نهج البلاغة/في التوحيد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

في التوحيد

في التوحيد - نهج البلاغة

في التوحيد

وجمع هذه الخطبة من أصول العلم مالا تجمعه خطبة

ما وحده من كيفهُ، ولا حقيقته أصاب من مثله. ولا إياه عني من شبهه. ولا صمده من أشار إليه وتوهمه. كل معروفٍ بنفسه مصنوع. وكل قائمٍ في سواهُ معلول. فاعل لا باضطراب آلةٍ. مقدرٌ لا بجول فكرةٍ. غنىٌ لا باستفادةٍ. لا تصحبه الأوقات. ولا ترفده الأدوات سبق الأوقات كونه. والعدم وجوده. والابتداء أزله. بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له. وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد لهُ. وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له. ضاد النور بالظلمة، والوضوح بالبهمة، والجمود بالبلل، والحرور بالصرد. مؤلف بين متعادياتها. مقارنٌ بين متبايناتها مقرب بين متباعداتها. مفرق بين متدانياتها لا يشملُ بحّدٍ،، ولا يحسب بعّدٍ، وإنما تحدُّ الأدوات أنفسها، وتشير الآلة إلى نظائرها. منعتها منذ القدمية، وحمتها قد الأزلية. وجنبتها لو لا التكملة. بها تجلى صانعها للعقول، وبها امتنع عن نظر العيون. لا يجرى عليه السكون والحركة. وكيف يجرى عليه ما هو أجراه، ويعود فيه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما هو أحدثه. إذا لتفاوتت ذاته، ولنجزأ كنههُ، ولا متنع من الأزل معناه. ولكان له وراء إذ وجد له أمامٌ. ولا لتمس التمام إذ لزمه النقصان. وإذاً لقامت آية المصنوع فيه، ولتحول دليلاً بعد أن كان مدلولاً عليه. وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثِّر. فيه ما يؤثر في غيره الذي لا يحول ولا يزول، ولا يجوز عليه الأفول. ولم يلد فيكون مولوداً، ولم يولد فيصير محدوداً. جلَّ عن اتخاذ الأبناء، وطهر عن ملامسه النساء. لا تناله الأوهام فتقدره، ولا تتوهَّمه الفطن فتصوره. ولا تدركه الحواس فتحسَّه ولا تلمسه الأيدي فتمسهُ. لا يتغير بحالٍ، ولا يتبدل بالأحوال. ولا تبليه الليالي والأيام، ولا يغيره الضياء والظلام. ولا يوصف بشيءٍ من الأجزاء، ولا بالجوارح والأعضاء. ولا بعرضٍ من الأعراض، ولا بالغيرية والأبعاض. ولا يقال له حدٌ ولا نهايةٌ، ولا انقطاعٌ ولا غايةٌ. ولا أن الأشياء تحويه، فتقله أو تهويه، أو أن شيئاً يحمله فيميله أو يعد له. ليس في الأشياء بوالجٍ، ولا عنها بخارج. يخبر لا بلسانٍ ولهواتٍ، ويسمع لا بخروقٍ وأدواتٍ. يقول ولا يلفظ، ويحفظ ولا يتحفظ، ويريد ولا يضمر. يحب ويرضى من غير رقَّةٍ، ويبغض ويغضب من غير مشقةٍ. يقول لمن أراد كونه كن فيكون. لا بصوتٍ يقرع، ولا بنداءٍ يسمع. وإنما كلامه سبحانه فعلٌ منه أنشأهُ. ومثله لم يكن من قبل ذلك كائناً، ولو كان قديماً لكان إلها ثانياً. لا يقال كان بعد أن لم يكن فتجرى عليه الصفات المحدثاتُ، ولا يكون بينها وبينه فصل، ولا له عليها فضلٌ، فيستوي الصانع والمصنوع، ويتكافأ المبتدئ والبديع. خلق الخلائق على غير مثالٍ خلا من غيره، ولم يستعن على خلقها بأحدٍ من خلقه. وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغالٍ. وأرساها على غير قرارٍ. وأقامها بغير قوائم. ورفعها بغير دعائم. وحصنها من الأود والاعوجاج. ومنعها من التهافت والانفراج. وأرسى أوتادها، وضرب أسدادها، واستفاض عيونها وخدَّ أوديتها. فلم يهن ما بناه، ولا ضعف ما قواهُ. هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته، والعالي على كل شيءٍ منها بجلاله وعزته. لا يعجزه شيءٌ منها طلبه، ولا يمتنع عليه فيغلبه، ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج إلى ذي مالٍ فيرزقه. خضعت الأشياء له، وذلت مستكينةً لعظمته، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فتمتنع من نفعه وضره، ولا كفؤ له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه. هو المفنى لها بعد وجودها، حتى يصير موجودها كمفقودها. وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها. وكيف لو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها، وما كان من مراحها وسائمها، وأصناف أسناخها وأجناسها، ومتبلدة أممها وأكياسها على إحداث بعوضةٍ ما قدرت على إحداثها، ولا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها. ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت، ورجعت خاسئةً حسيرةً عارفةً بأنها مقهورةٌ مقرةً بالعجز عن إنشائها. مذعنةً بالضعف عن إفنائها. وإن الله سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه. كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها. بلا وقتٍ ولا مكانٍ، ولا حينٍ وزمانٍ. عدمت عند ذلك الآجال والأوقات، وزالت السنون والساعات. فلا شيء إلا الواحد القهار الذي إليه مصيرُ جميع الأمور. بلا قدرةٍ منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها. ولو قدرت على الامتناع دام بقاؤها. لم يتكاءده صنع شيء منها إذ صنعه، ولم يؤده منها خلق ما خلقه وبرأه. ولم يكونها لتشديد سلطانٍ. ولا خوفٍ من زوالٍ ونقصانٍ، ولا للاستعانة بها على ندٍِ مكاثرٍ، ولا للاحتراز بها من ضدٍ مثاورٍ. ولا للازدياد بها في ملكه، ولا لمكاثرة شريكٍ في شركه. ولا لوحشةٍ كانت منه فأراد أن يستأنس إليها. ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسأمٍ دخل عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا لراحةٍ واصلةٍ إليه. ولا لثقل شيءٍ منها عليه. لم يمله بلطفه، وأمسكها بأمره، ولا استعانةٍ بشيءٍ منها عليها، ولا لانصرافٍ من حالٍ وحشةٍ إلى حال استئناسٍ، ولا من حال جهلٍِ وعمىً إلى حال علمٍ والتماسٍ. ولا من فقرٍ وحاجةٍ إلى غنىً وكثرةٍ. ولا من ذلٍ وضعةٍ إلى عزٍ وقدرةٍ.

ومن خطبة له عليه السلام

ألا بأبي وأمي هم من عدَّةٍ أسماؤهم في السماء معروفةٌ، وفي الأرض مجهولة، ألا فتوقعوا ما يكون من إدبار أموركم، وانقطاع وصلكم، واستعمال صغاركم. ذاك حيث يكون ضربةُ السيف على المؤمن أهون من الدرهم من حلّه. ذاك حيث يكون المعطى أعظم أجراً من المعطي. ذاك حيث تسكرون من غير شرابٍ، بل من النعمة والنعيم، وتحلفون من غير اضطرارٍ، وتكذبون من غير إحراج. ذلك إذا عضكم البلاء كما يعض القتب غارب البعير. ما أطول هذا العناء هذا الرجاء. أيها الناس ألقوا هذه الأزمة التي تحمل ظهورها الأثقال من أيديكم، ولا تصدعوا على سلطانكم فتذموا غب فعالكم ولا تقتحموا ما استقبلتم من فور نار الفتنة. وأميطوا عن سننها، وخلوا قصد السبيل لها. فقد لعمري يهلك في لهبها المؤمن ويسلم فيها غير المسلم. إنما مثلى بينكم مثل السراج في الظلمة يستضئ به من ولجها. فاسمعوا أيها الناس وعوا، وأحضروا آذان قلوبكم تفهموا.

ومن خطبة له عليه السلام

أوصيكم أيها الناس بتقوى الله وكثرة حمده على آلائه إليكم ونعمائه عليكم، وبلائه لديكم. فكم خصكم بنعمةٍ، وتدارككم برحمةٍ: أعورتم له فستركم، وتعرضتم لأخذه فَأَمْهَلَكُم وأوصيكُم بذِكرِ المَوتِ وإِقْلالِ الغفلةِ عنهُ. وكيفَ غفْلَتُكمْ عماَّ ليسَ يغفلُكُم، وطمعكمْ فيمنْ ليسَ يمهلكم. نكَفى وَاعظاً بموتَى عاينتموهُم. حُمِلُوا إلى قبورهِهمْ غيرَرَا كبِينَ، وأنزلوا فيها غرَ نازلينَ، فكأنهُمْ لَمْ يكونوا للدنا عماراً، وكأنَّ الآخرةَ لم تَزَلْ لهم داراً. أوحشوا ما كانوا يوطنون، وأوطنوا ما كانُوا يوحِشُونَ. واشتغلُوا بمَا فارَقوا، وأضَاعُوا ما إلأيهِ انتقلوا. لاَ عَ، ْ قبيحٍ يستطيعونَ انتقالاً، ولا في حسن يستطيعون ازدياداً. أنسوا بالدنيا فغرتهم، ووثقوا بها فصرعتهم، فسابقُوا رحمكم الله إلى منازلكمُ التي أُمِرتُمْ أنْ تَعْمُرُوها، والتي رغبتم فيها ودعيتم إليها. واستتموا نعم الله علكمْ بالصبرِ على طَاعَتهِ، والمجانبةِ لمعصيتهِ فقإن غداً من اليومِ قريبٌ. ما أسرَعَ الساعاتِ في اليوم، وأسرعَ الأيامَ في الشهر، وأسرع الشهورَ في السنةِ، وأسرعَ السنين في العمر. ومن كلام لهُ عليه السلامُفَمِنَ الإيمانِ ما يكونُ ثابتاً مستقراً في القلوب. ومنهُ ما يكون عوَارِيَ بينَ القلوبِ والصدورِ إلأى أجلٍ معلوم. فإذا كانتْ لكمْ براءةٌ من أحدٍ فقفوه تى يحضرهُ الموتُ فعندَ ذلكَ يقعُ حدُّ البراءةِ. والهجرةُ قائمةٌ على حدها الأولِ. ما كان للهِ في أًَهلِ الأرضِ حاجةٌ من مستسر الإمةِ ومعلننها. لا يقع اسمُ الهجرة على أحدٍ إلا بمعرفةِ الحجةِ في الأرضِ. فمنْ عَرَفهَا وأَقرَّ بهَا فهُوَ مهَاجرٌ. ولا يقعُ اسم الاستضعافِ على مَنْ بلغته الحجةُ فسمعتها أُذُنُهُ وَوَعَاهَا قلبهُ. إنْ أمرْنا صعبٌ مستصعبٌ، لا يحملهُ إلا عبدٌ مؤمِنٌ امتحَنَ اللهُ قلبهُ للإِيمانِ، ولا يعِي حديثنَا إِلاَّ صُدُورٌ أمينةٌ وأَحلاَمٌ رَزِينةٌ أيها الناس سلوني قبل أن تفتقدوني، فلأنا بطرق السماء أعلم منىِّ بطرق الأرض، قبل أن تشغر برجلها فتنةٌ تطأ في خطامها، وتذهب بأحلام قومها.

ومن خطبة له عليه السلام

أحمده شكراً لإنعامه، وأستعينه على وظائف حقوقه. عزيز الجند عظيم المجد. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دعا إلى طاعته، وقاهر أعداءه جهاداً على دينه. لا يثنيه عن ذلك اجتماع على تكذيبه والتماس منيعاً نوره. فاعتصموا بتقوى الله فإن لها حبلاً وثيقاً عروته، ومعقلاً منيعاً ذروته. وبادروا الموت في غمراته. امهدوا له قبل حلوله، وأعدوا له قبل نزوله. فإن الغاية القيامة. وكفى بذلك واعظاً لمن عقل، ومعتبراً لمن جهل. وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس، وشدة الإبلاس وهول المطلع، وروعات الفزع. واختلاف الأضلاع وإستكاك الأسماع. وظلمة اللحد، وخيفة الوعد. وغم الضريح، وردم الصفيح. فالله عباد الله فإن الدنيا ماضية بكم على سننٍ، وأنتم والساعة في قرنٍ. وكأنها قد جاءت بأشراطها، وأزفت بأفراطها، ووقفت بكم على صراطها. وكأنها قد أشرفت بزلازلها، وأناخت بكلا كلها. وانصرمت الدنيا بأهلها، وأخرجتهم من جضنها. فكانت كيومٍ مضى أو شهرٍ انقضى. وصار جديدها رثا، وسمينها غثاً. في موقفٍ ضنك المقام، وأمورٍ مشتبهةٍ عظامٍ. ونارٍ شديدٍ كلبها، عالٍ لجبها ساطع لهبها، متغيظٍ زفيرها، متأججٍ سعيرها، بعيدٍ خمودها، ذاكٍ وقودها، مخيفٍ وعيدها، غمٍ قرارها، مظلمةٍ أقطارها. حاميةٍ قدورها، فظيعةٍ أمورها 'وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً' قد أمن العذاب، وانقطع العتاب. وزحزحوا عن النار، واطمأنت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار. الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكيةً، وأعينهم باكيةً. وكان ليلهم في دنياهم نهاراً، وتخشعاً واستغفاراً. وكان نهارهم ليلاً توحشاً وانقطاعاً. فجعل الله لهم الجنة مآباً، والجزاء ثواباً. وكانوا أحق بها وأهلها. في ملكٍ دائمٍ، ونعيمٍ قائمٍ. فارعوا عياد الله ما برعايته يفوز فائزكم. وبإضاعته يخسر مبطلكم. وبادروا آجالكم بأعمالكم. فإنكم مرتهنون بما أسلفتم، ومدينون بما قدمتم. وكأن قد نزل بكم المخوف. فلا رجعةً تنالون، ولا عثرةً تقالون، استعملنا الله وإياكم بطاعته وطاعة رسوله، وعفا عنا وعنكم بفضل رحمته. إلزموا الأرض، واصبروا على البلاء. ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم. فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حقّ ربّه وحقّ رسوله وأهل بيته مات شهيداً ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله. وقامت النية مقام إصلاته لسيفه. وإن لكلّ شيءٍ مدةٍ وأجلاً.

ومن خطبة له عليه السلام

الحمد الله الفاشي حمده، والغالب جنده، والمتعالي جده. أحمده على نعمة التؤام، وآلائه العظام. الذي عظم حلمه فعفا، وعدل في كلّ ما قضى، وعلم ما يمضى وما مضى. مبتدع الخلائق بعلمه. ومنشئهم بحكمه، بلا اقتداءٍ ولا تعليمٍ، ولا احتذاءٍ لمثال صانع حكيمٍ. ولا إصابة خطأٍ ولا حضرة ملأٍ. وأشهد أن محمداً عبده ورسولهُ. ابتعثه والناس يضربون في غمرةٍ، ويموجون في حيرةٍ. قد قادتهم أزمة الحين، واستغلقت على أفئدتهم أقفال الرين. أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها حق الله عليكم، والموجبة على الله حقكم. وأن تستعينوا عليها بالله وتستعينوا بها على الله. فإن التقوى في اليوم الحرز والجنة، وفي غدٍ الطريق إلى الجنة. مسلكها واضحٌ، وسالكها رابحٌ، ومستودعها حافظٌ. لم تبرح عارضةً نفسها على الأمم الماضين والغابرين لحاجتهم إليها غداً إذا أعاد الله ما أبدي، وأخذ ما أعطى، وسأل ما أسدى. فما أقل من قبلها وحملها حق حملها. أولئك الأقلون عدداً. وهم أهل صفة الله سبحانه إذ يقول: ' وقليل من عبادي الشكور'. فأهطعوا بأسماعكم إليها، وكظوا بجدكم عليها. واعتاضوها من كل سلفٍ خلفاً، ومن كل مخالفٍ موافقاً. أيقظوا بها نومكم، واقطعوا بها يومكم. وأشعروها قلوبكم، وارحضوا بها ذنوبكم، وداووا بها الأسقام، وبادروا بها الحمام. واعتبروا بمن أضاعها، ولا يعتبرن بكم من أطاعها. ألا فصونوها وتصونوا بها، وكونوا عن الدنيا نزاهاً، وإلى الآخرة ولاهاً. ولا تضعوا من رفعته التقوى، ولا ترفعوا من رفعته الدنيا. ولا تشيموا بارقها ولا تستمعوا ناطقها، ولا تجيبوا ناعقها. ولا تستضيئوا بإشراقها، ولا تقتنوا بأعلاقها، فإن برقها خالب ونطقها كاذبٌ. وأموالها محروبةُ، وأعلاقها مسلوبةٌ. ألا وهي المتصدية العنون، والجامحة الحرون والمائنة الخؤون. والجحود الكنود، والعنود الصدود والحيود الميود. حالها انتقالٌ، ووطأتها زلزالٌ، وعزها ذلٌ، وجدها هزلٌ، وعلوها سفلٌ. دار حربٍ وسلبٍ، ونهبٍ وعطبٍ. أهلها على ساقٍ وسياقٍ، ولحاقٍ وفراقٍ. قد تحيرت مذاهبها، وأعجزت مهاربها، وخابت مطالبها. فأسلمتهم المعاقل، ولفظتهم المنازل، وأعيتهم المحاول. فمن ناج معقورٍ، ولحمٍ مجزورٍ، وشلوٍ مذبوحٍ، ودمٍ مسفوحٍ. وعاضٍ على يديه، وصافقٍ بكفيه، ومرتفق بخذيه، وزارٍ على رأيه، وراجعٍ عن هزمه. وقد أدبرت الحيلة وأقبلت الغيلة، ولات حين مناصٍ. وهيهات قد فات ما فات وذهب ما ذهب، ومضت الدنيا لحال بالها 'فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين'.

ومن خطبة له عليه السلام تسمى

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي