هلعت قلوب القوم في اليابان

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة هلعت قلوب القوم في اليابان لـ جميل صدقي الزهاوي

اقتباس من قصيدة هلعت قلوب القوم في اليابان لـ جميل صدقي الزهاوي

هلعت قلوب القوم في اليابانِ

للبحر حين طغى وَللنيرانِ

جُزُرٌ غلين كمرجلٍ فتهدَّمت

أَعلامُها من شدَّة الغَليان

وكأن أَسباب السماء تقطعت

وكأن قلب الأرض ذو خفقان

عرت البلاد زلازلٌ فتقوَّضت

فيها بهنَّ منازلٌ وَمَغاني

سل من أَلَمَّ بها يقيس خرابها

ماذا يرى فيها من العمران

وكأَنَّما اِعتاضَت جحيماً تَلتَظي

عَن جنة ملتفة الأغصان

أَرأَيتُما يا أَيُّها القَمرانِ

في الحادِثات كنكبة اليابان

صعقت تخر إِلى الوجوه حلولها

للصيحة الكبرى بكل مَكان

مُنيَ القُلوب وكل حي عندها

والأرض ذات العرض بالرجفان

كَم مرضعٍ ذهلت لها عَن طفلها

فرمت به عنها من الأحضان

وَكَم استجار أَبٌ عَليل بابنه

فأَشاح بالإعراض وَالخذلان

كل اِفتراقٍ لا أبا لك هينٌ

إلا افتراق الروح والجثمان

ما للأعزة في مناعة أَرضهم

هانوا وَما خلقوا بها لهوان

أَرأَيتُما يا أَيُّها القَمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

نار وَطوفان وَزلزال معا

لَم تُبق من صرحٍ ومن إيوان

أكئبْ بهاتيك الطلول وَما بها

من مشهدٍ يدعو إلى الأشجان

تَبكي العيونُ عَلى عفاء ربوعها

وَمصارع الفتيات وَالفتيان

يا للشقاء وَنكبة نزلت بمن

نَزلوا بتلك الأرض من سكان

أَرأَيتما يا أَيُّها القمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

أَخذت تصب بها الطَبيعة غيظها

وَتَثور حانقة عَلى الإنسان

ماذا أَثار الأرض حتى أَصبحت

تَرنو إلى الإنسان بالعدوان

النار شبت في البلاد فأَحرقت

فيها الَّذين نجوا من الطغيان

وَالماء أَغرق من نجوا بفرارهم

من تلكم النيران في البلدان

عصفت بهم في اللَيل عاصفة الردى

فَبَدا الحَريق بجانِب الطوفان

إن صُدَّ عَن بحر فنار قد بَدَت

أَو صد عَن نار فَلُجٌّ داني

النار تدفعهم إلى أَمواجه

وَالموج يقذفهم إلى النيران

الماء وَالنيران قَد فَتكا بهم

وَالماء وَالنيران يستبقان

النار تَشوي وَجههم بشواظها

وَالماء يغرقهم بلا تحنان

أَرأَيتما يا أَيُّها القمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

الأرض تقصف كالمدافع تحتهم

وَالجو يلمع باللَهيب القاني

وَتَرى البروق وَقَد تتابع وَمضُها

تَبدو ضواحك في سحاب دخان

وإذا الصواعق أَرزَمَت من فوقهم

خروا لخشيتها إلى الأذقان

بل كُلَّما سمعوا هزيمَ رعودها

وَضعوا أَصابعَهم عَلى الآذان

وَإِذا أَضاءَت أَغمضوا حذر الردى

أَو خطفها الأبصار باللمعان

إنَّ الغشمشم وَالجبان كلاهما

في مثل تلك الحال يستَويان

وكأنما تلك الجَزيرَة كلها

لَيسَت عَلى وسع سوى بركان

قَد كانَ في اليابان يا لشقائها

ما لَم يكن في الظن والحسبان

أكبر بها من نكبةٍ سوداء قد

أَخنت عَلى الآباء والولدانِ

أَما الوجوه فإنها قد بدلت

ألوانهن بأَسوأ الألوان

مسودة بالنار تحسب أَنَّها

مطلية بالقار وَالقطران

أَرأَيتما يا أَيُّها القمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

الرجَّة الأولى وَكانَت بغتةً

أَودَت بأكثرهم ببضع ثوان

ماتوا وَماتوا ثم ماتوا ثم لم

يسلم سوى القاصي من الموتان

أَما الألى ظنوا النجاة لنفسهم

فالظن صار بهم إلى الخذلان

لا يعرفون أَأبعدوا عَن حتفهم

أَم أَنَّ ساعات الحمام دواني

لَم يطو من أَسَفي عليهم كونهم

متوارثين عبادة الأوثان

بل كلنا بشر أَبوهم مِن أَبي

عند الرجوع وَكلهم إخواني

ما تلك إلا أُمَّة شرقية

قامَت قيامتها بغير أوان

كَم كانَ فيهم من خَطيب مصقع

طلب البيان ولات حين بيان

أَرأَيتما يا أَيُّها القمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

خطب جسام لَم يشاهد مثله

وَلَقَد مضت حقب من الأزمانِ

لَو أنهم كانوا أَمام جحافل

طَلَبوا النزال وَسارعوا لطعان

لكنهم عرفوا بأن عدوهم

لا يَنتَهي بشجاعة الشجعان

أَرأَيتُما يا أَيُّها القَمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

أَما الخسار فإنه في نفسه

لأَجلُّ من وصفٍ ومن تبيان

بل ليس يَدري غير زائر جزرهم

ما قَد أَصابَ القوم من خسران

ذاكَ الثراء الوفر من مجهودهم

لَم يغنهم شيئاً عَن الحدثان

وَهَل الحَياة اذا أَلَمَّت نكبة

ما يَشترى بالأصفر الرنّان

أَهُناك من نفس المساوم مانع

أَم حيل بين العير وَالنزوان

أَرأَيتما يا أَيُّها القمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

يا زهرة الشرق الَّتي قد أزهرت

حيناً كأحسن كوكب نوراني

قَد كانَ وجهك فاتني لمعانه

لَهفي عَلى لَمعانه الفتان

أَي الصروف عرا يسومك ذلة

وَهَل النجوم تذل للصرفان

الشرق لَيسَ وإن تعدد رزؤه

عَن نكبة اليابان ذا سلوان

أَرأَيتما يا أَيُّها القمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

وَلَقَد يريك الدهر في حدثانه

ما للطَبيعة فيه من سلطان

لا يسلم الإنسان من عدوانها

فالوَيل كل الوَيل للإِنسان

إِنَّ الطَبيعة لا تُسالِم أَهلها

في كل أَرض أَو بكل زَمان

تأَتي الكوارِث يتّبعن كوارثاً

فتلمُّ بالإنسان وَالحَيوان

الأرض تَحتَ المرء يَغلي جأَشها

وَينام ملء العين في اطمئنان

لَيسَ الَّذي تأَتيه عند هدوِّها

مثل الَّذي تأَتيه في الثوران

في جوفها النيران تذكو وهي لا

تنفك حول الشمس عن دوران

إِنّا من الأرض الفضاء ببقعة

لَيسَ الحَياة بها سوى حدثان

أَرأَيتما يا أَيُّها القمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

إن الزَلازِل لا تَزال خفيَّة

أَسباب ثورتها عَن الأذهان

كثرت ظنون العقل في تَعليلها

وَالكل مفتقر إلى برهان

وَلَقَد تَكون الكَهرباء يثيرها

في الأرض طبق ظروفها القمران

الكَون نسج الكَهرباء وإنها

هي هذه الحركات في الأكوان

وَهُناك ناس جاهِلون يَرون في

أمر الزَلازل أصبع الشَيطان

وَالبَعض يزعم أن جملة أَرضه

حملت عَلى ثور له قرنان

فإذا تعمد أن يحرك قرنه

أَخذت جَميع الأرض بالرجفان

أَرأَيتما يا أَيُّها القمران

في الحادِثات كنكبة اليابان

شرح ومعاني كلمات قصيدة هلعت قلوب القوم في اليابان

قصيدة هلعت قلوب القوم في اليابان لـ جميل صدقي الزهاوي وعدد أبياتها اثنان و ثمانون.

عن جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي. شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية. وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و (الجاذبية وتعليها -ط) ، و (المجمل مما أرى-ط) ، و (أشراك الداما-خ) ، و (الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و (رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط) ، و (الكلم المنظوم-ط) ، و (الشذرات-ط) ، و (نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و (رباعيات الزهاوي -ط) ، و (اللباب -ط) ، و (أوشال -ط) .[١]

تعريف جميل صدقي الزهاوي في ويكيبيديا

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن الملا أحمد بابان الزهاوي (1279 هـ - 1354 هـ / 1863 - 1936 م): شاعر، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر، وهو علم من أعلام الشعر العربي الحديث، ورائد من روّاد التفكير العلمي والنهج الفلسفي. مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتيها. وبيته بيت علم ووجاهة في العراق. كردي الأصل، أجداده البابانيون أمراء السليمانية، ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي الزهاوي.تلقى العلم على يدي أبيه مفتي بغداد، وفي مدرسته التي عُرفت بما تدرسه من العلوم الشرعية الإسلامية والأدب العربي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذا للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذا للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذا للمجلة في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائبا عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائبا عن بغداد، فرئيسا للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي.

[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي