جمهرة الأمثال/اكذب نفسك إذا حدثتها

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

اكذب نفسك إذا حدثتها

اكذب نفسك إذا حدثتها - جمهرة الأمثال

يقال ذلك للرجل يهتم للامر الجسيم، فتخوفه نفسه الخيبة فيه، والسقوط دون غايته، فيقال: أكذبها عند ذلك، وحدثها بالظفر لتعينك على ما تبغيه منه ؛ فإن الهائب لا يلقى جسيماً ؛ وأكثر الخوف باطله.وقال بعض المتأخرين:

وكل هول على مقدار هيبته

وكل صعب إذا هونته هانا

وقد قال الشاعر:

تخوفني صروف الدهر سلمى

وكم من خائف ما لا يكون

وقال غيره:

ولا أهاب عظيماً حين يدهمني

ولست تغلب شيئاً أنت هائبه

هذا إذا كنت بالخيار في ركوب الامر ؛ فإذا لم تجد بداً من ركوبه فلا وجه لتخوفه، وقد أحسن أبو النشناش في قوله:

على أي شيء يصعب الامر قد ترى

بعينيك أن لا بد أنك راكبه

وليس في وصف هذا البيت خير ؛ ولكن معناه جيد. وقلت:

علام تستصعب الام

ر ما ترى منه بدا

بارز وخل الهوينى

وجد حتى تجدا

فلن تلاقي جدا

حتى تلاقي كدا

والعرب تقول: لكل امرئ نفسان ؛ تنهاه إحداهما، وتأمره الاخرى ؛ وإنما هما فكران يحدثان له من الخوف والرجاء، فيتأخر عند أحدهما، ويتقدم عند الاخر.وقال الشاعر:

يؤامر نفسيه وفي العيش فسحة

أيسترتع الذؤبان أم لا يطورها

فلما رأى أن السماء سماؤهم

رأى خطةً كان الخضوع نكيرها

أي لما رأى أن أرضهم معشبة والعرب تسمي العشب سماء لم يجد بداً من الخضوع لهم. والمثل للبيد ؛ وهو قوله:

واكذب النفس إذا حدثتها

إن صدق النفس يزري بالامل

غير ألا تكذبنها في التقى

واخزها بالبر لله الاجل

اخزها، أي سسها ؛ خزوت الرجل، إذا سسته ؛ قال الشاعر:

ولا أنت دياني فتخزوني

ويقال: كذبت الرجل بالتخفيف إذا أخبرته بالكذب ؛ وكذبته، إذا أخبرت أنه كاذب. 26 قولهم: أودى العير إلا ضرطاًيضرب مثلا للشيء يذهب إلا أخسه ؛ وشبيه بهذا قول بعضهم في البق:

صغيرة أعظمها أذاها

ومن هذا المثل أخذ الشاعر قوله:

لا تنكحن عجوزاً إن أتيت بها

واخلع ثيابك منها ممعناً هربا

فإن أتوك فقالوا إنها نصف

فإن أمثل نصفيها الذي ذهبا

27 قولهم: أعييتني بأشر فكيف بدردريقول: لم تقبلي الادب وأنت شابة ذات أشر.والاشر: التحزيز الذي في أسنان الاحداث، وثغر مؤشر ؛ يقول: فكيف تكونين الان وقد أسننت، حتى بدت درادرك ! وهي مغارز الاسنان. ومثله قولهم: أعييتني من شب إلى دب، أي من لدن شببت إلى أن دببت هرماً. وأصله أن دغة ولدت غلاماً، فكان أبوه يقبله ويقول: وابأبي دردرك ! وكانت حسنة الثغر مؤشرته، فطنت أن االدردر أعجب إليه، فحطمت أسنانها، فلما قال: وابأبي دردركّ قالت: يا شيخ، كلنا ذو دردر ! فقال: أعييتني بأشر فكيف بدردر ! وذهب المثل بحمق دغة، فقيل: أحمق من دغة.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي