ولم أر مثل الخمر للهم شافيا
أبيات قصيدة ولم أر مثل الخمر للهم شافيا لـ ابن نباتة السعدي
ولم أرَ مثلَ الخمرِ للهمِّ شافياً
إذا هي لم تلقَ الغيورَ المحامِيا
ولا كحِذارِ العارِ للثارِ طالباً
ولا كذُبابِ السيفِ للجهلِ ناهيا
يفوتُ ضجيعُ التّرّهاتِ طِلابُه
ويَدنو إلى الحاجاتِ من كانَ ساعِيا
وسرٍ إلى العلياءِ لم أتخذْ لهُ
صَديقاً ولم أُطلعْ عليهِ معاديا
إذا كان دائي خافِياً لم أبحْ بهِ
فأيُّ طبيبٍ يخبرُ النّاسَ ما بِيا
تَخَيّرَ تاجُ المِلّةِ المَجْدَ واصْطَفَى
من العِزِّ أهْوالاً تُشيبُ النّواصِيا
يُفارقُ فيها رأسَه كلُّ مُعْلَمٍ
فما تَعْلَمُ الراياتُ فيها العَوالِيا
طوى سِرَّهُ عن طَرفِه ولسانِهِ
وأصبحَ لا يرضى من العيْشِ فانيا
وشاغَبَ رَيْبَ الدّهْرِ يَثلِمُ حَدّهُ
ويَرجُم فيه منْ تَمنّى الأمانِيا
فيوماً بحَمراء الهَواجرِ قائِظاً
ويوماً ببيضاء الصّنابِرِ شاتِيا
يُخبرُ عمّا في فؤادكَ ظنُّه
وكان لأسرارِ الضّمائرِ فاليا
وبين نجومِ القندَهار وبابِلٍ
وبرقَةَ كيدٌ لا يَقيلُ الأعادِيا
يَدا ضيغم ناشَ الرماحَ ونشنَه
وعاودَ مخضوبَ الذّراعينِ ضاريا
يعفُّ عن الصيدِ اللّئيمِ مَرامُهُ
إذا عَدِمَ الأقرانَ أصبحَ طاوِيا
فباشرهم يَجلو صَفيحةَ وجهِه
على أذرعٍ تَجْلو الصّفيحَ اليَمانيا
وما أنصفتْ عندَ القِراعِ كَتيبةٌ
مقنَّعةٌ تَلقى السّيوفَ العَواريا
حَلَفْتُ بأرْماحٍ تُعانِقُ صَبْوةً
نُحورَ كِرامٍ يَعْشَقونَ المَعاليا
رأَوا حَدّها أحلى من الذُّلِّ مطعماً
وأوفقَ من عيشٍ يكون تَلافيا
وبالزمنِ التّاجي أنّ حِذارَهُ
أراكَ ذِئابَ الرملِ تَحمي المَواشيا
لَنَعْمَ مليكُ الأرضِ زاركَ راقياً
لرأيكَ من داءِ العقوقِ مداويا
أخوكَ الذي يَحمي حِماكَ ويَبْتني
عُلاكَ ويَرعى منكَ ما لست راعِيا
يَعِزُّ عليه أنْ تُلِمّ مُلِمّةٌ
يكونُ بها هَشَّ المكارمِ خاوِيا
وإنْ تصحبِ العلياءَ ذرعُكَ ضيقاً
وهمُّكَ من كسْبِ المَحامِدِ خالِيا
رميتَ بها رطبَ الشّمائلِ مُعْجَباً
كأنّك ما أبصرتَ قبلَكَ راميا
فلا أنتَ فارقتَ الإمارةَ رغبةً
ولا أنا ودّعْتُ الشّبيبةَ قالِيا
وفي كل يومٍ أنتَ راكبُ عَثْرةٍ
تُخادعُ عنها المُبْصِرَ المتغاضِيا
رعاكَ بعيني رقةٍ وفظاظةٍ
وماطلكَ البغضاءَ غضبانَ راضِيا
يُسَدّدُ قبلَ الطّعنِ رأياً مثقفاً
يَرُدُّ سنانَ الرّمحِ أبكَمَ نابِيا
وتعدمُ في الجيشِ العَرَمْرَمِ حازماً
وإن كنتَ فيه لست تَعْدَمُ حامِيا
ولمّا توقّتْ جمرةُ الحربِ نارها
وأصبحَ لا يرجو الأسيرُ مفاديا
عَفا مطرقُ الأحقادِ عن كلّ زلةٍ
لَها ناسياً في القومِ أو مُتناسيا
وأعرضَ عن ذكرِ الضّغائنِ غالبٌ
على الحزمِ يمضي منه ما كان ماضِيا
إذا كنتَ تولي كل شيءٍ كرهتَه
عِتابكَ عاتبتَ الرياحَ الهَوافيا
لعَمري لقد أذكى الهمامُ بأرضِهِ
مُشَهَّرَةً ينْتابُها الفخرُ صالِيا
تغيبُ النجومُ الزهرُ عندَ طلوعِها
وتَحْسُدُ أيامُ الشّهورِ اللّيالَيا
قِلادةُ مَجْدٍ أغفلَ الدّهْرُ نَظمَها
عليهِ وقد جرَّ السِّنينَ الخَوالِيا
وقاسَ بني شَمْرٍ بآلِ مُحَرّقٍ
وغربلَ ألفاظَ الوَرى والمَعانيا
هي الليلةُ الغَرّاءُ في كلِّ شَتْوَةٍ
تُغادِرُ جيدَ الليلِ أتلعَ حالِيا
ولابدّ من شَعْواءَ يَبْرقُ خالُها
بغَيْرِ سَحابٍ يتركُ الجوَّ دامِيا
عسى وقعُها بعدَ التّعَلُّلِ والمُنى
على النأيِ يَشفى من كُتامَةَ دائيا
وأعجَبكم من جانِبِ الرّملِ ماطِرٌ
تُراعي الغُرَيْرِيّاتُ فيه المَذاكِيا
أظنّ الطوالَ الشمَّ لا يتركونَها
سِوى العامِ تَرعى من قُراقِرَ وادِيا
ولا يقبلونَ النصفَ حتى يُعَجِّلوا
وفاءَ غَريمٍ يَجْعَلُ السّيفَ قاضِيا
ولو جفتِ الغُدرانُ دونَ مسيرِه
لأنبطَ نَهراً في السّماوةِ جارِيا
ببيضِ الظُّبى يَنْفي دُجى الليل رائحاً
وبالنّقْعِ يُبْهي مَطْلَعَ الشّمسِ غادِيا
يُغيِّرُ آثارَ القرونِ التي خَلَتْ
ويَجعَلُ أخبارَ الملوكِ مَلاهِيا
شرح ومعاني كلمات قصيدة ولم أر مثل الخمر للهم شافيا
قصيدة ولم أر مثل الخمر للهم شافيا لـ ابن نباتة السعدي وعدد أبياتها ستة و أربعون.
عن ابن نباتة السعدي
عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي أبو نصر. من شعراء سيف الدولة بن حمدان طاف البلاد ومدح الملوك واتصل بابن العميد في الري ومدحه. قال أبو حيان: شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس. وقال ابن خلكان: معظم شعره جيد توفي ببغداد. له (ديوان شعر -ط) وأكثره في مختارات البارودي.[١]
تعريف ابن نباتة السعدي في ويكيبيديا
ابن نُباتة السعدي هو الشاعر أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن نباتة بن حميد بن نباتة بن الحجاج بن مطر السعدي التميمي، (من بني سعد من قبيلة بني تميم) ولد في بغداد عام 327هـ/941م، وبها نشأ، ودرس اللغة العربية على أيدي علماء بغداد في عصره حتى نبغ، وكان شاعراً محسناً مجيداً بارعاً جمع بين السبك وجودة المعنى، قال عنه أبو حيان: «"شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس"» وقال عنه ابن خلكان : «"معظم شعره جيد توفي ببغداد"». وانتشر شعره وطبع ديوانه، ذكره صاحب تاريخ بغداد، وصاحب وفـيات الأعيان، وصاحب مفتاح السعادة، كما ذكر أشعاره وأخباره التوحيدي والثعالبي فـي مؤلفاتهما. طرق معظم أغراض الشعر وموضوعاته ، وطغى على قصائده المدح ، وأغلب الظن أن أول مدائحه كانت فـي سيف الدولة الحمداني، فقد عدّ من خواص جلسائه وشعرائه.
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ ابن نباتة السعدي - ويكيبيديا