تأسف لكن حين عز التأسف

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة تأسف لكن حين عز التأسف لـ ابن الحاج البلفيقي

اقتباس من قصيدة تأسف لكن حين عز التأسف لـ ابن الحاج البلفيقي

تأسَّفَ لكن حين عزَّ التأسَّفُ

وكفكف دمعاً حين لا عين تذرِفُ

ورام سُكوناً وهو في رِجل طائرٍ

ونادى بأنس والمنازلُ تهتِفُ

أراقبُ قلبي مرَّةً بعد مرَّةٍ

فألفيه ذيّاك الذي أنا أعرفُ

سقيمٌ ولكن لا يُحِسُّ بدائِهِ

سوى مَن له في مأزِقِ الموتِ موقفُ

وجاذبَ قلباً ليس يأوي لمألفٍ

وعالجَ نفساً داؤها يتضاعفُ

وأعجبُ ما فيه استواءُ صفاته

إذا الهمُّ يشقيه أو السرُّ يُترِفُ

إذا حلَّتِ الضرّاءُ لم ينفعل لها

وإن حلَّتِ السراء لا يتكيَّفُ

مذاهبُه لم تُبدِ غايةَ أمرِهِ

فؤادٌ لعمري لا يُرى منه أطرفُ

فما أنا من قوم قُصارى هموهم

بنوهُم وأهلوهم وثوبٌ وأرغفُ

ولا ليَ بالإِسراف فكرٌ مُحدِّثٌ

سيبو حبيبي أو بشيريَ مُطرفُ

ولا أنا ممن لهوهُ جُلُّ شأنهِ

بروضٍ أنيقٍ أو غزالٍ يُهَفهِفُ

ولا أنا ممن أنسهُ غايةُ المنى

بصوتٍ رخيمٍ أو نديمٍ وقرقفُ

ولا أنا ممن تزدهيه مصانعٌ

ويُسليهِ بستانٌ ويُلهيه مَخرَفُ

ولا أنا ممن همه جمعُها فإن

توارت يَتُب يسعى لها وهو مُرجِفُ

على أن دهري لم تدع لي صروفهُ

من المالِ إلا مُسحَتا أو مُجلَّفُ

ولا أنا ممن هذه الدارُ همُّهُ

وقد غرَّه منها جمالٌ وزُخرُفُ

ولا أنا ممن للسؤال قد انبري

ولا أنا ممن صان عنه التَعَطُّفُ

ولا أنا ممن نجَّح اللَه سعيهُم

فهِمَّتُهم فيها مُصلّى ومصحف

فلا في هوىً أَضحى إلى اللهو قائداً

ولا في تُقىً أمسى إلى اللَه يُزلِفُ

أحارب دهري في نقيضِ طباعِهِ

وحربُك من يقضي عليك تَعجرُفُ

وأنظُرُه شَزراً بأصلفِ ناظرٍ

فيُعرض عني وهو أزهى وأصلَفُ

وأضبِطُه ضبط المحدِّث صُحفَهُ

فيخرُجُ في التَوقيعِ أنتَ المُصحِّفُ

ويأخذ منّي كل ما عزَّ نيلُهُ

ويبدو بجهلي منه في الأَخذِ محتف

أَدُوُر له في كل وجهٍ لعلَّني

سأثبتهُ وهو الذي ظلَّ يَحذِفُ

ولما يئسنا منه تهنا ضرورةً

فلم يبقَ لي فيها عليه تشوُّف

تكلَّفتُ قطعَ الأَرضِ أطلُبُ سلوةً

لنفسي فما أجدي بتلك التكلفُ

وخاطرت بالنفسِ العزيزةِ مقدِماً

إذا ما تخطّى النصلُ أقصدَ مُرهَفُ

وصرَّفت نفسي في شؤونٍ كثيرةٍ

لحظّي فلم يظفُر بذاك التصرَّفُ

وخُضتُ لأنواعِ المعارفِ أبحُراً

ففي الحينِ ما استخرجتُها وهي تنزِفُ

ولم أحلَ من تلك المعاني بطائلٍ

وإن كان أهلوها أطالوا وأسرفوا

وقد مرَّ من عمري الألذُّ وها أنا

على ما مضى من عهده أتلهَّفُ

وإني على ما قد بقي منه إن بقي

لحرمةِ ما قد ضاع لي أتخوَّفُ

أعُدُّ ليالي العمر والفرضُ صومُها

وحسبُك من فرضِ المحالِ تعسُّفُ

على أنها إن سلِّمت جدليةً

تعارض آمالاً عليها نُهفهفُ

تُحدثني الآمال وهي كَدينِها

تُبدِّل في تحديثها وتحرِّفُ

بأنيَ في الدنيا سأقضي مآربي

وبعدُ يحقُّ الزُهد لي والتقشُّفُ

وتلك أمانٍ لا حقيقةَ عندها

أفي قرنيَ الضدين يبقى التألفُ

ورُبَّ أخلاءٍ شكوتُ إليهمُ

ولكن لفهم الحالِ إذ ذاك لم يفوا

فبعضهُم يُزري عليَّ وبعضهم

يغُضذُ وبعضٌ يرثِ لي ثمَّ يصدِفُ

وبعضهُم يومي إليَّ تعجُّباً

وبعضٌ بما قد رابهُ يتوقَّفُ

يُسيء استماعاً ثم بعدُ إجابةً

على غير ما تحذوه يحذو ويخصِفُ

ولا هو يبدي لي عليَّ تغافُلاً

ولا هو يرثي لي ولا هو يعنُفُ

وما أمرُنا إلا سواء وإنَّما

عرَفنا وكلٍّ منهُم ليسَ يعرِفُ

فلو قد فَرَغنا من علاجِ نفوسِنا

لحطّوا الدنايا من عيوبي وأنصفوا

أنا لهمُ من علَّة أرِمَت بهم

ولم يعرِفوا أغوارَها وهي تُتلفُ

وقفنا لهم في الكُتب عن كُنهِ أمرهم

ومثليَ عن تلك الحقائقِ يكشِفُ

وصنَّفتُ في الآفاق كل غريبةٍ

فجاء كما يهوي الغريبُ المصنَّفُ

وليس عجيباً من تركُّبِ جهلهِم

بأن يُحجبوا عن مثل ذاك ويُصرفوا

فإن جاءنا بالسُحف من نَزو عقلِهِ

إذا ما مَثَلنا فهو أوهَى وأسخَفُ

فما جاءنا إلا بأمرٍ مناسبٍ

أينهض عن كفِّ الجبانِ المثقَّفُ

ولكن عجيبُ الأمر علمي وغَفلَتي

فديتُكم أيَّ المحاسِن أكشِفُ

ألا إِنَّها الأَقدارُ يظهرُ سرُّها

إذا ما وفى المقدورُ ما الرأي يُخلِفُ

أيا ربِّ إن اللُبَّ طاشَ بما جرى

به قلمُ الأَقدارِ والقلبُ يرجُفُ

وإِنا لندعوهم ونخشى وإنَّما

على رسمك الشرعي من لك يَعكِفُ

أقول وفي أثناءِ ما أنا قائلٌ

رأيتُ المنايا وهيَ لي تتخطَّف

وإنّي مع الساعات كيف تقلَّبت

لأسهُمها إن فوَّقت مُتَهَدَّفُ

وما جرَّ ذا التسويفَ إلا شبيبتي

تُخيَّلُ لي طولَ المدى فأُسوِّفُ

إذا جاء يومٌ قلت هوَ الذي يلي

ووقتك في الدنيا جليسٌ مخفَّفُ

أُقدِّم رِجلاً عند تأخير أختها

إذا لاحَ شمسٌ فالكواكب تُكسَفُ

كأنَّ لِداتي في مراقدهم ولم

أودِّعهُمُ والغصنُ ريانُ ينطِفُ

وهبني أعيشُ هل إذا شابَ مفرِقي

وولّى شبابي هل يُباحُ التسوُّف

وكيف ويستدعي الطريقُ رياضةً

وتلكَ على عصرِ الشَبابِ تُوَطَّفُ

ولو لم يكُن إلا ظُهورٌ لسرِّه

إذا ما دنا التَدليس هانَ التنطُفُ

أمولى الأُسارى أنت أولى بعزِّهم

وأنت على المملوك أحنى وأعطفُ

قُذِفنا بلُجِّ البحرِ والقيدُ آخذٌ

بأرجلِنا والريحُ بالموجِ تعصِفُ

وفي الكون من سِرِّ الوجود عجائبٌ

أطلَّ عليها العارفونَ وأشرفوا

أكلَّت عليهم نُكتةٌ فتأخروا

ودِدتُ بأنَّ القومَ بالكُلِّ اسعفوا

فليس لنا ألا نحُطَّ رقابَنا

بأبوابِ الاستسلامِ واللَهُ يلطُفُ

فهذا سبيلٌ ليس للمرءِ غيرهُ

وإلّا فماذا يستطيعُ المُكَلَّفُ

شرح ومعاني كلمات قصيدة تأسف لكن حين عز التأسف

قصيدة تأسف لكن حين عز التأسف لـ ابن الحاج البلفيقي وعدد أبياتها تسعة و ستون.

عن ابن الحاج البلفيقي

محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحاج السلمي البلفيقي، أبو البركات، من ذرية عباس بن مرداس السلمي. قاض، مؤرخ، من أعلام الأندلس في الحديث والأدب. من أهل بلفيق (من أعمال المرية) تعلّم بها وفي بجاية ومراكش، واستقر بسبتة، ثمّ ولي القضاء بمالقة (سنة 735هـ) فالقضاء والخطابة بالمريّة، ففي غرناطة، فالمرية ثانية، واستعمل في السفارة بين الملوك. له: (أسماء الكتب والتعريف بمؤلفيها) على حروف المعجم، و (الإفصاح فيمن عرف بالأندلس بالصلاح) ، و (مشتبهات مصطلحات العلوم) ، و (المؤتمن في أنباء من لقيته من أبناء الزمن) سير وتراجم، و (العذب الأجاج) ديوان شعره، (قد يكبو الجواد، في غلطة أربعين من النقاد) ، و (تاريخ المرية) ، و (العلن في أنباء أبناء الزمن) ، و (سلوة الخاطر) ، و (شعر من لا شعر له) أي من لم يشتهر بالشعر، وغير ذلك.[١]

تعريف ابن الحاج البلفيقي في ويكيبيديا

أبو البركات محمد بن محمد بن إبراهيم السُّلمي البلِّفيقي يعرف عمومًا بـابن الحاجَ البِلِّفِيقي (1281 - مارس 1372) (680 - رمضان 773) قاضي وصوفي وشاعر أندلسي. ينسب إلى بلفيق من أعمال المرية، ولد ونشأ بها. درس فيها وفي إشبيلية. ثم تعلم في بجاية ومراكش، واستقر بسبتة. ولي القضاء مالقة 1335 فالقضاء والخطابة بألمرية، ففي غرناطة، فألمرية ثانية، وعمل في السفارة بين الدولة المرينية ومملكة غرناطة. توفي في المرية عن 91 عامًا. له عدة مؤلفات في الأدب، وأشعار.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي