أبلغ ما قيل في صفة الحرب

أبلغ ما قيل في صفة الحرب
قول الأول:
كأنَّ الأفقَ محفوفٌ بنارٍ
وتحتَ النارِ آسادٌ تزيرُ
وقريب منه قول محدث:
ويوم كأن المصطلينَ بحرِّهِ
وإن لم يكن جمرٌ وقوفٌ على جمرِ
صبرنا له حتى تجلى وإنما
تُفَرَّجُ أيامُ الكريهة بالصبرِ
ومن بليغ ما قيل في شدة الروع قول زيد الخيل:
والخيلُ تعلمُ أني كنتُ فارسَها
يوم الأكس به من نَجدَة روقِ
وقول المفضل النكري:
فداءٌ خالتي لبني حيي
خصوصاً يومَ كُسُّ القومِ رُوقُ
معناه أن الأكس، وهو القصير الأسنان، وقد كلح من كراهة الحال، وشدة الروع، حتى تراه كأنه أروق، وهو الطويل الأسنان، أخذه أبو تمام فأجاده في قوله:
فخيل من شدة التعبيس مبتسماً
على أنه ليس فيه مدح لأن الكلوح في الحرب لا يدل على الشجاعة. ومما يدخل في هذا الباب وليس منه قول أبي فراس بن حمدان في خيل طاردت يوم ثلج:
ويوم كأن الأرضَ شابت لهولهِ
قطعتُ بخيل حشو فرسانها الصبرُ
تسيرُ على مثلِ الملاءِ منشراً
وآثارها طُرزٌ وأطرافها حُمرُ
أجود ما قيل في اصطفاف الخيل قول الأسعر:
وكتيبة لبّستها بكتيبةٍ
حتى تقولَ نساؤهم هذا الفتى
يخرجنَ من خَللِ الغبار عوابساً
كأنامل المقرور أقعى فأصطلى
يتخالسونَ نفوسَهم برماحهم
فبمثلهم بَاهى المباهي وانتمى