يا نفس مالك والانين
أبيات قصيدة يا نفس مالك والانين لـ نسيب عريضة
يا نفسُ مالك والانين
تتألَّمين وتُؤلمين
عذَّبتِ قلبي بالحَنين
وكَتَمتِهِ ما تقصُدين
قد نامَ أربابُ الغرام
وتَدَثَّروا لُحفَ السَّلام
وأبيتِ يا نفسُ المَنام
أفأنتِ وحدَكِ تشعُرين
الليلُ مرَّ على سواك
أفما دهاهم ما دَهاك
فلم التمرُّدُ والعِراك
ما سُورُ جسمي بالمَتين
أطلقتِ نَوحَك للظلام
إيَّاكِ يَسمَعكِ الأنام
فيَظُنَّ زَفرَتك النِّيام
بوقَ النُشورِ ليوم دِين
يا نفس ما لك في اضطِراب
كفريسةٍ بين الذئاب
هلا رجَعتِ إلىالصواب
وبدلتِ رَيبَكِ باليقين
أحمامةٌ بين الرياح
قد ساقها القدرُ المُتاح
فابتلَّ بالمطر الجَناح
يا نفسُ ما لكِ ترجُفين
أوَما لحُزنِكِ من بَراح
حتى ولو أزِفَ الصَّباح
يا ليت سرِّك لي مُباح
فأعي صَدى ما قد تَعِين
أسَبَتكِ أرواحُ القَتام
فأرَتكِ ما خلفَ اللِّثام
فطمِعتِ في ما لا يرام
يا نفسُ كم ذا تَطمَحين
أصعِدتِ في رَكبِ النُّزوع
حتى وصلتِ إلى الرُّبوع
فأتاكِ أمرٌ بالرُّجوع
أعلى هُبوطكِ تأسَفين
أم شاقَك الذِّكرُ القديم
ذكرُ الحِمى قبلَ السَديم
فوقَفتِ في سِجن الأدِيم
نحو الحِمى تتلفَّتين
أَأَضعتِ فِكراً في الفَضاء
فتبعته فوقَ الهَواء
فنأى وغلغلَ في العَلاء
فرَجَعتِ ثَكلى تَندُبين
أسلكتِ في قُطر الخَيال
دَرباً يقودُ إلى المُحال
فحطَطتِ رَحلكِ عند آل
يَمتصُّ رِيَّ الصادرين
فنسيتِ قصدك والطِّلاب
ووقَفتِ يذهِلُك السَّراب
وهرَقتِ فضلاتِ الوِطاب
طمعاً بماءٍ تأمُلِين
حتى إذا اشتدَّ الأوام
والآلُ أسفر عن رُكام
غيَّبتِ رأسك كالنَّعام
في رمل قلبي تَحفرين
أعشِقتِ مثلَكِ في السماء
اختاً تَحِنُّ الى اللقاء
فجلَستِ في سجنِ الرَّجاء
نحوَ الأعالي تَنظُرِين
لوحتِ باليد والرِّداء
لتَراكِ لكن لا رَجاء
لم تدرِ أنك في كِساء
قد حِيك من ماءٍ وطِين
أَتحولُ دونكما حَياه
لو كان يبلوها الإله
لبكى على بشَرٍ بَراه
رَحماً يُصارعُها الجنِين
يا نفسُ أنت لك الخُلود
ومَصِيرُ جسمي للحود
سَيَعيثُ عينَك فيه دود
فدعى له ما تَنخرِين
يا نفس هل لك في الفِصال
فالجسمُ أعياه الوِصال
حمَّلتِه ثقلَ الجِبال
ورَذَلتِه لا تَحفِلِين
عطشٌ وجوعٌ واشتياق
اسفٌ وحزنٌ واحتراق
يا ويحَ عيشي هل تُطاق
نَزَعاتُ نَفسٍ لا تِلِين
والقلبُ وا أسفي عليه
كالطِفلِ يَبسط لي يَدَيه
هلا مدَدتِ يداً اليه
كالأمَّهاتِ إلى البنين
غذَّيته مُرَّ الفِطام
وحرمته ذَوقَ الغَرام
وصنعتِ شيخاً من غُلام
يَحبو على بابِ السِّنِين
فَغَدا كَحَفَّار القُبور
يَئِدُ العَواطفَ في الصُّدور
ويَبيتُ يَهتِفُ بالثُّبور
يَشكو اليك وَتشمتِين
أعمى تُطاعِنه الشُّجون
وجراحهُ صارت عُيون
وبها يرى سُبلَ المَنُون
فيسير سَيرَ الظافرين
حتى اذا اقتربَ المُراد
تُطلى رُؤاه بالسَّواد
ويعود مكفوفاً يُقاد
برَنين عُكَّازِ الحَنين
يتلمَّسُ النورَ البعيد
بأناملِ الفِكر الشريد
ويسيلُ من فَمِه النَشيد
سَيلَ الدِماء من الطَعِين
أرأيتَ بيتَ العَنكَبوت
وذُبابةً فيه تَموت
رقَصت على نغَمِ السُكوت
ألَماً فلم يُغنِ الطَنِين
فكذاك في شرَكِ الرَجاء
قلبي يلذُّ له الغِناء
ما ذاكَ شَدواً بل رثاء
يبكي به الأمَلُ الدَفين
يا نفسُ إن حُمَّ القَضا
ورَجَعتِ أنت إلى السما
وعلى قميصك من دِما
قلبي فماذا تصنعين
ضحَّيتِ قلبي للوُصول
وهرَعت تبغين المثُول
فاذا دُعيتِ الى الدُخول
فبأيِّ عينٍ تَدخُلين
شرح ومعاني كلمات قصيدة يا نفس مالك والانين
قصيدة يا نفس مالك والانين لـ نسيب عريضة وعدد أبياتها ستون.
عن نسيب عريضة
نسيب بن أسعد عريضة. شاعر أديب، من مؤسسي (الرابطة القلمية) في المهجر الأميركي. ولد في حمص، وتعلم بها، ثم بالمدرسة الروسية بالناصرة، وهاجر إلى نيويورك (سنة 1905) فأنشأ مجلة (الفنون) سنة 1913 وأغلقها ثم أعادها، وأضاع في سبيلها ما يملك. وعمل في التجارة، ثم تولى تحرير (مرآة الغرب) الجريدة اليومية، فجريدة (الهدى) وتوفى في مدينة بروكلن. له: (الأرواح الحائرة - ط) ديوان شعره، و (أسرار البلاط الروسي - ط) قصة مترجمة، و (ديك الجن الحمصي - ط) قصة نشرها في (مجموعة الرابطة القلمية) .[١]
تعريف نسيب عريضة في ويكيبيديا
نسيب عريضة (1887 - 1946 م) شاعر وقاص سوري ولد في حمص، درس في دار المعلمين الروسية في الناصرة وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1905م، حيث عمل محرراً في بعض الصحف العربية. أسس مطبعة وأصدر مجلة «الفنون» عام 1912م. كان أحد مؤسسي الرابطة القلمية في نيويورك عام 1920 م، وقد ضمت هذه الرابطة كثيراً من أدباء المهجر في أميركا الشمالية. نشر عدة مقالات، وترجم عدة كتب عن الروسية. يتميز شعره بالرقة والحنين للوطن، وقد جَمعهُ في ديوان «الأرواح الحائرة»، الذي توفي قبل أربعة أيام من صدوره. له قصّتان: «الصمصامة» و«ديك الجن الحمصي». يقول نسيب بن أسعد عريضة في قصيدته «أم الحجارة السود» واصفاً مدينته حمص: حمص العديّة، كلنا يهواك ِ يا كعبة الأبطال، إنّ ثراكِ غمدٌ لسيف الله، في مثواكِ وهي القصيدة الشهيرة التي يقول فيها: يا دهر قد طال البعاد عن الوطنْ هل عودة تُرجى وقد فات الظعنْ خذني إلى حمصٍ[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ نسيب عريضة - ويكيبيديا