الليل طويلٌ وأنت مقمرٌ
يضرب مثلاً في التأنى والصبر على الحاجة حتى تمكن، ومعناه: اصبر على حاجتك فإنك تجدها في بقية ليلتك، فإنها طويلة وأنت مقمر، أي ليس فيها ظلمة تمنعك عن قصدها، والمثل لسليك بن سلكة، وقد مر حديثه. وأخبرنا أبو أحمد، عن ابن دريد، عن أبى حاتم، عن أبى عبيدة، قال: دخل عبد الله بن عباس على معاوية في وفادةٍ وفدها عليه، فوجد عنده زياداً، فما سلم حتى قال له زياد: ما منع حسناً وحسيناً أن يزورا أمير المؤمنين كما زرته ؟ فقال ابن عباس: دعهما وأمير المؤمنين، هم أعلم بعذرهما، وتنح عن منزلٍ لم تنزله، فقال زياد: والله لو وليتهما لخف ثقلهما، وظعن مقيمهما، فقال ابن عباس: ' الليل طويل وأنت مقمر، وعجلت فكم منادٍ بالرحيل غير مطاع، ولو ترك القطا لنام، فقال معاوية: مهلاً يا زياد، فإنك ترجو دخول حصنٍ لا باب له، والله لأن تنالهما صلتى أحب إلى من أن يتناولا هامتى، فقال ابن عباس: فلما قمت قام زياد، فأدركنى، فقال: يا ابن عباس، ما حملنى على ما عاينتنى عليه إلا مجلسه، والله لقد رضيها، وأظهر سخطها، ولو لم أشغب بما رأيت لشغب بي، فقال ابن عباس: أنا أعلم به منك، وأطول عشرةً له، والله لو أحبها لقال، فلا تعد بعدها إلى أمرٍ تدفع عنه.