ديوان المعاني/محاسن كلام العرب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

محاسن كلام العرب

محاسن كلام العرب - ديوان المعاني

محاسن كلام العرب

والأعراب والخطباء والكتاب

قال بعض حكمائهم:الصبر يناضل الحدثان. وقال آخر:الحلم فدام السفيه. وقال آخر خاطر من استغنى برأيه. وقال غيره:الجزع من أعوان الزمان والمودة قرابة مستفادة. وفضل بعضهم المودة على القرابة فقال:القرابة محتاجةٌ إلى المودة، والمودة مستغنيةٌ عن القرابة. وقال غيره وسوى بين المودة والقرابة: الصاحب مناسبٌ. وقالوا:عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله. ومن موجز الكلام قول بعضهم:من نال استطال والفاحشة كاسمها. وقولهم:أصاب متأملٌ أو كاد. وقولهم:العفو زكاة الجاه. وقولهم:راجي البخيل مكد. وقول بعضهم:قلما تصدقك الأمنية. وقيل:الصيانة مألف المروءة. وقال بعض الحكماء:البلاء رديف الرخاء. وقيل:خمول الذكر، أسنى من الذكر الذميم. وهذا خلاف ما سمعناه، سمعت رجلاً يقول: لأن أكون رأساً في الضلالة أحب إلي من أن كون ذنباً في الهداية. وكانت قريش تستحسن من الخاطب الإطالة، ومن المخطوب الإيجاز، فخطب محمد بن الوليد بن عتبة إلى عمر بن عبد العزيز ابنة أخيه، فتكلم بكلام جاز الحفظ. فقال عمر:الحمد لله الذي أنطق البلغاء ذي الكبرياء، وصلى الله على محمد خير الأنبياء، أما بعد فإن الرغبة منك دعتك إلينا، والرغبة فيك اجابتك منا، وقد أحسن بك ظناً من أودعك كريمته، واختارك ولم يختر عليك، وقد زوجناك على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فكان هذا من أوجز خطبة وأحسنها للمراد. ومن موجز كلامهم:ليس مع الخلاف ائتلاف. وقولهم:رضا الناس غاية لا تبلغ. وقولهم:لا ينفعك من جار سوءٍ توق. وقولهم:سرك من دمك. وقيل:من لم يمت لم يفت. وقولهم:عقل الكاتب على قلمه. ومن الصدق الذي لا ارتياب فيه قولهم من جالس عدوه حفظ عليه عيوبه. ومن الموجز المليح ما روي أن بني أمية وفدوا على عبد الملك بن مروان، فقال أهل الشام: ما عسى أن يقول خطيبهم ؟ فقام رجلٌ منهم فقال:يا أمير المؤمنين نحن من تعرف، وحقنا ما لا تنكر، وجئناك من بعد ونمت من قرب، فمهما تفعل بنا من خير فنحن أهله، فتطاول عبد الملك وقال: يا أهل الشام هذا كلام قومي. ومن جيد الاستعارة قول بعضهم:كانوا في ظل الحواشي، فطواه الدهر عنهم. وقيل: القلم أنف الضمير، والخط لسان اليد. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: 'جدع الحلال أنف الغيرة'. وقالوا: الفكرة مخ العمل. وقيل:الشيب خطام المنية. وقالوا: المذاكرة حياة العلم. وقيل:الخمول دفن الحي. وقلت:السخاء سلم المجد. وقلت:المراء ينقض مرر المودة، والتواني يثمر الندامة، والكسل ينتج الفقر. وقيل:البياض علم الجمال. وقلت:الحياء عنوان الكرم. وقلت:العتاب مقدمة السخط. وقال ابن المعتز:المعروف: غلٌّ لا يفكه إلا شكرٌ أو مكافأة. وقلت:العين رائد القلب. وقلت:الذل رسيل الدين، والشكر ضامن المزيد، والغنى مظنة البطر. وقال آخر:اللحظ طرف الضمير. وقلت:الشكر مرتبط النعم. وقال آخر:من جرى في عنان أمله عثر بأجله. وقال:الأعمال ثمار النيات. وقيل: التواضع سلم الشرف. وقلت:المال عدو الوفاء. وقيل:التجني رسول القطيعة. وقال الأحنف:الأدب عروة العز. ومن أصدق كلمة أعرفها قول ابن المعتز:من قوي عقله، كثر حلمه، وقل غيظه. وقال:الفرصة سريعة الفوت، وبطيئة العود. وقال:نرقع خرق الدنيا ويتسع، ونشبعها وتنصدع، ونجمع منها ما لا يجتمع. ووقع جعفر بن يحيى إلى بعض إخوانه:إذا وضح العذر لم يكن لسوء الظن مكان إلا لمن أراد التجني. وقيل للأحنف إن حارثة بن بدر يقع فيك فقال: 'عثيثةٌ تقرم جلداً أملساً'. وقال بعض الحكماء. حصاد المنى الأسف وعاقبتها الندامة، وليس لذي لب بها مستمتعٌ. ومن فصيح أمثال العرب قولهم: 'الفرار بقرابٍ أكيس'. وعزى أعرابيٌّ رجلاً فقال:لا أراك الله بعد هذه المصيبة ما ينسيكها. وعزى شبيب بن شيبة ذمياً فقال: أعطاك الله عن مصيبتك أفضل ما أعطى أهل ملتك. وقال عبد العزيز بن زرارة:أول المعرفة الاختبار. وقال رجلٌ للأحنف ممن أنت ؟ قال: ممن ودني. وقال البلاغة البلوغ عند الكفاية. وقيل للأحنف ما أحسن المجالس ؟ قال: ما سافر فيه البصر، واتدع فيه البدن، وأمن فيه الثقل، وكثرت فيه الفائدة. وكتب المهلب إلى عبد الملك حين هزم الأزارقة:أما بعد فإنا لقينا المارقة، ببلاد الأهواز، وكانت في الناس جولة، ثم ثاب أهل الدين والمروءة، ونصرنا الله عليهم، فنزل القضاء بأمرٍ، جاوزت النعمة فيه الأمل، فضاروا دريئة رماحنا، وضرائب سيوفنا، وقتل رئيسهم في جماعة من حماتهم، وذوي الثبات منهم، وأجلى الباقون ليلاً عن معسكراتهم، وأرجو أن يكون آخر النعمة كأولها إن شاء الله تعالى. وكتب إلى الحجاج:الحمد لله الكافي بالاسلام ما وراءه الذي لا تنقطع مواد نعمه، حتى تنقطع من خلقه مواد الشكر عليها، وإنا كنا وعدونا على حالتين: يسرنا منهم أكثر مما يسوءنا، ويسوءهم منا أكثر مما يسرهم، فلم يزل الله تعالى يزيدنا وينقصهم، ويمحضنا ويمحقهم، حتى بلغ الكتاب أجله، فقطع دابر القوم الذي ظلموا والحمد لله رب العالمين. وكتب ابن المعتز:قد علمتني نبوتك سلوتك وأسلمي اليأس منك إلى الصبر عنك. وقال أعرابي لمعاوية:هززت ذوائب الرحال إليك، إذ لم أجد معولاً إلا عليك، وأمتطي الليل بعد النهار، واسم المجاهل بالآثار، يقودني نحوك الرجاء، وتسوقني إليك البلوي والنفس مستبطئة، والاجتهاد عاذر، وإذ بلغتك فقط. فقال معاوية:أحطط رحلك يا أعرابي. رأيت أعرابياً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول:يا رب عندي لك حقوقٌ فهبها لي وللناس عندي حقوقٌ فتحملها عني، ولي عندهم حقوقٌ فقيضها لي، وأنا ضيفك اليوم فاجعل قراي الجنة. وذكر بعضهم رجلاً فقال: كان قريب مدى الوثبة، لين العطفة، يرضيه القليل ولا يسخطه الكثير. ^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي