جمهرة الأمثال/أفرط فأسقط

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أفرط فأسقط

أفرط فأسقط - جمهرة الأمثال

هو مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم 'من كثر كلامه كثر سقطه'.أخبرنا أبو أحمد، قال: حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا الفضل بن عبد العزيز، قال: حدثنا محمد بن خليد، قال: حدثنا عبدة بن شبل الحنفي، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثر كذبه، ومن كثر كذبه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به'.وقال بعضهم: الصحيح أن عمر رضي الله عنه قال ذلك، وروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم.أخبرنا أبو أحمد، قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد، قال: حدثنا الحسن بن خضر، قال: حدثنا الحجاج بن نصير، قال: حدثنا صالح المزي، عن مالك بن دينار، عن الاحنف، قال لي عمر: يا أحنف، من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه. ومن أمثالهم في النهي عن مفارقة التوسط في القول قولهم: أسوأ القول الافراط، قال الله تعالى: 'و إذا قلتم فاعدلوا'.وقالت الحكماء: لكل شيء طرفان ووسط، ففي طرفه الاول شعبة من التقصير، ومع الاخير بعض الافراط، وخيره وسطه. وأخبرنا أبو أحمد، قال: سمعت أبا الحسن الاخفش، يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلباً يقول: لا أعلم فيما روي في التوسط أحسن من قول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: عليكم بالنمرقة الوسطى، فإليها يرجع الغالي، وبها يلحق التالي.وقال حكيم الشعراء:

عليك بالقصد فيما أنت فاعله

إن التخلق يأتي دونه الخلق

وقال آخر:

إن بين التفريط والافراط

مسلكاً منجياً من الايراط

قال الشيخ رحمه الله: أي من الهلكة. والافراط مذموم في كل شيء ؛ فمن أفرط في المدح نسب إلى الملق، أو في النصيحة لحقته التهمة.وقيل: كثير النصح يهجم بك على كثير الظنة، و إذا أفرط في سرعة السير قطع به.وقال النبي صلى الله عليه وسلم: 'ألا إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ؛ فإن المنبت لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى'. والعرب تقول: شر السير الحقحقة وهي شدة السير.وقال المرار:

نقطع بالنزول الارض عنا

وطول الارض يقطعه النزول

و إذا أفرط في الاكل والشرب سقم، وإذا أفرط في الزهد منع نفسه ما أحل له فعذبها من حيث لو نعمها لم يضره، و إذا أفرط في البذل كان مبذراً، وأرجع الامر إلى الفقر، و إذا أفرط في المنع كان بخيلا يذم بكل لسان، ويحتقره كل إنسان، ويشبه بالكلب في دناءة نفسه وقصور همته.ولا يدخل الافراط شيئاً إلا أفسده. أخبرنا أبو أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن أبي بكر، قال: سمعت أبا العباس المبرد يقول: خلال الخير لها مقادير، فإذا خرجت عنها استحالت ؛ فالحياء حسن، فإذا جاوز المقدار كان عجزاً، والشجاعة حسنة، فإذا جاوزت المقدار كان تهوراً، والبذل حسن، فإذا جاوز المقدار كان تضييعاً، والقصد حسن، فإذا جاوز المقدار كان بخلا، والكلام حسن، فإذا جاوز المقدار كان إهذاراً، والصمت حسن، فإذا جاوز المقدار كان عياً. وقال بعض الاعراب: إنما جعلت لك أذنان ولسان واحد ؛ ليكون استماعك ضعفي كلامك. ومن أمثالهم في حفظ اللسان قولهم: 'أحق شيء بسجن لسان'، ومعناه: أحق ما ينبغي أن يمنع من الانبعاث في الباطل اللسان، لان زلته مهلكة، ومن حق ما يهلك إرساله أن يزم.والسجن بالفتح مصدر سجنت سجناً.والمحبس: السجن.وقرئ: السجن أحب إلي بالفتح والكسر. ومن أول ما روي في حفظ اللسان قول امرئ القيس:

إذا المرء لم يخزن عليه اسانه

فليس على شيء سواه بخزان

وقال المحدث: إنما السالم من ألجم فاه بلجام.وأخذ أبو الاسود لفظ المثل فقال:

لعمرك ما شيء عرفت مكانه

أحق بسجن من لسان مذلل

وقالوا: من علامات العاقل أن يكون عالماً بأهل زمانه، حافظاً للسانه، مقبلا على شانه. حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا أبو روق، عن الرياشي عن عبد العزيز بن عمر الحمصي، عن الفيض بن عبد الحميد، قال: كتب رجل إلى أخيه:

وما شيء أردت به بياناً

بأبلغ لا أبالك من لسان

فأجابه:

وما شيء إذا روأت فيه

أحق بطول سجن من لسان

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي