يا دهر مالك لا تثني يد النوب
أبيات قصيدة يا دهر مالك لا تثني يد النوب لـ ابن نباتة السعدي
يا دهرُ مالكَ لا تَثني يدَ النوبِ
إني أخافُ عليْها سورةَ الغَضَبِ
ولا تأمَنَنَّ حليماً رمتَ هَضْمَتَه
أنْ يركبَ الجهلَ عُرياناً بلا قَتَبِ
أَراحَني اللهُ من قلبٍ بُليتُ بهِ
يهوى القعودَ ويهوَى أشرفَ الرّتبِ
اطلُبْ لهمكَ بالمُنى كَلِفاً
وخَلِّ صَدْري فما لي فيكَ من أرَبِ
فالمجدُ يَطلُبُ بالآفاتِ طالبَهُ
لم يحظَ بالمجدِ من لم يحظَ بالنُكَبِ
لا يمنَعَنّكَ صدمَ السيفِ رهبتُه
إنّ المذلّةَ أولى منه بالرّهَبِ
رِد الهجيرَ بثوبِ الشمسِ ملتثماً
واعقِدْ بطرفكَ سيرَ الأنجمِ الشُّهبِ
كيْما تنالَ من الدّنيا نهايتَها
إمّا حِماماً وإمّا حُسْنَ مُنقَلَبِ
سعى رجالٌ فَنالوا قدرَ سَعْيِهُمُ
لم يأتِ رزقٌ بلا سَعيٍ ولا طلبِ
حُسْنُ التّأنّي مفاتيحُ الغِنى وعلى
قَدرِ المطالبِ تَلقى شِدّةَ التّعبِ
ما بالزمانِ سِوى أولادِهِ طَبَعٌ
إنْ لم يكونوا بَنيهِ فالزّمانُ أبِي
تجنّبوني وأطرافُ الظُّبا حُلَلي
يا للرّماحِ ويا للهنديّةِ القُضُبِ
ليس المصائبُ عن حالي بمُقْلعة
أو ترتدي حدَّ سيفِ الدولةِ الذَّرِبِ
بمُسْبَلٍ فوقَ ظهرِ الأرضِ مُنسَحِبٍ
ومن ترائبها والنّحر مختضِبِ
ألا قُبوركَ صَمْصاماً مساكنهُ
هامُ العِدا بَدَلَ الأجفانِ والقِرَبِ
ما تكربُ الحربُ أنْ يُستَلَّ مُنصله
حتى يُمزّقَ قلبَ الجحفلِ اللّجِبِ
يَفري جماجِمَه والموتُ مفترشٌ
من النّزالِ صدورَ القومِ للركبِ
مشغوفةٌ بغريبِ الهمِّ همّته
يَرى السرورَ بعينِ الحزنِ والكَرَبِ
لا يطمئنُ إلى الدنيا وبَهْجَتِها
ويطمئنُ إلى الأحْداثِ والنُّوَبِ
لو كانَ شيءٌ من الأشياءِ يُطربُهُ
كانت مَعاليهِ تحظى منه بالطّربِ
مهذبٌ يسبِقُ الآمالَ نائلُه
فَما يكلِّفُ كَفاً أنْ تقولَ هبي
لو لم يكُن في الذي يُعطيهِ فائدة
إلاّ صِيانَتهُ العافي عن الطّلَبِ
يستكتمُ الرِّفدَ مُعطاهُ فَقاصِدهُ
يقولُ قد خِبْتُ كي يَرضى ولم يَخِبِ
كأنّهُ حينَ يستخفي مكارمَه
يَعُدُّ إظهارَها فينا من الرِّيَبِ
لا يهتدي الدّهْرُ قَتراً في مسالكِه
ولا يُدانيه في مجدٍ ولا حَسَبِ
خَرستَ يا دهرُ كيما لا تقولُ أجَلْ
إنْ كنتَ مثلَ أبيه القَرم تنتَسِبِ
اللهَ اللهَ يا صَمصامُ في رجلٍ
ببابِ دارِكَ قد أشفى على العَطَبِ
أجزلتَ من أدَبِ الدُنْيا عطيتَه
فهبْ له نَشَباً يا واهبَ الأدَبِ
ولا تقلْ في الذي أعطيتَ مُقْتَنَعٌ
فاقرعْ بهِ حلقَ الأرزاقِ واكتسبِ
مَنْ خابَ عندَك لم يُسْعَدْ بفائدةٍ
ومن تعدّاكَ لم يَظْفَرْ بمُطَّلَبِ
إنْ كان مثلي لا تُرضى خلائقُه
يَسومُ مِثلكَ أنْ ترضاهُ بالغَلَبِ
فهل تُطيقُ سُدا فعلٍ بِلا عجبٍ
وفعلُ مثلِكَ لا يخلْو من العَجبِ
بلْ أينَ مثلُكَ كانت هفوةٌ سَبَقَتْ
هيهاتَ لا تُعْطِني شيئاً ولا تهَبِ
أنتَ الذي تُنسَبُ الدُنْيا وعالمُها
إلى عُلاه ولا يُعْزى إلى نسَبِ
حاشاكَ أنْ تدّعيكَ العُربُ واحدَها
يا مَن ثَرى قدمَيهِ طينةُ العربِ
فإنْ يكنْ لكَ وجهٌ مثلَ أوْجُهِهم
عند العيانِ فإنّ الصُفرَ كالذّهبِ
وإنْ يكنْ لكَ نُطقٌ مثلُ نطقِهِمُ
فليس مثلُ كلامِ اللهِ في الكُتبِ
فدتْ ثَراكَ مُلوكٌ لو هَمَمْتَ بهِمْ
دارتْ جَماجمُهم للشَّربِ كالعُلَبِ
لا مالُهم باتَ محزوناً لسائلِهم
ولا دِماؤهُم تَشْفى من الكَلَبِ
أولادَ تَغلِبَ حلَّ الموتُ حُبوتَهُ
في دارِنا ودَعا بالويلِ والحَرَبِ
هَبوا لنا طَرَفاً من عمر جاهِكمُ
يفنى به غابرُ الأيامِ والحِقَبِ
فإنّ جاهَكُم يُعطى من الحسَبِ
ما ليسَ تُعطى عطاياكُم من الحَسَبِ
ركبٌ أمالوا خِباءَ الليلِ نحْوَكُمُ
حتى تقوضَ بالأعمادِ والطُّنبِ
أبوهُمُ الهمُ والبيداُ أمُّهُم
وما لهم ذملانُ الأينق الشُّسُبِ
لا يبتغون إلى معروفِكم سَبباً
إلاّ عطاياكُم الراجي لِلا سببِ
إنّ التغربَ شخصٌ ليس يألَفُه
إلاّ فتىً كَلِفٌ بالهمّ والنَّصَبِ
لا تَحْسُدَنّ غريباً أنْ يُقالَ لهُ
ما تحملُ الأرضُ مع نَبعٍ ومن غَرَبِ
فلستُ عند غروبِ الشمسِ أرحمُها
إلا لرحمةِ قَلبي كلَّ مُغتَرِبِ
شرح ومعاني كلمات قصيدة يا دهر مالك لا تثني يد النوب
قصيدة يا دهر مالك لا تثني يد النوب لـ ابن نباتة السعدي وعدد أبياتها ثمانية و أربعون.
عن ابن نباتة السعدي
عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي أبو نصر. من شعراء سيف الدولة بن حمدان طاف البلاد ومدح الملوك واتصل بابن العميد في الري ومدحه. قال أبو حيان: شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس. وقال ابن خلكان: معظم شعره جيد توفي ببغداد. له (ديوان شعر -ط) وأكثره في مختارات البارودي.[١]
تعريف ابن نباتة السعدي في ويكيبيديا
ابن نُباتة السعدي هو الشاعر أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن نباتة بن حميد بن نباتة بن الحجاج بن مطر السعدي التميمي، (من بني سعد من قبيلة بني تميم) ولد في بغداد عام 327هـ/941م، وبها نشأ، ودرس اللغة العربية على أيدي علماء بغداد في عصره حتى نبغ، وكان شاعراً محسناً مجيداً بارعاً جمع بين السبك وجودة المعنى، قال عنه أبو حيان: «"شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس"» وقال عنه ابن خلكان : «"معظم شعره جيد توفي ببغداد"». وانتشر شعره وطبع ديوانه، ذكره صاحب تاريخ بغداد، وصاحب وفـيات الأعيان، وصاحب مفتاح السعادة، كما ذكر أشعاره وأخباره التوحيدي والثعالبي فـي مؤلفاتهما. طرق معظم أغراض الشعر وموضوعاته ، وطغى على قصائده المدح ، وأغلب الظن أن أول مدائحه كانت فـي سيف الدولة الحمداني، فقد عدّ من خواص جلسائه وشعرائه.
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ ابن نباتة السعدي - ويكيبيديا