نهج البلاغة/من خطبة له بعد انصرافه من صفين

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

من خطبة له بعد انصرافه من صفين

من خطبة له بعد انصرافه من صفين - نهج البلاغة

من خطبة له بعد انصرافه من صفين أحمده استتماماً لنعمته. واستسلاماً لعزّته. واستعصاماً من معصيته. وأستعينه فاقةً إلى كفايته إنّه لا يضلُّ من هداه. ولا يئل من عاداه ولا يفترق من كفاه. فإنّه أرجح ما وزن وأفضل ما خزن. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. شهادةً ممتحناً إخلاصها. معتقداً مصاصها نتمسّك بها أبداً ما أبقانا. وندّخرها لأهاويل ما يلقانا فإنّها عزيمة الإيمان. وفاتحة الإحسان ومرضاة الرحمن. ومدحرة الشيطان وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله. أرسله بالدين المشهور. والعلم المأثور والكتاب المسطور. والنور الساطع. والضياء اللامع. والأمر الصادع. إزاحة للشبهات. واحتجاجاً بالبيّنات. وتحذيراً بالآيات. وتخويفاً بالمثلات والناس في فتن انجذم فيها حبل الدين وتزعزعت سواري اليقين واختلف النجر وتشتّت الأمر. وضاق المخرج وعمى المصدر فالهدى خامل والعمى شامل. عصى الرحمن. ونصر الشيطان. وخذل الإيمان فانهارت دعائمه، وتنكّرت معالمه، ودرست سبله، وعفت شركه. أطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه. ووردوا مناهله بهم سارت أعلامه. وقام لواؤه في فتن داستهم بأخفافها. ووطئتهم بأظلافها وقامت على سنابكها. فهم فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون في خير دارٍ وشرِّ جيرانٍ. نومهم سهودٌ وكحلهم دموعٌ. بأرض عالمها ملجمٌ وجاهلها مكرَّمٌ ومنها يعنى آل النبيّ عليه الصلاة والسلام موضع سرِّه ولجأ أمره وعيبة علمه وموئل حكمه وكهوف كتبه. وجبال دينه. بهم أقام انحناء ظهره وأذهب ارتعاد فرائصه. ومنها يعني قوماً آخرين زرعوا الفجور: وسقوه الغرور. و حصدوا الثبور لا يقاس بآل محمد صلّى الله عليه وآله من هذه الأمّة أحد ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً. هم أساس الدين. وعماد اليقين. إليهم يفيء الغالي. وبهم يلحق التالي ولهم خصائص حقّ الولاية. وفيهم الوصيّة والوراثة. الآن إذ رجع الحقُّ إلى أهله ونقل إلى منتقله.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي