هذا الرحيق فأين كأس الشاعر
أبيات قصيدة هذا الرحيق فأين كأس الشاعر لـ علي محمود طه

هذا الرحيقُ فأين كأسُ الشاعِرِ
قد أوحشَ الأحبابَ ليلُ السامرِ
لِمَ يا حياةُ وقد أحلَّكِ قلبَهُ
لَمْ تؤثريهِ هوى المحبِّ الشاكرِ
أخليتِ منه يديكِ حين حلاهما
من ذلك الأدب الرفيع الباهرِ
لو عاشَ زادكِ من غرائب فنّهِ
ما لا يُشَبّهُ حسنهُ بنظائرِ
وظَفِرتِ من تمثيله وغنائهِ
بأدقّ مثّالٍ وأرخمِ طائرِ
أملٌ محا المقدارُ طيفَ خيالهِ
وتخطّفَتْهُ يد الزمان الجائرِ
وأصار فرحتنا بمُقْبلِ يومهِ
مأساةَ مَيتٍ في الشباب الباكرِ
متوسّداً شوكَ الطريق مُلَثَّماً
بجراحِهِ مثل الشهيد الطاهرِ
رُدُّوا المراثي يا رفاق شبابهِ
لن تُطفئوا بالدمع لوعةَ ذاكرِ
هذا فتىً نظم الشبابَ وصاغَهُ
وحياً تحدّرَ من أرقِّ مشاعرِ
جعل الثلاثين القِصارَ مدىً له
والخلدَ غايةَ عمرهِ المتقاصرِ
غَنُّوهُ بالشِّعْرِ الذي صَدَحتْ بهِ
أشواقُهُ لحنَ الحبيب الزائرِ
غَنُّوهُ بالشِّعْرِ الذي خفقتْ بهِ
أنفاسُهُ لحنَ الحبيب الهاجرِ
تلك القوافي الشارداتُ حُشاشةٌ
ذابت على وَتَرِ المغَنِّي السَّاحرِ
فتسمّعوا أصداءها في موكب
للموت مُحتشدِ الفواجع زاخرِ
مَشَتِ الطبيعةُ فيه بين جداولٍ
خُرسٍ وأدواحٍ هناك حواسرِ
ولو استطاعت نضّدت أوراقها
كفناً له والنعشَ غضَّ أزاهرِ
وَدَعَت سواجع طيرها فتألّقت
أمماً تخِفّ إلى وداع الشاعرِ
يا ابن الخيال تساءلَت عنكَ الذُّرى
والشُّهبُ بين خوافقٍ وزواهرِ
وشواطئٌ محجوبةٌ شارفتَها
فوق العواصف والخضمِّ الهادرِ
أيُرى جناحُكَ في السماء كعهده
متوشّحاً فَلقَ الصباح الساغرِ
أيُرى شراعك في العباب كعهده
مُتقلّداً حَلَقَ السحاب الماطرِ
هدأ الصراعُ وكفّ عن غمراته
من عاش في الدنيا بروحِ مغامرِ
وطوى البلى إلَّا قصيدةَ شاعر
أبقى من المثلِ الشرودِ السائرِ
شعرٌ تمثَّلَ كلَّ حسٍّ مُرهَفٍ
لا رصف ألفاظٍ ورصَّ خواطرِ
ودُمىً مُفضَّحة الطلاءِ كأنها
خُشُبُ المسارح مُوّهَتْ بستائرِ
تتمثّلُ التاريخَ في أزيائهِ
بين المصفّقِ وابتسام السّاخرِ
من صُنعِ نظّامينَ جَهدُ خيالهم
مَسحُ الزجاج من الغبار الثائرِ
مُتخلفين عن الزمان كأنهم
أشباحُ كهفٍ أو ظلالُ مساحرِ
يا قومُ إن الشِّعرَ روحانيةٌ
وذكاء قلبٍ في توقّد خاطرِ
نظر الضريرُ به فأدرك فوق ما
لمست يَدُ الآسي وعينُ الناظرِ
مُتَعرّفاً صُوَرَ الخلائق سابراً
أعماقَ أرواحٍ وَغَورَ سرائرِ
هذي عروسُ الزَّنجِ ليلتهُ التي
أومَتْ بكفٍّ حُلّيَت بأساورِ
والنَّجمُ أشواقٌ فمهجة عاشقٍ
وذراعُ مُعتنِقٍ ووجنةُ عاصرِ
الشِّعرُ موسيقى الحياة مُوَقَّعاً
مُتدَفِّقاً من كلِّ عِرقٍ فائرِ
عشاقُ بابلَ لو سُقوا برحيقه
لم يذكروها بالرحيقِ الساكرِ
وتنَصَّتَت أقداحُهم لمغردٍ
مَرِحٍ يُصَفّقُ بالبيان الساحرِ
أو كان كلَّمَ بُرجَها بلسانه
والقومُ شتّى ألسنٍ وحناجرِ
لم نَشكُ من عِوجِ اللسان وَوُحّدت
لهجاتُ هذا العالم المتنافرِ
شرح ومعاني كلمات قصيدة هذا الرحيق فأين كأس الشاعر
قصيدة هذا الرحيق فأين كأس الشاعر لـ علي محمود طه وعدد أبياتها تسعة و ثلاثون.
عن علي محمود طه
علي محمود طه المهندس. شاعر مصري كثير النظم، ولد بالمنصورة، وتخرج بمدرسة الهندسة التطبيقية، وخدم في الأعمال الحكومية إلى أن كان وكيلاً لدار الكتب المصرية وتوفي بالقاهرة ودفن بالمنصورة. له دواوين شعرية، طبع منها (الملّاح التائه) ، (وليالي الملاح التائه) و (أرواح شاردة) و (أرواح وأشباه) و (زهر وخمر) و (شرق وغرب) و (الشوق المائد) و (أغنية الرياح الأربع) وهو صاحب (الجندول) أغنية كانت من أسباب شهرته.[١]
تعريف علي محمود طه في ويكيبيديا
علي محمود طه المهندس (1901-1949) شاعر مصري من وضح الرومانسية العربية لشعره بجانب جبران خليل جبران، البياتي، السياب وأمل دنقل وأحمد زكي أبو شادي.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ علي محمود طه - ويكيبيديا