وقفت على المستنصرية باكيا

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة وقفت على المستنصرية باكيا لـ جميل صدقي الزهاوي

اقتباس من قصيدة وقفت على المستنصرية باكيا لـ جميل صدقي الزهاوي

وقفت على المستنصرية باكياً

ربوعاً بها للعلم أمست خواليا

وقفت بها أبكي قديم حياتها

وأبكي بها الحسنى وأبكي المعاليا

وقفت بها أبكي بشعري بناتها

وأنعى سجاياها وأنعى المساعيا

بكيت بها عهداً مضى في عِراصها

كريماً فليت العهد لم يك ماضيا

بكيت بها المدفون في حجراتها

من العلم حتى بلَّ دمعي ردائيا

أكفكف بالأيدي بوادر أدمعي

ويأبين إلا أن يفضن جواريا

وطأطأت رأسي في ذراها تواضعاً

وحييت بالتسليم منها المغانيا

وسرحت أنظاري بها فوجدتها

بناءً لتشييد المعارف عاليا

بناءً فخيماً عز للعلم مثله

فقلت كذا فليبن من كان بانيا

والفيت قسماً قد تداعى جداره

وقسماً على ما كان من قبل باقيا

تهبُّ رياح الصيف في حجراتها

فتلبسها ثوباً من النقع هابيا

وتسعى الجدران منها عناكب

تُجِدّ لها فيما تداعى مبانيا

فالممت فيها بالرسوم دوارسا

وساءلت منهن الطلول بواليا

وقلت لدار البحث عظِّمت محفلا

وقلت لنادي الدرس حييت ناديا

أكلية العلم الذي كان روضه

نضيراً كما شاء التقدم ناميا

بأية ريح فيكِ هبت زعازع

تصوَّح ذاك الروض فاجتث ذاويا

لقد كنت فيما قد مضى دار حكمة

بها يعلم الناس الحقائق ماهيا

فكنتِ بأفق الشرق شمساً مضيئة

تشعين نوراً للمعارف زاهيا

وكانت بلاد الغرب إذ ذاك في عمى

تقاسى من الجهل الكثيف الدياجيا

فأين رجال فيك كانوا مشائخاً

إليهم يحث الطالبون النواجيا

وكانوا بحاراً للعلوم عميقة

وكانوا جبالاً للحلوم رواسيا

وكانوا مصابيح الهدى ونجومها

بهم يهتدى من كان في الليل ساريا

يميتون في نشر العلوم يهارهم

ويحيون في حل العويص اللياليا

نواحيك من طلابها اليوم أقفرت

وكانوا ألوفاً يملأون النواحيا

فقالت وقاك اللَه لا تسأَلنّني

فمالك نفع في السؤال ولا ليا

فقلت أجييني كما كنتِ سابقاً

تجيبين من قد جاء للعلم راجيا

فقالت ألمت حادثات عظيمة

وجرَّت عَلَى هذي البلاد دواهيا

هناك استبد الدهر بالناس مُبدلا

فرفّع مخفوضاً وسفّل عاليا

هناك اضمحلت دولة عربية

بها كانت الأيام ترفع شانيا

وعُوّض عنها دولة ثم دولة

تُسَرُّ بكون الجهل في الناس فاشيا

وذاك لأن العلم للمرء مرشد

يعلمه عن حقه أن يحاميا

عرت نكبات الدهر بغدادَ بعدما

بها رَدَحاً ألقى السلام المراسيا

فأذهب ما للعلم من رونق الصبا

تتابعُ أحداثٍ يُشبن النواصيا

وأدنى الذي قد نابها من نوائب

خرابى ولولاها لما كان دانيا

فكابدت منهن الصروف نوازلاً

وقاسيت منهن الخطوب عواديا

وأبدى على عزى القديم إهانتي

رجال لشخص العلم كانوا أعاديا

وأُهملت حتى انهد مني كما ترى

مبانٍ لنشر العلم عزت مبانيا

وصرت على حكم الذين تحرّزوا

من العلم يا هذا إلى ما ترانيا

فقد ذوىَ الغصن الذي كان ناضراً

وقد عطِّل الجيد الذي كان حاليا

أضاءت قرون بي هي اليوم قد خلت

فسل إن تشأ عني القرون الخواليا

وكنت أرجى أن تعود عمارتي

إذا بعث الرحمن للعلم راعيا

فأمّلت عمراً ذلك العَود باطلاً

وعشت له دهراً أُمنَّى الأمانيا

أرجِّى بها أني ألاقي شبيبتي

فأيقنت هذا اليوم أن لا تلاقيا

لقد نقض الأيام بالعجم مِرّتي

ومرُّ الليالي يَتبّعن اللياليا

ورنَّق عدوان الزمان معيشتي

فمن ليَ أن ألقى الزمان مصافيا

ومزَّقني الباغون كل ممزَّق

ولا أحد عن فعل ذلك ناهيا

فقد صيروا للحفم بعضى مخازناً

وبعضي حوانيتاً وبعضي ملاهيا

وحُطَّت بساحاتي ابتغاء رسومها

بضائع للتجار تشقى الأهاليا

ولاقيت منهم كل خسف وجفوةٍ

فماذا عسى من بعد ذا أن أُلاقيا

أَبِيتُ بِلا ضوء ينير دجنتي

وَيدفع عني وحشتي وظلاميا

أُغل فلا أُسقى من الماءِ شربة

ودجلة تجري بالنمير أماميا

فيا ليتني كنت امَّحَوت بأجمعي

ولا كان في حالي كذا الذل باديا

كما أنه أختى النظامية امحَّت

ولم يبقِ من آثارها الدهر باقيا

وكل جديدٍ سوف يرجع للبِلى

إذا لم يكن منه له اللَه واقيا

شرح ومعاني كلمات قصيدة وقفت على المستنصرية باكيا

قصيدة وقفت على المستنصرية باكيا لـ جميل صدقي الزهاوي وعدد أبياتها أربعة و خمسون.

عن جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي. شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية. وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و (الجاذبية وتعليها -ط) ، و (المجمل مما أرى-ط) ، و (أشراك الداما-خ) ، و (الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و (رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط) ، و (الكلم المنظوم-ط) ، و (الشذرات-ط) ، و (نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و (رباعيات الزهاوي -ط) ، و (اللباب -ط) ، و (أوشال -ط) .[١]

تعريف جميل صدقي الزهاوي في ويكيبيديا

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن الملا أحمد بابان الزهاوي (1279 هـ - 1354 هـ / 1863 - 1936 م): شاعر، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر، وهو علم من أعلام الشعر العربي الحديث، ورائد من روّاد التفكير العلمي والنهج الفلسفي. مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتيها. وبيته بيت علم ووجاهة في العراق. كردي الأصل، أجداده البابانيون أمراء السليمانية، ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي الزهاوي.تلقى العلم على يدي أبيه مفتي بغداد، وفي مدرسته التي عُرفت بما تدرسه من العلوم الشرعية الإسلامية والأدب العربي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذا للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذا للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذا للمجلة في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائبا عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائبا عن بغداد، فرئيسا للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي.

[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي