أشفقت من مرض أتاح تخلفي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أشفقت من مرض أتاح تخلفي لـ ابن الحاج النميري

اقتباس من قصيدة أشفقت من مرض أتاح تخلفي لـ ابن الحاج النميري

أَشْفَقْتُ مِنْ مَرَضٍ أَتَاحَ تَخَلُّفِي

يَوْمَ الرَّحِيلِ عَنِ الرِّكَابِ الأَشْرَفِ

وَطَفِقْتُ أُظْهِرُ عِبْرَةً مِنْ عَبْرَةٍ

وَأَشِبُّ نَارَيْ لَوْعَةٍ وَتَأَسُّفِ

وَالقَلْبُ فِي إِثْرِ الحمُولِ إِذَا اشْتَفَى

فَبِأَدْمُعِي وَمَثَارِ وَجْدِي يَشْتَفِي

وَعَلَيَّ لَثْمٌ لِلْمَوَاطِىءِ فِي الثَّرَى

بَعْدَ الَّذِينَ قَضَوْا بِذِلَّةِ مَوْقِفِي

وَالذَّنْبُ لِي يَوْمَ اسْتَقَلَّتْ عِيسُهُمْ

وَالخَيْلُ تَسْبَحُ فِي العَجَاجِ الأَكْثَفِ

سِرْبٌ تُقِلُّ مَتُونُهُنَّ فَوَارِساً

نَارُ الوَغَى بِسُيُوفِهِمْ لاَ تَنْطَفِي

لَكِنْ نَفَى هَمِّي حُضُورِي قَبْلَ ذَا

غَزْواً بِقُرْطُبَةٍ جَلاَ ذكْراً يَفِي

وَوَقَائِعاً بِكُمَاتِهَا قَدْ خَلَّدَتْ

شَرَفاً لِرُمْحِي وَالكُمَيْتِ المُشْرِفِ

وَرَأَيْتُ قَصْرَ بَنِي أُمَيَّة بَاكِياً

بِدُمُوعِ نَهْرٍ حَوْلَهُ مُتَلَهِّفِ

وَبَدَتْ لِعَيْنِي لاَ عَفَتْ آثَارُهُمْ

فَعَرَفْتُهَا وَكَأَنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ

لاَ يُبْعِدِ اللَّهُ الأَمِيرَ مُحَمَّداً

فَبِهِ أَزَالَ اللَّهُ كُلَّ تَخَوُّفِ

وَأَعَزَّ دِينَ الحَقِّ مِنْهُ خَلِيفَةٌ

هُوَ مَنْ عَلِمْتَ ابْنُ الخَلِيفَةِ يُوسُفِ

مَلِكُ المُلُوكِ المُخْتَلِي هَامَ العِدَى

وَالخَيْلُ تَعْثرُ فِي القَنَا المُتَقَصِّفِ

نَسَقَ الفُتُوحَ خَوَارِقاً عَادَاتُهَا

بِأَجَلِّ صُنْعٍ بَاهِرٍ وَمُكَيَّفِ

وَأَرَى عَجَائِبَ قَطُّ لَمْ يَسْمَعْ بِهَا

فِي كُلِّ تَارِيخٍ وَكُلِّ مُصَنَّفِ

وَكَأَنَّمَا النَّصْرُ العَزِيزُ وَرَأْيُهُ

خَلْفَانِ ذَا عَنْ ذَاكَ لَمْ يَتَخَلَّفِ

وَكَأَنَّمَا الفَتْحُ المُبِينُ وَسَيْفُهُ

خِلاَّنِ كُلٌّ مِنْهُمَا الخِلُّ الوَفِي

فَإِذَا الجُيُوشُ لأَرْضِ قُرْطَبَةٍ كَمَا

هَاجَ البِحَارَ هُبُوبُ رِيحٍ مَعْصِفِ

وَأَعَدَّهَا مِلْءَ الأَبَاطِحِ وَالرُّبَا

جَرَّارَةً أَذْيَالَ نَقْعٍ مُرْدِفِ

وَالحَرْبُ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ إِذَا أَتَتْ

فِي بُرْدِ نَقْعٍ بِالدِّمَاءِ مُفَوَّفِ

فَاحْتَلَّ مِنْ أَرْجَائِهَا مُتَبَوَّأً

بِحُلولِهِ عَيْنُ الرَّدَى لَمْ تَطْرِفِ

وَسَدَدْتَ يَا مَلِكَ الزَّمَانِ فَضَاءَهَا

بِفَوارِسٍ كَالأُسْدِ مَهْمَا تُشْرِفِ

وَأَعَدْتَ بِالطَّعْنِ الدِّرَاكِ حُمَاتَهَا

جُزُرَ العَوَافِي مَا لَهَا مِنْ مَصْرِفِ

وَأَجَلَّ قَنْطَرَةٍ أَبَحْتَ عُبُورَهَا

لِعَصَائِبٍ مِثْلِ الذُّبَا إِنْ تَزْحَفِ

فَبَدَتْ شُمُوساً فِي البُرُوجِ وُجُوهُهُمْ

وَهِيَ الشُّمُوسُ إِذَا بَدَتْ لَمْ تُكْسَفِ

وَمَلَكْتَ مَعْقِلَهَا فَكُنْتَ كَمَالِكٍ

لِعِنَانِ طِرْفٍ بِالعِنَانِ مُصَرَّفِ

وَسَبَحْتَ فِي الوَادِي بِمِثْلِ سُيُولِهِ

خَيْلاً مَتعى يُرَمِ الرَّدَى تُسْتَهْدَفِ

وَسَطَوْتَ بِالأَعْدَاءِ سَطْوَةَ قَاهِرٍ

فِي قَتْلِهِمْ وَالجُود طَوْعاً مُسْرِفِ

وَمَلَكْتَ مِنْ أَسْوَارِهِمْ برجاله

بِالذَّاكِرِينَ اللَّهَ أَيَّ تَشَرُّفِ

وَتَرَكْتَ يَوْمَ النَّقْبِ فِيهَا مِثْلَمَا

يَشْكُونَ مِنْ صَدْعِ القُلُوبِ الرُّجَّفِ

وَعَدَتْ تَدُورُ بِهَا الجُيُوشُ وَإِنَّمَا

حُسْنُ الوِشَاحِ إِذَا يَدُورُ بِمِعْطَفِ

وَتَسَاقَطَتْ هَامُ العُدَاةِ كَأَنَّهَا

نَوْرٌ بِغَيْرِ يَدِ الرَّدَى لَمْ يُقْطَفِ

وَلَقَدْ دَعَاكَ الفَتْحُ دَعْوَةَ طَائِعٍ

لِلْقَتْلِ أَوْ لإسَارِهِمْ مُتَشَوِّفِ

لَكِنْ حَقَنْتَ دِمَاءَ قَوْمِكَ مُرْجِئاً

لِلْفَتْحِ إِرْجَاءً بِمَا تَرْجُو يَفِي

وَأَتَيْتَ فِي أَعْدَاءِ قَوْمِكَ بِالَّتِي

تَمْحُوهُمُ بِالسَّيْفِ مَحْوَ الأَحْرُفِ

وَتَرَكْتَهُمْ وَالتَّرْكُ أَخْذٌ عَاجِلٌ

لَهُمُ إِذَا مَا شِئْتَ دُونَ تَكَلُّفِ

فَأَذِقْهُمُ جُوعاً وَعَفْواً وَانْتَظِرْ

تَهْوِينَ أَمْرِهِمْ وَعُقْبَى المُتْرفِ

وَالكُلُّ مُعْتَقَلٌ هُنَاكَ مُثَقَّفٌ

مُتَوَقِّعٌ لِلْحَادِثِ المُتَخَوَّفِ

فَانْهَضْ بِمُعْتَقَلٍ لِمُعْتَقَلٍ وَلاَ

تَغْفَلْ طِعَانَ مُثَقَّفٍ بِمُثَقَّفِ

وَإِذَا بَدَا مِنهُمْ لِحَبْلِكَ صَارِمٌ

فَاشْدُدْ عَلَيْهِ بِصَارِمٍ لَكَ مُرْهَفِ

وَالسَّيْفُ أَمْضَى مَا يَكُونُ مُحَرَّفاً

فَتَوَلَّ كُلَّ مُحَرِّفٍ بِمُحَرَّفِ

وَلَقَدْ نَسِيتُ وَمَا نَسِيتُ مَوَاقِعاً

حَكَمَ الظُّهُورُ بِنُجْحِهَا المُتَعَرَّفِ

وَشَهِدْتُ طَاغِيَةَ النَّصَارَى خَادِماً

فِيهِنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ خِدْمَةَ مُنْصِفِ

مُتَطَأْطِئاً لَكَ حَاسِراً عَنْ رَأْسِهِ

يَرْجُو وَيَأْمَلُ مِنْكَ نَيْلَ تَعَطُّفِ

وَالرُّومُ رَامَتْ أَنْ تَجُودَ بِرَأْفَةٍ

فَالوَيْلُ كُلُّ الوَيْلِ إِنْ لَمْ تَرْأَفِ

وَلَقَدْ وَهَى مَا حَوْلَ قُرْطُبَةٍ فَلَمْ

تَتْرُكْ جُيُوشُكَ مِثْلَ قَاعٍ صَفْصَفِ

وَأَطَلْتَ إِحْرَاقِ الزُّرُوعِ وَقَدْ شَكَا

زُرَّاعُهَا أَزَمَاتِ دَهْرٍ مُجْحِفِ

فَكَأَنَّهَا أَجْسَادُهُمْ وَهِيَ الَّتِي

فِي غَيْرِ نَارِ جَهَنَّمٍ لَمْ تُقْذَفِ

وَتَرَكْتَ أَرْضَ الرُّومِ وَهيَ كَأَنَّهَا

قِطَعٌ مِنَ اللَّيْلِ البَهِيمِ المُغْدِفِ

وَقَدِمْتَ أَسْعَدَ مَقْدَمٍ يُرْضِي كَمَا

قَدِمَ الشِّفَاءُ عَلَى العَلِيلِ المُدْنِفِ

لَكِنْ كَرَرْتَ إِلَى النَّصَارَى رَاجِعاً

وَالحَزْمُ مِمَّا تَحْتَفِيهِ وَتَصْطَفِي

وَالمَجْدُ لَيْسَ يَنَالُهُ إِلاَّ امْرُؤٌ

عَنْ تَرْكِهِ اللَّذَّاتِ لَمْ يَتَوَقَّفِ

وَعَلَى العُلاَ أَنْ لاَ يُبِيحَ طِلاَبَهُ

إِلاَّ لأَرْوَعَ عَزْمُهُ لَمْ يَضْعُفِ

وَغَزَوْتَ قُرْطُبَةً فَأَنْسَيْتَ الَّذِي

قَدَّمْتَ مِنْ غَزْوٍ لَهَا مُتَخَطَّفِ

وَتَرَكْتَ جَمْعَ كُمَاتِهَا وَكَأَنَّهُمْ

أَعْجَازُ نَخْلٍ عُوجِلَتْ بِتَقَصُّفِ

وَغَدَوْا وَمَا لِبَنِي أَبِيهِمْ نَاصِرٌ

غَيْرُ الصَّبَابَةِ وَالدُّمُوعِ الذُّرَّفِ

وَطَفِقْتَ جَيَّاناً فَأَخْفَيْتَ الَّذِي

قَدْ كَانَ مِنْ آثَارِهَا لَمْ يَخْتَفِ

وَمَلأْتَ مُتَّسَعَ الفَضَاءِ غَنَائِماً

أَخَذَتْ بِهِنَّ الأَرْضُ أَعْظَمَ زُخْرُفِ

فَاهْنَأْ بِبُشْرَى إِثْرَ بُشْرَى أُنْجِزَتْ

وَالوَعْدُ وَعْدُ اللَّهِ لَيْسَ بِمُخْلَفِ

وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّكَ المَلِكُ الَّذِي

لَوْلاَهُ مَا كَانَ الضَّلاَلُ بِمُنْتَفِ

مَلِكٌ تَخَلَّدَ فِي الطُّرُوسِ مَدِيحُهُ

وَالوَشْيُ أَطْرَفُ مَا يَكُونُ بِمُطْرَفِ

وَإِذَا تُجَازُ المَعْلُوَاتُ فَإِنَّهُ

أَبَداً لَهُ المِرْبَاعُ مِنْهَا وَالصَّفِي

جَمَعَ العُلاَ مِنْ مَالِهِ وَثَنَائِهِ

فَالحَفْلُ بَيْنَ مُفْرِّقٍ وَمُؤَلِّفِ

وَالنَّفْسُ وَالمَالُ النَّفِيسُ كِلاَهُمَا

يَشْكُو لَنَا مِنْهُ بِأَعْظَمِ مُتْلِفِ

مَلِكٌ يَمَانٍ بِاليَمَانِي مُصْلَتاً

كَشَفَ الخُطُوبَ وَنَفْعُهُ لَمْ يُكْشَفِ

أَعْدَتْ قُلُوبَ عُدَاتِهِ رَايَاتُهُ

بِخُفُوقِهَا أَعْدَاءَهَا غَيْر الخَفِي

وَبِسَيْفِهِ فِي الحَرْبِ أَصْبَحَ مُخْفِراً

ذِمَمَ الدُّرُوعِ عَلَى الكَمِيِّ المُرْجِفِ

وَكَأَنَّهَا وَالرُّمْحُ يُوْحِي هَتْكَهَا

نَهْرٌ بِهِ سَبْحٌ لِغُصْنٍ أَهْيَفِ

هُوَ فِي النَّدَى بَحْرٌ وَلَكِنْ لَفْظُهُ

دُرٌّ لأُذْنِ المَرْءِ خَيْرُ مُشَنِّفِ

وَلَدَتْ تَمَاماً لاَ خِدَاجاً سُعْدُهُ

أُمُّ السُّعُودِ وِلاَدَةً لَمْ تُخْلَفِ

وإِمَامُ وَزْنِ زَمَانِهِ المَلْكُ الَّذِي

لَمْ يَلْفَ خَطْباً طَارِقاً إِلاَّ كُفِي

وَلَقَدْ رَمَتْ مِنْهُ البِلاَدُ بِأَغْبَرٍ

لِرِكَابِهِ وَالخَيْل فِيهَا مُوجِفِ

وَاسْتَوْسَقَتْ مِنْهُ لأَرْوَعَ بَاسِلٍ

بِالذُّلِّ لِلنَّفْسِ النَّفِيسَةِ مُسْعِفِ

قَدْ أَرْعَفَ الأَقْلاَمَ مِسْكُ ثَنَائِهِ

وَالمِسْكُ إِنْ يَفْغَمْ أُنُوفاً تَرْعَفِ

لاَ زَالَ فِي المُلْكِ الرَّفِيعِ شِعَارُهُ

مَا عَزَّ مِنْ سَيْفٍ لَهُ أَوْ مُصْحَفِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة أشفقت من مرض أتاح تخلفي

قصيدة أشفقت من مرض أتاح تخلفي لـ ابن الحاج النميري وعدد أبياتها خمسة و سبعون.

عن ابن الحاج النميري

إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم النميري، أبو القاسم، المعروف بابن الحاج. أديب أندلسي، من كبار الكتاب، ولد بغرناطة، وارتسم في كتاب الإنشاء سنة 734 ثم رحل إلى المشرق فحج وعاد إلى إفريقية فخدم بعض ملوكها ببجاية وخدم سلطان المغرب الأقصى، وانتهى بالقفول إلى الأندلس فاستعمل في السفارة إلى الملوك، وولي القضاء بالقليم بقرب الحضرة، وركب البحر من المرية سنة 768 رسولاً عن السلطان إلى صاحب تلمسان السلطان أحمد بن موسى، فاستولى الفرنج على المركب وأسروه، ففداه السلطان بمال كثير. له شعر جيد وتصانيف منها (المساهلة والمسامحة في تبيين طرق المداعبة والممازحة) ، و (تنعيم الأشباح في محادثة الأرواح) ، ورحلة سماها (فيض العباب، وإجالة قداح الآداب، في الحركة إلى قسنطينة والزاب) .[١]

تعريف ابن الحاج النميري في ويكيبيديا

إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم النميري أبو القاسم المعروف بابن الحاج (713 هـ - 768 هـ / 1313-1367م) شاعر من شعراء العصر الأندلسي.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي