أبى أبى اللبأ
يضرب مثلاً للذي يهار بخير ولم يصل إليه.ويهار: يغبط.قالته جارية كان لها أب شيخ كبير، وأخ، وهو قيم الحي، وكان أخوها يخلفها على أبيها، لتغاره الطعام، وتقوم عليه وكان قد فرض له من طعامه اللبأ فكانت الجارية تستأثر به على أبيها، فتأكله وتجفوه، فنحل جسمه، فلما رآه ابنه أنكر سوء حاله، فعاتب أخته، وقال: ما بال اللبأ ينحل عليه الجسم ! فقالت: أبى أبي اللبأ وأمخطت في أذن الشيخ، فقال: بني لا أنطاه، أي لا أعطاه.وأمخطت: وقعت. 136 قولهم: إذا حككت قرحةً أدميتهايضرب مثلاً للرجل المصيب بالظنون، فإذا ظن فكأنه رأى.والمثل لعمرو بن العاص، قاله حين قتل عثمان رضي الله عنه، وكان ممن اعتزل الفتنة فيه، وقال: إنه سيقتل، وذلك حين أبى أن يخلع نفسه، وأبى الناس أن يلي عليهم، فلما قتل قال: إذا حككت قرحةً أدميتها ؛ أي إذا ظننت الظن أصبت، كأني بلغت منتهى الرأي ؛ وهو على مذهب قول أوس بن حجر: الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعاونحو قول الآخر:
ألمعي الظنون متقد الذه
ن أعانته فطنة وذكاء
مخلط مزيل معن مفن
كل داء له لديه دواء
وقلت:
بصير له دون العواقب فكرة
تكشف عن رأي وراء العواقب
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذا أنا لم أعلم ما لم أر فلا علمت ما رأيت. وقال آخر:
ألوت بإصبعها وقالت إنما
يكفيك مما لا ترى ما قد ترى