يا مقيل السرب في ظل الأراك
أبيات قصيدة يا مقيل السرب في ظل الأراك لـ محمد سعيد الحبوبي

يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ
بَينَ سَلعٍ وَالكَثيبِ الأَيمنِ
دَبَّجَت تُربُك وَطفاءُ سُكوب
يَضحَكُ البَرقُ بِها وَهيَ قُطوب
ثَرَّةُ الآماقِ تَهمي وَتَصوب
لَزِمَت جَوَّكَ لا تَعدو ثَراك
تَهزِمُ المَحلَ بِجَيشِ المُزنِ
وَكَساكَ الرَوضُ مِن وَشيِ الأَقاحِ
مُطرَفاً تَصقُلُهُ كَفُّ الرِياحِ
إِنَّما الزَهرُ جَلابيبَ البِطاحِ
كَم حَكى مَنسوجَهُ لَمّا كَساكَ
وَشيَ مَصنوعٍ بَصَنعا اليَمَنِ
وَتَغَنّى في رُباكَ العَندَليبُ
يَرقُصُ الغُصنَ لَهُ وَهوَ رَطيبُ
وَثَراكَ اِختالَ في بَردٍ قَشيبُ
مِن أَنيقِ الوَردِ وَالرَندِ يُحاكِ
فَيوشي نَسجُهُ بِالسَوسَنِ
فيكَ ميعادُ التَداني وَالوِصالِ
وَاِقتِضاءَ الدينِ مِن بَعدِ المَطالِ
وَمَلاهينا بِرَبّاتِ الحِجالِ
فَرَعاكَ اللَهُ مَغنىً وَسَقاكَ
واكَفُ الغَيثِ بِهامٍ هَتِنِ
مُذ وَميضَ البَرقِ مِنكَ اِئتَلَقا
ضَرَبتَ أَسماءَ وَعدِ المُلتَقى
فيكَ لي لا بِأَثيلاتِ النَقا
هُنا يا سَعدُ قِف بي لا هُناكَ
فَهُنا عَرِّج بي مُرتَهَني
حَبَّذا تُربِكُ لا المِسكُ الفَتيقُ
حَبَّذا واديكَ لا وادي العَقيقُ
كَم حَجَجنا لَكَ فَنُّ فَجٍّ عَميقُ
فَوقَ عيسٍ حَلَّ مَسراها سِواكَ
صَبَغتَ لا حُبُّها الفَرسَنِ
لِيَ غَزالٌ فيكَ لَم يَأوِ الكِناسِ
يَرتَعُ القَلبُ وَلا يَرتَعُ آسِ
ريقُهُ صَهباءٍ وَالمَبسِمُ كاسِ
قامَ بِالحُسنِ مَليكاً وَمَلاكِ
ناعِسُ العَينَينِ صَلتَ المَرسَنِ
زارَني وَهناً إِذا اللَيلُ سَجا
بَمُحيّا قَد بَدا فَاِنبَلَجا
كُلَّما مَزَّقَ جِلبابَ الدُجى
ظَلَّ في أَصداغِهِ السودُ يُحاكِ
وَيوشيهِ بِكَحلِ الأَعيُنِ
زارَني بِالسَفحِ مِن رَملِ الكَثيبُ
فَتَعانَقنا وَقَد غابَ الرَقيبُ
مِثلَما اِلتَفَّ قَضيبٌ بِقَضيبُ
كُلَّما قَبَّلتُهُ قالَ كَفاكَ
قُلتُ مِن خَدَّيكِ وَرداً أَجتَني
فَاِنثَنى وَاِزوَرَّ مِن تَقبيلِهِ
نادِماً مِنّي عَلى تَنويلِهِ
فَرَأَيتُ الشَكلَ مِن إِنجيلِهِ
قُلتُ يا أَقصى المُنى روحي فِداكَ
ما جَرى قالَ أَما قَبَّلتَني
قُلتُ خُذ عَن قُبلَةٍ مِنّي قَبلُ
قالَ ما كُلُّ رَوىً يَشفي الغُلَلُ
قُلتُ مَن لي بِسَجاياكَ الأُوَلُ
قالَ لي هَيهاتَ مَن يَسمَعُ ذاكَ
أَم أَوفى لا تُباري مَظعَني
شَهِدَت لي بِالهَوى تِلكَ القُدودِ
فَقَضى الحُسنُ لِتَعديلِ الشُهودِ
وَمُذ اِستَشهَدَت في تِلكَ الخُدودِ
قيلَ لي كَذِبٌ وَزورُ مَدعاكَ
أَنَّها مَجروحَةً بِالأَعيُنِ
يا غَزالُ السَفحِ مِن وادي زَرودِ
كُن كَما شِئتَ بِوَصلٍ أَو صُدودِ
سَلَفَت مِن أَهلِ تَيماءِ العُهودِ
لَستُ أَشكو لِزمانٍ مِن نَوالِ
لِيَدٍ بَلَغَتها مِن زَمَني
يَومَ تَزويجِ فَتى المَجدِ حُسَينِ
طَيِّبُ العِرقِ شَريفُ الحُسبَينِ
وَخَتّانَ النَجبُ اِبنُ الأَنجُبَينِ
مَن تَرَبّى وَهوَ في حِجرِ السِماكِ
وَهوَ مِن دَوحِ العُلى كَالفِنَنِ
قُل بِيَومٍ فازَ فيهِ النَيِّرانِ
ذاكَ في عُرسٍ وَهَذا في خَتّانِ
سَعدُ ما أَسعَدَ هَذا مِن قَرانِ
رَصَدَت عَينُ العُلى هَذا وَذاكَ
فَهُما مِنهُما بِمَرأى بَينِ
يا حُسَينُ نِلتَ غاياتَ المُنى
بِمَسَرّاتٍ جَلَت عَنّا العَنا
فَأُهنيكَ كَما شاءَ الهَنا
وَأَهني يا أَخا البَدرَ أَخاكَ
بِالَّذي سَرَّكُم بَل سَرَّني
ذاكَ مَن عَمَّهُم جودُ يَدِهِ
ذاكَ مَن سادَهُم في مَحتِدِهِ
ذاكَ مَن ساغَ الوَرى مِن مَورِدِهِ
ذاكَ مَن ذاكَ وَهلُ تَعرِفُ ذاكَ
ذاكَ مَن أَضحى سَمِيَّ الحُسنِ
نَجعَةَ المُسنِتِ وَالدَوحُ سَليبُ
وَثَمالُ الوَفدِ وَالعامُ جَديبُ
لَم يَزَل بَينَ بَعيدٍ وَقَريبُ
فيهِ مِن أَسرِ يَدِ الضُرِّ فِكاكُ
عارِضٌ لِلمُجتَدي وَالمُجتَني
بَحرُ جودٍ في وُرودٍ وَصُدورِ
عِب حَتّى جازَ أَوكارَ النُسورِ
تَغرَقُ الشِعري بِهِ وَهيَ العُبورِ
وَتَسامى سَمكٌ فيهِ السِماكُ
سايِغُ مَورِدُهُ لَم يَأجِنِ
عَقَدَ الفَخرُ لَهُ تاجُ الفِخارِ
وَلَكُم طاوِلُهُ قَرمُ فِخارِ
أَينَ شُهبُ اللَيلِ مِن شَمسِ النَهارِ
فَليَخفِض إِنَّهُ لَيسَ هُناكَ
وَليَعرُج لِلحَضيضِ الأَحزَنِ
لا تَقسِهِ في دَكاءِ باياسِ
وَبِمَعنِ كَرَماً إِذ لا يُقاسِ
خالِصُ التِبرِ بِقُطرٍ وَنُحاسِ
أَو يُساوي التاجَ نَعلٍ وَشِراكٍ
أَم سَنا الشَمسُ كَلَيلٍ أَدكَنِ
عاشَرَ الأَقرانَ في خَفضِ الجَناحِ
ذاكَ عَن خَلقٍ رَضِيَ وَصَلاحِ
أَنتَ في السَملِ كَمَن خافَ الكِفاحِ
فَإِذا نَبَّهَكَ الهَولُ رَآكَ
أَرقَماً سابَ لَهُ مِن مَكمَنِ
يَرشَحُ السُمُّ شَواظاً في شَواظِ
نافِثُ اللَدغَةِ مِزوَرُّ اللِحاظِ
وَكِلَّتُهُ نَفسُ حَرٍّ بِالحِفاظِ
فَهوَ في شَوكٍ هوانٍ لا يُشاكِ
وَكَذا مَن لَم يَهِن لَم يَهِنِ
يَئِستُ مِن طَيشِهِ قِوسُ الزَمانِ
يَأسٌ مَن جاراهُ في حَوزِ الرِهانِ
أَطلَقوا في جَريِهِم فَضلَ العِنانِ
فَكَبَّت أَرجُلَهُم دونَ مَداكِ
وَاِستَكانوا بَعدَ جَيشٍ أَرعَنِ
قُل لِمَن جاراهُ فَليَلوِ القِيادِ
رامَ ما مِن دونِهِ خَرطُ القَتادِ
وَالسَواري لا تُباريها الوُهّادِ
بَل إِذا ما المُشتَري رامَ عُلاكَ
قَعَدَت هِمَّتُهُ بِالثَمَنِ
أَنتُما في أُفُقِها كَالفَرقَدَينِ
كَثُرَ النَجمُ وَكانا أَوحَدَينِ
لا يُواخي حُسناً إِلّا حُسَينِ
بِالتِزامٍ لا يُوازيهِ اِنفِكاكَ
أَبدَ الدَهرُ وَعَمرُ الزَمَنِ
فَاِسمَعا غَرّاءَ مِن سَرحِ القَصيدِ
لَو رَآها الحَرثُ يَوماً أَو لَبيدِ
وَزِيادٌ وَجَريرٌ وَالوَليدِ
وَهيَ تَجري بِاِنسِكابِ
لَغَدا مَصقَعَهُم كَالأَلكَنِ
زَهرُ رَملٍ جادَهُ الطَلُّ السَقيطُ
لَو رَآها مَن بِهِ مالِ الغَبيطُ
ظَلَّ مِن غَرِّ المَعاني يَستَشيطُ
وَرَآها وَقفا نَبكِ هُناكَ
مِثلَ شَمسٍ وَظَلامٍ مُردَنِ
هِيَ بَكرٌ قَد وَهى بُرقُعُها
تَصدَعُ الشايِنُ وَلا يَصدَعُها
بَل هِيَ الشَمسُ غَدا مَطلَعُها
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ
بَينَ سَلعٍ وَالكَثيبِ الأَيمنِ
شرح ومعاني كلمات قصيدة يا مقيل السرب في ظل الأراك
قصيدة يا مقيل السرب في ظل الأراك لـ محمد سعيد الحبوبي وعدد أبياتها مائة و سبعة عشر.
عن محمد سعيد الحبوبي
محمد سعيد بن محمود، من آل حبوبي، الحسني النجفي. شاعر وفقيه وطني ومجاهد عراقي، من أهل النجف، ولد بها وأقام مدة في الحجاز ونجد، له (ديوان شعر - ط) نظمه في شبابه. وانقطع عن الشعر في بدء كهولته، فتصدى لتدريس الفقه وأصوله، وصنف في ذلك كتباً. وكان في جملة العلماء الذين أفتوا بالجهاد، في بدء الحرب العالمية الأولى، لصد الزحف البريطاني عن العراق، وقاتل على رأس جماعة من المتطوعين، في (الشعبية) مع الجيش العثماني. وبعد فشل المقاومة لم يتمكن من العودة إلى النجف، فنزل بمدينة الناصرية وتوفي بها.[١]
تعريف محمد سعيد الحبوبي في ويكيبيديا
السيّد محمد سعيد بن محمود بن كاظم الحَبّوبي (16 أبريل 1850 - 14 يونيو 1915) (4 جمادى الآخرة 1266 - 2 شعبان 1333) فقيه جعفري وشاعر عربي عثماني عراقي. ولد في النجف ونشأ ودرس بها. درس الأدب على خاله عباس الأعسم، ثم رحل إلى حائل في نجد سنة 1864 مع والده للعمل ثم عاد إلى النجف سنة 1867. واصل دراسته في مدارسها الفقهية، فكوّن تكوينًا اجتهاديًا مستقلًا. زامل جمال الدين الأفغاني أربع سنوات أثناء الدّراسة. ثم تولى التدريس فصار إمامًا في الصحن الحيدري بالعتبة العلوية. كانت له مجالس أدبية ومحاضرات. اشتهر بمواقفه ضد الاحتلال البريطاني في العراق، وقاد جيشًا من أبناء الفرات الأوسط للمقاومة ضد حملة بلاد الرافدين سنة 1914. توفي في الناصرية ودفن في العتبة العلوية. له ديوان شعر طبع مرّات.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ محمد سعيد الحبوبي - ويكيبيديا