نهج البلاغة/من كلام له عليه السلام في التحكيم

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

من كلام له عليه السلام في التحكيم

من كلام له عليه السلام في التحكيم - نهج البلاغة

من كلام له عليه السلام في التحكيم

إنّا لم نحكّم الرجال وإنّما حكّمنا القرآن. وهذا القرآن إنّما هو خطٌ مستورٌ بين الدفتين لا ينطق بلسانٍ، ولا بدّ له من ترجمانٍ. وإنّما ينطق عنه الرجال. ولمّا دعانا القوم إلى أن نحكّم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولّي عن كتاب الله تعالى. وقد قال الله سبحانه ' فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول ' فردّه إلى الله أن نحكّم بكتابه، وردّه إلى الرسول أن نأخذ بسنّته، فإذا حكم بالصدق في كتاب الله فنحن أحقّ الناس به، وإن حكم بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله فنحن أولاهم به. وأمّا قولكم لم جعلت بينك وبينهم أجلاً في التحكيم، فإنّما فعلت ذلك ليتبيّن الجاهل ويتثبّت العالم. ولعلّ الله أن يصلح في هذه الهدنة أمر هذه الأمّة، ولا تؤخذ بأكظامها فتعجل عن تبيّن الحقّ وتنقاد لأوّل الغيّ. إنّ أفضل الناس عند الله من كان العمل بالحقّ أحبّ إليه - وإن نقصه وكرثه - من الباطل وإن جرّ إليه فائدةً وزاده. فأين يتاه بكم !. ومن أين أتيتم !. استعدّوا للمسير إلى قومٍ حيارى عن الحقّ لا يبصرونه، وموزعين بالجور لا يعدلون به. جفاةٍ عن الكتاب. نكّبٍ عن الطريق. ما أنتم بوثيقةٍ يعلق بها، ولا زوافر عزٍّ يعتصم إليها. لبئس حشاش نار الحرب أنتم. أفٍّ لكم لقد لقيت منكم برحاً، يوماً أناديكم ويوماً أناجيكم، فلا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقةٍ عند النجاء.

ومن كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء

أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن ولّت عليه، والله ما أطر به ما سمر سميرٌ، وما أمّ نجمٌ في السماء نجماً. لو كان المال لي لسوّيت بينهم فكيف وإنّما المال مال الله. ألا وإنّ إعطاء المال في غير حقّه تبذيرٌ وإسرافٌ، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة، ويكرّمه في الناس ويهينه عند الله. ولم يضع امرؤٌ ماله في غير حقّه ولا عند غير أهله إلاّ حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودّهم. فإن زلّت به النعل يوماً فاحتاج إلى معونتهم فشرّ خدينٍ، والأم خليلٍ.

ومن كلام له عليه السلام للخوارج أيضاً

فإن أبيتم إلاّ أن تزعموا أنّي أخطأت وضللت، فلم تضلّلون عامّة أمّة محمّدٍ صلّى الله عليه وآله بضلالي، وتأخذونهم بخطأي، وتكفّرونهم بذنوبي. سيوفكم على عواتقكم تضعونها مواضع البرء والسقم، وتخلطون من أذنب بمن لم يذنب. وقد علمتم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله رجم الزاني المحصن ثمّ صلّى عليه ثمّ ورّثه أهله. وقتل القاتل وورّث أهله. وقطع السارق وجلد الزاني غير المحصن. ثمّ قسم عليهما من الفيء ونكحا المسلمات، فأخذهم رسول الله صلّى الله عليه وآله بذنوبهم، وأقام حقّ الله فيهم، ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله. ثمّ أنتم شراء الناس، ومن رمى به الشيطان مراميه، وضرب به تيهه. وسيهلك في صنفان: محبٌّ يذهب به الحبّ إلى غير الحقّ، ومبغضٌ مفرطٌ يذهب به البغض إلى غير الحقّ، وخير الناس فيّ حالاً النمط الأوسط، فالزموه والزموا السواد الأعظم فإنّ يد الله على الجماعة. وإيّاكم والفرقة فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب ألا من دعا إلى هذه الشعار فاقتلوه ولو كان تحت عمامتي هذه وإنّما حكم الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن ويميتا ما أمات القرآن. وإحياؤه الاجتماع عليه، وإماتته الافتراق عنه. فإن جرنّا القرآن إليهم اتّبعناهم، وإن جرّهم إلينا اتّبعونا. فلم آت - لا أبالكم - بجراً، ولا ختلتكم عن أمركم ولا لبسته عليكم، إنّما اجتمع رأيُ ملأكم على اختيار رجلين أخذنا عليهما أن لا يتعديّا القرآن فتاها عنه، وتركا الحقّ وهما يبصرانه، وكان الجور هواهما فمضيا عليه. وقد سبق استثناؤنا عليهما - في الحكومة بالعدل والصمد للحقّ - سوء رأيهما وجور حكمهما.

ومن كلام له عليه السلام فيما يخبر به من الملاحم بالبصرة

يا أحنف كأنّي به وقد سار بالجيش الذي لا يكون له غبارٌ ولا لجبٌ، ولا قعقعة لجمٍ، ولا حمحمة خيلٍ. يثيرون الأرض بأقدامهم كأنّها أقدام النعام يومي بذلك إلى صاحب الزنج. ثمّ قال عليه السلام: ويلٌ لسكككم العامرة، والدور المزخرفة التي لها أجنحةٌ كأجنحة النسور، وخراطيم كخراطيم الفيلة، من أولئك الذين لا يندب قتيلهم، ولا يفتقد غائبهم. أنا كابّ الدنيا لوجهها، وقادرها بقدرها، وناظرها بعينها. منه، ويومي به إلى وصف الأتراك كأنّي أراهم قوماً كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة، يلبسون السرق والديباج، ويتعقبون الخيل العتاق. ويكون هناك استحرار قتلٍ حتّى يمشي المجروح على المقتول، ويكون المفلت أقلّ من المأسور فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب، فضحك عليه السلام، وقال للرجل وكان كلبيّاً: يا أخا كلبٍ ليس هو بعلم غيبٍ، وإنّما هو تعلّمٌ من ذي علمٍ. وإنّما علم الغيب علم الساعة وما عدّد الله سبحانه بقوله ' إنّ الله عند علم الساعة ' الآية، فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكرٍ أو أنثى، وقبيحٍ أو جميلٍ، وسخيٍّ أو بخيلٍ، وشقيٍّ أو سعيد، ومن يكون في النار حطباً، أو في الجنان للنبييّن مرافقاً. فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحدٌ إلا الله، وما سوى ذلك فعلمٌ علّمه الله نبيّه فعلّمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري، وتضطم عليه جوانحي. ^

من خطبة له عليه السلام

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي