ديوان المعاني/ذكر الإبل وسيرها

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

ذكر الإبل وسيرها

ذكر الإبل وسيرها - ديوان المعاني

ذكر الإبل وسيرها

وما يجري مع ذلك من وصف أحوالها

أطرف ما قيل في صفة الإبل قول القطامي:

يمشينَ رَهواً فلا الأعجازُ خاذلةٌ

ولا الصدورُ على الأعجاز تتكلُ

فهنّ معترضاتٌ والحصى رَمِضٌ

والريحُ ساكنةٌ والظلُّ معتدلُ

قالت العلماء: لو كان البيت الأول في صفة النساء لكان أحسن وذلك لما رأوا من تمام حسنه وظريف لفظه. والبيت الآخر هو من أبلغ ما قيل في صفة هاجرة. ومن مليح ما قيل في ضمر الناقة قول ابن الخطيم:

وقد ضَمرتْ حتى كأنَّ وضينها

وشاحُ عروس جالَ منها على خصرِ

ويشبه الزمام بالحية فمن أول ما قيل في ذلك قول الشاعر:

يعالج مثنى حضرمي كأنّه

حباب نقا يتلوه مرتجلٌ يرمي

وقال ذو الرمة:

رجيعة أسفار كأنَّ زمامها

شجاع على يسرى الذراعين مطرق

أخذه المتنبي فقال:

كأنّ على الأعناق منها الأفاعِيا

ومن أجود ما قيل في ضمر الابل قول الفرزدق:

إذا ما أنيختْ قابلتْ عن ظهورها

حراجيج أمثال الأهلة شُسَّف

شبهها بالأهلة لضمرها واحديدابها. وتشبه بالقسي، فمن أجود ما قيل في ذلك وأجمعه قول أبي عبادة البحتري:

وخدان القلاص حولاً إذاقا

بلنَ حُولاً من أنجم الأسحارِ

يترقرقنَ كالسّراب وقد خضنَ

غماراً من السرابِ الجاري

كالقسّي المُعطفاتِ بل الأسهم

مَبريَّةً بل الاوتاد

وقال ابن دريد:

أليّةً باليعْمَلاتِ يرتمي

بها النجاءُ بينَ أجوازِ الفلا

خوص كأشباح الحناي ضُمَّر

يَرْعُفنَ بالأمشاج من جذب البري

يرسُبن في بحر الدُّجى وفي الضحى

يطفون في الآلِ إذا الآل طفا

ومن غريب ما قيل في عين الناقة قول ذي الرمة:

كأنما عينها منها وقد ضمرت

وضمها السير في بعضِ الأضى ميمُ

فشبهها بالميم لاستدارتها وغورها، والأضى: الواحدة أضاة وهي الغدير، وقد قصر بذي الرمة علمه بالكتابة. أخبرنا أبو أحمد، عن الصولي عن العلاء بن عبد الله بن الضحاك، عن الهيثم بن عدي قال:قرأ حماد الرواية على ذي الرمة شعره، فرآه ترك في الخط لاماً، فقال له ذو الرمة: أكتب لاماً فقال حماد: وإنك لتكتب، قال: لا أكتم عليك فإنه كان يأتي باديتنا خطاط فعلمنا الحروف تخطيطاً في الرمل في الليالي المقمرة فاستحسنتها فثبتت في قلبي ولم تخطها يدي. ودخل أبو تمام على المأمون في زي أعرابي فأنشده:

دمِنٌ ألمَّ بها فقالَ سلامُ

كم حلَّ عُقدةَ صبرهِ الالمامُ

فجعل المأمون يتعجب من غريب ما يأتي به من المعاني ويقول ليس هذا من معاني الأعراب. فلما انتهى إلى قوله:

هُنَّ الحَمامُ فإن كسرتَ عِيافةً

من حائهنَّ فإنهنَّ حِمامُ

فقال المأمون: الله أكبر كنت يا هذا قد خلطت علي الأمر منذ اليوم، وكنت حسبتك بدويا، ثم تأملت معاني شعرك فإذا هي معاني الحضريين وإذا أنت منهم فقصر به ذلك عنده. وقال أبو نواس في وصف الناقة:

ولقد نجوتُ في الفلاةَ إذا

صامَ النهارُ وقالت العُفُر

شدَنيّةٌ رعَتِ الحمى فأتت

ملءَ الجبالِ كأنّها قصْرُ

أخذه من قول عنترة:

فوقفتُ فيها ناقتي وكأنها

فدَنٌ لأقضي حاجةَ المُتلّومِ

إلا أن بيت أبي نواس أحسن رصفاً. وذكر ذنب الناقة فقال:

أما إذا رفعته شامذةً

فتقول رنّق فوقها نَسْرُ

أما إذا وضعتْهُ عارضةً

فتقولُ أُسبلَ خلفَها سِترُ

أخذه من قول أبي دواد:

قوادمٍ من نسور مضرحيات

وليس بيت أبي دواد شيئاً مع بيت أبي نواس. ثم قال:

وتسفُّ أحياناً فتحسبها

مترسماً يقتادُهُ أثرُ

فإذا قصرتَ لها الزمامَ سما

فوقَ المقادمِ ملطَمٌ حُرُّ

وكأنها مُصغٍ لتُسمِعهُ

بعضَ الحديثِ بأذنهِ وقرُ

ومن أجود ما قيل في تقدم الناقة في السير قول القطامي:

ألمعن يقصرنَ من بخت مخيسة

ومن عرابٍ بعيداتٍ من الحادي

أي يسبقن الحادي فيبعدن عنه. ثم قال أبو نواس وأحسن.

تَذَرُ المطيِّ وراءَها فكأنها

صَفٌّ تقدَمهنَّ وهي إمامُ

وأحسن ابن المعتز في قوله:

وناقةٍ في مهمه رمى بها

همَّ إذا نامِ الورَى سرَى بها

فهي أمام الركبِ في ذهابها

كسطرِ بسمِ الله في كتابها

ومن مصيب التشبيه في موطىء الناقة قوله أيضاً:

تلقى الفلاة بخفٍّ نهضتهِ رفعْنا

خباءً فوقَ أطرافِ الرماحِ

وقوله في ارتفاع الناقة في الهواء وعظمها:

كأنا عندَ نهضتهِ رفعْنا

خباءً فوقَ أطرافِ الرماحِ

ومثله قوله أيضاً:

ترنو بناظرةٍ كأنّ حِجَاجها

وقْبٌ أنافَ بشاهقٍ لم يُحلل

وكأنَّ مسقَطها إذا ما عرَّست

آثارُ مسقطِ ساجدٍ مُتبتل

وكأن آثارَ النّسوعِ بدفِّها

مسرى الأساودِ في دهاسٍ أهيلِ

ويشدُّ حاديها بحبلٍ كاملٍ

كعسيِ نخلٍ خوصُهُ لم ينُجل

وقال أيضاً:

كأنّ المطايا إذ غَدَوْنَ بسحرةٍ

تركنَ أفاحيصَ القطا في المباركِ

ثم قال وهو من أجود ما قيل في سمن الإبل:

لنا إبلٌ ملءَ الفضاء كأنما

حملنَ التلاع الجوَّ فوقَ الحواركِ

وقد أحسن القائل في وصف سرعتهن حيث يقول:

خُوصٌ نواج إذا حث الحداةُ بها

حَسبتَ أرجلها قُدَّامَ أيديها

وذكر دعبل بن علي الخزاعي أن قائل هذا البيت القضامي لم يقل بيتاً جيداً سواه وكان يقول الشعر ستين سنة. وأخذه ابن المعتز فقال:

تخالُ آخِرهُ في الشدِّ أوَّله

وفيهِ عَدْوٌ وراء السبقِ مذخورُ

وقد أحسن مسلم في قوله:

إلى الأمام تهادانا بأرحلنا

خلقٌ من الريحِ في أشباحِ ظلمانِ

كأن أفلاتها والفجرُ يأخذها

أفلات صادرةٍ عن قوس حسبان

وقال آخر:

كأنّ يَدَيْها حينَ بجري ضفورها

طريدانِ والرجلان طالبتا وترِ

ومن بليغ ما جاء في ذلك قول ابن المعتز:

زجرتُ بها سباح قفرٍ كأنّه

يخافُ لحاقاً أو يبادرُ أو لا

توارثهُ الإيجافُ حتى كأنّهُ

لميس ضنى أعيا الطبيب المعذّلا

ومن بديع ما جاء في ذلك قول رؤبة بن العجاج:

كأن أيديهن بالقاع القرقْ

أيدي العذارى يتعاطينَ الورق

وقد أحسن أبو الشيص في قوله:

وليل يَرْكبُ الركبا

نُ في أمواجه الخضرِ

توكلتُ على أهوا

لها بالله والصبرِ

وأعمال بناتِ الري

ح في المهمهةِ القفر

شماليل يصافحنَ

مُتونَ الصخرِ بالصخر

بإيجافٍ يقدُّ اللي

ل عن ناصيةِ الفجر

وقلت:

لنا هجماتٌ تنثني سرواتها

بأسنمةٍ مثل الأكام سوامق

خبطنَ الربيعَ وانتسفنَ نباته

كما مرت الأجلامُ فوق المفارقِ

بناها بناء البيت جون رواعدٌ

تجيء على آثارِ جونٍ بوارق

تدورُ بأحقيها البروقُ وتنثني

كأنّ عليها مذهباتٍ مناطقِ

وقال ابن المعتز:

وليل ككحل العينِ خُضتُ ظُلامهُ

بأزرقَ لماعِ وأخضر صارم

وطيّارةٍ بالرّحلِ صرفٍ كأنما

تصافح رضراضَ الحصى بجماجمِ

وقلت:

وليلةٍ خبطت من ظلمائها

بنازحِ الخطوِ إذا الخطوُ دنا

قد انبرَى يعترف السير بنا

في طرق يخبط فيهنَّ الهدى

ينهى الوجى أمثاله عن السرى

وساعدته مَيعةٌ تنهى الوحى

ومن مصيب التشبيه قول الراعي:

في مَهمهٍ قلقتْ بها هاماتهُا

قَلقَ الفؤوسِ إذا أرَدْنَ نصولا

وقول الآخر:

حمراءُ من نسلِ المهاري نسلُها

إذا ترامتْ يدُها ورجلها

حسبتها غيرَى استفزَّ عقلها

أتى التي كانت تخافُ بعلها

أي كأنها من عملها بيديها ورجليها وسرعة تحريكها إياهما غيرى تخاصم وتشير بيديها لا تفتر:وقلت:

ومَهمهٍ قَلقتْ فيها فيها ركائبنا

والليلُ في قلق تسري ركائبهُ

ركبته فكأنَّ الصبح راكبهُ

وجُبتهُ فكأن النجم جائبهُ

بكل ذي ميعة جدَّ الوجيف به

فانهدَّ غاربُهُ وانضم حالبه

وبات ينهب جنحَ الليل في عجل

كأنه لاعبٌ طابتْ ملاعبه

حتى بدا الصبحُ مُبيضاً ترائبهُ

وأدبَرَ الليلُ مخضراً شواربه

وإنما النجحُ في ليل ترادفهُ

إذا تأوَّب أو صبحٍ يواكبه

وساهر الليل في الحاجات نائمه

وذاهب المال عند المجد كاسبه

وقال أبو تمام:

على كلِّ روَّادِ المِلاطِ تهدمتْ

عريكتهُ العلياءُ وانضمَّ حالبهْ

رَعَته الفيافي بعد ما كان حقبةً

رعاها وماءُ الروضِ ينهل ساكبهْ

وقلت:

واستنهضتكَ إلى المآثرِ والعلا

هممٌ تخال زهاؤهنَّ جبالا

أردفهن عزائماً فكأنما

أردفَتُ مُرهفةَ النصالِ نصالا

حملْتها قلصُ الركابِ كأنها

قُلصُ النّعامِ إذا اتبعن رِيالا

مهريةٌ أودى السفارُ بنحضِها

فتخالُها تحت الرحالِ رحالا

وقال مسلم:

إليك أمين الله رامت بنا السرى

بنات الفيافي كل مرتٍ وفدفدِ

أخذْن السرى أخذَ العنيفِ وأسرعَتْ

خُطاها بها والنجمُ حيران مهتدي

لبسن الدجى حتى نضتْ وتصوبت

هوادي نجومِ الليلِ كالدحو باليدِ

وهذه استعارة بديعة حسنة عجيبة الموقع جداً. وقال أبو نواس:

يكتسي غُثنونُهُ زبداً

فنصيلاهُ إلى نحرهِ

ثم يعتمُّ الحَجَاجُ به

كاعتمام النوفِ في عُشَره

ثم تذروه الرياحُ كما

طارَ قطن النّدْفِ عن وتره

ومن فصيح الكلام قوله في هذا المعنى:

نفَحنَ اللغام الجعدَ ثم ضربنَه

على كلِّ خَيشومٍ كريمِ المخطَّمِ

وقال الشماخ بن ضرار:

كأن ذراعيها ذراعا مُدّلةِ

بُعيد السباب حاولَتْ أن تعذرا

من البيض أعطافاً فإذا اتصلت دعَت

فراسَ بن غنم أو لقيطَ بن يعمرا

بها شرقٌ من زعفران وعنبرٍ

أطارت من الحسن الرِداء المحبَّرا

تقول وقد بلَّ الدموع خمارها

أبت عفتي أو منصبي أن أُعيَّرا

كأن بذِفراها مناديلَ فارقت

أكفَّ رجالٍ يَعصرونَ الصنوْبرا

وقال الراجز:

كأنها نائحة تُرجِّعُ

تبكي بشجوٍ وسواها الموجَعُ

وهو نحو قول الراجز:

حسبتها غيرى استفزَّ عقلها

ومثله قول الآخر:

كأن ذراعيها ذِراعا بذية

مفجَّعة لاقت حلائلَ من عُفرِ

سمعن لها استفزعت من حديثها

فلا شيء يفري باليدين كما تفري

فوصفها بأنها بذية قد أوجعت. نيل منها، ولقيت حلائلها عن عفرٍ، أي بعد زمان، وتلك الشكوى في نفسها فجعلت تحدث وتحرك يديها في حديثها، فلا تكاد تسكنهما. قال أبو تمام:

فما صلائي إذا كان الصلاءُ بها

جمر الغضا الجزلِ إلا السيرُ والابلُ

المرضياتُك ما أرغمتَ آنفها

والهادياتُك هي الشرَّدُ الضُّللُ

قال البحتري:

والعيس تَنصُلُ من دُجَاهُ كما انجلى

صِبغُ الشَّبَابِ على القَذَال الأشيبِ

قال ابن المعتز:

لم تَزَلْ نخبِطُ الفلاةَ بأخ

فافِ المطايا والظِّلُّ مُعتدِلُ

كأنّما طارَ تحتنا قَزَعٌ

على أكفِّ الرياحِ ينتقلْ

يفري بطونَ النقا النقي كما

يَطعنُ بيضَ الجوانحِ الأسَلُ

وقال في الناقة:

تُصغي إلى أمْرِ الزَّمامِ كما

عَطَفتْ يَدُ الجاني ذُرى الغُصنِ

وقال في لقاح:

حَوامِلُ شَحمٍ جامدٍ فوقَ أظهر

وإن تستغث ضراتهنّ به ذابا

إذا ما مكاء الدَّرِّ جاءت بمثعب

كما سُلَّ خيطٌ من سدى الثوب فانسابا

وهذا في دقة الشخب حسنٌ جداً:

رأيتُ انهمارَ الدرِّ فوقَ فُروجِها

كما عصَرت أيدي الغواسلِ أثوابا

خوازنُ نحضٍ في الجلودِ كأنها

تُحمَّلُ كُثباناً من الرَّملِ أصلابا

وقد أحسن في الناقة والزمام:

وسلِ البيداءَ عن رَجُل

يخطمُ الريح بثعبانِ

وقال:

وقَفْتُ بها عِيسِي تطيرُ بزجْرِها

ويأمُرُها وحيُ الزّمامِ فَتُرقِلُ

طَلوباً برجليها يَدَيها كما اقتضتْ

يدُ الخصمِ حقاً عند آخر يُمطَلُ

وقال بعض العرب:

تطيرُ مناسمُها بالحصى

كما نَقدَ الدرْهمَ الصيرفُ

ومن غريب ما قيل في تقدم الناقة صواحبها في السير قول بعض العرب:

جاءَ وقد مَلَّ ثواءِ البحرينْ

يَنْسلُّ مِنهنَّ إذا تدانينْ

مِثلَ انسلال الماءِ من جَفنِ العينْ

وأبلغ ما قيل في غزر الناقة قول أبي حية:

تدِرُّ للعصفورِ لو مراها

يَملأُ مسكَ الفيلِ لو أتاها

ومن جيد ما وصف به سعة الاخلاف قول ابن لجإ:

كأنّما نصّتْ إلى ضرّاتها

من نخرِ الطلح مُجَوَّفاتها

وقول مسلم بن الوليد في غير هذا المعنى:

أتتك المطايا تهتدِي بمطيّةٍ

عليها فتى كالنصلِ يونسهُ النصلُ

وقال أبو نواس:

أيا حبذا عَيشُ الوجادِ وضجعةً

إلى دُفّ مِقلاقِ الوضينِ سَعومِ

ترامى بها الايجافُ حتى كأنها

تحيّفُ من أقطارِها بقَدومِ

وأخبرنا أبو أحمد، عن أبي بكر، عن أبي حاتم، عن الأصمعي، عن أبي عمرو، قال:سمعت جندل بن الراعي ينشد بلال بن أبي بردة:

نعوسٌ إذا درّت جرورٌ إذا غدت

بُويزل عام أو سديسٌ كبازلِ

قال: فكاد صدري ينفرج من جودتها حتى كتبتها. ودرة الإبل مع النعاس، والغنم تدر مع الاحتراس، فمن أجود ما قيل في ذلك:قول جبيها الأشجعي:

رقودٌ لو أنَّ الدُّفَّ يُضرَبُ تحتها

لتنحاشَ من قاذورة لم تناكر

أي من قاذورة فيها، يقال: رجل قاذورة، إذا كان يتجنب النساء ويتقي مجامعتهن. ومن الوصف الحسن قول القطامي في نوق:

جفارٌ إذا صافتْ هضابٌ إذا شَئتْ

وفي الصيفِ يَرْدُدْنَ المياه إلى العشرِ

يشبهها بالآبار، من كثرة ألبانها، في أيام الربيع والقيظ، وهي في الشتاء كالهضاب سمناً، وإذا شربت في اليوم العاشر، التقت في مثله وفي كروشها بقيةٌ من الماء. وعرض شريح ناقة للبيعن فقال له المشتري: كيف لبنها ؟ قال احلب في أي إناء شئت، قال فيكف الوطاء ؟ قال: افرش ونم، قال فكيف قوتها ؟ قال احمل على الحائط ما شئت، قال فكيف نجارها ؟ قال علق سوطك وسر. فاشتراها فلم ير شيئاً مما توهمه بصفة شريح فعاد إليه فقال: لم أر شيئاً مما وصفت. قال: ما كذبتك قال فأقلني قال نعم فأقاله:وأنشد أبو أحمد رحمه الله:

جاءت تهادى مائلا ذراها

تحنُّ أولاها على أخراها

مشي العروس قصرت خُطاها

فاسمطتِ القيعانُ من رغاها

واتخذتنا كلنا طلاها

يقول: إنها كبيرة غزيرة، إذا مشت سالت ألبانها، فابيضت القيعان منها. والرغا: جمع رغوة، واتخذتها كلنا طلاها أي لشربنا ألبانها كأننا أولادها. ومن أجود ما قيل في ارتفعا الإبل وارتفاع اسنمتها قول أبي دؤاد:

فإذا أقبلتْ تقولُ أكامٌ

مشرفاتٌ فَوْقَ الأكام أكامُ

وإذا أعرْضَتْ تَقولُ قصورٌ

من سما هيج فوقها آطامُ

وإذا ما فجيتها بطن غيبٍ

قلت نخلٌ قد حانَ منهُ صرامُ

الغيب ما واراك من الشجر، وسما هيج أرضٌ بالبحرين. ^

الفصل الثالث

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي