جمهرة الأمثال/أرغوا لها حوارها تقر

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أرغوا لها حوارها تقر

أرغوا لها حوارها تقر - جمهرة الأمثال

يضرب مثلا لإغاثة الملهوف بقضاء حاجته ليسكن ؛ والناقة إذ سمعت رغاء حوارها سكنت.ويروى هذا المثل على وجه آخر وهو: حرك لها حوارها تحن ومعناه أن تذكر الرجل بعض أشجانه فيهتاج. والمثل لمعاوية رضي الله عنه ؛ أخبرنا أبو القاسم، عن العقدي، عن أبي جعفر، عن المدائني، قال: كتب معاوية إلى علي رضي الله عنه كتاباً في تسليمه قتلة عثمان رضي الله عنه إليه، ليبايعه على الخلافة، وأنفذه مع أبي مسلم الخولاني، فلما قرأ علي الكتاب قال من حوله: كلنا قتلنا عثمان ! فقال أبو مسلم: أرى قوماً ليس لك معهم أمر، ولو أردت دفعهم إلينا لمنعوك، فورد على معاوية، وقال: إن القوم قد أقرّوا بقتل ابن عمك، فاطلب بثأرك، فصعد المنبر، ودعا بقميص عثمان فنشره، فبكى الناس، فقال معاوية: حرك لها حوارها تحنّ، وبايعه القوم على الطلب بدم عثمان.فكتب إلى علي رضي الله عنه: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم أدرج الكتاب، وبعث به إليه مع رجل من بني عبس، وعنوانه: من معاوية إلى علي، ففك علي عليه السلام الكتاب، فلم ير فيه شيئاً، فقال للرجل: هل أمرك بتبليغ رسالة ؟ قال: لا، ولكن أخبرك أني خلّفت بالشام خمسين ألفاً قد اخضلت لحاهم تحت قميص عثمان، قد رفعوه على الرماح، وعاهدوا الله ألا يكفّوا حتى يموتوا أو يقتلوا قتلته، يتواصون بذلك ليلهم ونهارهم، وتركوا: 'تعس الشيطان' ويقولون: 'تعس قاتل عثمان'.قال: يريدون ماذا ؟ قال: خيط رقبتك، قال: تربت يداك ! فقال صلة بن زفر العبسي أو قبيصة بن ضبيعة: بئس والله الوافد ! تخوفنا ببكاء أهل الشام على قميص عثمان ! فوالله ما هو بقميص يوسف، ولا حزن يعقوب، ولئن بكوا عليه بالشام لقد خذلوه بالحجاز.ثم رحل علي رضي الله عنه، فكانت وقعة صفين. يضرب مثلا لجمعك على الرجل ضر بين من الخسران، ونوعين من النقصان.والكيلة: ضرب من الكيل ؛ مثل القعدة والجلسة، والحشف: رديء التمر.يقول تعطى الحشى وتسيء الكيل ! وقال بعض الشعراء:

إن كنت لا تلطفيني فاقبلي لطفي

لا تجمعي لي سوء الكيل والحشفا

والعامة تقول: حشفا وسوء كيل.والصواب 'كيلة' بالكسر، لأنهم أنكروا نوعاً من الكيل سيئاً.والكيلة: النوع من الكيل، ونصبوا 'حشفاً' بفعل مضمر، يريدون: أتجمع حشفاً ؟ وعطفوا 'الكيلة' عليه. وقولهم: 'أكسفا وإمساكاً'، أصله أن يلقاك بعبوس مع بخل، والبشر الحسن إحدى العطيتين.وقيل: البشر علم من أعلام النجح، وأول من مدح بالبشر عند السؤال زهير في قوله:

تراه إذا ما جئنه متهللا

كأنك تعطيه الذي أنت سائله

وقال غيره من المحدثين:

إذا ما أتاه السائلون توقدت

عليهم مصابيح الطلاوة والبشر

له في بنى الحاجات أيد كأنها

مواقع ماء المزن في البلد القفر

وقلت:

وقد يونس الزوار منك إذا التقوا

سخاء عليه للطلاقة شاهد

بدائع أفعال تناهى جمالها

فهن لأعناق الليالي قلائد

مشهرة في العالمين كأنما

على صفحات الليل منها فراقد

ولبعضهم على خلاف شعر زهير، قال:

تراث إذا ما جئته متعبساً

كأنك بالمنقاش تنتف شاربه

وقال محمد بن حازم الباهلي في خلاف ذلك:

ولا يقنع الراجين أهل ومرحب

ونحوه قول جحظة:

قائل إن شدوت أحسنت زدني

وبأحسنت لا يباع الدقيق

يضرب مثلا لاجتماع نوعين من الشر، وهو نحو الأول. والمثل لعامر بن الطفيل، وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه أربد أخو لبيد، فقال: أسلم على أن يكون لك المدر ولى الوبر، وأن تجعل لي الأمر بعدك.فقال النبي صلى الله عليه وسلم: 'لا، ولا وبرة' فخرج وقال: لأملأنها عليك خيلا جرداً، ورجالا مرداً، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، فأخذت أربد صاعقة فمات، وضربت عامراً الغدة وهي طاعون الإبل فمال إلى بيت سلوليه، وجعل يقول: 'أغدة كغدة البعير، وموت في بيت سلولية ! '، وسلول من أذل العرب، والمعنى: أنه جمع له ضربان من الذلة. وقال الشاعر يذكر ذلة سلول:

إلى الله أشكو أنني بت طاهراً

فجاء سلولي فبال على رجلي

فقلت اقطعوها بارك الله فيكم

فإني كريم غير مدخلها رحلي

يضرب مثلا للرجل يجتمع فيه عيبان، وأصله أن رجلا تخلف على قتال عدوه، وترك الحي يقاتلون، ثم رأى امرأته تنظر إلى القتال، فضربها، فقالت: أغيرة وجبناً ! '، فذمت هذا المرأة الغيرة، وهي من أحمد أخلاق الرجال.وقال جرير يمدح الحجاج:

أم من يغار على النساء حفيظة

إذ لا يثقن بغيرة الأزواج

وقال أبو نواس

ومن دون عورات النساء غيور

قال إبراهيم بن المهدي في المعتصم، وقد نالت الروم طرفاً من أطراف المسلمين:

يا غيرة الله قد عاينت فانتقمي

تلك النساء وما منهن يرتكب

فهب الرجال على أجرامها قتلت

ما بال أطفالها بالذبح تنتحب !

وهو أول من قال: 'يا غيرة الله' فخرج المعتصم من وقته إلى الروم، فكان فتح عمورية. ورأى رجل مع امرأته رجلا فقتله، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أقتلته ؟ قال: نعم.قال: أحسنت، ومن يعد فعد. وقريب من معنى المثل قول الشاعر:

جهلا علينا وجبناً عن عدوكم

لبئست الخلتان: الجهل والجبن

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي