء. ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. وعجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة ويكون غداً جيفةً. وعجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله. وعجبت لمن نَسِيَ الموت وهو يرى الموتى. وعجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى. وعجبت لعامرٍ دار الفناء وتارك دار البقاء. وقال عليه السلام: من قصَّر في العمل ابتُليَ بالهمِّ ولا حاجة لله فيمن ليس لله في ماله ونفسه نصيبٌ. وقال عليه السلام: توقَّوا البرد في أوَّله، وتلقَّوه في آخره فإنه يفعل في الأبدان كفعله في الأشجار. أوَّله يُحرق وآخره يروق. وقال عليه السلام: عِظَمُ الخالق عندك يُصَغِّرُ المخلوق في عينك. وقال عليه السلام: وقد رجع من صفين فأشرف على القبور بظاهر الكوفة يا أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة، والقبور المظلمة. يا أهل التربة. يا أهل الغربة، يا أهل الوحدة يا أهل الوحشة أنتم لنا فرطٌ سابقٌ ونحن لكم تبع لاحقٌ. أما الدور فقد سُكنت. وأما الأزواج فقد نُكحت. وأما الأموال فقد قسمت. هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال: أما لو أُذِنَ لهم في الكلام لأخبروكم أنَّ خير الزاد التقوى. وقال عليه السلام وقد سمع رجلاً يذمُّ الدنيا: أيها الذام للدنيا المغترُّ بغرورها، المخدوع بأباطيلها ثمَّ تذمُّها. أتغترُّ بالدنيا ثمَّ تذمُّها. أنت المتجرِّم عليها أم هي المتجرِّمة عليك ؟ متى استهوتك أم متى غرَّتك ؟ أبمصارع آبائك من البلى ؟ أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى ؟ كم علَّلت بكفَّيك. وكن مرَّضت بيديك. تبغي لهم الشفاء وتستوصف لهم الأطباء. لم ينفع أحدهم إشفاقُك ولم تسعف فيه بطلبتك. ولم تدفع عنهم بقوتك. قد مثَّلت لك به الدنيا نفسك وبمصرعه مصرعك. إن الدنيا دار صدقٍ لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غِنىً لمن تزوَّد منها، ودار موعظةٍ لمن أتعظَ بها. مسجد أحباء الله، ومصلَّى ملائكة الله، ومهبط وحيِ الله ومتجر أولياء الله. اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة. فمن ذا يذمُّها وقد آذنت ببينها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها وأهلها فمثَّلت لهم ببلائها البلاء، وشوقتهم بسرورها إلى السرور راحت بعافيةٍ وابتكرت بفجيعة. ترغيباً وترهيباً، وتخويفاً وتحذيراً، فذمَّها رجال غداة الندامة، وحمدها آخرون يوم القيامة. ذكَّرتهم الدنيا فتذكروا، وحدَّثتهم فصدقوا، ووعظتهم فاتعظوا. وقال عليه السلام: إنَّ لله مَلَكاً يُنادي في كلِّ يومٍ: لدوا للموت، واجمعوا للفناء، وابنوا للخراب. وقال عليه السلام: الدنيا دار ممرٍ إلى دار مقرٍ. والناس فيها رجلان: رجلٌ باع فيها نفسه فأوبقها، ورحل ابتاع نفسه فأعتقها. وقال عليه السلام: لا يكون الصديق صديقاً حتى يحفظ أخاه في ثلاثٍ في نكبته، وغيبته ووفاته. وقال عليه السلام: من أُعطيَ أربعاً لم يُحرم أربعاً: من أُعطِيَ الدُعاء لم يحرم الإجابة ومن أُعطِيَ التوبة لم يحرم القبول، ومن أُعطِيَ الاستغفار لم يحرم المغفرة، ومن أُعطِيَ الشُكر لم يحرم الزيادة وتصديق ذلك كتاب الله تعالى قال الله عزَّ وجلَّ في الدعاء ' أدعوني أستجب لكم ' وقال في الاستغفار ' ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً ' وقال في الشكر ' لئن شكرتم لأزيدنكم ' وقال في التوبة: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريبٍ فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً '. وقال عليه السلام: الصلاة قربان كلِّ تقيٍ. والحج جهادُ كلِّ ضعيفٍ، ولكل شيءٍ زكاةٌ، وزكاة البدن الصيام، وجهاد المرأة حسن التبعل. وقال عليه السلام: استنزلوا الرزق بالصدقة. وقال عليه السلام: من أيقن بالخلف جاد بالعطية. وقال عليه السلام: تنزل المعونة على قدر المؤونة. وقال عليه السلام: ما أعال من اقتصد. وقال عليه السلام: قلة العيال أحد اليسارين والتودُّد نصف العقل. وقال عليه السلام: الهمُّ نصف الهرم. وقال عليه السلام: ينزل الصبر على قدر المصيبة. ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته حبط عمله. وقال عليه السلام: كم من صائمٍ ليس له من صيامه إلا الظمأ. وكم من قائمٍ ليس له من قيامه إلا السهر والعناء. حبذا نوم الأكياس وإفطارهم. وقال عليه السلام: سوسوا إيمانكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء. ومن كلام له عليه السلام لكميل بن زيادٍ النخعي قال كميل بن زيادٍ: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبان، فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها. فاحفظ مني ما أقول لك، الناس ثلاثةٌ: فعالمٌ ربانيٌّ ومتعلِّمٌ على سبيل نجاةٍ، وهمجٌ رعاعٌ أتباع كلِّ ناعقٍ يميلون مع كل ريحٍ، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركنٍ وثيقٍ. يا كميل العلم خيرٌ من المال. والعلم يحرسك وأنت تحرس المال. المال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق، وصنيع المال يزول بزواله. يا كميل العلم دينٌ يدان به. به يكسب الإنسان الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم والمال محكوم عليه. يا كميل هلك خُزَّان الأموال وهم أحياءٌ، والعلماء باقون ما بقي الدهر. أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. ها، إنَّ ههنا لعلماً جماً وأشار إلى صدره لو أصبت له حملةً، بلى أصبت لقناً غير مأمونٍ عليه، مستعملاً آلة الدين للدنيا، ومستظهراً بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقاداً لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشكُّ في قلبه لأول عارضٍ من شبهةٍ. ألا لاذا ولا ذاك، أو منهوماً باللذَّةِ سلس القياد للشهوة، أو مغرماً بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شيءٍ. أقرب شيءٍ بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائمٍ لله بحجةٍ. إما ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلا تبطُل حُجج الله وبيناته. وكم ذا وأين أولئك أولئك والله الأقلون عدداً والأعظمون قدراً. يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعهم نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدانٍ أرواحها معلَّقةٌ بالمحلِّ الأعلى. أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه. آه آه شوقاً إلى رؤيتهم. انصرف إذا شئت. وقال عليه السلام: المرء مخبوءٌ تحت لسانه. وقال عليه السلام: هلك امرؤٌ لم يعرف قدره. وقال عليه السلام: لرجلٍ سأله أن يعظه: لا تكن ممَّن يرجو الآخرة بغير العمل، ويُرَجِّي التوبة بطول الأمل. يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين. إن أُعطيَ منها لم يشبع، وإن مُنعَ منها لم يقنع. يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقيَ ينهي ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي. يُحبُّ الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض المذنبين وهو أحدهم. يكره الموت لكثرة ذنوبه، ويقيم على ما يكره الموت له. إن سقم ظلَّ نادماً، وإن صحَّ أمِنَ لاهياً. يُعجب بنفسه إذا عوفيَ ويقنط إذا ابتلى. إن أصابه بلاءٌ دعا مضطرّاً وإن ناله رخاءٌ اعترض مُغتراً. تغلبه نفسه على ما تظنُّ ولا يغلبها على ما يستيقن. يخاف على غيره بأدنى من ذنبه. ويرجو لنفسه بأكثر من عمله. إن استغنى بَطِرَ وفُتِنَ، وإن افتقر قنط ووهن. يُقصِّرُ إذا عمل، ويبالغ ذا سأل إن عرضت له شهوةٌ أسلف المعصية وسوًَّف التوبة. وإن عرته محنةٌ انفرج عن شرائط الملَّةِ. يصف العبرة ولا يعتبر ويبالغ في الموعظة ولا يتَّعظ. فهو بالقول مُدِلٌّ ومن العمل مقلٌّ. ينافس فيما يفنى، ويسامح فيما يبقى. يرى الغُنمَ مغرماً، والغُرمَ مغنماً. يخشى الموت ولا يبادر الفوت. يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه، ويستكثر من طاعته ما يحقر من طاعة غيره. فهو على الناس طاعنٌ ولنفسه مُداهنٌ. اللغو مع الأغنياء أحبُّ إليه من الذكر مع الفقراء. يحكم على غيره لنفسه ولا يحكم عليها لغيره، ويرشد غيره ويغوي نفسه. فهو يُطاع ويعصي، ويستوفي ولا يوفي، ويخشى الخلق في غير ربه ولا يخشى ربه في خلقه. ولو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الكلام لكفيَ به موعظةً ناجعة وحكمةً بالغةً وبصيرةً لمبصرٍ وعبرةً لناظرٍ مفكِّر. وقال عليه السلام: لكلِّ امرئٍ عاقبةٌ حلوةٌ أو مرةٌ. وقال عليه السلام: لكلِّ مقبلٍ إدبارٍ وما أدبر كأن لم يكن. وقال عليه السلام: لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمان. وقال عليه السلام: الراضي بفعل قومٍ كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخلٍ في باطن إثمان إثم العمل به وإثم الرضى به. وقال عليه السلام: اعتصموا بالذمم في أوتادها. وقال عليه السلام: عليكم بطاعة من لا تُعذرون بجهالته. وقال عليه السلام: قد بصرتم إن أبصرتم، وقد هُديتم إن اهتديتم وأسمعتم إن استمعتم. وقال عليه السلام: عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شرَّه بالإنعام عليه. وقال عليه السلام: من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنَّ من أساء به الظنَّ. وقال عليه السلام: من ملك استأثر. وقال عليه السلام: من استبدَّ برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها. وقال عليه السلام: من كتم سرَّه كانت الخيرة بيده. وقال عليه السلام: الفقر الموت الأكبر. وقال عليه السلام: من قضى حقَّ من لا يقضي حقَّهُ فقد عبده. وقال عليه السلام: لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق. وقال عليه السلام: لا يعاب المرء بتأخير حقَّه إنما يعاب من أخذ ما ليس له. وقال عليه السلام: الإعجاب يمنع من الازدياد. وقال عليه السلام: الأمر قريبٌ، والاصطحاب قليلٌ. وقال عليه السلام: قد أضاء الصبح لذي عينين. وقال عليه السلام: ترك الذنب أهون من طلب التوبة. وقال عليه السلام: كم من أكلةٍ منعت أكلاتٍ. وقال عليه السلام: الناس أعداء ما جهلوا. وقال عليه السلام: من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ. وقال عليه السلام: من أحدَّ سنان الغضب لله قويَ على قتل أشداء الباطل. وقال عليه السلام: إذا هِبتَ أمراً فقع فيه فإن شدَّة توقِّيه أعظم مما تخاف منه. وقال عليه السلام: آلة الرياسة سعة الصدر. وقال عليه السلام: إزجر المسيء بثواب المحسن. وقال عليه السلام: احصد الشرَّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك. وقال عليه السلام: اللجاجة تسلُّ الرأي. وقال عليه السلام: الطمعُ رِقٌ مؤبَّدٌ. وقال عليه السلام: ثمرة التفريط الندامة، وثمرة الحزم السلامة. وقال عليه السلام: لا خير في الصمت عن الحكم كما أنَّه لا خير في القول بالجهل. وقال عليه السلام: ما اختلفت دعوتان إلا كانت إحداهما ضلالةً. وقال عليه السلام: ما شككت في الحقِّ مذ أُريته. وقال عليه السلام: ما كذبت ولا كُذّبتُ ولا ضللت ولا ضُلَّ بي. وقال عليه السلام: للظالمِ البادي غداً بكفِّه عضَّةٌ. وقال عليه السلام: الرحيل وشيكٌ. وقال عليه السلام: من أبدى صفحته للحقِّ هلك. وقال عليه السلام: واعجباه أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة. وروِيَ شعرٌ في هذا المعنى:

فإن كنتَ بِالشورى مَلَكتَ أُمورَهُم

فَكيفَ بِهذا وَالمشيرونَ غُيَّبٌ

وَإن كنتَ بالقربى حَجَجت خصيمهم

فغيرُكَ أولى بالنبيِّ وأقربُ

وقال عليه السلام: إنَّما المرء في الدنيا غَرَضٌ تنتضلُ فيه المنايا، ونهبٌ تُبادره المصائب. ومع كلِّ جرعةٍ شرقٌ، وفي كلِّ أكلةٍ غصصٌ ولا ينال العبد نعمةٍ إلا بفراق أخرى، ولا يستقبل يوماً من عمره إلا بفراق آخر من أجله. فنحن أعوان المنون، وأنفسنا نصب الحتوف فمن أين نرجو البقاء وهذا الليل والنهار لم يرفعا من شيءٍ شرفاً إلا أسرعا الكرَّة في هدم ما بنيا وتفريق ما جمعا. وقال عليه السلام: يا ابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك. وقال عليه السلام: إنَّ للقلوب شهوةً وإقبالاً وإدباراً فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها فإنَّ القلب إذا أُكره عميّ. وكان عليه السلام يقول: متى أشفي غيظي إذا غضبت. أحين أعجز عن الانتقام فيقال لي لو صبرت، أم حين أقدر عليه فيقال لي لو عفوت. وقال عليه السلام: وقد مرَّ بقَذَرٍ على مزبلةٍ: هذا ما بخل به الباخلون. ورويَ في خبرٍ آخر أنَّه قال: هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس. وقال عليه السلام: لم يذهب من مالك ما وعظك. وقال عليه السلام: إنَّ هذه القلوب تملُّ كما تملُّ الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة. وقال عليه السلام: لمَّا سمع قول الخوارج لا حُكمَ إلا لله: كلمة حقٍّ يراد بها باطلٌ. وقال عليه السلام: في صفة الغوغاء: هم الذين إذا اجتمعوا غلبوا، وإذا تفرقوا لم يُعرفوا وقيل بل ما قال عليه السلام: هم الذين إذا اجتمعوا ضرُّوا، وإذا تفرقوا نفعوا فقيل قد عرفنا مضرَّةَ اجتماعهم فما منفعة افتراقهم ؟ فقال: يرجع أصحاب المهن إلى مهنتهم فينتفع الناس بهم، كرجوع البنَّاء إلى بنائه، والنسَّاج إلى منسجه، والخبَّاز إلى مخبزه وأُتيَ بجان ومعه غوغاء فقال: لا مرحباً بوجوه لا تُرى إلا عند كل سوأةٍ. وقال عليه السلام: إنَّ مع كلِّ إنسانٍ ملكين يحفظانه، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وإنَّ الأجل جُنَّةٌ حصينةٌ. وقال عليه السلام وقد قال له طلحة والزبير نبايعك على أنَّ شُركاؤك في هذا الأمر: لا ولكنكما شريكان في القوة والاستعانة، وعونان على العجز والأود. وقال عليه السلام: أيُّها الناس اتقوا الله الذي إن قلتم سمع، وإن أضمرتم علم. وبادروا الموت الذي إن هربتم أدرككم، وإن أقمتم أخذكم، وإن نسيتموه ذكركم. وقال عليه السلام: لا يُزهِّدنَّكَ في المعروف من لا يشكر لك، فقد يشكرك عليه من لا يستمع منه، وقد تُدرك من شُكر الشاكر أكثر مما أضاع الكافر، والله يحب المحسنين. وقال عليه السلام: كلُّ وعاء يضيق بما جُعل فيه إلا وعاء العلم فإنه يتَّسع. وقال عليه السلام: أوَّلُ عِوَضِ الحليم من حلمه إنَّ الناس أنصاره على الجاهل. وقال عليه السلام: إن لم تكن حليماً فَتَحَلَّم فإنَّه قلَّ من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم. وقال عليه السلام: من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم. وقال عليه السلام: لتعطفنَّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها. وتلا عقيب ذلك ' ونريد أن نمنَّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمَّةً ونجعلهم الوارثين '. وقال عليه السلام: اتقوا الله تقيَّة من شمَّرَ تجريداً، وجدَّ تشميراً، وكمَّش في مهلٍ، وبادر عن وجلٍ، ونظر في كرَّة المؤئل وعاقبة المصدر ومغبَّةِ المرجع. وقال عليه السلام: الجود حارس الأعراض. والحلم فدام السفيه. والعفو زكاة الظفر. والسلو عوضك ممَّن غدر. والاستشارة عين الهداية. وقد خاطر من استغنى برأيه. والصبر يناضل الحدثان. والجزع من أعوان الزمان. وأشرف الغنى ترك المُنى. وكم من عقلِ أسيرٍ تحت هوىً أميرٍ ومِنَ التوفيق حفظ التجربة. والمودة قرابةٌ مستفادةٌ. ولا تأمنن ملولاً. وقال عليه السلام: عجب المرء بنفسه أحد حسَّاد عقله. وقال عليه السلام: أغص على القذى والألم ترضَ أبداً. وقال عليه السلام: من لان عوده كثفت أغصانه. وقال عليه السلام: الخلاف يهدم الرأي. وقال عليه السلام: من نال استطال. وقال عليه السلام: في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال. وقال عليه السلام: حسد الصديق من سقم المودة. وقال عليه السلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع. وقال عليه السلام: ليس من العدل القضاء على الثقة بالظنِّ. وقال عليه السلام: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد. وقال عليه السلام: من أشرف أعمال الكريم غفلته عمَّا يعلم. وقال عليه السلام: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. وقال عليه السلام: بكثرة الصمت تكون الهيبة، وبالنصفة يكثر المواصلون، وبالإفضال تعظم الأقدار، وبالتواضع تتمُّ النعمة، وباحتمال المؤن يحب السودد، وبالسيرة العادلة يقهر المناوي، وبالحلم عن السفيه تكثر الأنصار عليه. وقال عليه السلام: العجب لغفلة الحسَّاد عن سلامة الأجساد. وقال عليه السلام: الطامع في وثاق الذلِّ. وسئل عن الإيمان فقال: الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعملٌ بالأركان. وقال عليه السلام: من أصبح على الدنيا حزيناً فقد أصبح لقضاء الله ساخطاً. ومن أصبح يشكو مصيبةً نزلت به فقد اصبح يشكو ربه. ومن أتى غنياً لغناه ذهب ثلثا دينه. ومن قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزواً. ومن لهج قلبه بحبِّ الدنيا التاط قلبه منها بثلاث: همٍّ لا يغبُّهُ، وحرصٍ لا يتركه، وأملٍ لا يدركه. وقال عليه السلام: كفى بالقناعة ملكاً، وبحسن الخلق نعيماً. وسئل عليه السلام عن قوله تعالى ' فلنحيينَّه حياة طيبة ' فقال: هي القناعة. وقال عليه السلام: شاركوا الذي قد أقبل عليه الرزق فإنه أخلق للغنى وأجدر بإقبال الحظِّ عليه. وقال عليه السلام: في قوله تعالى ' إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان': العدلُ الإنصاف، والإحسان التفضُّلُ. وقال عليه السلام: من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة أقول ومعنى ذلك إنَّ ما ينفقه المرء من ماله في سبيل الخير والبرِّ وإن كان يسيراً فإنَّ الله تعالى يجعل الجزاء عليه عظيماً كثيراً، واليدان ههنا عبارتان عن النعمتين، ففرق عليه السلام بين نعمة العبد ونعمة الربِّ فجعل تلك قصيرةً وهذه طويلةً لأن نِعَم الله أبداً تضعف على نِعَم المخلوق أضعافاً كثيرةً إذ كانت نِعَم الله أصل النِعَم كلِّها. فكلُّ نعمة إليها ترجع ومنها تنزع. وقال عليه السلام لابنه الحسن عليهما السلام: لا تدعوَنَّ إلى مبارزةٍ وإن دُعيت إليها فأجب فإنَّ الداعي باغٍ والباغي مصروعٌ. وقال عليه السلام: خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو والجبن والبخل فإذا كانت المرأة مزهوة لم تُمكِّن من نفسها. وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها. وإذا كانت جبانة فّرِقَت من كلِّ شيءٍ يَعرضُ لها. وقيل له عليه السلام: صف لنا العاقل فقال عليه السلام: هو الذي يضع الشيء مواضعه فقيل فصف لنا الجاهل فقال: قد فعلت يعني أنَّ الجاهل هو الذي لا يضع الشيء مواضعه فكأنَّ ترك صفته صفةٌ له إذ كان بخلاف وصف العاقل. وقال عليه السلام: والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزيرٍ في يد مجذوم. وقال عليه السلام: إنَّ قوماً عبدوا الله فتلك عبادة التجَّار، وإنَّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد، وإنَّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار. وقال عليه السلام: المرأة شرٌّ كلها وشرُّ ما فيها أنه لا بد منها. وقال عليه السلام: من أطاع التواني ضيَّعَ الحقوق، ومن أطاع الواشي ضيَّع الصديق. وقال عليه السلام: الحجر الغصيب في الدار رهنٌ على خرابها ويروي هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عجب أن يشتبه الكلامان لأنَّ مستقاهما من قليب ومفرغهما من ذنوبٍ. وقال عليه السلام: يوم المظلوم على الظالم أشدُّ من يوم الظالم على المظلوم. وقال عليه السلام: اتَّقِ الله بعض التقى وإن قلَّ، واجعل بينك وبيم الله ستراً وإن رقَّ. وقال عليه السلام: إذا ازدحم الجواب خفِيَ الصواب. وقال عليه السلام: إنَّ لله في كلِّ نعمةٍ حقَّاً فمن أدَّاه زاده منها، ومن قصَّر عنه خاطر بزوال نعمته. وقال عليه السلام: إذا كثرت المقدرة قلت الشهوة. وقال عليه السلام: احذروا نفار النِعَمِ فما كلُّ شاردٍ بمردودٍ. وقال عليه السلام: الكرم أعطف من الرَحِمِ. وقال عليه السلام: من ظنَّ بك خيراً فصدِّق ظنه. وقال عليه السلام: أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه. وقال عليه السلام: عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم وحلِّ العقود. وقال عليه السلام: مرارة الدنيا حلاوة الآخرة، وحلاوة الدنيا مرارة الآخرة. وقال عليه السلام: فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك، والصلاة تنزيهاً عن الكبر، والزكاة تسبيباً للرزق، والصيام ابتلاء لإخلاص الخلق، والحج تقربةً للدين، والجهاد عزّاً للإسلام، والأمر بالمعروف مصلحة للعوامِّ، والنهي عن المنكر ردعاً للسفهاء، وصلة الرحم منماةً للعدد، والقصاص حقناً للدماء، وإقامة الحدود إعظاماً للمحارم وترك شرب الخمر تحصيناً للعقل، ومجانبة السرقة إيجاباً للعفَّة، وترك الزنا تحصيناً للنسب، وترك اللواط تكثيراً للنسل، والشهادة استظهاراً على المجاحدات، وترك الكذب تشريفاً للصدق، والسلام أماناً من المخاوف، والأمانات نظاماً للأمة، والطاعة تعظيماً للإمامة. وكان عليه السلام يقول: أحلفوا الظالم إذا أردتم يمينه بأنَّه بريٌْ من حول الله وقوَّته، فإنَّه إذا حلف بها كاذباً عوجلَ العقوبة، وإذا حلف بالله الذي لا إله إلا هو لم يعاجل لأنَّه قد وحد الله تعالى. وقال عليه السلام: يا ابن آدم كن وصيَّ نفسك في مالك واعمل فيه ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك. وقال عليه السلام: الحدة ضربٌ من الجنون لأنَّ صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكمٌ. وقال عليه السلام: صحَّة الجسد من قلَّة الحسد. وقال عليه السلام: يا كميل مر أهلك أن يروحوا في كسب المحارم، ويدلجوا في حاجةٍ من هو نائم فو الذي وسع سمعه الأصوات ما من أحدٍ أودع قلباً سروراً إلا وخلق الله له من ذلك السرور لطفاً، فإذا نزلت به نائبةٌ جرى إليها كالماء في انحداره حتى يطردها عنه كما تطرد غريبة الإبل. وقال عليه السلام: إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة. وقال عليه السلام: الوفاء لأهل الغدر غدرٌ عند الله، والغدر بأهل الغدر وفاءٌ عند الله. وقال عليه السلام: كم من مستدرج بالإحسان إليه، ومغرور بالستر عليه، ومفتون بحسن القول فيه. ما ابتلى الله سبحانه أحداً بمثل الإملاء له وقد مضى هذا الكلام فيما تقدَّم إلا أن فيه ههنا زيادة مفيدة.

فصلٌ نذكر فيه شيئاً عن اختيار

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي