ديوان المعاني/أحسن ما قيل في العيون

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أحسن ما قيل في العيون

أحسن ما قيل في العيون - ديوان المعاني

أحسن ما قيل في العيون أخبرنا أبو أحمد، أخبرنا أبو يكر بن دريد، عن أبي حاتم، عن الأصمعي، قال: قال أبو عمرو لأصحابه: ما أحسن ما قيل في العيون ؟ قال بعضهم قول جرير:

إنَّ العيون التي في طرفها حَورٌ

قتلننا ثمَّ لم يحُيينَ قتلانا

يصر عن ذا اللبِّ حتى لا حراك بهِ

وهُنَّ أضعفُ خلق الله أركانا

وقال آخر قول ذي الرمة:

وعينانِ قال الله كونا فكانتا

فعولان بالألبابِ ما تفعلُ الخمرُ

وقال آخر بل قوله:

يذكرني مياً من الظبي عينه

مراراً وفاها الأقحوان المنوّرُ

ومراراً حشو لا يحتاج إليه، فقال أبو عمرو: أحسن من هذا كله قول عدي بن الرقاع:

وكأنها بينَ النساء أعارها

عينيه أحورُ من جآذرِ جاسمِ

وسْنان أقصدهُ النعاسُ فرّنقتْ

في عينه سنةٌ وليس بنائمِ

أخذ بعض المحدثين قول جرير:

وهن أضعف خلق الله أركانا

فقال:

كأنما ازدادَت قوى أجفانها

ضعفاً تقوينَ على ضعفِ القوي

ومثله أيضاً قول الناشئ:

لا شيءَ أعجب في جفنيه أنهما

لا يضعفان القوي إلا إذا ضعفا

وقد أحسن ذو الرمة في قوله:

إذا عرضتْ بالرَّملِ أو ماء عوهجٌ

لنا قلت هذا عينُ ميّ وجيدُها

ومن التمثيل القليل النظير قول ابن المعتز:

ويجرحُ أحشائي بعينٍ مريضة

كما لان متنُ السيف والحدُّ قاطعُ

ومن أحسن ما قيل في النظر قول ابن الرومي:

نظرتْ فأفصدتِ الفؤادَ بسهمها

ثمَّ انثنتْ عنه فكادَ يهيمُ

ويلاهُ إنْ نظرت وإن هي أعرضتْ

وقعُ السهامِ ونزعهنَّ أليم

ومن البديع النادر الغريب في لك قوله بعضهم:

جعل الفتور بعينه كحلا

فحفوته وحسن بها المسرة

وقول الآخر:

ينظرنَ من خلل السجوفِ كأنما

يمطرنَ أحشاءَ الكريم نبالا

ومن أظراف ما سمعناه في هذا المعنى قول محمد بن أبي الموج:

للهِ ما صنعتْ بنا

تلك المحاجرُ في المعاجرِ

أمضى وأنفذُ في القلو

بِ من الخناجرُ في الحناجرِ

وقلت:

فأرعى تحتَ حاشيةِ الدَّياجي

شقائقَ وجنةٍ سقيتْ مُداما

إذا اكرتْ لواحظُ مقلتيه

حسبتَ قلوبنا مطرتْ سهاما

وإن مالتْ بعطفيه شمولٌ

سقانا من شمائلهِ سقاما

وقال ابن الرومي:

تقسمها نصفان نصفٌ مؤنثٌ

ونصفٌ كخوطِ الخيزران مذكرُ

عبد من شاءَتْ بعينٍ كأنها

وإن سُقيتْ ريا من النوم تسهرُ

وقلت:

راحتْ تميسُ وحولها خردٌ

كالبدر بين كواكبٍ شهبِ

فملأتُ طرفي من محاسنها

ونسيتُ ما يجنى على الصبِّ

عين تفل السيف لحظتها

أصبحت آمنها على قلبي

وقال ابن المعتز:

كم ليلة عانقتُ فيها بدرها

حتى الصباح موسداً كفيهْ

فسكرتُ لا أدري أمن سكر الهوى

أم كأسه أم فيه أم عينيه

وغدا فنمَّ عليه عند رقيبه

أثرٌ من التقبيلِ في شفتيه

وسقام عين لم تذق طعمَ الكرى

يدعو العوائد في الصباح إليه

وقلت:

إذا ما جاءني للأخذِ عني

تشاغلَ طرفهُ بالأخذ مني

وقال البحتري:

أجد النارَ تُستعارُ من النا

رِ وَيْنشا من سُقْمِ عينيكِ سُقْمي

وقلت:

يسعى إليَّ مقرطقٌ في كفه

كأسٌ وبينَ جفونه كاسانِ

وقد أطرف البحتري في قوله:

والذي صير الملاحة في عي

نيه وقفاً والسحرَ في أجفانِهْ

لا أطعتُ العذولَ فيه وإن أس

رف في ظلمه وفي عدوانه

فدعا اللوم في التصابي فإني

لا أرى في السلوِّ ما تريانه

وقلت:

ومقلة كحميا الكأسِ مسكرةً

وحاجبٍ كهلالِ الشهرِ مقرونُ

وقلت أيضاً:

ونسقيك في ليلٍ شبيهٍ بفرعها

شبيهاً بعينيها وشكلاً بخدِّهما

فتسكرُ من عينٍ وكأسٍ وَوجنةٍ

تحييك أعتاب الكؤوس بورِدهما

وقالوا أجود ما قيل في الثغر من شعر المتقدمين قول جرير:

تجري السواك على أغرَّ كأنهُ

بَرَدٌ تحدَّرَ من مُتونِ غمامِ

وقالوا بيت النابغة:

تجلو بقادمتى حمامةِ أيكةٍ

برداً أسفِّ لثاتهُ بالإثمدِ

كالأقحوان غداة غبّ سمائهِ

جفتْ أعاليه وأسفلهُ ندي

شبه الشفتين لرقتهما بقادمتي حمامة. وقالوا بيت بشر بن أبي خازمك

يُفلِّجنَ الشفاه عن اقحوان

جلاهُ غب سارية قطارِ

ومن أحسن ما جاء فيذلك قول البحتري:

ولما التقينا والتقى مَوِعدٌ لنا

تبينَ رامي الدُّرِّ منا ولاقطه

فمن برَدٍ تجلوهُ عند ابتسامها

ومن لؤلؤ عندَ الحديثِ تساقطهُ

وهذا أحسن من قول الأول ومنه أخذ البحتري:

إذا هنّ ساقطنَ الأحاديث بالضحى

سقاط حصى المرجانِ من كفِّ ناظمِ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي