نهج البلاغة/من خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

من خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان

من خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان - نهج البلاغة

من خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان

فأنا نذيركم أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النهر وبأهضام هذا الغائط على غير بيّنةٍ من ربكم ولا سلطان مبينٍ معكم. قد طوّحت بكم الدار. واحتبلكم المقدار. وقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة فأبيتم عليّ إباء المخالفين المنابذين. حتّى صرفت رأيي إلى هواكم. وأنتم معاشر أخفّاء الهام. سفهاء الأحلام ولم آت - لا أبا لكم - بجراً ولا أردت لكم ضرّاًومن كلام له عليه السلام يجري مجرى الخطبةفقمت بالأمر حين فشلوا. وتطلّعت حين تقبّعوا ونطقت حين تمتعوا. ومضيت بنور الله حين وقفوا. وكنت أخفضهم صوتاً وأعلاهم فوتاً. فطرت بعنانها. واستبددت برهانها. كالجبل لا تحرّكه القواصف. ولا تزيله العواصف. لم يكن لأحدٍ فيّ مهمزٌ ولا لقائل فيّ مغمزٌ. الذليل عندي حتّى آخذ الحقّ له. والقويّ عندي ضعيفٌ حتّى آخذ الحقّ منه. رضينا عن الله قضاءه وسلّمنا لله أمره. أتراني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله والله لأنا أوّل من صدّقه فلا أكون أوّل من كذب عليه فنظرت في أمري فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي وإذا الميثاق في عنقي لغيري.

ومن خطبة له عليه السلام

وإنّما سمّيت الشبهة شبهةً لأنّها تشبه الحقّ. فأمّا أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين. ودليلهم سمت الهدى. وأمّا أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى. فما ينجو من الموت من خافه ولا يعطى البقاء من أحبّه.

من خطبة له عليه السلام

منيت بمن لا يطيع إذا أمرت ولا يجيب إذا دعوت. لا أبا لكم ما تنتظرون بنصركم ربّكم. أما دينٌ يجمعكم ولا حميّةً تحمشكم أقوم فيكم مستصرخاً وأناديكم متغوّثاً فلا تسمعون لي قولاً. ولا تطيعون لي أمراً. حتّى تكشّف الأمور عن عواقب المساءة فما يدرك بكم ثارٌ ولا يبلغ بكم مرامٌ. دعوتكم إلى نصر إخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الأسرّ. وتثاقلتم تثاقل النضو الأدبر ثمّ خرج إليّ منكم جنيدٌ متذائبٌ ضعيفٌ كأنّما يساقون إلى الموت وهم ينظرون. أقول قوله عليه السلام متذائبٌ أي مضطربٌ من قولهم تذاءبت الريح أي اضطرب هبوبها. ومنه سمّي الذئب ذئباً لاضطراب مشيته.

ومن كلام له عليه السلام

في الخوارج لمّا سمع قولهم لا حكم إلاّ لله قال عليه السلام: 'كلمة حقّ يراد بها باطلٌ. نعم إنّه لا حكم إلاّ لله. ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلاّ لله وإنّه لا بدّ للناس من أميرٍ برٍّ أو فاجرٍ يعمل في إمرته المؤمن. ويستمتع فيها الكافر. ويبلّغ الله فيها الأجل. ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدوّ. وتأمن به السبل. ويؤخذ به للضعيف من القويّ حتّى يستريح به برٌّ ويستراح من فاجرٍ وفي رواية أخرى أنّه عليه السلام لمّا سمع تحكيمهم قال حكم الله أنتظر فيكم وقال أمّا الإمرة البرّة فيعمل فيها التقيّ. وأمّا الإمرة الفاجرة فيتمتّع فيها الشقيّ إلى أن تنقطع مدّته وتدركه منيّته.

ومن خطبة له عليه السلام

إنّ الوفاء توأم الصدق ولا أعلم جنّةً أوقى منه. ولا يغدر من علم كيف المرجع. ولقد أصبحنا في زمانٍ قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كيساً ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة. ما لهم قاتلهم الله قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهبه فيدعها رأى عينٍ بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين.

ومن كلام له عليه السلام

أيّها الناس إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنتان: اتّباع الهوى، وطول الأمل. فأمّا اتّباع الهوى فيصد عن الحقّ. وأما طول الأمل فينسى الآخرة. ألا وإنّ الدنيا قد ولّت حذّاء فلم يبق منها إلاّ صبابةٌ كصبابة الإناء اصطبها صابّها. ألا وإنّ الآخرة قد أقبلت ولكلٍّ منهما بنون. فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا أبناء الدنيا. فإنّ كلّ ولدٍ سيلحق بأمّه يوم القيامة. وإنّ اليوم عملٌ ولا حسابٌ وغداً حساب ولا عملٌ. أقول الحذّاء السريعة. ومن الناس من يرويه جذّاء.

ومن كلام له عليه السلام

وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد للحرب بعد إرساله جرير بن عبد الله البجلي إلى معاويةإنّ استعدادي لحرب أهل الشام وجرير عندهم إغلاقٌ للشام وصرفٌ لأهله عن خيرٍ إن أرادوه. ولكن قد وقتّ لجرير وقتاً لا يقيم بعده إلاّ مخدوعاً أو عاصياً. والرأي عندي مع الأناة، فأرودوا ولا أكره لكم الإعداد. ولقد ضربت أنف هذا الأمر وعينه. وقلّبت ظهره وبطنه. فلم أر لي إلاّ القتال أو الكفر، إنّه قد كان على الناس والٍ أحدث أحداثاً وأوجد للناس مقالاً فقالوا ثمّ نقموا فغيّروا.

ومن كلام له عليه السلام

لمّا هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية وكان قد ابتاع سبي بني ناجية من عامل أمير المؤمنين عليه السلام وأعتقهم فلمّا طالبه بالمال خاس به وهرب إلى الشام. قبّح الله مصقلة. فعل فِعل السادات وفرّ فرار العبيد. فما أنطق مادحه حتّى أسكته، ولا صدّق واصفه حتّى بكّته. ولو أقام لأخذنا ميسوره. وانتظرنا بماله وفوره.

ومن خطبة له عليه السلام

الحمد لله غير مقنوطٍ من رحمته. ولا مخلوٍ من نعمته. ولا مأيوسٍ من مغفرته. ولا مستنكفٍ عن عبادته. الذي لا تبرح منه رحمةٌ. ولا تفقد له نعمةٌ. والدنيا دارٌ مني لها الفناء ولأهلها منها الجلاء. وهي حلوةٌ خضرةٌ وقد عجلت للطّالب والتبست بقلب الناظر. فارتحلوا عنها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد. ولا تسألوا فيها فوق الكفاف ولا تطلبوا منها أكثر من البلاغ. ومن كلام له عليه السلام عند عزمه المسير إلى الشاماللهم إنّي أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال. اللهمّ أنت الصاحب في السفر وأنت الخليفة في الأهل ولا يجمعهما غيرك لأنّ المستخلف لا يكون مستصحباً والمستصحب لا يكون مستخلفاً.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي