نهج البلاغة/غريب كلامه المحتاج إلى التفسير

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

غريب كلامه المحتاج إلى التفسير

غريب كلامه المحتاج إلى التفسير - نهج البلاغة

غريب كلامه المحتاج إلى التفسير في حديثه عليه السلام: فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف. اليعسوب: السيد العظيم المالك لأمور الناس يومئذٍ، والقزع: قطع الغيم التي لا ماء فيها. وفي حديثه عليه السلام: هذا الخطيب الشحشح يريد الماهر في الخطبة الماضي فيها، وكلُّ ماضٍ في كلامٍ أو سيرٍ فهو شَحشحٌ، والشحشح في غير هذا الموضع البخيل الممسك. وفي حديثه عليه السلام: إنَّ للخصومة قحماً يريد بالقحم المهالك لأنّها تقحم أصحابها في المهالك والمتالف في الأكثر، ومن ذلك قحمة الأعراب وهو أن تصيبهم السنة فتتعرَّق أموالهم فذلك تقحُّمها فيهم. وقيل فيه وجهٌ آخر وهو أنَّها تقحمهم بلاد الريف أي تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو. وفي حديثه عليه السلام: إذا بلغ النساء نصَّ الحقاق فالعصبة أولى والنص منتهى الأشياء ومبلغ أقصاها كالنصَّ في السير لأنه أقصى ما تقدر عليه الدابَّة، وتقول نصصت الرجل عن الأمر إذا استقصيت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فيه. فنصُّ الحقاق يريد به الإدراك لأنَّه منتهى الصغر والوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حدِّ الكبير. وهو من أفصح الكنايات عن هذا الأمر، فإذا بلغ النساء ذلك فالعصبة أولى بالمرأة من أمها إذا كانوا محرماً مثل الأخوة والأعمام وبتزويجها إن أرادوا ذلك. والحقاق محاقَّة الأم للعصبة في المرأة وهو الجدال والخصومة وقول كلِّ واحدٍ منهما للآخر أنا أحقُّ منك بهذا، يقال منه حاققته حقاقاً مثل جادلته جدالاً. وقد قيل إنًَّ نصَّ الحقاق بلوغ العقل وهو الإدراك لأنَّه عليه السلام أراد منتهى الأمر الذي تجب فيه الحقوق والأحكام. ومن رواه نصَّ الحقائق فإنما أراد جمع حقيقةٍ. هذا معنى ما ذكره أبو عبيدٍ. والذي عندي أن المراد بنصِّ الحقاق ههنا بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها وتصرُّفها في حقوقها، تشبيهاً بالحقاق من الإبل وهي جمع حقَّةٍ وحقٍّ وهو الذي استكمل ثلاث سنين ودخل في الرابعة، وعند ذلك يبلغ إلى الحدِّ الذي يتمكن فيه من ركوب ظهره ونصِّه في السير. والحقائق أيضاً جمع حقَّةٍ. فالروايتان جميعاً ترجعان إلى معنىً واحدٍ، وهذا أشبه بطريقة العرب من المعنى المذكور. وفي حديثه عليه السلام: إنَّ الإيمان يبدو لمظةً في القلب كلما ازداد الإيمان ازدادت اللمظة واللمظة مثل النُكتة أو نحوها من البياض. ومنه قيل فرسٌ ألمظ إذا كان بجحفلته شيءٌ من البياض. وفي حديثه عليه السلام: إنَّ الرجل ذا كان له الدين الظنون يجب عليه أن يزكيه لما مضى إذا قبضه فالظنون الذي لا يعلم صاحبه أيقبضه من الذي هو عليه أم لا، فكأنَّه الذي يظنُّ به فمرةً يرجوه ومرةً لا يرجوه. وهذا من أفصح الكلام. وكذلك كلُّ أمرٍ تطلبه ولا تدري على أيِّ شيءٍ أنت منه فهو ظنونٌ. وعلى ذلك قول الأعشى:

ما يُجعلُ الجُدُّ الظنونُ الذي

جُنِّبَ صَوبَ اللجَبِ الماطِرِ

مِثلَ الفُراتِيِّ إذا ما طَما

يقذِفُ بالبوصيِّ والماهِرِ

والجُدُّ: البِئرُ. والظنونُ التي لا يعلم هل فيها ماءٌ أم لا. وفي حديثه عليه السلام: أنَّه شيَّعََ جيشاً يُغزيه فقال: أعذبوا عن النساء ما استطعتم ومعناه اصدفوا عن ذكر النساء وشغل القلب بهن، وامتنعوا من المقاربة لهنَّ لأن ذلك يفتُّ في عضد الحمية ويقدح في معاقد العزيمة، ويكسر عن العدو، ويلفت عن الإبعاد في الغزو. وكلُّ من امتنع من شيءٍ فقد أعذب عنه. والعاذب والعذوب الممتنع من الأكل والشرب. وفي حديثه عليه السلام: كالياسر الفالج ينتظر أوَّل فوزةٍ من قداحه الياسرون هم الذين يتضاربون بالقداح على الجزور. والفالج القاهر الغالب. يقال قد فلح عليهم وفلجهم. وقال الراجز:

لما رأيت فالجا قد فلجا.

وفي حديثه عليه السلام: كُنَّا إذا احمرَّ البأس اتَّقينا برسول الله صلى الله عليه وآله فلم يكن منا أقرب إلى العدو منه ومعنى ذلك أنَّه إذا عظم الخوف من العدو واشتدَّ عضاض الحرب فزع المسلمون إلى قتال رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه فينزل الله عليهم النصر به ويأمنون مما كانوا يخافونه بمكانه. وقال عليه السلام: إذا احمَّ البأس كناية عن اشتداد الأمر. وقد قيل في ذلك أقوالٌ أحسنها أنَّه شبَّه حمى الحرب بالنار التي تجمع الحرارة والحمرة بفعلها ولونها، ومما يقوِّي ذلك قول الرسول صلى الله عليه وآله وقد رأى مجتلد الناس يوم حنينٍ وهي حرب هوازن ' حميَ الوطيس ' فالوطيس مستوقد النار، فشبه رسول الله صلى الله عليه وآله ما استحرَّ من جلادِ القوم باحتدام النارِ وشدَّة التهابها. انقضى هذا الفصل ورجعنا إلى سنن الغرض الأول في هذا الباب. وقال عليه السلام لمَّ بلغه إغارة أصحاب معاوية على الأنبار فخرج بنفسه ماشياً حتى أتى النخيلة فأدركه الناس وقالوا يا أمير المؤمنين نحن نكفيكهم. فقال عليه السلام: والله ما تكفونني أنفسكم فكيف تكفونني غيركم. إن كانت الرعايا قبلي لتشكو حيف رعاتها، وإنني اليوم لأشكو حيف رعيتي، كأنني المقود وهم القادة، أو الموزوع وهو الوزعة فلما قال عليه السلام هذا القول، في كلامٍ طويلٍ قد ذكرنا مختاره في جملة الخُطب، تقدم إليه رجلان من أصحابه فقال أحدهما: إنِّي لا أملك إلا نفسي وأخي فمرنا بأمرك يا أمير المؤمنين ننفذ لهقال عليه السلام: وأين تقعان مما أريد. وقيل إنَّ الحارث بن حوتٍ أتاه فقال: أتراني أظنُّ أصحاب الجمل كانوا على ضلالةٍفقال عليه السلام: يا حارث إنَّك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت إنَّك لم تعرف الحقَّ فتعرف أهله، ولم تعرف الباطل فتعرف من أتاه. فقال الحارث: فإنِّي أعتزل مع سعيد بن مالك وعبد الله بن عمر. فقال عليه السلام: إنَّ سعيداً وعبد الله بن عمر لم ينصرا الحقَّ ولم يخذلا الباطل. وقال عليه السلام: صاحب السلطان كراكب الأسد يغبط بموقعه وهو أعلم بموضعه. وقال عليه السلام: أحسنوا في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم. وقال عليه السلام: إنَّ كلام الحكماء إذا كان صواباً كان دواءً، وإذا كان خطأً كان داءً. وسأله رجلٌ أن يعرفه الإيمان فقال عليه السلام: إذا كان الغد فأتني حتى أخبرك على أسماع الناس، فإن نسيت مقالتي حفظها عليك غيرك، فإن الكلام كالشاردة ينقفها هذا ويخطئها هذا. وقد ذكرنا ما أجابه به فيما تقدَّم من هذا الباب وهو قوله الإيمان على أربع شبٍ. وقال عليه السلام: يا ابن آدم لا تحمل همَّ يومك لم يأتك على يومك الذي قد أتاك، فإنَّه إن يكُ من عمرك يأت الله فيه برزقك. وقال عليه السلام: أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما. وقال عليه السلام: الناس للدنيا عاملان: عاملٌ عمل للدنيا قد شغلته دنياه عن آخرته يخشى على من يخلفه الفقر ويأمنه على نفسه فيفنى عمره في منفعة غيره، وعامل عمل في الدنيا لما بعدها فجاءه الذي له من الدنيا بغير عملٍ، فأحرز الحظين معاً، وملك الزادين جميعاً، فأصبح وجيهاً عند الله لا يسأل الله حاجة فيمنعه. ورويَ أنَّه ذُكر عند عمر بن الخطاب في أيامه حَليُ الكعبة وكثرته، فقال قومٌ لو أخذته فجهَّزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر، وما تصنع الكعبة بالحليِ فهم عمر بذلك، وسأل أمير المؤمنين عليه السلام. فقال عليه السلام: إنَّ القرآن أنزل على النبي صلى الله عليه وآله والأموال أربعةٌ: أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض، والفيء فقسمه على مستحقيه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها. وكان حَليُ الكعبة فيها يومئذٍ، فتركه الله على حاله ولم يتركه نسياناً، ولم يخف عليه مكاناً فأقرَّه حيث أقرَّه الله ورسوله. فقال له عمر: لولاك لافتضحنا، وترك الحليًَ بحاله. ورويَ أنَّه عليه السلام رُفِعَ إليه رجلان سرقا من مال الله: أحدهما عبدٌ من مال الله، والآخر من عروض الناس فقال عليه السلام: أما هذا فهو من مال الله ولا حدَّ عليه. مال الله أكل بعضه بعضاً، وأما الآخر فعليه الحدُّ فقطَعَ يده. وقال عليه السلام: لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيَّرت أشياء. وقال عليه السلام: اعلموا علماً يقيناً أنَّ الله لم يجعل للعبد وإن عظمت حيلته واشتدت طلبته وقويت مكيدته أكثر مما سمَّى له في الذكر الحكيم، ولم يحل بين العبد في ضعفه وقلَّة حيلته وبين أن يبلغ ما سمَّى له في الذكر الحكيم. والعارف لهذا العامل به أعظم الناس راحة في منفعةٍ. والتارك له الشاكُّ فيه أعظم الناس شغلاً في مضرةٍ. ورُبَّ منعمٍ عليه مُستَدرجٌ بالنعمى، ورُبَّ مبتلىً مصنوعٌ له بالبلوى. فزد أيُّها المستمع في شكرك، وقصِّر من عجلتك، وقف عند منتهى رزقك. وقال عليه السلام: لا تجعلوا علمكم جهلاً ويقينكم شكاً إذا علمتم فاعملوا، وإذا تيقنتم فأقدموا. وقال عليه السلام: إنَّ الطمع موردٌ غير مصدرٍ، وضامنٌ غير وفيٍّ، وربما شرق شارب الماء قبل ربِّه، وكلَّما عظم قدر الشيء المتنافس فيه عظمت الرزيَّة لفقده. والأماني تعمي أعين البصائر. والحظ يأتي من لا يأتيه. وقال عليه السلام: اللهم إنِّي أعوذ بك أن تحسن في لامعة العيون علانيتي وتقبح فيما أُبطن لك سريرتي، محافظاً على رئاء الناس من نفسي بجميع ما أنت مطَّلعٌ عليه منِّي، فأُبدي للناس حُسن ظاهري وأُفضي إليك بسوء عملي تقرباً إلى عبادك، وتباعداً من مرضاتك. وقال عليه السلام: لا والذي أمسينا منه في غبر ليلةٍ دهماء تكشر عن يومٍ أعرَّ ما كان كذا وكذا. وقال عليه السلام: قليلٌ تدوم عليه أرجى من كثير مملولٍٍ. وقال عليه السلام: إذا أضرَّت النوافل بالفرائض فارفضوها. وقال عليه السلام: من تذكَّر بُعدَ السفر استعدَّ. وقال عليه السلام: ليست الرويَّة كالمعاينة مع الإبصار فقد تكذب العيون أهلها ولا يغش العقل من استنصحه. وقال عليه السلام: بينكم وبين الموعظة حجاب من الغرَّةِ. وقال عليه السلام: جاهلكم مزدادٌ وعالمكم مسوِّفٌ. وقال عليه السلام: قطع العلم عذر المتعلِّلين. وقال عليه السلام: كلٌّ معاجلٌ يسأل الإنظار وكلٌّ مؤجِّلٌ يتعلَّلُ بالتسويف. وقال عليه السلام: ما قال الناس لشيءٍ طوبى له إلا وقد خبأ له الدهر يوم سوءٍ. وسئل عن القدر فقال: طريقٌ مظلمٌ فلا تسلكوه، وبحرٌ عميقٌ فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلَّفوه. وقال عليه السلام: إذا أرذل الله عبداً حظر عليه العلم. وقال عليه السلام: كان لي فيما مضى أخٌ في الله، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، وكان خارجاً من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد، وكان أكثر دهره صامتاً، فإن قال بدَّ القائلين ونقع غَلِما السائلين، وكان ضعيفاً مستضعفاً. فإن جاء الجدُّ فهو ليث غابٍ وصلُّ وادٍ، لا يدلي بحجةٍ حتى يأتي قاضياً. وكان لا يلوم أحداً على ما يجد العذر في مثله حتى يسمع اعتذاره، وكان لا يشكو وجعاً إلا عند برئه. وكان يفعل ما يقول ولا يقول ما لا يفعل. وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت. وكان على ما يسمع أحرص منه على أن يتكلَّم. وكان إذا بدهه أمران نظر أيهما أقرب إلى الهوى فخالفه. فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها، فإن لم تستطيعوها فاعلموا أنَّ أخذ القليل خيرٌ من ترك الكثير. وقال عليه السلام: لو لم يتوعَّد الله على معصيته لكان يجب أن لا يعصى شكراً لنعمه. وقال عليه السلام وقد عزَّى الأشعث بن قيس عن ابنٍ له: يا أشعث إن تحزن على ابنك فقد استحقت ذلك منك الرحم. وإن تصبر ففي الله من كلِّ مصيبةٍ خلفٌ. يا أشعث إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور. وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور. ابنك سرَّك وهو بلاءٌ وفتنةٌ، وحزنك وهو ثواب ورحمةٌ. وقال عليه السلام على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله ساعة دُفِن:إنَّ الصبر لجميلٌ إلا عنك، وإنَّ الجزع لقبيح إلا عليك، وإنَّ المُصاب بك لجليل، وإنَّه قبلك وبعدك لجللٌ. وقال عليه السلام: لا تصحب المائق فإنَّه يزين لك فعله ويودُّ أن تكون مثله. وقد سُئل عن مسافة ما بين المشرق والمغرب فقال عليه السلام: مسيرة يومٍ للشمس. وقال عليه السلام: أصدقاؤك ثلاثةٌ، وأعداؤك ثلاثةٌ، فأصدقاؤك صديقك وصديق صديقك وعدوُّ عدوِّك، وأعداؤك عدوُّك وعدوُّ صديقك وصديق عدوَّك. وقال عليه السلام: لرجلٍ رآه يسعى على عدوٍ له بما فيه إضرارٌ بنفسه:إنَّما أنت كالطاعن نفسه ليقتل ردفه. وقال عليه السلام: ما أكثر العبر وأقلَّ الاعتبار. وقال عليه السلام: من بالغ في الخصومة أثِم، ومن قصَّر فيها ظُلِم ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم. وقال عليه السلام: ما أهمَّني ذنبٌ أُمهلت بعده حتى أُصلِّي ركعتين. وسئل عليه السلام: كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم فقال: يرزقهم على كثرتهم. فقيل كيف يحاسبهم ولا يرونه. قال عليه السلام: كما يرزقهم ولا يرونه. وقال عليه السلام: رسولك ترجمان عقلك، وكتابك أبلغ ما ينطق عنك. وقال عليه السلام: ما المبتلى الذي قد اشتدَّ به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء. وقال عليه السلام: الناس أبناء الدنيا، ولا يلام الرجل على حبِّ أمه. وقال عليه السلام: إن المسكين رسول الله فمن منعه فقد منع الله، ومن أعطاه فقد أعطى الله. وقال عليه السلام: ما زنى غيورٌ قط. وقال عليه السلام: كفى بالأجل حارساً. وقال عليه السلام: ينام الرجل على الثكل ولا ينام على الحرب ومعنى ذلك أنَّه يصبر على قتل الأولاد ولا يصبر على سلب الأموال. وقال عليه السلام: مودَّة الآباء قرابةٌ بين الأبناء والقرابة إلى المودَّة أحوج من المودَّة إلى القرابة. وقال عليه السلام: اتَّقوا ظنون المؤمنين فإنَّ الله تعالى جعل الحقَّ على ألسنتهم. وقال عليه السلام: لا يصدق إيمان عبدٍ حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده. وقال عليه السلام لأنس بن مالك وقد كان بعثه إلى طلحة والزبير لمَّا جاء إلى البصرة يذكِّرهما شيئاً سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله في معناهما فلوى عن ذلك فرجع إليه فقال: إنِّي أُنسيت ذلك الأمر. فقال عليه السلام: إن كنت كاذباً فضربك اله بها بيضاء لامعة لا تواريها العمامة عني البرص، فأصاب أنساً هذا الداء فيما بعد في وجهه فكان لا يُرى إلا مبرقعاً. وقال عليه السلام: إنَّ للقلوب إقبالاً وإدباراً فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض. وقال عليه السلام: وفي القرآن نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم. وقال عليه السلام: ردُّوا الحجر من حيث جاء فإنَّ الشرَّ لا يدفعه إلا الشرُّ. وقال عليه السلام لكاتبه عبيد الله بن رافع: ألقِ دواتك، وأطل جلفة قلمك، وفرِّج بين السطور وقرمط بين الحروف فإنَّ ذلك أجدر بصباحة الخطِّ. وقال عليه السلام: أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الفجار ومعنى ذلك أنَّ المؤمنين يتبعونني والفجار يتبعون المال كما تتَّبِع النحل يعسوبها وهو رئيسها. وقال له بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه. فقال عليه السلام له: إنَّما اختلفنا عنه لا فيه ولكنكم ما جفَّت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم 'اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهةٌ قال إنَّكم قومٌ تجهلون '. وقيل له بأيِّ شيءٍ غلبت الأقران ؟فقال عليه السلام: ما لقيت رجلاً إلا أعانني على نفسه يومئ بذلك إلى تمكن هيبته في القلوب. وقال عليه السلام لابنه محمَّد بن الحنفية: يا بنيَّ إنِّي أخاف عليك الفقر فاستعذ بالله منه فإنَّ الفقر منقصةٌ للدين مدهشةٌ للعقل، داعيةٌ للمقت. وقال عليه السلام لسائل سأله عن معضلةٍ: سل تفقُّهاً ولا تسأل تعنُّتاً، فإنَّ الجاهل المتعلِّم شبيهٌ بالعالم، وإنَّ العالم المتعسِّف شبيهٌ بالجاهل المتعنِّت. وقال عليه السلام لعبد الله بن عباس وقد أشار عليه في شيءٍ لم يوافق رأيه عليه السلام: لك أن تشير عليَّ وأرى، فإن عصيتك فأطعني. ورويَ أنَّه عليه السلام لما ورد الكوفة قادماً من صفِّين مرَّ بالشباميِّين فسمع بكاء النساء على قتلى صفِّين، وخرج إليه حرب بن شرحبيل الشباميُّ وكان من وجوه قومه فقال عليه السلام له: تغلبكم نساؤكم على ما أسمع، ألا تنهونهنَّ عن هذا الرنين وأقبل يمشي معه وهو عليه السلام راكبٌ فقال عليه السلام له: ارجع فإنَّ مشيَ مثلك مع مثلي فتنةٌ للوالي ومذلةٌ للمؤمن. وقال عليه السلام وقد مرَّ بقتلى الخوارج يوم النهروان: بؤساً لكم لقد ضرَّكم من غرَّكم فقيل له من غرَّهم يا أمير المؤمنين فقال: الشيطان المضلُّ والأنفس الأمارة بالسوء غرَّتهم بالأماني وفسحت لهم بالمعاصي، ووعدتهم الإظهار فاقتحمت بهم النار. وقال عليه السلام: اتقوا معاصي الله في الخلوات فإنَّ الشاهد هو الحاكم. وقال عليه السلام لمَّا بلغه محمَّد بن أبي بكر: إنَّ حُزننا عليه على قدر سرورهم به، إلا أنَّهم نقصوا بغيضاً ونقصنا حبيباً. وقال عليه السلام: العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة. وقال عليه السلام: ما ظفر من ظفر الإثم به، والغالب بالشرِّ مغلوب. وقال عليه السلام: إنَّ الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقيرٌ إلا بما مُتِّعَ به غنيٌ والله تعال سائلهم عن ذلك. وقال عليه السلام: الاستغناء عن العذر أعزُّ من الصدق به. وقال عليه السلام: أقلُّ ما يلزمكم لله أن تستعينوا بنعمه على معاصيه. وقال عليه السلام: إنَّ الله سبحانه جعل الطاعة غنيمة الأكياس تفريط العجزة. وقال عليه السلام: السلطان وزعة الله في أرضه. وقال عليه السلام في صفة المؤمن: المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه. أوسع شيءٍ صدراً، وأذلُّ شيءٍ نفساً. يكره الرفعة، ويشنؤ السمعة. طويلٌ غمُّه. بعيدٌ همُّه. كثيرٌ صمته. مشغولٌ وقته. شكورٌ صبورٌ. مغمورٌ بفكرته. صنينٌ بخلَّته سهل الخليقة لين العريكة. نفسه أصلب من الصلد وهو أذلُّ من العبد. وقال عليه السلام: لو رأى العبد الأجل ومصيره لأبغض الأمل وغروره. وقال عليه السلام: لكلِّ امرئٍ في ماله شريكان: الوارث والحوادث. وقال عليه السلام: الداعي بلا عملٍ كالرامي بلا وترٍ. وقال عليه السلام: العلم علمان: مطبوعٌ ومسموعٌ، ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع. وقال عليه السلام: صواب الرأي بالدول يقبل بإقبالها ويذهب بذهابها. وقال عليه السلام: العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى. وقال عليه السلام: يوم العدل على الظالم أشدُّ من يوم الجور على المظلوم. وقال عليه السلام: الأقاويل محفوظةٌ، والسرائر مبلوَّةٌ و ' كلُّ نفسٍ بما كسبت رهينةٌ '. والناس منقوصون مدخولون إلا من عصم الله. سائلهم متعنِّتٌ، ومجيبهم متكلِّفٌ. يكاد أفضلهم رأياً يردُّه عن فضل رأيه الرضى والسخط، ويكاد أصلبهم عوداً تنكؤه اللحظة وتستحيله الكلمة الواحدة. معاشر الناس اتقوا الله فكم من مؤمِّلٍ ما لا يبلغه، وبانٍ ما لا يسكنه، وجامعٍ ما سوف يتركه. ولعله من باطلٍ جمعه، ومن حقٍّ منعه. أصابه حراماً، واحتمل به آثاماً، فناء بوزره، وقدم على ربِّه آسفاً لاهفاً قد ' خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين '. وقال عليه السلام: من العصمة تعذُّر المعاصي. وقال عليه السلام: ماء وجهك جامدٌ يقطره السؤال فانظر عند من تقطره. وقال عليه السلام: الثناء بأكثر من الاستحقاق ملقٌ والتقصير عن الاستحقاق عيٌّ وحسدٌ. وقال عليه السلام: اشدُّ الذنوب ما استهان به صاحبه. وقال عليه السلام: من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره. ومن رضيَ برزق الله لم يجزن على ما فاته. ومن سلَّ سيف البغي قُتِلَ به. ومن كابد الأمور عطب. ومن اقتحم اللجج غرق. ومن دخل مداخل السوء اتُّهم. ومن كثر كلامه كثر خطؤه. ومن كثر خطؤه قلَّ حياؤه. ومن قلَّ حياؤه قلَّ ورعه مات قلبه. ومن مات قلبه دخل النار. ومن نظر في عيوب الناس فأنكرها ثمَّ رضيها لنفسه فذاك الأحمق بعينه والقناعة مالٌ لا ينفد، ومن اكثر من ذكر الموت رضيَ من الدنيا باليسير. ومن علم أن كلامه من عمله قلَّ كلامه إلا فيما يعنيه. وقال عليه السلام: للظالم من الرجال ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، ومن دونه بالغلبة، ويظاهر القوم الظلمة. وقال عليه السلام: عند تناهي الشدَّة تكون الفرجة. وعند تضايق حلق البلاء يكون الرخاء. وقال عليه السلام لبعض أصحابه: لا تجعلنَّ أكثر شغلك بأهلك وولدك، فإن يكن أهلك وولدك أولياء الله فإن الله لا يضع أولياءه ؟ وإن يكونوا أعداء الله فما همُّك وشغلك بأعداء الله. وقال عليه السلام: أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله. وهنَّأ بحضرته رجلٌ رجلاً بغلامٍ ولد له فقال له ليهنك الفارس. فقال عليه السلام: لا تقل ذلك، ولكن قل: شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب، وبلغ أشدَّه، ورزقت برَّه. وبنى رجلٌ من عماله بناءً فخماً فقال عليه السلام:أطلعت الورق رؤوسها إنَّ البناء يصف لك الغنى. وقيل له عليه السلام لو سدَّ على رجلٍ باب بيته وترك فيه من أين كان يأتيه رزقه. فقال عليه السلام: من حيث يأتيه اجله. وعزَّى قوماً عن ميتٍ مات لهم. فقال عليه السلام: إنَّ هذا الأمر ليس بكم بدأ ولا إليكم انتهى. وقد كان صاحبكم هذا يسافر فعدُّوه في بعض أسفاره، فإن قدم عليكم وإلا قدمتم عليه. وقال عليه السلام: أيها الناس ليركم الله من النعمة وجلين كما يراكم من النقمة فرقين، إنَّه من وسِّع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجاًَ فقد أمِنَ مخوفاً. ومن ضيَّق عليه في ذات يده فلم ير ذلك اختباراً فقد ضيَّع مأمولاً. وقال عليه السلام: يا أسرى الرغبة اقصروا فإنَّ المعرِّج على الدنيا لا يروعه منها إلا صريف أنياب الحدثان. ايُّها الناس تولوا من أنفسكم تأديبها واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها. وقال عليه السلام: لا تظُنَّنَّ بكلمةٍ خرجت من أحدٍ سواءً وأنت تجد لها في الخير محتملاً. وقال عليه السلام: إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجةٌ فابدأ بمسألة الصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله ثمَّ سل حاجتك فإنَّ الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي إحداهما ويمنع الأخرى. وقال عليه السلام: من ضنَّ بعرضه فليدع المراء. وقال عليه السلام: من الخُرق المعاجلة قبل الإمكان والأناة بعد الفرصة. وقال عليه السلام: لا تسأل عمَّا لم يكن ففي الذي قد كان لك شغلٌ. وقال عليه السلام: الفكر مرآةٌ صافيةٌ والاعتبار منذرٌ ناصحٌ وكفى أدباً لنفسك تجنُّبك ما كرهته لغيرك. وقال عليه السلام: العلم مقرونٌ بالعمل فمن عَلِمَ عمل. والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل عنه. وقال عليه السلام: يأيُّها الناس متاع الدنيا حطامٌ موبئٌ فتجنَّبوا مرعاه. قلعتها أحظى من طمأنينتها وبلغتها أزكى من ثروتها. حكم على مكثرٍ بها بالفاقة وأعين من غَنِيَ عنها بالراحة. ومن راقه زبرجها أعقبت ناظريهكمها. ومن استشعر الشعف بها ملأت ضميره أشجاناً لهنَّ رقصٌ على سويداء قلبه همٌّ يشغله وهمٌّ يحزنه، كذلك حتى يؤخذ بكظمه فيلقى بالقضاء. منقطعاً أبهراه هيناً على الله فناؤه وعلى الإخوان إلقاؤه، وإنَّما ينظر المؤمن إلى الدنيا بعين الاعتبار. ويقتات منها ببطن الاضطرار. ويسمع فها بأُذن المقت والإبغاض. إن قيل أثرى قيل أكدى. وإن فُرِحَ له بالبقاء حُزِنَ له بالفناء. هذا ولم يأتهم يومٌ فيه يبلسون. وقال عليه السلام: إنَّ الله سبحانه وضع الثواب على طاعته والعقاب على معصيته زيادةً لعباده عن نقمته وحياشةً لهم إلى جنَّته. ورويَ انَّه عليه السلام قلَّما اعتدل به المنبر إلا قال أمام خطبته: أيُّها الناس اتقوا الله فما خُلق امرؤٌ عبثاً فيلهو، ولا تُرك سدىً فيلغو وما دنياه التي تحسَّنت له بخلفٍ من الآخرة التي قبَّحها سوء النظر عنده. وما المغرر الذي ظفر من الدنيا بأعلى همَّته كالآخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سُهمته. وقال عليه السلام: لا شرف أعلى من الإسلام. ولا عزَّ أعزُّ من التقوى ولا معقل أحصن من الورع. ولا شفيع أنجح من التوبة. ولا كنز أغنى من القناعة. ولا مال اذهب للفاقة من الرضى بالقوت. ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة. والرغبة مفتاح النَصب ومطيَّة التعب. والحرص والكبر والحسد دواع إلى التقحُّم في الذنوب. والشرُّ جامع مساوي العيوب. وقال عليه السلام: يأتي على الناس زمانٌ لا يبقى فيه من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه. مساجدهم يومئذٍ عامرةٌ من البنى خرابٌ من الهدى. سكانها وعمارها شرُّ أهل الأرض، منهم تخرج الفتنة وإليهم تأوي الخطيئة يردُّون من شذَّ عنها فيها. ويسوقون من تأخَّر عنها إليها يقول الله تعالى 'فبي حلفت لأبعثنَّ على أولئك فتنةً أترك الحليم فيها حيران'، وقد فعل. ونحن نستقيل الله عثرة الغفلة. وقال عليه السلام لجابر بن عبد الله الأنصاري: يا جابر قوام الدنيا بأربعةٍ: عالمٍ مستعملٍ علمه، وجاهلٍ لا يستنكف أن يتعلَّم، وجوادٍ لا يبخل بمعروفه، وفقيرٍ لا يبيع آخرته بدنياه. فإذا ضيَّع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلم، وإذا بخل الغنيُّ بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه. يا جابر من كثرت نِعَمُ الله عليه كثرت حوائج الناس إليه، فمن قام لله فيها بما يجب عرَّضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم فيها بما يجب عرَّضها للزوال والفناء. وروى ابن جرير الطبري في تاريخه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه - وكان ممَّن خرج لقتال الحجاج مع ابن الأشعث - أنَّه قال فيما كان يحضُّ به الناس على الجهاد: إنِّي سمعت عليّاً عليه السلام يقول يوم لقينا أهل الشام: ' أيُّها المؤمنون إنَّه من رأى عدواناً يُعمل به ومُنكراً يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكره بلسانه فقد أُجر وهو أفضل من صاحبه. ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى وقام على الطريق ونوَّر في قلبه اليقين. وفي كلامٍ آخر له يجري هذا المجرى: فمنهم المُنكٍر للمنكر بيده ولسانه قلبه فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المُنكِر بلسانه وقلبه والتارك بيده، فذلك متمسِّكٌ بخصلتين من خصال الخير ومُضيِّعٌ خصلة، ومنهم المُنكر بقلبه والتارك بلسانه فذلك الذي ضيَّع أشرف الخصلتين من الثلاث وتمسَّك بواحدة، ومنهم تاركٌ لإنكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميِّت الأحياء وما أعمال البرِّ كلُّها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر إلا كنفثةٍ في بحرٍ لُجِّيٍّ، وإنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر لا يُقرِّبان من أجلٍ، ولا ينقصان من رزقٍ. وأفضل من ذلك كلُّه كلمة عدلٍ عند إمامٍ جائرٍ. وعن أبي جحيفة قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول:أوَّل ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثمَّ بألسنتكم ثمَّ بقلوبكم فمن لم يعرف بقلبه معروفاً ولم ينكر منكراً قُلِبَ فجُعِلَ أعلاه أسفله وأسفله أعلاه. وقال عليه السلام: إنَّ الحقَّ ثقيلٌ مريءٌ، وإنَّ الباطل خفيفٌ وبئٌ. وقال عليه السلام: لا تأمننَّ على خير هذه الأمة عذاب الله لقوله تعالى ' فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ' ولا تيأسَنَّ لشرِّ هذه الأمة من روح الله لقوله تعالى ' إنَّه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون '. وقال عليه السلام: البخل جامعٌ لمساوي العيوب، وهو زمامٌ يُقاد به إلى كلِّ سوءٍ. وقال عليه السلام: الرزق رزقان: رزقٌ تطلبه ورزقٌ يطلبك فإن لم تأته أتاك فلا تحمل همَّ سنتك على همِّ يومك، كفاك كلَّ يومٍ ما فيه. فإن تكن السنة من عمرك فإنَّ الله تعالى سيؤتيك في كلِّ غدٍ جديدٍ ما قسم لك، وإن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بالهمِّ لما ليس لك ولن يسبقك إلى رزقك طالبٌ، ولن يغلبك عليه غالبٌ. ولن يبطئ عنك ما قد قُدِّر لك. وقد مضى هذا الكلام فيما تقدّم من هذا الباب إلا أنَّه ههنا أوضح وأشرح فلذلك كرَّرناه على القاعدة المقرَّرة في أوَّل الكتابوقال عليه السلام: رُبَّ مستقبلٍ يوماً ليس بمستدبره، ومغبوطٍ في أوَّل ليله قامت بواكيه في آخره. وقال عليه السلام: الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به، فإذا تكلمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك. فرُبَّ كلمةٍ سلبت نعمةً وجلبت نقمةً. وقال عليه السلام: لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كلَّ ما تعلم، فإنَّ الله فرض على جوارحك فرائض يحتجُّ بها عليك يوم القيامة. وقال عليه السلام: إحذر أن يراك الله عند معصيته ويفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين، وإذا قوين فاقو على طاعة الله، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله. وقال عليه السلام: الركون إلى الدنيا مع ما تعاين منها جهلٌ. والتقصير في حسن العمل إذا وثقت بالثواب عليه غَبنٌ. والطمأنينة إلى كلِّ أحدٍ قبل الاختبار عجزٌ. وقال عليه السلام: من هوان الدنيا على الله أنَّه لا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها. وقال عليه السلام: من طلب شيئاً ناله أو بعضه. وقال عليه السلام: ما خيرٌ بخيرٍ بعده النار. وما شرٌّ بشرٍّ بعده الجنة. وكلُّ نعيمٍ دون الجنة محقورٌ، وكلُّ بلاءٍ دون النار عافيةٌ. وقال عليه السلام: ألا وإنَّ من البلاء الفاقة. وأشدُّ من الفاقة مرض البدن. وأشدُّ من مرض البدن مرض القلب. ألا وإنَّ من النعم سعة المال، وأفضل من سعة المال صحة البدن، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب. وقال عليه السلام: للمؤمن ثلاث ساعاتٍ: فساعةٌ يناجي فيها ربه، وساعةٌ يرمُّ معاشه، وساعةٌ يخلِّي بين نفسه وبين لذَّتها فيما يحلُّ ويجمل. وليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلا في ثلاثٍ: مرمَّةٍ لمعاشٍ، أو خطوةٍ في معادٍ، أو لذَّةٍ في غير محرمٍ. وقال عليه السلام: ازهد في الدنيا يُبصِّرك الله عوراتها، ولا تغفل فلست بمغفولٍ عنها. وقال عليه السلام: تكلَّموا تعرفوا فإنَّ المرء مخبوءٌ تحت لسانه. وقال عليه السلام: خذ من الدنيا ما أتاك، وتولَّ عمَّا تولَّى عنك، فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب. وقال عليه السلام: رُبَّ قولٍ أنفذ من صولٍ. وقال عليه السلام: كلُّ مقتصرٍ عليه كافٍ. وقال عليه السلام: المنيَّة ولا الدنيَّة. والتقلُّل ولا التوسُّل. ومن لم يعط قاعداً لم يعط قائماً. والدهر يومان يومٌ لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر. وقال عليه السلام: مقاربة الناس في أخلاقهم أمنٌ من غوائلهم. وقال عليه السلام لبعض مخاطبيه وقد تكلَّم بكلمةٍ يستصغر مثله عن قول مثلها: لقد طرت شكيراً، وهدرت سقباً والشكير ههنا أوَّل ما ينبت من ريش الطائر قبل أن يقوى ويستحصف، والسقب الصغير من الإبل، ولا يهدر إلا بعد أن يستفحل. وقال عليه السلام: من أومأ إلى متفاوتٍ خذلته الحيل. وقال عليه السلام وقد سئل عن معنى قولهم لا حول ولا قوة إلا بالله: إنَّا لا نملك مع الله شيئاً، ولا نملك إلا ما ملكنا، فمتى ما ملكنا ما هو أملك به منَّا كلَّفنا، ومتى أخذه منَّا وضع تكليفه عنَّا. وقال عليه السلام لعمار بن ياسر وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كلاماً: دعه يا عمَّا فإنَّه لم يأخذ من الدين إلا ما قاربه من الدنيا، وعلى عمدٍ لبَّس على نفسه ليجعل الشبهات عاذراً لسقطاته. وقال عليه السلام: ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلباً لما عند الله، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتِّكالاً على الله. وقال عليه السلام: ما استودع الله امرأ عقلاً إلا استنقذه به يوماً ما. وقال عليه السلام: من صارع الحقَّ صرعه. وقال عليه السلام: القلب مصحف البصر. وقال عليه السلام: التقى رئيس الأخلاق. وقال عليه السلام: لا تجعلنَّ ذرب لسانك على من أنطقك، وبلاغة قولك على من سدَّدك. وقال عليه السلام: كفاك أدباً لنفسك اجتناب ما تكرهه من غيرك. وقال عليه السلام: من صَبَرَ صَبْرَ الأحرار وإلا سلا سلوَّ الاغمار. وفي خبرٍ آخر أنَّه عليه السلام قال للأشعث بن قيس معزِّياً إن صبرت صبر الأكارم وإلا سلوت سلوَّ البهائم. وقال عليه السلام في صفة الدنيا: تغُرُّ وتضُرُّ وتمُرُّ. إنَّ الله تعالى لم يرضها ثواباً لأوليائه ولا عقاباً لأعدائه، وإنَّ أهل الدنيا كركبٍ بيناهم حلُّوا إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا. وقال لابنه الحسن عليه السلام: يا بنيَّ لا تُخلِّفنَّ وراءك شيئاً من الدنيا، فإنَّك تُخلِّفه لأحد رجلين: إمَّا رجلٍ عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت به، وإمَّا رجلٌ عمل فيه بمعصية الله فكنت عوناً له على معصيته. وليس أحد هذين حقيقاً أن تؤثره على نفسك. ويروى هذا الكلام على وجهٍ آخر وهو:أمَّا بعد فإنَّ الذي في يدك من الدنيا قد كان له أهلٌ قبلك، وهو صائرٌ إلى أهلٍ بعدك، وإنَّما أنت جامع لأحد رجلين: رجلٍ عمل فيما جمعته بطاعة الله فسعد بما شقيت به، أو رجلٍ عمل فيه بمعصية الله فشقيَ بما جمعت له، وليس أحد هذين أهلاً أن تؤثره على نفسك ولا أن تحمل له على ظهرك، فارج لمن مضى رحمة الله ولمن بقيَ رزق الله. وقال عليه السلام لقائلٍ قال بحضرته أستغفر الله: ثكلتك أمُّك أتدري ما الاستغفار الاستغفار درجة العليِّين. وهو اسمٌ واقعٌ على ستَّة معانٍ: أوَّلها الندم على ما مضى. والثاني العزم على ترك العود إليه أبداً. والثالث أن تؤدِّيَ إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعةٌ. والرابع أن تعمد إلى كلِّ فريضةٍ عليك ضيعَّتها فتؤدِّيَ حقَّها. والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السُحت فتذيبه بالأحزان حتى تُلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحمٌ جديدٌ. والسادس أن تُذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله. وقال عليه السلام: الحِلمُ عشيرةٌ. وقال عليه السلام: مسكين ابن آدم مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل، تؤلمه البقَّة، وتقتله الشرقة، وتنتنه العرقة. ورويَ أنَّه عليه السلام كان جالساً في أصحابه فمرَّت بهم امرأةٌ جميلةٌ فرمقها القوم بأبصارهم. فقال عليه السلام: إنَّ أبصار هذه الفحول طوامح، وإنَّ ذلك سبب هبابها، فإذا نظر أحدكم إلى امرأةٍ تعجبه فليلامس أهله فإنَّما هي امرأةٌ كامرأةٍ فقال رجلٌ من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه ! فوثب القوم ليقتلوه فقال: رويداً إنَّما هو سبٌّ بسبٍ أو عفوٌ عن ذنبٍ. وقال عليه السلام: كفاك من عقلك أوضح لك سبيل غيِّك من رشدك. وقال عليه السلام: افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئاً، فإنَّ صغيره كبيرٌ، وقليله كثيرٌ، ولا تقولنَّ أحدكم إنَّ أحداً أولى بفعل الخير منِّي فيكون والله كذلك. إنَّ للخير والشرِّ أهلاً فما تركتموه منهما كفاكموه أهله. وقال عليه السلام: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته. ومن عمل لدينه كفاه أمر دنياه، ومن أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس. وقال عليه السلام: الحِلمُ غطاءٌ ساترٌ، والعقل حسامٌ قاطعٌ، فاستر خلل خلقك بحلمك، وقاتل هواك بعقلك. وقال عليه السلام: إنَّ لله عباداً يختصُّهم الله بالنعم لمنافع العباد فيقرُّها في أيديهم ما بذَّلوها، فإذا منعوها نزعها منهم ثمَّ حوَّلها إلى غيرهم. وقال عليه السلام: لا ينبغي للعبد أن يثق بخصلتين: العافية والغنى، بينا تراه معافى إذ سقم، وبينا تراه غنيّاً إذ افتقر. وقال عليه السلام: من شكا الحاجة إلى مؤمنٍ فكأنَّما شكاها إلى الله ومن شكاها إلى كافرٍ فكأنَّما شكا الله. وقال عليه السلام في بعض الأعياد: إنَّما هو عيدٌ لمن قبل الله من صيامه وشكر قيامه، وكلُّ يومٍ لا يُعصى الله فيه فهو عيدٌ. وقال عليه السلام: إنَّ أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجلٍ كسب مالاً في غير طاعة الله، فورثه رجلٌ أنفقه في طاعة الله سبحانه، فدخل به الجنَّة ودخل الأوَّل به النار. وقال عليه السلام: إنَّ أخسر الناس صفقةً وأخيبهم سعياً رجلٌ أخلق بدنه في طلب ماله ولم تساعده المقادير على إرادته، فخرج من الدنيا بحسرته وقدم على الآخرة بتبعته. وقال عليه السلام: الرزق رزقان: طالبٌ ومطلوبٌ، فمن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه عنها، ومن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي رزقه منها. وقال عليه السلام: إنَّ أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها إذا اشتغل الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا منها ما علموا أنَّه سيتركهم، ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالاً. ودركهم لهافوتاً أعداء ما سالم الناس، وسلم ما عادى الناس. بهم علم الكتاب وبه علموا. وبهم قام الكتاب وبه قاموا. لا يرون مرجوّاً فوق ما يرجون، ولا مخوفاً فوق ما يخافون. وقال عليه السلام: اذكروا انقطاع اللذَّات وبقاء التبعات. وقال عليه السلام: اخبر تقله ومن الناس من يروي هذا للرسول صلى الله عليه وآله. وممَّا يقوِّي أنَّه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما حكاه ثعلب عن ابن الأعرابيِّ: قال المأمون: لولا أنَّ علياً قال ' اخبر تثقله ' لقلت: أقله تخبر. وقال عليه السلام: ما كان الله ليفتح على عبدٍ باب الشكر ويغلق عنه باب الزيادة. ولا يفتح على عبدٍ باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة. ولا يفتح لعبدٍ باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة. وسئل عليه السلام أيما أفضل العدل أو الجود فقال عليه السلام: العدل يضع الأمور مواضعها، ولجود يخرجها من جهتها. والعدل سائسٌ عامٌ، والجود عارضٌ خاصٌ. فالعدل أشرفهما وأفضلهما. وقال عليه السلام: الناس أعداء ما جهلوا. وقال عليه السلام: الزهد كلُّه بين كلمتين من القرآن قال الله سبحانه ' لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ' ومن لم يأس على الماضي ولك يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه. وقال عليه السلام: ما أنقض النوم لعزائم اليوم. وقال عليه السلام: الولايات مضامير الرجال. وقال عليه السلام: ليس بلدٌ بأحقَّ بك من بلدٍ، خير البلاد ما حملك. وقال عليه السلام وقد جاءه نعيُ الأشتر رحم الله: مالكٌ وما مالك ! لو كان جبلاً لكان فنداً، لا يرتقيه الحافر ولا يوفى عليه الطائر والفند المنفرد من الجبال. وقال عليه السلام: قليلٌ مدومٌ عليه خيرٌ من كثيرٍ مملولٍ منه. وقال عليه السلام: إذا كان في رجلٍ خلَّةٌ ذائعةٌ فانتظروا أخوتها. وقال عليه السلام لغالب بن صعصعة أبي الفرزدق في كلامٍ دار بينهما:ما فعلت إبلك الكثيرة ؟ قال ذعذعتها الحقوق يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام: ذلك أحمد سُبلها. وقال عليه السلام: من اتَّجر بغير فقهٍ فقد ارتطم في الربا. وقال عليه السلام: من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها. وقال عليه السلام: من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته. وقال عليه السلام: ما مزح امرؤٌ مزحةً إلا مجَّ من عقله مجَّةً. وقال عليه السلام: زهدك في راغبٍ فيك نقصان حظٍ، ورغبتك في زاهدٍ فيك ذلُّ نفسٍ. وقال عليه السلام: الغنى والفقر بعد العرض على الله. وقال عليه السلام: ما لابن آدم والفخر، أوَّله نطفةٌ، وآخره جيفةٌ، لا يرزق نفسه، ولا يدفع حتفه. وسئل من أشعر الشعراء. فقال عليه السلام: إنَّ القوم لم يجروا في حلبةٍ تعرف الغاية عند قصبتها، فإن كان ولابدَّ فالملك الضليل يريد امرأ القيس. وقال عليه السلام: ألا حرٌّ يدع هذه اللماظة لأهلها إنَّه ليس لأنفسكم ثمنٌ إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها. وقال عليه السلام: منهومان لا يشبعان: طالب علمٍ وطالب دنيا. وقال عليه السلام: الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرُّك على الكذب حيث ينفعك، وأن لا يكون في حديثك فضلٌ عن عملك، وأن تتَّقي الله في حديث غيرك. وقال عليه السلام: يغلب المقدار على التقدير حتى تكون الآفة في التدبير وقد مضى هذا المعنى فيما تقدَّم بروايةٍ تخالف هذه الألفاظ. وقال عليه السلام: الحِلمُ والأناة توأمان ينتجهما علوُّ الهمَّة. وقال عليه السلام: الغيبة جهد العاجز. وقال عليه السلام: رُبَّ مفتونٍ بحسن القول فيه زيادةٌ من نسخةٍ كتبت في عهد المصنِّف. وقال عليه السلام: الدنيا خُلقت لغيرها ولم تخلق لنفسها. وقال عليه السلام: إنَّ لبني أميَّة مروداً يجرون فيه، ولو قد اختلفوا فيما بينهم ثمَّ كادتهم الضباع لغلبتهم. والمرود هنا مفعلٌ من الإرواد وهو الإمهال والإنظار. وهذا من أفصح الكلام وأغربه، فكأنَّه عليه السلام شبَّه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم بعدها. وقال عليه السلام: في مدح الأنصار: هم والله ربَّا الإسلام كما يربَّى الفلو مع غنائهم بأيديهم السباط وألسنتهم السلاط. وقال عليه السلام: العين وكاء السه. وهذا من الاستعارات العجيبة كأنَّه شبَّه السه بالوعاء والعين بالوكاء، فإذا أُطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء. وهذا القول في الأشهر الأظهر من كلام النبي عليه السلام، وقد رواه قومٌ لأمير المؤمنين عليه السلام. وذكر ذلك المبرِّد في كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف. وقد تكلَّمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبوية. وقال عليه السلام في كلامٍ له: ووليهم والٍ فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه. وقال عليه السلام: يأتي على الناس زمانٌ عضوضٌ يعضُّ الموسر فيه على ما في يديه ولم يؤمر بذلك قال الله سبحانه ' ولا تنسوا الفضل بينكم ' تنهد فيه الأشرار وتستذلُّ الأخيار. ويبايع المضطرُّون، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن بيع المضطرِّين. وقال عليه السلام: يهلك فيَّ رجلان: محبٌّ مفرطٌ وباهتٌ مفترٍ وهذا مثل قوله عليه السلام: هلك فيَّ رجلان: محبٌّ غالٍ، ومبغضٌ قالٍ وسئل عن التوحيد والعدل. فقال عليه السلام: التوحيد أن لا تتوهَّمه، والعدل أن لا تتَّهمه. وقال عليه السلام: لا خير في الصمت عن الحكم كما أنَّه لا خير في القول بالجهل. وقال عليه السلام في دعاءٍ استسقى به: اللهمَّ اسقنا ذلل السحاب دون صعابها وهذا من الكلام العجيب الفصاحة وذلك أنَّه عليه السلام شبَّه السحاب ذوات الرعود والبوارق والرياح والصواعق بالإبل الصعاب التي تقمص برحالها وتقض بركبانها، وشبَّه السحاب خالية من تلك الروائع بالإبل الذلل التي تحتلب طيِّعةً وتقتعد مسمحةً. وقيل له: عليه السلام لو غيَّرت شيبك يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام: الخضاب زينةٌ ونحن قومٌ في مصيبةٍ يريد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله. وقال عليه السلام: القناعة مالٌ لا ينفد وقد رويَ بعضهم هذا الكلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وقال عليه السلام: لزياد بن أبيه، وقد استخلفه لعبد الله بن العباس على فارس وأعمالها في كلامٍ طويلٍ كان بينهما نهاه فيه عن تقدُّم الخراج استعمل العدل واحذر العسف والحيف، فإنَّ العسف يعود بالجلاء والحيف يدعو إلى السيف. وقال عليه السلام: أشدُّ الذنوب ما استخفَّ به صاحبه. وقال عليه السلام: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلِّموا. وقال عليه السلام: شرُّ الإخوان من تُكلِّف له لأنَّ التكليف مستلزم للمشقة وهو شرٌّ لازمٌ عن الأخ المُتكلِّف له فهو شرُّ الإخوان. وقال عليه السلام: إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه يقال حشمه وأحشمه إذا أغضبه، وقيل أخجله واحتشمه طلب ذلك له وهو مظنَّة مفارقته.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي