ديوان المعاني/ذكر النجوم

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

ذكر النجوم

ذكر النجوم - ديوان المعاني

ذكر النجوم

أحسن ما قيل في النجوم من الشعر القديم قول امرىء القيس:

نظرتُ إليها والنجومُ كأنها

مصابيحُ رهبان تشبُّ لقُفَّال

وقول الآخر:

سرينا بليلٍ والنجومُ كأنها

قلادَةُ دّرٍ سُلَّ عنها نظامُها

وقد أصاب القائل التشبيه في قوله:

ورأيتُ السماءَ كالبحرِ إلا

أنَّ مرسوبه من الدُّرِّ طافي

فيه ما يملأ العيونَ كبير

وصغيرٌ ما بينَ ذلك خافي

المعنى جيد وليس للألفاظ رونق. وقال ابن طباطبا في معناه:

أحسن بها لججاً إذا التبسَ الدُّجى

كانتْ نجومُ الليل حصباءَها

وأحسن من هذا كله لفظاً وسبكاً مع إصابة المعنى قول ابن المعتز:

كأنَّ سماءَها لما تجلتْ

خلال نجومها عندَ الصباحِ

رياضُ بنفسج خضل نداه

تفتحَ بينها نورُ الأقاحي

إلا أنه مضمن. وقلت:

لبسنا إلى الخمارِ والنجمُ غائرٌ

غِلالةَ ليلٍ بالصباح مطررِ

كأن بياضَ النجم في خضرة الدُّجى

تفتحَ وردٍ بينَ رَندٍ وعبقرِ

وقلت:

كم سرور زَرَعتُ بينَ الندامى

وهموم طرَدْتُ بينَ الكؤوس

وتلوح النجومُ في ظلمةِ الليلِ

كعاج يلوحُ في أبنوسِ

وقلت:

بليل كما ترنو الغزالةُ أسود

على أنه من نورٍ وجهك أبيضُ

كواكبه زهرٌ وصفرٌ كأنها

قبائع منها مذهبٌ ومفضضُ

وفي النجوم ما هو أبيض، ومنها ما هو أصفر وأحمر، فشبه الأبيض بقبيعة مفضضة، والأصفر والأحمر بالمذهبة، والذهب يوصف بالحمرة والصفرة، ومثل هذا التمييز قليل في الشعر. وقال ابن المعتز:

وخلتُ نجومَ الليلِ في ظُلَمِ الدُّجى

خِصاصاً أرى منه النهار وأنقابا

وقد أحسن الناشيء القول في اشتباك النجوم والتفافها حيث يقول:

وردتُ عليها والنجومُ كأنها

كتائبُ جيشٍ شوّمتْ لكتائبِ

وقلت:

وأنجم كربرب في شهُب

كالشهبِ تجري في خلالِ خطبِ

والحور ترنو من خلال الحجب

ومن أحسن ما قيل في الثريا قول امرىء القيس:

إذا ما الثريا في السماء تعرضتْ

تعرضَ أثناء الوشاحِ المفصلِ

وقد استحسن الناس هذا البيت، في صفة الثريا على قديم الدهر وقدموه، ثم قال بعضهم، وهو معيب، لأن التعرض إنما هو أن يبدي لك عرضه، أي جانبه قال: والثريا تشق وسط السماء شقاً. وقالوا: أحسنه قول ذي الرمة:

وردتُ اعتسافاً والثريا كأنها

على قمّةٍ الرأسِ ابنُ ماء محلِّق

وقالوا أحسنه قول ابن الطثرية:

إذا ما الثريا في السماء كأنها

جمانٌ وهي من سِلكهِ فتبدّدا

أنشد عبد الملك بن مروان هذا البيت، فقال: ما هي بمتبددة ولكنها مرصوفة. قال أبو هلال. وإنما أرادها عند غروبها وهي متبددة عند الغروب وامرؤ القيس أيضاً أرادها حين تغيب، لأنها حينئذ تنحرف من وسط السماء إلى جانب، وأحسن الوصف ما يتضمن أكثر صفات الموصوف، والوشاح وابن الماء إنما شبها بها من جهة البياض فقط. وأخذ معنى ابن الأسلت بعض المحدثين فقال:

قد انقضتْ دولةُ الصيام وقد

بشرَ سقمُ الهلالِ بالعيدِ

تبدو الثريا كفاغرٍ شرهٍ

يفتحُ فاهُ لأكلِ عنقودِ

والأول أجود لذكر وهذا ذكر العنقود ولم يصفه وقد يكون العنقود أسود أو أحمر. وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: أجود ما قيل فيها قول الآخر:

ولاحتْ لساريها الثريا كأنها

على الأفق الغربيّ قرطٌ مسلسلُ

أخذه ابن الرومي فقال:

طيّبٌ طعمهُ إذا ذُقْتَ فاهُ

والثريا في جانبِ الغربِ قُرِطُ

وقد قصر عن الأول أيضاً، ومثله قول أبي فضلة:

وتأملتُ الثريا

في طلوع ومغيبِ

فتخيرتُ لها التش

بيهَ بالمعنى المصيبِ

فهي كأسٌ في شروقٍ

وهي قُرطٌ في غروب

وقلت:

شربنا والنجومُ مغفراتٌ

تمرُّ كما تصدّعتِ الزّحُوفُ

وقد أصغت إلى الغرب الثريا

دنو الدلو يسلمها الضعيفُ

وأجود ما قال فيها محدث عندي قول بعضهم:

كأنَّ الثريا هودجٌ فوقَ ناقةٍ

يسيرُ بها حادٍ من الليل مزعج

وقد لمعتْ بينَ النجومِ كأنها

قواريرُ فيها زئبقٌ يترجرج

وتروى لابن المعتز، وفي ألفاظ البيتين زيادة على معناهما. وقال مخلد الموصلي:

وترى النجومَ المشرقا

تِ كأنها دُررُ العِصابه

وترى الثريا وسطَها

وكأنها زَرَدُ الذؤابه

وزرد الذؤابة يشبه نجومها وتأليفه يشبه تأليفها فيهو تشبيه مصيب. وقال ابن المعتز:

فناولِنيها والثرّيا كأنهّا

جنى نرجسٍ حيّا الندامى بهِ السّاقي

قالوا: لو قال باقة نرجس كأن أتم. فقلت:

أراعي نجومَ الليل وهي كأنها

نواظر ترنو من براقع سندسِ

كأنَّ الثريا فيهِ باقة نرجس

وما حولها منهنَّ طاقاتُ نرجسِ

وأنشدني بعض العمال:

رُبَّ ليلٍ قطعتهُ بفنون

من غناءٍ وقهوة ومُجونِ

والثريا كنسوةٍ خفِراتٍ

قد تجمعنَ للحديثِ المصونِ

وقد أحسن وأطراف. وقد أصاب القائل بعض وصفها في قوله:

كأن الثريا حلة النور منخل

وقال ابن المعتز:

ألا فاسقنيها والظلامُ مقوّض

وخيلُ الدُّجى نحرَ المغارب تركضُ

كأنَّ الثريا في أواخرِ ليلها

تفتحُ نَوْرٍ أو لجامٌ مفضضُ

وشبهت بالقدم. قال ابن المعتز:

قمْ يا نديمي نصطبحْ بسوادِ

قد كان يبدو الصبحُ أو هو بادِ

وأرى الثريا في السماءِ كأنها

قَدَمٌ تبدَّتْ في ثيابِ حدادِ

وقلت:

كأنَّ نهوضَ النجمِ والأفقُ أخضرُ

تبلجُ ثَغرٍ تحتَ خُضرةِ شاربِ

وقلت:

تلوحُ الثريا والظلامُ مقطبٌ

فيضحكُ منها عن أغرَّ مفلجِ

تسيرُ وراءً والهلالُ أمامها

كما أومأتْ كفٌّ إلى نصفِ دملجِ

وقلت:

شمسٌ هَوَتْ وهلالُ الأفق يتبعها

كأنها سافرٌ قدّام منتقبِ

تبدو الثريا وأمرُ الليلِ مجتمعٌ

كأنها عَقرَبٌ مقطوعةُ الذنبِ

وأحسن ما قيل فيها عند طلوع الفجر قول الآخر:

وكأنَّ الصبحَ لما

لاحَ من تحتِ الثريا

ملكٌ أقبلَ في التا

جِ يُفدّى ويُحيّا

وقلت:

وبالثريا أثرُ الخمودِ

كالنارِ لا تسعفُ بالوقودِ

في أنجمٍ كرَبربٍ في بِيْدٍ

يلوحُ في التصويبِ والتصعيدِ

كشرَفاتِ فَدَنٍ مشيَّد

وقلت:

قمْ بنا نطرُدُ الهمومَ بكأسٍ

والثريا لمفرقِ الليلِ تاجُ

وقد انجرَّتِ المجرَّةُ فيهِ

كسبيبٍ يمدُّهُ نساجُ

وقال العلوي الأصفهاني في حسن الاستعارة:

رُبَّ ليلٍ وهتْ لآلى دُموعي

فيهِ حتى وَهتْ لآلي الثريا

ورِداءُ الدُّجى لبيسٌ دريسٌ

بيدِ الصبحِ وهو يطويهِ طيا

وشبه أبو فراس الثريا بالفخذ من النمر، وهو من المقلوب، لأن أنجم الثريا بيض والنقط على فخذ النمر سود. وقال السري:

ترى الثريّا والبدر في قرَنٍ

كما يحيا بنرجسٍ ملكُ

أجود ما قيل في الجوزاء من الشعر القديم قول كعب الغنوي:

وقد مالت الجوزاءُ حتى كأنها

فساطيطُ ركبٍ بالفلاةِ نزولُ

ولو شبهها المحدثين قول ابن المعتز فيها وفي الثريا:

وقد هوى النجمُ والجوزاءُ تتبعهُ

كذاتِ قُرطٍ أرادتْهُ وقد سقطا

مع أن المصراع الأخير غير مختار الرصف، والنجم اسم مخصوصه به الثريا. وقال فيها وفي الشعرى العبور:

ولاحتِ الشِّعرى وجوزاؤُها

كمثلِ رُمحٍ جَرَّهُ رامحُ

وقلت:

سقاني والجوزاءُ يحكي شروقها

طفوَّ غريقٍ فوقَ ماءٍ مطحلبُ

وهذا وصفها عند طلوعها. وقلت فيها حين توسط السماء:

شربتها والليلُ مُستوْفزٌ

يجرُّ في جلبابهِ كوكبه

كأنما الجوزاءُ رَقاصةٌ

ترقصُ في منطقةٍ مذهبه

كأنها الجوزاءُ طبالةٌ

تحتضنُ الطبلَ على مرقبه

وقلت فيها عند غروبها:

إسقنيها والليلُ فرعُ عروس

زَيَّنُوهُ بدُرَّةِ وجُمانه

وكأنَّ الجوزاءُ حينَ تهاوتْ

فارسٌ مالَ عن سراةِ حصانه

وقال آخر:

وكأنَّ الجوزاءَ واترُ قوم

أخذوا وترهم بقطع يَدْيه

وقد استحسن قول العلوي الأصفهاني فيها:

وتلوحُ لي الجوزاءُ سكرَى كلما

ناءتْ بها الجرباءُ كادتْ تنثني

ونطاقُها متراصفٌ في نظمهِ

فكأنما انتطقتْ بقطعةِ جوشنِ

الجرباء إسم السماء، وفي ألفاظها تكلف كما ترى والمعنى جيد. وقلت:

وليلٍ أسود الجلبابِ داجٍ

كفرع الخودِ أو عينِ الغزالِ

كأنَّ كواكبَ الجوزاءِ فيه

زميلةٌ مفجرّة البُزالِ

تميسُ بالحلي قُرط الثريا

إذا انخفضتْ وتوّج بالهلال

ركبتُ صدورَهُ وتركتُ خيلي

توالي تحتَ أنجمهِ التوالي

ويخبطنَ الصباحَ إذا تبدّى

كما يكرعنَ في الماءِ الزُّلالِ

ومن ظريف ما قيل في الشعري قول عبد العزيز بن عبد الله بن طاهر:

أقولُ لما هاجَ شوقُ الذَّكرى

واعترضتْ وسطَ السماءِ الشِّعرى

كأنها ياقوتةٌ في مِدرى

ما أطولَ الليلَ بسرَّمرَّى

وقد أكثروا من وصفها بالعبر وأخذوا ذلك من اسمها وهو العبور. أحسن ما قيل في سهيل، وبعده من الكواكب قول بعضهم:

ولاحَ سهيلٌ من بعيدٍ كأنه

شهابٌ ينحيه عن الرُّمح قابسُ

وقال ابن المعتز:

وقد لاحَ للساري سهيلٌ كأنهُ

على كلَّ نجم في السماء رقيبُ

وأجود ما قيل في خفقانه واضطرابه قول جران العود:

أراقبُ لمحاً من سهيلٌ كأنَّهُ

إذا ما بدا من آخرِ الليلِ مطرفُ

وقلت:

وبسهيل رعدَةُ المزؤودِ

وهو من الأنجمِ في محيدِ

حَلَّ مَحلَّ الرَّجلِ الطريدِ

وقال ابن طباطبا في المعنى الأول:

كأنَّ سهيلاً والنجومُ أمامهُ

يعارضُها راعٍ أمام قطيعِ

أجود ما قيل في النسر الواقع قول الحماني:

وركب ثلاث كالأثافي تعاوروا

دُجى الليل حتى أومضتْ سنة البدرِ

إذا اجتمعوا سميتهمْ باسم واحد

وإن فرقوا لم يعرفوا آخرَ الدهرَ

وهو من الغز المليح. ومن جيد ما قيل في الفرقدين قول ابن المعتز:

ورنا إليَّ الفرقدان كما رَنَتْ

زرقاءُ تنظرُ من نقابٍ أسودِ

وفي المجرة قول بعضهم:

كأنَّ المجرّةَ جدولُ ماءٍ

نورُ الأقاحِ في جانبيه

وقال ابن طباطبا:

مجرَّةُ كالماءِ إذا ترقرقا

شقتْ بها الظلماءُ بُرداً أزرقا

لباسُ ثكلى وشيها المشققا

ونقله إلى موضع آخر فقال:

كأنَّ التي حولَ المجرَّة أوردتْ

لتكرَعَ في ماءٍ هناك صبيبِ

فوجدته متكلفاً جداً. فقلت في معناه.

ليلٌ كما نفضَ الغرابُ جناحهُ

متبقع الأعلى بهيم الأسفلِ

تبدو الكواكبُ من فتوقِ ظلامهِ

لمعِ الأسنةُ من فتونِ القسطلِ

وترى الكواكبَ في المجرَّة شُرَّعاً

مثلَ الظِّباء كوارعاً في جدولَ

وقلت:

تبدو المجرّة منجرٌّ ذوائبُها

كالماءِ ينساح أو كالاّيم ينسابُ

وزهرةٍ بإزاء البدرِ واقفة

كأنه غرض ينحوه نشّابُ

أغرب ما قيل في صفة الهلال من الشعر القديم قول الأعرابي:

كأنَّ ابنَ مزنتهِ جانحاً

قسيطٌ لدى الأفقِ من خنصرِ

أي كأن ابن مزنته، وهو الهلال لدى الأفق، قسيط من خنصر، والقسيط القلامة. وهذا لبيت على غاية سوء الرصف. وقد أخذه ابن المعتز فحسنه في قوله:

ولاحَ ضوءُ هلالٍ كادَ يفضحه

مثلِ القُلامةِ قد قُدَّت من الظُّفُر

وقال ابن طباطبا:

وقد غمض الغرب الهلال كأنما

يلاحظُ منه ناظر ذات أشفارِ

كأنَّ الذي أبقى لنا منهُ أفقه

قصيصُ سوارٍ أو قراضةُ دينارِ

ولا خير في رصف قوله:

كأن الذي أبقى لنا منه أفقه

ومن غريب ما قيل فيه وعجيبه قول ابن المعتز:

إذا الهلالُ فارقتهُ ليلته

بدا لمن يبصرهُ وينعته

كهامةِ الأسود شابتْ هامته

قد سبق إلى هذا المعنى ولم يأخذه من أحد أعرفه، ونقله إلى موضع آخر فقال:

وقد بدا فوقَ الهلال كرتهْ

كهامةِ الأسود شابتْ لحيتهْ

ومن أطرف ما قيل فيه قوله أيضاً:

أهلاً بفطرٍ قد أنارَ هلاله

فالآن فاغدُ إلى المدام وبكر

وانظر إليه كزورقٍ من فضةٍ

قد أثقلتهُ حمولةٌ من عنبرِ

وقال:

في ليلةٍ أكلَ المحاقُ هلالَها

حتى تبدَّى مثلَ وقفِ العاجِ

وقلت:

لست من عاشقٍ أضلَّ السبيلا

فسقى دمعُه الهطولُ طلولا

بردَ الليلُ حينَ هبت شمالا

فجعلت الصلاءَ فيها الشمولا

في هلال كأنَّهُ حيَّةٌ الرَّم

لِ أصابتْ على البقاع مقيلا

باتَ في مِعصم الظلامِ سواراً

وعلى مفرقِ الدُّجى إكليلا

وقلت:

وكؤوسٍ إذا دجى الليلُ أسرت

تحتَ سقفِ مرَّصعٍ باللجينِ

وكأنَّ الهلالَ مرآة تبرٍ

تنجلي كلَّ ليلةٍ أصبعينِ

هذا البيت يتضمن صفته من لدن هو هلال إلى أن يتم. وقلت في هلال شهر رمضان:

جلبَ المجاعةَ ضامرٌ بخل

قد خلتُ فيه لضعفه سلاّ

طفلٌ ولكنْ أمرهُ عجبٌ

قد عاد بعد كهولةٍ طفلا

قد كانَ حمل ليلتين فلم

ترَ مثله طفلاً ولا حملا

ومن العجائبِ أن يعودَ فتى

في سبعَ عشرةَ ليلةً كهلا

وقال السري:

قمْ يا غلامُ فهاتها في كأسِها

كالجلّنارةِ في جنى نِسرين

أو ما رأيت هلال شهرك قد بدا

في الأفقِ مثل شعيرة السكّينِ

جعل الزجاج كأساً ولا يقال كأس، إلا إذا كانت مملوءة، ولا أعرفه سبق إلى هذا التشبيه. وقال بعضهم:

والجوُّ صافٍ والهلالُ مشنّفٌ

بالزُّهرة الزَّهراءِ نحو المغربِ

كصحيفةٍ زرقاءَ فيها نقطةٌ

من فضةٍ من تحت نون مذهبِ

جعل النقطة تحت النون والعادة أن تكون فوقها. وقلت:

والعيد زيَّن للعيونِ هلالهُ

فرَمقْنَ منهُ حاجباً مقرونا

يبدو ويبدو النجمُ فوقَ جبينهِ

وكأنَّ جُنحَ الليلِ ينقطُ نونا

وقد استحسنت للعلوي الأصفهاني قوله:

لاحَ الهلالُ فُوْيقَ مغربهِ

والزُّهرةُ الزَّهراءُ لم تغب

تهوي دوين مغيبها فهوتْ

تبكي بدمعٍ غَيرِ منسكب

فكأنها أسماءُ باكيةٌ

عندَ انفصامِ سوارِها الذَّهبِ

ومن البديع قول الآخر:

لم أنس دجلةَ والهوى مُتضرِّم

والبدرُ في أفقِ السماءِ مُغرِّبُ

فكأنها فيه رداءٌ أزرقُ

وكأنه فيها طرازٌ مُذهبُ

حق الدجى أن تؤنث لأنها جمع دجية. وقلت:

كأنَّ الهلالَ الشهرَ قطعةُ دملجٍ

تلوحُ على أعضاء معتكر عاسِ

ترى الزهرةَ الزهراء تهوي وراءه

كما مرَّ سهمٌ قاصدٌ نحوَ قرطاسِ

ومن أجود ما سمعته في الليلة المقمرة ما أنشدنيه أبو أحمد:

هل لك في ليلة بيضاءَ مقمرةٍ

كأنها فضةٌ ذابتْ على البلدِ

وقلت:

كم تناولتُ اللذاذةَ من كثبٍ

والدَّهُر مسكونُ الحوادثِ والنّوَبِ

في ليلةٍ قمراءَ تحسبُ أنها

تلقى على الآفاقِ أرديةَ قصبِ

ومن البديع قول ابن المعتز:

ما ذُقتُ طعمَ النوى لو تدري

كأنما جَنبيّ على جَمرِ

في قَمرٍ مشرقٍ نصفُه

كأنه مجرفةُ العِطرِ

فريسةٌ للبقِّ منهوشةٌ

قد ضعُفتْ كفَّي عنِ النّصرِ

وقال في ذم القمر:

وبات كما سرَّ أعداؤهُ

إذا رامَ قوتاً من النَّومِ شَذّ

تعززهُ شرراتُ البعوضِ

في قمرٍ مثلِ ظهرِ الجُرَذْ

الفصل الثاني من الباب السادس

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي