ديوان المعاني/الخلق من الثياب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الخلق من الثياب

الخلق من الثياب - ديوان المعاني

الخلق من الثياب

قال الحمدوني:

طالَ تردَادُهُ إلى الرَّفوِ حتى

لو بعثناهُ وَحْدَهُ لتهدّى

وقال آخر:

قال غسّاليَ لما

جئته قولاً صحيحا

يا عزيزي أنا لا أغ -

سلُ بالصابونِ ريحا

وأحسن من ذلك كله وأشهر قول الآخر:

يا بن حربٍ كسوتني طيلساناً

ملَّ من صُحبةِ الزَّمانِ وصدَّا

إن تنحنحت فيه ينحز عيراً

أو تحركتُ فيه ينقدُّ قدَّا

من أحب لبناته الموت

قال بعض الأعراب:

إني وإن سِيقَ إليّ المهرُ

ألفٌ وعبدان وذودٌ عشرُ

أحَبُّ أصهاري إليّ القبرُ

وقال عبيد الله بن عبد اله بن طاهر:

لكلِّ أبي بنتٍ يُراعي شؤونها

ثلاثةُ أصهارٍ إذا طُلبَ الصهرُ

فبعلٌ يُراعيها وخدرٌ يكنها

وقبرٌ يُواريها وخيرُهما القبرُ

جعل القبر خير الثلاثة الأصهار، فإنه نعم الصهر في الستر. كلام الملحدين لعنهم الله: فمنهم ديك الجن عبد السلام بن رغبان الحمصي:

هي الدنيا وقد نعِموا بأخرى

وتسويفُ النفوسِ من السوافي

فإن كذبوا أمنت وإن أصابوا

فإنَّ المبتليك هو المُعافي

وأصدقُ ما أبثُّك أن قلبي

بتصديقِ القيامةِ غير صافي

وقال ابن أبي البغل:

باحَ ضميري بِمُضْمرِ الأمرِ

وذاك أني أقولُ بالدهرِ

وليسَ بعد المماتِ حادثةٌ

وإنما الموتُ بيضةُ العقرِ

وقال آخر:

يا ناظراً في الدين ما الأمر

لا قدَرٌ صحَّ ولا جَبرُ

ما صحّ عندي من جميعِ الورى

يُذكَرُ إلا الموتُ والقبرُ

قبحهم الله لقد أعظموا القول ولا ينتفعوا إلا بالفضيحة في الدنيا والاثم في الآخرة. وإنما أورد مثل هذا لتعرف أهله ولأن تسمية الكتاب توجبه. ونحوه قول ابن الرومي وأجاد:

أيا ربّ إن سوّيتَ بيني وبينهُ

لما كانَ عدلاً أن نكونَ سواءً

فكيفَ وقد أعليتَهُ وخفضتني

فكنتُ له أرضاً وكانَ سماءً

فصل آخر

كتب أبو الشيص إلى رجل كان وعده مخدة فأبطأت عليه:

يا صديقي وأخي فيه

كلِّ ما يعرو وشِدَّه

ليتَ شعري هلْ زَرَعتمْ

بذرَ كتانِ المخدَّه

وأخبرني أبو أحمد عن أبيه، عن أحمد بن أبي طاهر، قال أهدى بعض العمال إلى دعبل بن علي الخزاعي برذوناً زمناً فرده وكتب إليه:

وأهديتهُ زَمِناً فانيا

فلا للرُّكوبِ ولا للثمنْ

حملتَ على زِمِن شاعراً

فسوفَ يكافي بشعرٍ زمن

أبا الفضل ذمّاً وغرماً معاً

فما كنتَ ترجو بهذا الغبن

ووعد رجل دعبلاً نعلاً يهديها إليه عند قدومه من الحج فأبطأت عليه فقال دعبل الخزاعي:

وعدتَ النعلَ ثمَّ صَدَفتَ عنها

كأنك تشتهي شتما وقذفا

فإنْ لم تُهدِ لي نعلاً فكنها

إذا أعجمعتَ بعد النونِ حرفا

وأخبرني أبو أحمد، عن أبيه، عن أحمد بن أبي طاهر، قال: كتب إلي أبو علي البصير يستهديني بخوراً كنت أهديت منه إلى بعض إخواني، والأبيات:

يا شقيقي ويا خليلي إباءً

المرجَّى لكلِّ خيرٍ ومير

أنتَ من أطيبِ الأنامِ بخوراً

غيرَ أني شممتهُ عندَ غيري

وهو جمُّ لديك فابعث بدرجٍ

منهُ إن لم أكنْ تعدَّيتُ طوري

فكتبت إليه:

قد بعثنا إليك منهُ بدرجٍ

وأزرناك منهُ أطيبَ زورِ

بين ندٍّ وبينَ عودٍ مطرّاً

مالهُ مشبهٌ بنجدٍ وغورِ

أنتَ منه أزكى وأطيب عرفاً

وهو أزكى من كل طيبٍ وَنور

ما تعدَّيتَ فيه طوْرَك

عندي فتبخر منهُ بأيمنِ طير

وحدثني أبو أحمد، عن أبيه عن أحمد، قال: حدثني أو دلامة الشاعر قال: كتب العتابي إلى مالك بن طوق يستزيده ويستهديه ويدعوه إلى صلة الرحم والقرابة بينه وبينه وكان مما كتب:إن قرابتك من قرب منك خيره، وإن ابن عمك من عم نفعه، وإن عشيرتك من أحسن معاشرتك، وإن أحب الناس إليك أجداهم بالمنفعة عليك، وإن أهداهم إلى مودتك من أهدى إليك، ولذلك أقول:

ولقد بلوتُ الناسَ ثمَّ سبرتهم

ووصلتُ ما قطعوا من الأسباب

فإذا القرابةُ لا تُقرِّبُ قاطعاً

وإذا الموَدَّةُ أقرَبُ الأنسابِ

قال أبو هلال رحمه الله: هذا آخر ما رأينا تضمينه هذا الكتاب وبالله التوفيق والحمد لله حق حمده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه آمين. نهاية الكتاب.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي