أما للفتى في العيش من نكد بد
أبيات قصيدة أما للفتى في العيش من نكد بد لـ تامر الملاط

أَما لِلفَتى في العَيشِ مِن نَكَدٍ بُدُّ
فَيَحيا وَلَو يَوماً وَلَيسَ لَهُ ضِدُّ
أسىً كُلَّ يَومٍ تِلوَ مُعتَركِ القِلى
يُساوِرُهُ جُهدٌ وَيَصحَبُهُ جُهدُ
وَلِلمَرءِ مِن جَلّى أَمانيهِ هاجِسٌ
يُخَفِّفُ مِن عِبءِ النَّوائِبِ ما يَبدو
يَبيتُ مِنَ الآمالِ في ثَوبِ طامِعٍ
إِذا ما عَفا قَصدٌ يجِد لَهُ قَصدُ
يَرومُ صَفاءُ العَيشِ مِن عِندِ دَهرِهِ
وَيَجهَلُ أَنَّ العَيش لَيسَ لَهُ عِندُ
فَما تملِك الأَيّامُ مِن نَفسِها رِضىً
وَلا خُلُقُ الأَيّامِ مِن عَهدِهِ الوُدُّ
لِكُلِّ امرئٍ في العَيشِ حَظٌّ يَنالُهُ
فَذا حَظُّهُ صابٌ وَذا حَظُّهُ شَهدُ
فَقَد يسلمُ الخِبُّ اللَّئيمُ مِنَ الأَذى
وَيَشقى بِتَبريحِ الرَّدى الأَروَع الجعدُ
فَما في محالِ الدَّهرِ لِلحِلمِ منزعٌ
وَلا لِلعَوادي في تَلَوُّنِها حَدُّ
هَبِ الدَّهرَ أعطى الحُرَّ آجِلَ حِلمِهِ
بِعاجِلِهِ فَالحِلمُ يَصرَعُهُ الجِدُّ
فَلَيسَ مِنَ المَقدورِ لِلمَرءِ مُنقِذٌ
وَلَو أَنَّ أجنادَ السَّماءِ لَهُ جُندُ
وَما يَرتَجي مِن طائِلِ العَيشِ رَبُّهُ
وَحاذِرهُ نَقدٌ وطيّبهُ وَعدُ
إِذا كانَ عَيشُ المَرءِ وَقفاً عَلى الأَسى
فَأنكدُ لَزباتِ الحِمامِ هُوَ الرّغدُ
وُقيتَ الرَّدى إِنَّ الخطوبَ كَثيرَةٌ
نَظائِرُ تخدي بِالمَكارِهِ أَو تَعدو
وَلكِنَّ بِالإِسكَندَرِ الخَطبَ واحِدٌ
تَلَظَّت لَهُ الأَرواحُ لَيسَ لَهُ نِدُّ
فَما قَبلَ مَنعاهُ مُصابٌ نُجلُّه
وَإِن جَلَّت الأَرزاءُ كَلّا وَلا بَعدُ
مُصابٌ عَلى العِلمِ الوَثيقِ اِنقِضاضهُ
وَفي مهجِ الآدابِ مِن وَقعِهِ حَدُّ
فَلَو كانَ يَحيا المَرءُ بِالعِلمِ خالِداً
لما ضَمَّ رِزق اللَّهِ في زَمَنٍ لحدُ
وَلَو رَدَّ آسٍ قَبله رائِدَ الرَّدى
بِوَفرِ النُّهى وَالخُبرِ لَم يُعيهِ الرَدُّ
ولَو أَنَّ حمد النّاسِ للمرءِ دارئٌ
أتيّاً من المكروه أنقذه الحمدُ
وَهذا دَليلُ اللَّهِ أَنَّ قَضاءَهُ
عَلى الناسِ حَتم ما لِنافِذِهِ صَدُّ
بَلى إِنَّهُ الآسي الَّذي زانَ عِلمَهُ
خِلالُ العلى وَالفَضلُ وَالخلقُ الجدُّ
طَويلُ أَناةِ الرّوحِ عِندَ عَليلِهِ
عَلى حُسنِ خُلق لا الجَبانُ وَلا الصَّلدُ
رَؤوف بِهِ عطفاً كَأَنَّ الَّذي بِهِ
مِنَ السقمِ فيهِ لا المداجي وَلا الجَعدُ
كَثيرٌ هَزيزِ النَّفسِ هَمّاً بِبرئِهِ
فَلا شاغِلٌ ناسٍ وَلا ضائِرٌ بُعدُ
يُصيبُ مَرامي الدَّاءِ ما جَسَّ نابِضاً
وَلا مَدَّ مِن كُلٍّ لِصاحِبِهِ زندُ
عَلى أَنَّهُ الجَلدُ المحقِقُ باحِثاً
فَما فاتَهُ عِلمٌ وَلا خانَهُ جدُّ
وَما فيهِ مِن هَمٍّ لِذي الوَفرِ فَوقَ ما
يُصادِفُ مِنهُ مُعدَمٌ ما لَهُ جلدُ
يُرجى زَوالُ السقمِ ما لاحَ عائِداً
وَتُسفِرُ آمالُ الشفاء وَتَعتَدُ
فَحَسبُكَ مِنهُ ما إِذا قالَ قائِل
فُلانُ أَتى فَالرازِحُ الدّاءِ يَشتَدُ
يَكادُ يَنالُ البرءَ قَبلَ عِلاجه
وُثوقاً بِهِ علماً يُعَزِّزهُ الرشدُ
فُؤادٌ كَما يَذكو الضِّرامُ مِنَ الغضا
وَرَأيٌ كَما تَمضي المُحَدَّدَةُ الهِندُ
وَصَدرٌ إِذا اِستَطلَعتَ ما في نِصابِهِ
تَبَيَّنتَ أَيَّ الفَضلِ يُحرِزُهُ الجِدُّ
فَمِن عَجَبٍ أَن يَجمَعَ العِلمَ كُلَّهُ
وَغرَّ السَّجايا وَالعُلى رجلٌ فردُ
وَما هَمُّهُ الأَقصى بِوَفرٍ مُجَمَّعٍ
وَلكِن ثَوابٌ هَمُّ مُحرِزِهِ المَجدُ
مُرؤَةُ حُرٍّ أَدَّبته يَدُ النُّهى
فَمورِدُ غاياتِ الكَمالِ لَهُ وِردُ
وَما بَعضُ ما فيهِ مِنَ الفَضلِ كُلُّ ما
أَقولُ وَلكِن أعجَز القائِلَ الوجدُ
يُزاحِمُ ما تُملي مَعانيهِ خاطِري
فَيوسِعُهُ نظماً فَيثقِلهُ العَدُّ
رَآهُ الرَّدى حصناً يَقي الناس غَدرَهُ
فَكادَ لَهُ كَيداً أفاقَ لَهُ الحِقدُ
فَهَدَّمَهُ في يَومِ بُؤسٍ دَجَت بِهِ
طَوالِعُ حُسنِ الفالِ وَاِحتَجَبَ السَّعدُ
فَكَم مِن عَليل بَعدَهُ قابلِ الشفا
سَيَقضي عَلى رغمِ الأُساةِ وَإِن جَدّوا
سَيَبكيهِ ذو سقم وَيَرثيهِ ناحِل
وَتَحمَدُهُ الأَيّامُ ما بَعُدَ العَهدُ
وَيذكرُهُ قَومٌ وَقاهُم مِنَ الرَّدى
عَلى حينِ جَدَّ الدَّاءُ وَاِستَوثَقَ الحَدُّ
وَلا عَجَبٌ إِنَّ الأُساةَ قَلائِل
وَإِن كَثروا حينَ العدادِ إِذا عدوا
فَما لِطبيب حَظُّهُ وَاِجتِهادُهُ
وَلا لأديبٍ مِن خَضارِمِهِ سِندُ
فَما اِنفَكَّ حَيا ثُمَّ ميتاً مُحَسَّداً
عَلى الفَضلِ مَهدُ المُعجِزاتِ لَهُ مَهدُ
أَما لَيتَما بي ما بِهِ وَهوَ في الثّرى
وَلَيسَ بِهِ ما بي وَلي قَدَمٌ تَعدو
فَما كُلُّ ذي روحٍ بِحَيٍّ حَقيقَةً
وَلا كُلُّ ميتٍ من يُغيبهُ اللَّحدُ
أَلكني إِلى نَوحٍ يُبَرِّحُ بِاللّهى
وَكِلني لِشَجوٍ بَعضُ بارِدِهِ وَقدُ
وَدونَكَ مِنّي باكِياً لَجُّ دَمعِهِ
إِذا جَفَّتِ الأَنواءُ ثارَ لَهُ مَدُّ
وَحَسبُكَ مَفقوداً حَميداً مَصيره
فَإِن الكَريمَ البرَّ مَوعِدُهُ الخُلدُ
فَما كُلُّ مَفقودٍ عَزيزٌ وُجودُهُ
وَلا كُلُّ مَوجودٍ يعزُّ لَهُ فَقدُ
شرح ومعاني كلمات قصيدة أما للفتى في العيش من نكد بد
قصيدة أما للفتى في العيش من نكد بد لـ تامر الملاط وعدد أبياتها اثنان و خمسون.
عن تامر الملاط
تامر بن يواكيم بن منصور بن سليمان طانيوس إده الملقب بالملاط. شاعر، له علم بالقضاء من أهل بعبدا (لبنان) ، ولد فيها وتعلم، وانتقل إلى بيروت فأقام مدة يقرأ الفقه الإسلامي ويعلم في مدرسة الحكمة، المارونية ثم في مدرسة اليهود.! ونصب رئيساً لكتاب محكمة كسروان فرئيساً لكتاب دائرة الحقوق الاستئنافية، وعزل وأعيد. ثم نقل إلى رئاسة محكمة كسروان، فاستمر ثماني سنين وأوقع به الوشاة في حادث طويل، فاضطرب عقله، وأقام اثني عشر عاماً في ذهول واستيحاش من الناس، إلى أن مات في بعبدا. له شعر جمع بعضه في (ديوان الملاط - ط) .[١]
- ↑ معجم الشعراء العرب