هاج أشجان الجوى برق الحمى

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة هاج أشجان الجوى برق الحمى لـ مصطفى البيري

هاجَ أشجانَ الجوى بَرق الحمى

مُستطيراً في دياجي الغَلَسِ

شَبَّ في قلبي وأذكى ضَرَما

حين أورى زندُه كالقَبَسِ

قد حَكى قلبَ الشجى إذ وَمَضا

باضطِرابٍ وخُفوقٍ ووَجيب

شاقَ مُذ ضاءَ على ذاك الأضا

كلَّ صَبٍّ في الهوى مُضنىً كئيب

فهو في الظلماءِ سيفٌ مُنتَضى

أو جريح من بَنى الزنجِ سليب

كاد يحكى زَينباً مُبتَسِماً

لو تحلّى بالرُضابِ اللعِسِ

بل حكى لَونَ طرازٍ رُقِما

بنُضارٍ في حواشي أطلَسِ

يا رَعى اللَهُ عهودي باللَوى

ومغاني الشعبِ من وادي العَقيق

حيثُ رَوضُ الأُنسِ مُعتَلُّ الهوا

وبه غُصنُ المُنى غَضٌّ وَريق

مَعهَدٌ قد عاهَد القلبَ جوىً

في رُباهُ بالهوى عهداً وثيق

وَسَقَتهُ السُحبُ منها ديماً

قد هَمَت بالعارِضِ المُنبَجسِ

وشَفَت من تُربِه بَرحَ الظَما

وجَلَتهُ من مُروطٍ السُندُسِ

يا أهيلَ الشعبِ كم هذا الجفا

لمَشوقٍ لم يجد عنكم بديل

أتُرى هل تسمحوا لي بالوَفا

ويُرى ظلُّ اللقا منكم ظَليل

إن جَفني من جفاكُم من غَفا

وغَدا جسمي من الهجرِ عليل

فارحموا من صار فيكم مُغرَماً

وبثَوبِ السقمِ منكم قد كُسى

والهوى جارَ به مُذ حكَما

وهو من لُقياكُم لم ييأسِ

حلَّ في قلبيَ منكم قمرُ

ظَبيُ إنسٍ تخِذَ القلبَ مُقام

شادِنٌ في الثَغرِ منه دُرَرُ

نُظِمت نَظمَ حبابٍ في مُدام

ذو لحاظٍ زانَهُنَّ الحوَرُ

راشَ منها السحرُ في القلبِ سهام

عَندَميُّ الخدِّ مسكيُّ اللمى

جال في فيه شرابُ الأكؤسِ

لَذَّ في تَعذيبِه سفكُ الدما

وحَلا فيه ذهابُ الأنفُسِ

كم ليالٍ بتُّ فيها قاطِفا

زهَرَ الوَصلِ بكَفِّ القُبَلِ

وغَدا ظِلُّ التهاني وارِفا

بمُحَيّاهُ ونَيلِ الأمَلِ

وانثَنى نحوَ المُعَنّى عاطِفا

قدَّه المُزرى بقَدِّ الأسَلِ

فضَمَمتُ الخصرَ منه مِثلَما

ضمَّتِ الأسهُمَ أعطافُ القِسى

وغدا يَحسُدني بدرُ السما

حيث بَدري قد أضا في مجلسي

كاد لَيلى بالتلاقي قِصَرا

يعثُر الفجرُ به في الشَفَقِ

وغَدا فيه لساني حَصِرا

فتناجَينا بوَمى الحدَقِ

وارتَشَفتُ الراح فيه خَصِرا

من رُضابٍ مثلِ ذوبِ الوَرقِ

عطَّرَت أنفاسُهُ منّى فما

وكَسا طيبُ شَذاهُ نَفسي

فنَظَمتُ الدرَّ منّى كلِما

في ثَنا عبد الغنى النابُلُسي

نورُ مِكاةِ مصابيح الهدى

مُظهرُ الأسرارِ فرّاجُ الكُرَب

من بأنوارِ هداه يُقتدى

إن دجا الشكُّ وعمَّ المحتجَب

أطوَلُ العالم في العلمِ يَدا

وأمَدُّ الخلقِ في الفضلِ سبَب

نفَثَت في الروع منه عِندما

راهَق التمييزَ روحُ القُدُسِ

وغدا عند التناهي علَما

ساطعَ الأنوارِ للمقتبسِ

بحرُ علمٍ قد طَمَت أمواجهُ

لِذَوي الأفضالِ من خاصٍّ وعام

وتناهى في العُلا معراجهُ

حيثُ لم يبقَ إلى مرقى مقام

ولكلٍّ قد أضا منهاجُه

فلهذا غَصَّ من فَرطِ الزِحام

ومن الفضلِ أرانا أنجُما

في دُجا الجهلِ البهيمِ الحندِسِ

يهتدى السالكُ منها عِندما

تُجتلى مثلَ الجوارى الكُنَّسِ

يا لَهُ روضُ كمالٍ ناضرِ

عطَّرَ الدنيا بزاكى عرفهِ

جمَّلَ الكونَ بفضلٍ باهرِ

قصُرت أفهامُنا عن وَصفِهِ

ولكَم أحيى لعلمٍ داثرٍ

بعقودٍ نُظِمَت من رَصفهِ

وجَلا عن طُرُقِ الحقِّ عَمى

بعدَها الأفهامُ لم تَلتَبسِ

فهو محيى الدين في العصرِ وما

غيرُه يسمو لهذا النَفَسِ

يا فريدَ الدهرِ يا قُطبَ العُلا

يا منارَ الحقّ إن ضلّ الأثَر

هاكَها عذراءَ زينَت بحُلى

وأتَت ترفُلُ في بُرد الجبر

وسَمَت في مدحكم بين الملا

بعقودٍ فصَّلَتها بدور

ترتجى مُلتَمَساً والانتِما

للمَعالي بُغيَةُ المُلتَمِسِ

دُمتُمُ الدهرَ ملاذاً وحمى

ماعفا المُحسِنُ فيه عن مسى

شرح ومعاني كلمات قصيدة هاج أشجان الجوى برق الحمى

قصيدة هاج أشجان الجوى برق الحمى لـ مصطفى البيري وعدد أبياتها اثنان و خمسون.

عن مصطفى البيري

مصطفى بن محمد، ابن بيري الحنفي، الحلبي، البثروني. شاعر أديب، اشتهر بالأدب النفيس، قدم دمشق مراراً وخالط أدباءها وأفاضلها واشتهر بينهم، توفي بالقسطنطينية.[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي