يا ربة البيت الممنع جاره

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة يا ربة البيت الممنع جاره لـ لسان الدين بن الخطيب

اقتباس من قصيدة يا ربة البيت الممنع جاره لـ لسان الدين بن الخطيب

يا رَبّةَ البيْتِ المُمَنَّعِ جارُهُ

ورَبيّةَ الشّرَفِ العَليِّ مَنارُهُ

ما بالُ قلْبِكَ لا يرِقُّ لِهائِمٍ

أمّا لِقَلبي لا يَقَرُّ قَرارُهُ

باعَدْتِ بيْنِ جُفونِ صبِّكَ والكَرى

حتّى تَساوَى ليْلُهُ ونَهارُهُ

وحَمَيْتِ طيْرَ النّوْمِ وِرْدَ شؤونِهِ

فالنّومُ لا يرِدُ الجُفونَ غِرارُهُ

إنْ كُنْتَ تُنْكِرُ ما بقَلْبي منْ جَوىً

يلْتاحُ في طيِّ الضَّلوعِ أوارُهُ

فاسْتَشهِدي الدّمْعَ السَّفوحَ بوَجْنَتي

واسْتَخْبِري الطّيْفَ النّزوحَ قَرارُهُ

وحَذارِ منْ شَرَرِ الحَشا أنْ تَسْألي

فإذا قدَحْتِ الزّنْدَ طارَ شَرارُهُ

تعِسَ العَذولُ أمَا دَرى أنّ الهَوى

خَفيَتْ على أرْبابِهِ أسْرارُهُ

إنْ كانَ أبْطَرَهُ السُّلُوُّ فإنّما

سُلْوانُ مِثْلي في هَواكِ تَبارُهُ

ما للسُّلُوِّ وللمَشوقِ أيَنْثَني

مَنْ قَلْبُهُ بِغَرامِهِ زَخّارُهُ

يا كَعْبَةَ الحُسْنِ الذي قَلْبي لهُ

مرْمى الجِمارِ وأضْلُعي أسْتارُهُ

مُنّي بأيْسَرِ نائِلٍ تُحْيي بهِ

قلْباً تقسَّمَ في الهَوى أعْشارُهُ

قالتْ وقد حذِرَتْ حِبالَ مَطامِعي

لا يُنْكَرَنّ على الغَزالِ نِفارُهُ

لا تُخْدَعَنّ فإنّني إنْسيّةٌ

والحُسْنُ يلعَبُ بالنُّهى غَرّارُهُ

أوَ ما تَرى الملِكَ ابْنَ نصْرٍ يوسُفاً

أسَداً وأنْصارُ النّبيِّ نِجارُهُ

ملِكٌ إذا دَهَمَ الرّدى ترَكَ العِدى

جَزَراً تُجَرَّرُ بالفَلا أكْسارُهُ

نصَرَ الجزيرَةَ حيثُ لا مُسْتَصْرِخٌ

والبأسُ داميةُ الشَّبا أظْفارُهُ

وكفَتْ شَديدَ حُروبِها وجُدوبِها

كفّا الجَلالِ يَمينُهُ ويَسارُهُ

حتّى إذا لقِحَتْ حُروبُ الجَدْبِ عنْ

أزْلٍ وغالَ جَنابَها إضْرارُهُ

فبِكُلِّ أفْقٍ رائِدٌ لا يلْتَقي

لَفَظَتْهُ عنْ ساحاتِها أغْوارُهُ

والضّرْعُ أصْبَحَ منْهُ بعْدَ حُفولِهِ

جفّتْ غَضارَتُهُ وغاضَ سَحارُهُ

عادَتْ بمُصْفَرِّ القَتادِ لِقاحُهُ

واسْتَرْفَدَتْ عُشْرَ الفَلاةِ عِشارُهُ

والقوتُ قُلِّصَ للنّفادِ ظِلالُهُ

والأزْلُ قدْ شمَلَ النّفوسَ حِصارُهُ

والمُرْجِفونَ يلبِّدونَ عَجاجةً

رَجْماً بغيْثٍ أُخْفِيَتْ أقْدارُهُ

حتّى إذا قالوا تسعَّرَ ثاقِبٌ

عمَّ السّماءَ بلَفْحِهِ اسْتِسْعارُهُ

أذْكى شُعاعَ الشّمْسِ نارُ قِرانِهِ

وهُوَ الذي رُصِدَتْ لهُ أدْوارُهُ

واحْتَلّ بيْتَ اللّيْثِ في آثارِهِ

زُحَلٌ وليْثُ الغابِ يُرْهَبُ زارُهُ

والعِلْمُ عِلْمُ اللهِ جلّ جَلالُهُ

والعَبْدُ إدْراكُ القُصورِ قُصارُهُ

وإذا الفَتى خفِيَتْ عليْهِ مسالِكٌ

منْهُ فكيْفَ لغَيْرِهِ إبْصارُهُ

بَيْنا النّجومُ تَشُبُّها ريحُ الصَّبا

واللّيلُ ينهَبُ بالنّسيمِ صِوارُهُ

والصُّبْحُ قِطْعٌ في فِجاجِ شُروقِهِ

والأرضُ قُطْرٌ أُحْمِيَتْ أقْطارُهُ

إذْ أقْبلَتْ سُحُبُ الغَمامِ حَوافِلاً

فحَثا يُجَلْجِلُ في الثّرى مِدْرارُهُ

وأنارَ شيْبَ البَرْقِ عارضُ عارِضٍ

تُحْدى بأصْواتِ الرّعودِ قِطارُهُ

فغزَتْ عدوَّ المَحْلِ في أحْجارِهِ

حتّى إذا طُفِيَتْ بهِنّ جِمارُهُ

أخذَتْ عليْهِ شِعابَهُ ونِقابَهُ

جَونُ الغَمامِ فعُفّيتْ آثارُهُ

فاهْتزّ نبْتُ الأرضِ بعْدَ سُكونِهِ

نشّاً وفُكَّ منَ الرُّغامِ إسارُهُ

واسْتأنَفَ الرّوْضُ اقْتِبالَ شَبابِهِ

فأطَلّ منْ بعْدِ المَشيبِ عِذارُهُ

وتسرْبَلَ الرَّيْحانُ حُلّة سُنْدُسٍ

رقَمتْ جَنوبَ جُيوبِها أزْهارُهُ

وتتوّجَتْ زَهْراً مَفارِقُ دوْحِهِ

وتدرّجَتْ في حُجْرِهِ أبْكارُهُ

لوْلا مَقامٌ للضّراعَةِ قُمْتَهُ

فمَحا خطِيّاتِ الوَرى اسْتِغْفارُهُ

ما كانَ هذا الخَطْبُ ممّا ينْقَضي

ولَلَجّ في آفاقِها إعْصارُهُ

يا أيُّها الملِكُ المُرَجّى والذي

شهِدَتْ بتَقْوى ربِّهِ أخْبارُهُ

كمْ موْقِفٍ لك والقُلوبُ خَوافِقٌ

يهْفو بأجْرامِ الجِبالِ وَقارُهُ

في جَحْفَل لجبٍ تلاطَمَ موْجُهُ

وطَما بأثْباجِ الظُّبا زَخّارُهُ

شُغِفَتْ به بيضُ الصّوارم في الطُّلا

ووَفَتْ بأوْكارِ الرّدى أوْتارُهُ

أطْلَعْتَ منْ شُهْبِ الرِّماحِ ثَواقِباً

في مأزِقٍ أخْفى ذُكاءَ غُبارُهُ

هيْهاتَ يجْحَدُ فضْلَ مجْدِكَ جاحِدٌ

إنّ العُلا علَمٌ وفخْرُكَ نارُهُ

وأدَرْتَ أفْلاكَ السِّياسَةِ فوقَهُ

فافْتَرّ في لَيْلِ الخُطوبِ نهارُهُ

إنْ أصْبَحَتْ أرْضُ الخِلافَةِ معْدِنا

فالنّاسُ تُرْبَتُهُ وأنْتَ نُضارُهُ

لا غَرْوَ أنْ طلَعَتْ فَعالُكَ أنْجُماً

إنّ الهُدى فلَكٌ عليْكَ مَدارُهُ

حلّيْتَهُ وحَمَيْتَ منْ أرْجائِهِ

فلأنْتَ حقّاً سورُهُ وسِوارُهُ

أبني عُبادَةَ إنّ فخْرَ قديمكُمْ

تُلِيَتْ بفُرْقانِ الهُدى أسْطارُهُ

النّصْرُ لفْظٌ أنْتُمُ مدْلولُهُ

والدِّينُ روْضٌ أنْتمُ نَوّارُهُ

والحلم لحظ أنتم أجفانه

والعلم قلب أنتم أنواره

نصْرُ النّبُوّةِ فيكُمْ مُسْتَوْدَعٌ

فهوَ النّسيمُ وأنْتُمُ أسْحارُهُ

القوْمُ ظِلُّ اللهِ بيْنَ عِبادِهِ

حاطَ اليَقينُ بهِمْ فعَزَّ ذِمارُهُ

آوَى لظِلّهِم الهُدى ولَقَبْلُما

أرْدى الضّلالَ بعزِّهِمْ مُخْتارُه

مَنْ كان أنْصارُ النّبيِّ جُدودَهُ

فمَلائِكُ السّبْعِ العُلا أنْصارُهُ

للّهِ في إنْجازِ نصْرِكَ موْعِدٌ

قد آنَ منْ إصْباحِهِ إسْفارُهُ

دجَتِ الخُطوبُ فكُنْتَ نورَ ظَلامِها

خفِيَ الرّشادُ فكُنْتَ أنْتَ مَنارُهُ

فجَوارِحُ الإسْلامِ أنْتَ حَياتُها

حقّاً وصدْرُ الدّين أنتَ صِدارُهُ

فاهْزُزْ ظُبى النّصْرِ العَزيزِ فإنّ مَنْ

عاداكَ مَطلولُ النّجيعِ جُبارُهُ

قد عادَ ذو الإقْدامِ منْكَ بسِلْمِهِ

ذُعْراً وأذْعَنَ رَهْبَةً جَبّارُهُ

ذخَرَتْكَ أحْكامُ الإلاهِ لنَصْرِهِ

ونمَتْكَ منْ هَذا الأنامِ خِيارُهُ

فارْفَعْ شِعارَ الحَقِّ في علَمِ الهُدى

حتّى يَقِرَّ على النّجومِ قَرارُهُ

وانْعَمْ بمُقْتَبلِ السُّعودِ فإنّما

يجْري القضاءُ بكلِّ ما تخْتارُهُ

في مِصْرَ قلْبي منْ خَزائِنِ يوسُفٍ

حُبٌّ وعيرُ مَدائِحي تمْتارُهُ

حلّيْتُ شِعْري باسْمِهِ فكأنّهُ

في كلِّ قُطْرٍ حَلَّه دِينارُهُ

شرح ومعاني كلمات قصيدة يا ربة البيت الممنع جاره

قصيدة يا ربة البيت الممنع جاره لـ لسان الدين بن الخطيب وعدد أبياتها ثمانية و ستون.

عن لسان الدين بن الخطيب

محمد بن عبد الله بن سعيد السلماني اللوشي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله الشهير بلسان الدين بن الخطيب. وزير مؤرخ أديب نبيل. كان أسلافه يعرفون ببني الوزير. ولد ونشأ بغرناطة. واستوزره سلطانها أبو الحجاج يوسف بن إسماعيل (سنة 733هـ) ثم ابنه (الغني بالله) محمد، من بعده. وعظمت مكانته. وشعر بسعي حاسديه في الوشاية به، فكاتب السلطان عبد العزيز بن علي الميني، برغبته في الرحلة إليه. وترك الأندلس خلسة إلى جبل طارق، ومنه إلى سبتة فتلمسان (سنة773) وكان السلطان عبد العزيز بها، فبالغ في إكرامه، وأرسل سفيراً من لدنه إلى غرناطة بطلب أهله وولده، فجاؤوه مكرمين. واستقر بفاس القديمة. واشترى ضياعاً وحفظت عليه رسومه السلطانية. ومات عبد العزيز، وخلفه ابنه السعيد بالله، وخلع هذا، فتولى المغرب السلطان (المستنصر) أحمد بن إبراهيم، وقد ساعده (الغني بالله) صاحب غرناطة مشترطاً عليه شروطاً منها تسليمه (ابن الخطيب) فقبض عليه المستنصر)) . وكتب بذلك إلى الغني بالله، فأرسل هذا وزيره (ابن زمرك) إلى فاس، فعقد بها مجلس الشورى، وأحضر ابن الخطيب، فوجهت إليه تهمة (الزندقة) و (سلوك مذهب الفلاسفة) وأفتى بعض الفقهاء بقتله، فأعيد إلى السجن. ودس له رئيس الشورى (واسمه سليمان بن داود) بعض الأوغاد (كما يقول المؤرخ السلاوي) من حاشيته، فدخلوا عليه السجن ليلاً، وخنقوه. ثم دفن في مقبرة (باب المحروق) بفاس. وكان يلقب بذي الوزاتين: القلم والسيف؛ ويقال له (ذو العمرين) لاشتغاله بالتصنيف في ليله، وبتدبير المملكة في نهاره. ومؤلفاته تقع في نحو ستين كتاباً، منها (الإحاطة في تاريخ غرناطة) ، و (الإعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام-خ) في مجلدين، طبعت نبذة منه، و (اللمحة البدرية في الدولة النصرية-ط) .[١]

تعريف لسان الدين بن الخطيب في ويكيبيديا

محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن علي بن أحمد السّلماني الخطيب الشهير لسان الدين ابن الخطيب ولقب ذو الوزارتين وذو العمرين وذو الميتين، (لوشة، 25 رجب 713 هـ/1313م - فاس، 776 هـ/ 1374م) كان علامة أندلسيا فكان شاعرا وكاتبا وفقيها مالكيا ومؤرخا وفيلسوف وطبيبا وسياسيا من الأندلس درس الأدب والطب والفلسفة في جامعة القرويين بمدينة فاس. يشتهر بتأليف قصيدة جادك الغيث وغيرها من القصائد والمؤلفات. قضّى معظم حياته في غرناطة في خدمة بلاط محمد الخامس من بني نصر وعرف بلقب ذي الوزارتين: الأدب والسيف. نـُقِشت أشعاره على حوائط قصر الحمراء بغرناطة. نشأ لسان الدين في أسرة عرفت بالعلم والفضل والجاه، وكان جده الثالث «سعيد» يجلس للعلم والوعظ فعرف بالخطيب ثم لحق اللقب بالأسرة منذ إقامتها في لوشة وكانت أسرة ابن الخطيب من إحدى القبائل العربية القحطانية التي وفدت إلى الأندلس، وتأدّب في غرناطة على شيوخها، فأخذ عنهم القرآن، والفقه، والتفسير، واللغة، والرواية، والطب.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي