جمهرة الأمثال/به لا بظبي بالصرائم أعفرا

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

به لا بظبي بالصرائم أعفرا

به لا بظبي بالصرائم أعفرا - جمهرة الأمثال

المثل للفرزدق، ويضرب للشماتة بالرجل، يقول: نزل به المكروه، ولا نزل بظبي، يريد أن عنايتي بالظبي أشد من عنايتي به ؛ ومن حديثه أن الفرزدق هجا بني نهشل، فقال:

إذا تم أبر النهشلي لأمه

ثلاثة أشبار فقد طاح دينها

وقال:

لعمري لئن قل الحصى في عديدكم

بني نهشل ما لؤمكم بقليل

وقال:

بحق امرئ كانت رميلة أمه

يميل عليه اللؤم حيث يميل

تقصر باع النهشلي عن العلا

ولكن أير النهشلي طويل

ثم خرج الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة والحتات بن يزيد بن صعصة.والمجاشعي عم الفرزدق إلى معاوية، فوصلهم ونقص حتاتاً، فعاتبه الحتات، فقال معاوية: اشتريت منهما دينهما، ووفرت عليك دينك، قال: فاشتر مني ديني أيضاً ! فألحقه بهما في الصلة، فأقام يتنجزها، فطعن فمات، فرجع معاوية.فيما أعطاه، فقال الفرزدق وهو بالبصرة:

أبوك وعمي يا معاوي أورثا

تراثاً فأولى بالتراث أقاربه

فما بال ميراث الحتات أكلته

وميراث حرب جامد لك ذائبه !

فلو كان هذا الأمر في جاهلية

علمت من المولى القليل حلائبه !

ولو كان ذا في غير دين محمد

لأديته أو غص بالماء شاربه

ولو كان إذ كنا وللكف بسطة

لصمم عضب فيك ماض مضاربه

فكم من أب لي يا معاوي لم يزل

أغر يباري الريح أزور جانبه

وكم من أب لي يا معاوي لم يكن

أبوك الذي من عبد شمس يقاربه

نمته فروع المالكين ودارم

وساد جميع الناس مذ طر شاربه

فوجد النهشليون عليه سبيلاً، فسعوا به إلى زياد، وقالوا: قد هجا أمير المؤمنين، فقال زياد لعريف بني مجاشع: أحضر قومك والفرزدق فيهم ؛ ليأخذوا عطاءهم، فأحس الفرزدق بالشر، فهرب وقال:

دعاني زياد للعطاء ولم أكن

لآتيه ما نال ذو حسب وفرا

وعند زياد لو يريد عطاءهم

رجال كثير قد أماتهم فقرا

في أبيات قالها، فما زال يطوف في أحياء العرب حتى أتى المدينة عائذاً بسعيد بن العاص، وقال:

إليك فررت منك ومن زياد

ولم أحسب دمي لكما حلالا

ترى الغر الجحاجح من قريش

إذا ما الأمر في الحدثان غالا

قياماً ينظرون إلى سعيد

كأنهم يرون به هلالا

فإن يكن الهجاء أحل قتلي

فقد قلنا لشاعركم وقالا

وأخذ هذا المعنى نصيب، فقال:

أغر إذا الرواق انجاب عنه

بدا مثل الهلال على مثال

تراءته العيون كما تراءت

عشية فطرها وضح الهلال

وأخذه المحدث وقال:

كأنه والعيون ترمقه

من كل وجه هلال شوال

فآمنه سعيد، فقال:

ألا من مبلغ عني زياداً

مغلغلةً يخب بها البريد

بأن قد فررت إلى سعيد

ومن يسطيع ما يحمي سعيد !

فبلغ زياداً ذلك فقال: والله لا أرضى عنه حتى ينتسب في بني فقيم، فقال:

ألا من مبلغ عني زياداً

بأني قد فررت إلى سعيد

فإن شئت انتسبت إلى النصارى

وإن شئت انتسبت إلى اليهود

وأن شئت ادعيت إلى فقيم

وإن شئت ادعيت إلى القرود

وأبغضهم إلى بنو فقيم

لئام الناس في الزمن الحرود

فذكر النصارى واليهود والقرود، ثم قال: 'وابغضهم إلى بنو فقيم'، فبالغ مبالغة شديدة، فقال له مروان: لم ترض أن نكون قعوداً ننظر إليه حتى جعلتنا قياماً، فقال له: إنك منهم يا أبا عبد الله لصافن، فحقدها عليه مروان، فلما عزل سعيدا أحضره مروان، فقال: أنت القائل:

هما دلتاني من ثمانين قامة

كما انقض باز أقتم الريش كاسره

فقلت ارفعا الأستار لا يشعروا بنا

وأدبرت في أعجاز ليل أبادره

قال: نعم، قال: أفتقول مثل هذا بين أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ! اخرج عن المدينة.فاستجار عبد الله بن جعفر، فلما مات زياد بلغة أن مسكيناً الدارمي رباه، فقال:

رأيت زيادة الإسلام ولت

جهاراً حين ودعنا زياد

فقال الفرزدق، ولم يكن هجا زياداً حتى مات:

أمسكين أبكى الله عينك إنما

جرى في ضلال دمعها فتحدرا

بكيت امرأً من أهل ميسان كافراً

ككسرى على عدانه أو كقيصرا

أقول له لما أتاني نعيه

وقال:

كيف تراني قالباً مجني

أقلب أمري ظهره لبطن

قد قاتل الله زياداً عني

والصرائم: جمع صريمة، وهي قطعة من الرمل.والأعقر: الذي لونه لون العفر، وهو التراب.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي