ديوان المعاني/دعاء المكاتبة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

دعاء المكاتبة

دعاء المكاتبة - ديوان المعاني

دعاء المكاتبة

حدثنا عنه عن أبي ذكوان قال سمعت إبراهيم بن العباس يقول: ما أظن قول الكتاب: وقدمني الله قبلك، مأخوذ إلا من قول الأغر بن كاسر في أخيه صقر:

أخي أنت في دينٍ ودُنيا كلاهما

أُسرُّ بأن تبقى سليماً وأفخرُ

إذا ما أتى يومٌ يفرِّقُ بيننا

بموتٍ فكن أنت الذي يتأخر

فقيل له هذا يروى لحاتم، فقال: وما على من لا يدري أن ينسب شيئاً إلى غير قائله. فأما قولهم وأتم نعمته عليه، وزاد في إحسانه إليه فهو من قول عدي بن الرقاع:

صلّى الآله على امرىءٍ ودّعتهُ

وأتمَّ نعمتهَ عليه وزادها

وقالوا وأول من قال: وأسأله أن يصلي على محمد إسحاق بن سليمان بن علي. وأنشد للسري في ضد قولهم مت قبلك، وإن الحظ عنده أن يكون هو ومن يحب يموتان في وقت واحد:

لا مُتُّ قبلك يا أخي لا باخلاً

بالنفسِ عنك ولا تمتْ قبلي

وبقيتَ لي وبقيتُ فيك مُمتَّعاً

بالبرِّ والنعماءِ والفضلِ

حتى إذا قصد الحِمامُ لنا

من بعدِ عُمرٍ وارد الحبل

مُتنا جميعاً لا يُؤخَّرُ واحد

عن واحدٍ لمرارةِ الثكلِ

وكفاك من نفسي شهيدٌ ناطقٌ

يا صاحِ أنك عندها مِثلي

وفي نحو ذلك قول الآخر:

إني لأشفقُ أن أُؤخرها

بعدي وأكره أن أقدِّمها

وقال يعقوب بن الربيع:

فلو أنها إذْ حانَ وقتُ حِمامها

أُحَكَّمُ في أمري لشاطرتها عمري

فحلّ بنا المقدارُ في ساعة معاً

فماتت ولا أدري ومتُّ ولا تدري

وقريب منه قول الآخر:

لا متَّ من قبلي ولا مُتُّ من

قبلك بل عشنا إلى الحشرِ

حتى نُوافي الموتَ في ساعةٍ

لا أنتَ تدري بي ولا أدري

كيف أصبحت

حدثنا عنه، عن أيوب بن سليمان بن داود المهلبي، عن محمد بن عباد، قال: كان جرير ابن حازم يقول:العرب تقول: كيف أصبحت من نصف الليل إلى نصف النهار، وكيف أمسيت من نصف الزوال إلى نصف الليل الأول، وتقول في يومك كان الليلة كذا إلى الزوال فإذا زالت الشمس قلت البارحة، هذا معروفٌ عندهم. وحدثنا عنه، عن الفضل بن الحباب، عن التنوخي قال: العرب تقول: صحبتك الأنعمة بطيبات الأطعمة. وحدثنا عنه، عن البلعي عن أبي حاتم، عن الأصمعي، قال: قيل لأبي عمرو بن العلاء كيف أصبحت ؟ قال: أصبحت كما قال الربيع بن ضبع الفزاري:

أصبحتُ لا أحملُ السلاحَ ولا

أملكُ رأسَ البعيرِ إن نفراً

والذَّئْبُ أخشاهُ إن مَررْتُ بهِ

وحدي وأخشى الرياحَ والمطرا

وحدثنا عنه، عن أبي ذكوان، عن التنوخي، عن الفراء، قال: كنت عند الكسائي فقال له رجلٌ: كيف أصبحت ؟ فقال: أصبحت كما قال الصمة بن عبد الله بن طفيل القشيري:

أصبحتُ ما لي من عزّ ألوذُ بهِ

إلا التَعزُّز بعد السيفِ والبدنِ

بعرضَةٍ جانب الأدنون جانِبها

والأهلُ بالشام والإخوانُ باليمنِ

وأنشدنا عنه قال: أنشدنا محمد بن يزيد المبرد النحوي قال: أنشدني المازني عن أبي زيد:

كيف أصبحتَ كيف أمسيتَ مما

يُثبتُ الوُدَّ في فؤادِ الكريمِ

وحدثنا عنه، عن محمد بن الفضل بن الأسود، عن عمر بن شبة، عن الحسين ابن الضحاك الخليع، قال: كنت في المسجد الجامع بالبصرة، إذ دخل علينا أبو نواس وعليه جبة خز جديد فقلت له: من أين لك هذا يا أبا علي ؟ فلم يخبرني فتوهمت أنه أخذها من مويس بن عمران، لأنه دخل من باب بني تميم فقمت فأجد مويساً وقد لبس جبة أخرى فقلت:

كيف أصبحتَ يا أبا عمرانِ

يا كريمَ الإخاءِ والإخوانِ

فقال صبحك الله به وأسمعك خيراً. فقلت:

إنَّ لي حاجةً فرأيك فيها

إننا في قضائها سيَّانِ

فقال هاتها على اسم الله تعلى فقلت:

جُبة من جبابك الخزِّ حتى

لا يراني الشتاءُ حيثُ يراني

قال خذها، ومد كمه فذرعتها، وجئت فقال أبو نواس: من أين لك هذه ؟ قلت: من حيث كانت لك تلك. وحدثنا عنه، عن وكيع، عن علي بن عبد الله بن حمزة بن عتبة اللهبي قال: دخلت على محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومي أعوده فقلت له كيف أصبحت فقال كما قال الشاعر:

إنَّ الليالي أسرعتْ في نقضي

أخذنَ بعضي وتركنَ بعضي

أقعدنني من بعد طول نهضي

وقيل لأعرابي كيف أصبحت ؟ فقال أصبحت والله كما قال الشاعر:

يا خيرُ إني قد جعلتُ أشتمر

أرفعُ من ثوبيَ ما كنت أجُرّ

وحدثنا عنه، عن الغلابي، عن محمد بن عبد الرحمن التيمي، عن أبيه قال: لقي بكر بن عبد الله المزني أبا تميمة الهجيمي فقال: كيف أصبحت أبا تميمة ؟ فقال أصبحت بين ذنوب قد سترها الله علي، ما يقدر أحدٌ أن يعيرني منها بذنب، وبين محبةٍ قد ألقاها الله في قلوب الناس، لست لها بأهل، وقد خفت أن أهلك بين هذين وأنا ضعيف الشكر. قال وقيل لقريبة الدبيرية كيف أصبحت ؟ فقالت:

بخيرٍ على أنَّ النوَى مطمئنةٌ

بليلى وإنَّ العينَ يجري مَعينها

وقيل لأعرابي كيف أصبحت ؟ قال بخير أحتسب على الله بالحسنة، ولا أحتسب على نفسي بالسيئة. وقال رجلٌ لأبي العيناء وقد كبر وضعف: كيف أصبحت ؟ فقال في الداء الذي يتمناه الناس لأعدائهم. وحدثنا عنه، عن الغلابي، عن إبراهيم، عن عمر، عن أبي عبيدة، قال: قيل للنمر بن تولب: كيف أصبحت يا أبا ربيعة ؟ فقال ارتجالاً على البديه:

أصبحتُ لا يحملُ بعضي بعضا

أشكو العروقَ النابيات نبضا

كما تشكى الأرحبي الغرضا

كأنما كان شبابي قرضا

وحدثنا عنه، عن القاسم بن إسماعيل، عن محمد بن سلام عن ابن داب، قال: قيل لمحارب بن دثار كيف أصبحت ؟ فقال أصبحت كما قال الشاعر الأعشى:

أرِقتُ وما هذا السُّهادُ المؤرِّقُ

وما بي من سُقمٍ وما بي مَعشَقُ

ولكنْ أراني ما أزال بحادثٍ

أغادي بما لم يُمسِ عندي وأطرَقُ

وحدثنا عنه، عن المقدمي عن أبي عمر بن خلاد قال: قال الربيع الحاجب لأبي العتاهية كيف أصبحت فقال:

أصبحتُ والله في مضيق

هل منْ دليلٍ على الطريقِ

أفٍّ لدنيا تلاعبتْ بي

تلاعبَ الموج بالغريقِ

أصبتُ فيها دُريهماتٍ

فبغضتني إلى الصديقِ

وحدثنا عنه، عن علي بن الصباح، عن بشر بن مسعود المازني، قال: كان لسفيان بن عيينة جارٌ سيء الحال فحسنت حاله، فقال له سفيان: كيف أصبحت ؟ وكيف حالك ؟ لقد سررت بما صرت إليه بعد غم بما كنت فيه فدعا الرجل له ومضى، فقال له بعض جلسائه: كيف تكلم هذا ؟ قال: هو جارٌ. قال: إنه قد صار صراطاً لهؤلاء، قال سفيان إن كان في الناس أحدٌ طلب الدنيا من حيث يستحق فهذا. وحدثنا عنه، عن المغيرة بن محمد المهلبي قال قدم أبو العتاهية البصرة إلى عيسى بن جعفر فأقام شهوراً ثم اعتل فقال:

أصبحتُ بالبصرة ذا غُربة

أدفَعُ من همّ إلى كرْبَه

أطلبُ عُتبي من حبيب نأى

وليسَ لي عُتبي ولا عُتبه

وحدثنا عنه، عن المبرد قال: قال الجماز لأبي العتاهية: كيف أصبحت ؟ قال: على غير ما يحب الله، وغير ما أحب، وغير ما يحب إبليس، لأن الله تعالى أن أطيعه ولا أعصيه ولست كذلك وإبليس يحب أن أعصي الله ولا أطيعه ولست كذلك، وأنا أحب أن أكون على غاية الثروة والصحة ولست كذلك. حدثنا عنه، عن الحسن بن الحسين الأزرق، عن العباس بن محمد، عن عمرو بن الحارث بن محمد بن سلام، قال: قال أبو حراثة وهو من بني ربيعة بن حنظلة ليزيد بن المهلب:كيف أصبحت أصلح الله الأمير ؟ قال: كما تحب يا أبا حراثة، قال: لو كنت كذا لكنت قائماً مثلي، وكنت أنا قاعداً في مقعدك، وكان قميص ابني المرقوع على ابنك، والتومتان اللتان في أذن ابنك على ابني. قال يزيد فالحمد لله الذي جعلك كذا وجعلني كذا، فقال إلا أني في ضيق أنتظر سعةً، وأنت في سعة تنتظر ضيقاً. وحدثنا عنه، عن أبي العيناء، عن العتبي قال: قيل لأعرابي: كيف أصبحت ؟ قال: أصبحت أعثر بالبعرة، وأقيد بالشعرة، وأفزع من النعرة. وحدثنا عنه، عن الغلابي عن دماذ، عن الهيثم بن عدي، قال: كان هرم بن سنان المزني قد آلى على نفسه أن لا يسلم عليه زهير إلا وهب له غرة من ماله، فأشفق عليه زهير من ذلك وكان يمر بالمجلس وهرم فيهم، فيقول: أنعموا صباحاً غير هرم خيركم تركت، ففخر عقبة بن كعب بن زهير بذلك في قوله:

إني لأصرفُ نفسي وهي صاديةٌ

عن مصعبٍ ولقد بانت ليَ الطرق

رعوي عليه كما أرعى على هرم

قبلبي زهيرٌ وفينا ذلك الخلقُ

مدحُ الكرام وسعىٌ في مسرتهم

ثم الغنى ويدُ الممدوح منطلقُ

ومثله قول حاجز الأزدي:

وإني لأستبقي إذا العسرُ مسني

بشاشةَ وجهي حينَ تبلى الطبائعُ

فأعفي ثرى قومي ولو شئتُ نولوا

إذا ما تشكى الملحفُ المتضارع

مخافةَ أن أقلي إذا جئتُ زائراً

وترجعني نحوَ الرِّجالِ المطامع

ومن مليح ما قيل في فديتك:

فدتك النفس وهي أقلُّ بذلٍ

صلي حسن المقال بحسنِ فعل

أريني منك في أمري نهوضاً

يبين أن شغلك بي كشغلي

وأخبرنا عنه، عن محمد بن خلف بن المرزبان، قال: اجتمع عندي أحمد بن أبي طاهر، والناشي ومحمد بن عروس، فدعوت لهم مغنية فجاءت ومعها رقيبة لم ير الناس أحسن منها قط فلما شربوا أخذ الناشي رقعة فكتب فيها:

فديتك لو أنهم أنصفوا

لردُّوا النواظرَ عن ناظريك

تَردِّينَ أعيننا عن سواك

وهل تنظرُ العينُ إلا إليك

ألا يقرؤوا ويحهم ما يرونَ

من وحي حسنك في وجنتيك

وقد جعلوك رقيباً علينا

فمن ذا يكون رقيباً عليك

قال: فشغفنا بالأبيات فقال ابن أبي طاهر: أحسنت والله وأجملت، قد والله حسدتك هذه الأبيات، ووالله لا جلست، وقام وخرج من ساعته، ولم يعد إلى الشرب بقية يومه. ^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي